بيار بورديو: عالم الاجتماع المتمرد ـــ توفيق المديني

توفيق المديني

بيار بورديو يتمرد علي ماركس
بيار بورديو يتمرد علي ماركس

رحل عالم الاجتماع الفرنسي، وأحد أبرز مثقفي هذا العصر بيار بورديو يوم 23 كانون الثاني الجاري عن عمر يناهز 71 سنة. وولد بورديو في الأول من آب العام 1930 في دونغان (منقطة البيرينيه -الأطلنطي) لعائلة ذات أصول فلاحية. حاز على الأغريغاسيون في الفلسفة ودرسها في ثانوية “مولان” حتى العام 1955. من ثم درس في الجزائر (1958-1960) وباريس وليل، ثم تولى منصب مدير دراسات في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا، التي أصبحت مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، وفي الوقت عينه، كان مدير مجلة “أبحاث في العلوم الاجتماعية” من العام 1964 وحتى 1980. وفي العام 1981 ألقى درسه الافتتاحي في “الكوليج دوفرانس” وبقي هناك أستاذ كرسي علم الاجتماع حتى 28 آذار 2001، حيث ألقى درسه الأخير، وعقب ذلك أعلنت هذه المؤسسة الثقافية الكبيرة عن إلغاء كرسي علم الاجتماع، تقديراً للمفكر والفيلسوف الذي افتتحها.‏

إقرأ المزيد

الهيمنة الذكورية معطى أنثروبولوجي أم ضرورة مجتمعية

Pierre BOURDIEU, la domination masculine, édition du   seuil ,collection liber1998

يوسف توفيق

عندما كتب المأسوف على وفاته بيير بورديو * دراسته القيمة و الشيقة عن الهيمنة الذكورية قامت قيامة الحركات النسوية في فرنسا ,وثار جدل حقيقي حول ما تضمنه الكتاب من معطيات علمية ,وقد كان  بمثابة صفعة قوية للمنافحات عن حقوق المرأة وللدعاة إلى مساواة حقيقية تغض الطرف عما هو جنسي و أنتروبولوجي وسوسيولوجي.

ونظرا لأهمية هذه الدراسة سأحاول التذكير ببعض ما جاء فيها  , رغم أن قراءة بيير بورديو تتطلب زادا معرفيا كبيرا, والماما بكل مناحي العلوم الإنسانية من فلسفة و آداب و أنتروبولجيا و سوسيولوجيا و علم نفس.

اتخذت الدراسة مجتمع أما زيغ  القبائل بالجزائر ميدانا لها(1) , كما اعتمدت على بعض المرجعيات الأدبية الخاصة بالحركة النسوية في العالم , ونقصد اعتماد بورديو على الكاتبة الانجليزية الكبيرة فيرجينيا وولف,كما حاولت الدراسة اعتماد بعض الإحصائيات الدقيقة حول انعكاس الهيمنة الذكورية على الوضع الأسري بالمجتمع الغربي من خلال دراسات ميدانية عن الزواج و الطلاق ومن خلال رصد حركة  بعض التيارت الشاذة من لوطيين و سحاقيات.

الهيمنة الذكورية و المركزية الرجولية

إن بيير بورديو لا يخفي في مقدمة الدراسة دهشته المتواصلة وهو يرى خضوع  عالم اليوم  لنظام العالم  السائد في الأزمنة الغابرة ,بوجهاته الأحادية ووجهاته الممنوعة , بإلزاماته و قوانينه , ويمثل لهذا النظام في علاقاته المعقدة و امتيازاته ,  بحركة السير لخمس دقائق بساحتي la bastille  و la concorde بباريس .فالمركزية الرجولية التي تضع الرجل في موقع المركز و تضع المرأة في الهامش هي واقع ملموس يكشف عنه تشريح اللاشعور الجمعي للعديد من الشعوب المتوسطية .

إقرأ المزيد