الإسلام والحداثة السياسية

محمد جحاح

ذ.محمد جحاح*

شعبة علم الاجتماع

جامعة مكناس – المغرب 

تقديم:

      لم تبرز الحداثة السياسية بالغرب إلا في وقت متأخر نسبيا، حيث ستعرف تقدما بطيئا، كما أنها ستعرف أحيانا بعض التراجعات، خاصة على إثر صعود بعض الأنظمة الكليانية (التوتاليتارية). وبالمقابل، يمكن أن نتساءل اليوم، هل هي حاضرة بالعالم الإسلامي، أم أن

إقرأ المزيد

المجتمع القروي بين سيرورة التحديث وإعادة إنتاج البنيات التقليدية

مفارقات الواقع والنماذج  ذ. محمد جحاح*                    تقديم علاوة على عوامل تاريخية (الاستعمار)، وسوسيولوجية أيضا، وارتباطا بسياسات التحديث التي نهجتها الدولة منذ الاستقلال السياسي وإلى …

إقرأ المزيد

الرمزي و المتخيل في بنية و اشتغال الحقل الصوفي

 نحو رؤية سوسيو أنثروبولوجية

محمد جحاح*

تـقديم:

لقد ارتبط ظهور التصوف وتطوره- كتجربة دينية- بفكرة الموت، بل أكثر من ذلك، فقد اكتسى مفهوم الموت لدى المتصوفة أبعادا فلسفية عميقة، سيكون لها- بشكل أو بآخر- نتائج وامتدادات على مستوى الحياة الإجتماعية والسياسية أيضا. وقد مـيز هؤلاء بين شكلـين من الـموت: موت

إقرأ المزيد

الشيخ والأمير في استراتيجيات الولاء الروحي

قراءة في كتاب محمد جحاح

الزاوية بين القبيلة والدولة

مساهمة في التاريخ الاجتماعي والسياسي للزاوية الخمليشية بالريف

 

محمد الغيلاني*

تمهيد

لن تكون كل قراءة في الكتاب ذات نفع وجدوى ما لم تقف على أهم خلاصاته وتحويلها إلى تساؤلات تفتح الطريق لتفكير جديد في الموضوع. لذلك سأحاول أن أجعل من أفكار هذا العمل فرصة معرفية للتفكير في الكتاب ومن خلاله.

نستفيد من خلال معطيات هذه الدراسة أن كل شيء كان يجري على حساب المجتمع [المتمثل هنا في القبيلة]، ولذلك يمكننا اليوم أن نتحدث عن الزاوية والحكم المركزي بينما نجد صعوبة بالغة في الحديث عن شيء اسمه القبيلة: لقد تم القضاء عليها عبر صيرورة عنيفة مارسها كل من الحكم المركزي والزاوية، ولذلك نجدهما اليوم ينتفعان معا بطرق مختلفة.

إقرأ المزيد

الأطروحة الانقسامية بين الإرث الخلدوني والسوسيولوجيا الوضعية

الدكتور محمد جحاح

أستاذ السوسيولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-جامعة المولى إسماعيل مكناس

تقديــــــم

تعد الانقسامية بحق، من بين النظريات التي مارست إغراء كبيرا على الباحثين، خاصة المهتمين منهم بمجال المجتمع القروي بالمغرب(1) وشمال إفريقيا. وقد تبدو أهمية هذه النظرية وجاذبيتها أيضا، في طابعها التبسيطي، وفيما تقدمه من قدرة على استيعاب مختلف أشكال ومستويات الحياة الاجتماعية والسياسية، ضمن مقولات أكثر بداهة وأولية من قبيل: مقولة “النسب”. هذه الأخيرة التي تشكل البنية الارتكازية لأي تحليل انقسامي، والمفهوم الذي تتحدد من خلاله وعبره كافة مستويات التنظيم الاجتماعي والسياسي “الانقسامي”؛ بدءا من أصغر وحدة (العائلة)، وانتهاءا بأكبرها وهي (القبيلة).

قد تبدو هذه النظرية إذن، وفي تركيزها الشديد هذا على مفهوم النسب، أقرب إلى نظرية ابن خلدون حول “العصبية القبلية”، لدرجة “يصبح ابن خلدون عندها أب التجزيئين (…. ) خاصة لما يعالج (… ) علاقة الدولة بالمجتمع ومسألة اللاتمركز عند المغاربيين”(2). وهنا بالذات تكمن إحدى أسس الطرح الانقسامي التي لم تأخذ حقها بما يكفي من الدراسة والتحليل.
في الواقع، لا يمكن نفي ذلك التأثير القوي الذي مارسته النظرية الخلدونية هذه حول “العصبية”، ليس فقط على الانقساميين وحدهم، بل أكثر من ذلك على من سبقهم من مؤرخي وإثنوغرافيي الإدارة الكولونيالية الفرنسية. لكن الذي يمكن قوله بخصوص هؤلاء قد ينطبق – إلى حد بعيد – على الانقساميين: فالكل انطلق من “نصوص خلدونية مفصولة عن سياقاتها، أو دون أخرى تعدلها وتنقحها”(3). علاوة على ذلك، نضيف بأن ابن خلدون نفسه – ورغم موضوعيته – قد ظل سجين تطلع سياسي نحو دولة إمبراطورية وسلطة مركزية، وهذا ما لم يتحقق في إطار تجربة الدولة الموحدية ولا المرينية التي خلفتها؛ مما جعله يضخم من واقع التجزئة و”الانقسام” الذي حال دون هذا التطلع(4). ومن هنا أصل رؤيته الانقسامية، التي جعلت (إرنست كلنر) يصفه بالمؤسس الفعلي للخطاب الانقسامي حول المجتمعات المغاربية.
لكن، إذا كانت إحدى أصول الأطروحة الانقسامية تمتد، بشكل أو بآخر، إلى حدود ابن خلدون ونظريته تلك حول “العصبية والدولة” كما صاغها في مقدمته الشهيرة(5)، فإن الأساس النظري والإبستمولوجي – بالمعنى الدقيق للمفهوم – والذي يؤسس لهذه الأطروحة، قد يعود بأصوله إلى السوسيولوجيا الوضعية Sociologie positive خاصة مع إميل دوركهايم E. Durkheim . ونستحضر هنا بالتحديد، ما كتبه هذا الأخير حول المجتمع “القبائلي” بالجزائر، ضمن كتابه الشهير “حول تقسيم العمل الاجتماعي”(6) باعتباره عملا مرجعيا في هذا الإطار. فقد غذى كثيرا تلك النزعة “الانقسامية” التي سرعان ما تم احتضانها ضمن مشروع الأنثروبولوجيا الاجتماعية الأنجلو – سكسونية، خاصة مع الباحث الإنجليزي (إيفانس برتشارد)(7).
إذا كان الباحث الأنثروبولوجي (إيفانس بريتشارد) هو أول من طبق إذن مبادئ التحليل الانقسامي، في إطار دراسات ميدانية حول قبائل “النوير” (Newer) السودانية وقبائل البدو الموالية للزاوية السنوسية بصحراء “برقة” الليبية، فكيف يمكن تقييم محاولات من سبقوه في هذا التوجه الانقسامي: خاصة (إميل دوركايم) و (روبير مونطاني) R.Montagne ، وقبلهم ابن خلدون بالطبع؟ وما مدى مساهماتهم في تشكيل عناصر اقتصاد مفاهيمي، سوف يشكل رأسمالا تأسيسيا للبناء النظري الانقسامي؟ أو بشكل أدق: كيف، وإلى أي حد يمكن الحديث عن نوع من الاستمرارية والتقاطع بين الخطابين “الخلدوني” و “الوضعي” من جهة وبين “الخطاب الانقسامي” حول المجتمعات المغاربية؟ وفي نفس السياق أيضا، ما هي أهم الموضوعات والقضايا التي تركزت حولها اهتمامات الباحثين الانقساميين؟ وما هي أهم الانتقادات التي يمكننا توجيهها لهم في هذا الإطار؟
-Iابن خلدون والتأسيس للخطاب الانقسامي حول المجتمعات المغاربية.
في مقال له تحت عنوان “العرب والبربر في مختبر التاريخ الاستعماري”، شدد الأستاذ (بنسالم حميش) كثيرا على ما اعتبره – بشكل من الأشكال- علاقة تأسيسية بين كل من الأطروحتين: الكولونيالية “الفرنسية”، والانقسامية “الأنجلو-سكسونية” من جهة، وبين نظرية ابن خلدون حول “العصبية والدولة” من جهة ثانية(8). فقد كان تعاطي هؤلاء مع المتن الخلدوني تعاطيا انتقائيا، بحيث تم التركيز على عناصر من

إقرأ المزيد