دراسة أنثروبولوجية في الزيبان وجنوب الأوراس
ملخص رسالة ماجستير في الأنثروبولوجيا بالمركز الجامعي خنشلة
تقديم :سليم درنوني*
إشراف: أ. د. بورايو عبد الحميد
المقـــــــــــــــــــــــــــدمة
إن ما يميز حياة البدو هو الحل والترحال وعدم الإستقرار بالمكان، ذلك أن الموارد التي يتعاملون معها في حياتهم ومعيشتهم تتحرك في الزمان والمكان، إنهم يتعاملون مع الحيوان الذي يتحرك وبتنقل في المكان، ومع النبات الذي يتحرك في الزمان، فتطلب ذلك مسكنا قابلا بدوره للحركة والإنتقال. وكانت الخيمة من بين الوسائل التي تحقق للبدو التكيف مع هذا النمط من الحياة، إنها أهم أداة تلائم حياة التنقل والترحال، ليس للبدو فقط بل لكل من يمارس حياة التنقل والترحال. تعتبر الخيمة إذن من بين الرموز التي ترمز إلى الرعي والترحال في البوادي، وركن هام من أركان الحياة البدوية، لها مراسيمها وطقوسها، كما تحمل قيما رمزية لها دلالاتها ومعانيها. وقد تشكلت حولها تقاليد وإنتاجات ثقافية وفنية ثرية ومتنوعة ، أصبحت حيزا رمزيا وفضاء للذاكرة وعلامة على مجموعة قيم سامية. في حاجة إلى الإستحضار والرصد والبحث والإكتشاف.
وتحتل الخيمة من الناحية الثقافية مكانة خاصة، ليس لأنها مذكورة في القرآن:) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (. بل ولما لها أيضا من ارتباط بتاريخ المجتمع المغاربي، فهي تعبر عن وجوده الحضاري، كما تعبر عن استمراريته وصيرورته، بل وفي بعض الأحيان تعتبر شكلا من أشكال التعبير عن الهوية.
إن الدراسة الأنثروبولوجية للخيمة ولقيمها الرمزية التي ترتبط بها تكشف لنا عن هذا الفضاء الثقافي المتنقل في المواسم، عبر المناطق الصحراوية والجبلية. كما يبين لنا هذا النوع من الدراسات أيضا العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الناشئة عن فضاء الخيمة، فهم وتفسير ظاهرة استمرار النسق القيمي البدوي داخل الفضاءات الحضرية.