العالم يحتفي بالذكري الأولي لوفاة كلود ليفي ستروس

محمد سعد
دراسات عليا في الفلسفة ـ جامعة القاهرة

كلود ليفي ستروس في أحد رحلاته الميدانية

تمر هذه الأيام الذكري الأولي لرحيل المفكر والأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس أحد أشهر الأنثربولوجيين إن لم يكن أشهرهم علي الإطلاق لما له من تأثير تعدي مجال الأنثربولوجيا إلي مجالات الإجتماع

والفلسفة واللسانيات وأثره علي العلوم الإنسانية بعامة لا ينكر‏,‏ وقد كان فكره هو المسيطر علي المشهد الفكري الفرنسي منذ بداية الخمسينيات وحتي نهاية السبعينيات من القرن الماضي وقد امتد تأثيره ليشمل فلاسفة كبارا أمثال ميشيل فوكو وجاك ديريدا ورولان بارت وسارتر وسيمون دي بوفوار ويعود تأثيره الكبير هذا إلي كونه المؤسس الفعلي للحركة البنيوية في العالم الغربي فهو أول من طبق اللسانيات علي العلوم الإجتماعية رغبة منه في دراسة ظواهر المجتمع دراسة علمية‏.‏

إقرأ المزيد

الفكر الميثولوجي ليس أقل قوة من فكر العلماء

ميثولوجيا
حسونة المصباحي ٭

منذ سنة بالضبط، وتحديدا في الثاني والعشرين من شهر نونبر كان عالم الانتروبولوجيا الكبير كلود ليفي ستراوس صاحب كتاب «مدارات حزينة» قد بلغ من العمر 100 عام.

وهاهو يرحل أياما قبل إكماله السنة بعد قرن كامل من عمره المديد. ولأنه واحد من أعظم المفكرين الذين عرفهم العالم خلال القرن العشرين، ونظرا للدور الهام الذي لعبه في فتح آفاق جديدة أمام الانتروبولوجيا، وأمام الفلسفة الانسانية بصفة عامة، فإن فرنسا قد سبق وخصصت له احتفالات وندوات تعرّف بأفكاره، وبالقضايا الكبرى والاساسية التي عالجها في مجمل أعماله خلال مسيرته الفكرية الطويلة. وكانت البداية، صدور المجلد الأول من أعمال كلود ليفي ستراوس ضمن سلسلة «البلياد» الشهيرة المختصة في نشر أعمال عظماء الانسانية من الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين من مختلف اللغات والثقافات.

إقرأ المزيد

نظرة إلى مفهوم العرق عرق أم إثنية ـــ صخر الحاج حسين

العرق و الإثنية

إن تصوراتنا عن العرق والأمة والجنس –أسوة بمفاهيم مقابلة لها-ماهي إلا أطر ورثناها عن فترة المماليك والإمبراطوريات. فمفاهيم مثل العبد والسيد مثلاً هي أطر ثقافية وفكرية ومجتمعية واقتصادية سادت في فترة ما من التاريخ، تاريخ معظم الجماعات البشرية شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً.

وإذا كانت هذه الأطر موروثة فلابد وأنها محل نقد، وإذا ما تم تخليص بعض المفاهيم من القيم الشائنة التي سادت طويلاً فإن مفاهيم أخرى لم تزل تثير الجدل بسبب ماضيها المثقل ومنها مفهوم العرق حيث لم يزل السؤال يطرح حول الذاتية الفردية من أنا؟ وماذا أنا؟ ولماذا أنا؟.

وهنا لابد لنا من اللجوء إلى الاستعارة خصوصاً عندما نستخدم تصنيفات عرقية ونناقش مسائل وشؤون عامة مثل العمال والسكن والتعليم والثقافة الخ…. وهنا أيضاً لابد لنا من أن نربط تاريخ العرق race بالماضي الكولونيالي المتشابك مع العلاقات البشرية فيما بينها، حيث بدأ يتشكل خطاب عرقي حين ألحت الضرورة الاقتصادية على ذلك. ففي القرن الثاني عشر كان البريطانيون ينظرون إلى الإيرلنديين على أنهم متوحشون وقبل ذلك تم استعباد الأفارقة بدءاً من القرن الثامن عشر.

إقرأ المزيد

ستروس : إنني أعيش في عالم لم اعد أنتمي إليه

ترجمة: مدني قصري


لم يكن كلود ليفي شتراوس يرغب في حديثٍ مطول يلخص فكره وحياته المهنية، لكنه شاء بمناسبة “سنة البرازيل في فرنسا” أن يعود بنا إلى علاقته مع “في بلاد غابات الجمر”.

ففي العام 1935 وصل وهو ما يزال استاذا شابا في التاسعة والعشرين من العمر، إلى ساو باولو، ثم توغل في اعماق ماتو غروسو في قلب الاقاليم الهندية التي خطا فيها خطواته الأولى على طريق الأمركة americanism.

هذه الفترة من الدراسة الميدانية التي تابعها حتى العام 1939، هي التي شكلت القاعدة الأساسية للبناء النظري الذي قامت عليه انثروبولوجيته البنيوية.

بعد إقامة طويلة في الولايات المتحدة، اصدر العام 1955 “مدارات حزينة” التي بدأها بجملة ما لبثت ان صارت مشهورة: البرازيل بلد يمثل أهم تجربة في حياتي على الاطلاق بحكم بعده عنا، وبحكم التناقضات ما بين هنا وهناك، وبحكم كونه هو الذي رسم مصير تجربتي المهنية الاساسية.

إقرأ المزيد

نقد ليفي شتراوس للنزعة التاريخية

د. نبيل رشاد سعيد*

تمهيد:
كان لعلم اللغة المعاصر أثر كبير على تصور (كلود ليفي شتراوس)(1) للتاريخ، لا سيما المنهج اللغوي الوصفي عنه (فرديناند دي سوسير)(2) الذي صب اهتمامه على «النسق» أو «البنية» اللغوية، فجعل دراسة اللغة من حيث تاريخها وتطورها أمرا ثانويا، فكان يرى بأن واجب علماء اللغة تأسيس علم ثابت أو قانون للغة، والتخلي عن دراسة قضايا اللغة وتجزئتها لمعرفة تاريخها، بل الصحيح هو دراسة اللغة بصورتها الراهنة.
لقد بذل ليفي شتراوس جهودا كبيرة ليثبت بأن الحوادث التاريخية تدور كلها ضمن النسق أو البناء اللغوي الذي ظل موجودا من ألوف السنين. وإن ما تريده جميع البنيات المناقضة للتاريخية ـ حسب جان بياجيه ـ هو وضع أسس ثابتة تشبه الأسس الرياضية التي لا تخضع للزمنية المتغيرة، وهذه الصفة وجدتها البنيوية(3) في اللغة.
استعان ليفي شتراوس بالمنهج اللغوي لـ (دي سوسير) الذي اعتبر اللغة فوق الواقع والتاريخ، فدرسها من حيث علاقتها بأساسها الاجتماعي. ونظر ليفي شتراوس إلى اللغة من حيث هي نتاج لمجتمعها، ولكنه مضى أبعد مما ذهب إليه دي سوسير، فقد استعان بالقوانين التي تتحدد بها اللغة المنطوقة، ليصل عن طريقها إلى أصل العادات والمعتقدات، بل أنه رأى ان أصل كل الظواهر الثقافية التي يتضمنها المجتمع من إبداع اللغة.

إقرأ المزيد