عمارة لخوص
إن سؤال الهوية «من أنت؟» من الأسئلة الملحة التي تُطرح على الأجنبي باستمرار وتجبره دوما على الإجابة الواضحة، إنه سؤال عفوي لا ينطوي على أية خلفية عدائية وإنما ينبع من الرغبة في التعرّف على الآخر والاقتراب منه.
خلال عملي المطوّل في إحدى أكبر الجمعيات في روما التي تهتم بالمهاجرين وتسهّل انخراطهم في المجتمع الإيطالي، لاحظت أن المهاجرين المسلمين والعرب القادمين من بلدان مختلفة يجيبون على سؤال الهوية بالرجوع إلى بلدانهم الأصلية (أنا باكستاني أو أنا سنغالي أو أنا مصري أو أنا جزائري أو أنا عراقي … الخ) ولا تجد من يرد قائلا: «أنا مسلم» أو «أنا عربي». هذه الملاحظة تثير الكثير من التساؤلات المشروعة: لماذا لا يشكّل الإسلام مكونا أساسيا للهوية لهؤلاء المهاجرين المسلمين خصوصا أنهم يعيشون في محيط كاثوليكي جلي؟ هل مسلمة وحدة الدين التي تقوم عليها الهوية الإسلامية صحيحة أم خاطئة؟ هل هناك إسلام بصيغة المفرد أم إسلام بصيغة الجمع؟ هل الهوية العربية المؤسّسة على وحدة اللغة شعار ترفعه الجامعة العربية في مؤتمراتها فقط أم قاسم مشترك حقيقي يوحّد بين المواطنين العرب؟ هل اللغة العربية لغة واحدة أم كيان ثقافي يجمع لغات مختلفة؟