فراس السوّاح
هناك حقيقة على غاية من البساطة والوضوح يتوصل إليها كل من يتأمل مسار الحياة الفكرية والروحية للبشر منذ حلول عصر الإنسان العاقل قبل مائة ألف سنة مما نعد الآن1، وهي أن تاريخ الإنسان الفكري والروحي هو في المحصلة الأخيرة تاريخ دياناته وأساطيره وسجل إبداعاته الأسطورية والدينية.
لقد تلقت الأسطورة أولى ضربات الفلسفة الإغريقية الفتية منذ القرن السادس قبل الميلاد، وخلال قرنين أو ثلاثة تلت، قالت الفلسفة معظم ما أرادت قوله، ولكنها ما لبثت أن تراجعت مندحرة أمام الأسطورة والدين، وغاب الفكر الفلسفي قروناً طويلة قبل أن يبعث مجدداً في أواخر القرن السادس عشر على يد فرانسيس بيكون في بريطانيا ورينيه ديكارت في فرنسا.