العالم يحتفي بالذكري الأولي لوفاة كلود ليفي ستروس

محمد سعد
دراسات عليا في الفلسفة ـ جامعة القاهرة

كلود ليفي ستروس في أحد رحلاته الميدانية

تمر هذه الأيام الذكري الأولي لرحيل المفكر والأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس أحد أشهر الأنثربولوجيين إن لم يكن أشهرهم علي الإطلاق لما له من تأثير تعدي مجال الأنثربولوجيا إلي مجالات الإجتماع

والفلسفة واللسانيات وأثره علي العلوم الإنسانية بعامة لا ينكر‏,‏ وقد كان فكره هو المسيطر علي المشهد الفكري الفرنسي منذ بداية الخمسينيات وحتي نهاية السبعينيات من القرن الماضي وقد امتد تأثيره ليشمل فلاسفة كبارا أمثال ميشيل فوكو وجاك ديريدا ورولان بارت وسارتر وسيمون دي بوفوار ويعود تأثيره الكبير هذا إلي كونه المؤسس الفعلي للحركة البنيوية في العالم الغربي فهو أول من طبق اللسانيات علي العلوم الإجتماعية رغبة منه في دراسة ظواهر المجتمع دراسة علمية‏.‏

إقرأ المزيد

مدخل إلى التحليل البنيوي للمحكيات ـــ رولان بارت/ ت: د. غسان السيد

رولان بارت/ ت: د. غسان السيد

يعد الناقد الفرنسي رولان بارت أحد أعمدة النقد العالمي في النصف الثاني من القرن العشرين. وما زال تأثيره يثير جدلاً بين المؤيدين والمعارضين لتوجهاته النقدية والفكرية. ومع ذلك يبقى مرجعاً أساسياً، لا يمكن تجاوزه سواء اتفقنا معه أو خالفناه. وتعود مقالته التي أقدّم ترجمتها هنا، إلى منتصف الستينيات حيث كان الاتجاه البنيوي في النقد يمتد على مساحة واسعة من الحركة النقدية العالمية.‏

وهناك أكثر من ترجمة لهذه المقالة: منها ترجمة أنطوان أبو زيد المنشورة في كتاب بعنوان (النقد البنيوي للحكاية) ضمن منشورات عويدات في بيروت، في سلسلة (زدني علماً). أما الترجمة الأهم فهي ترجمة د. منذر عياشي الصادرة عن مركز الإنماء الحضاري، في حلب، عام 1993. وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذلـه الدكتور منذر إلاّ أنه ابتعد أحياناً عن روح النص، وخرج بذلك عن المعنى المقصود، بالإضافة إلى بعض الأخطاء في تقديم المصطلح البديل للمصطلح الفرنسي.‏

وسأترك للقارئ أمر الموازنة، والتأكد من أهمية هذه الترجمة، والمادة العلمية التي تقدمها.‏

مدخل إلى التحليل البنيوي للمحكيات*‏

لا يمكن حصر المحكيات في العالم. فهناك أولاً تنوع كبير في الأجناس، والتي تتوزع، هي نفسها، على ماهيات مختلفة كما لو أن كل مادة كانت مناسبة للإنسان لكي تمنحه محكياته: يمكن أن يدعم المحكى من خلال اللغة الواضحة، سواء كانت مكتوبة أو شفهية، ومن خلال الصورة الثابتة أو المتحركة، ومن خلال الحركة، أو من خلال خليط منظم من هذه المواد كلها، والمحكي حاضر في الأسطورة، والحكاية الخرافية، والحكاية، والقصة، والملحمة، والتاريخ، والتراجيديا، والدراما، والكوميديا، والمسرحية الإيمائية، واللوحة المرسومة (ونحن نفكر بالقديسة يورزول لكارباستو)، والرسم على الزجاج الملون، والسينما ومجالس الشعب*، والوقائع المختلفة، والمحادثة. بالإضافة إلى ذلك، وتحت هذه الأشكال التي لا تعد تقريباً، فإن المحكى حاضر في الأزمنة، والأمكنة، والمجتمعات كلها؛ لقد بدأت الحكاية مع تاريخ الإنسانية نفسه، لا يوجد، ولم يكن يوجد قط شعب من دون حكاية؛ فلكل الطبقات الاجتماعية، ولكل الجماعات البشرية حكاياتها الخاصة بها، وغالباً ما يتم التذوق الجماعي المشترك لهذه الحكايات من خلال ناس من ثقافات مختلفة، وحتى متناقضة1: المحكى يسخر من الأدب الجيد أو الأدب الضعيف: المحكى حاضر، مثل الحياة، فهو عالمي، ومتجاوز للتاريخ، والثقافات. أيجب أن تقود مثل هذه الشمولية للمحكي إلى ضياع معناه؟ وهل هو عام إلى هذا الحد الذي لا يبقى لنا فيه شيء نضيفه إلا وصف بعض أصنافه الخاصة جداً بصورة متواضعة، مثلما يفعل أحياناً التاريخ الأدبي؟ ولكن كيف يمكن السيطرة على هذه الأصناف نفسها، وكيف نؤسس قانوننا لتمييزها، والتعرف عليها؟ كيف نضع الرواية مقابل القصة، والحكاية مقابل الأسطورة، والدراما مقابل التراجيديا (وحدث ذلك ألف مرة) من دون العودة إلى نموذج عام؟ هذا النموذج مشترك في كل كلام عن الشيء الأكثر خصوصية، وتاريخية في الأشكال السردية. ولكي لا يقال إننا نهرب من الحديث عن المحكي، بحجة أن الأمر يتعلق بشيء عام، فإنه من المشروع، إذن، الاهتمام، بين حين وآخر، بالشكل المحكي (منذ أرسطو)؛ ومن الطبيعي أن تجعل البنيوية حديثة الولادة، من هذا الشكل من أوائل اهتماماتها: ألا يتعلق الأمر دائماً بالنسبة للمحكي، بحصرٍ مطلق أنواع الكلام، عبر الوصول إلى تحديد اللغة التي انبثقت منها هذه الأنواع، والتي يمكننا، انطلاقاً منها، توليدها (الأنواع)؟‏

إقرأ المزيد

كتاب بؤس البنيوية…؟!

سلام مراد

structuralism

الكتاب: بؤس البنوية، الأدب والنظرية البنيوية

الكاتب: ليونارد جاكسون، ت. ثائر ديب
الناشر: دار الفرقد دمشق 2009م.

إن البنيوية في معناها الواسع، هي دراسة ظواهر مختلفة كالمجتمعات، والعقول، واللغات، والآداب، والأساطير، فتنظر إلى كل ظاهرة من هذه الظواهر بوصفها نظاماً تاماً، أو كلاً مترابطاً؛ أي بوصفها بنيةً، فتدرسها من حيث نسق ترابطهما الداخلي لا من حيث تعاقبها وتطورها التاريخيين. كما تُعنى أيضاً بدراسة الكيفية التي تؤثر بما بنى هذه الكيانات على طريقة قيامها بوظائفهما.
أمّا في معناها الضيق والمألوف، فالبنيوية محاولة لإيجاد نموذج لكلِّ من بنية هذه الظواهر ووظيفتها على غرار النموذج البنيوي للغة، وهو النموذج الذي وضعته الألسنية في أوائل القرن العشرين. ففي حين عمل الفلاسفة وعلماء الاجتماع، ونقاد الأدب على دراسة اللغة من وجهات نظرهم المختلفة وتبعاً لغاياتهم المتباينة، نجد أن الألسنيين قد درسوا اللغة بذاتها ولذاتها. ويمثل كتاب فرديناند دوسوسور محاضرات في الألسنية العامة (1916)”، هو نسخة باكرة من النموذج البنيوي للغة كان لها أثرها البعيد. أما محاولات تطبيق هذا النموذج على الأدب فتعود إلى عام 1928، حين وضع كل من جاكوبسون وتينيانوف برنامجاً بهذا الخصوص وكانت تلك بداية البنيوية الأدبية.
ـ طور البنيوية الخلاّق: الثلاثينيات
ثمة أطوار أربعة أساسية مرّت بها الحركة البنيوية، على الرغم من عدم دقة الفصل الزمني بين هذه الأطوار.

إقرأ المزيد

المفاهيم الأساسية للبنيوية

دراسة: د.يوسف حامد جابر


إن أية فعالية معرفية لا بد أن تستند في تشكيلها وتحديد خصائصها والإطار العام لها إلى أسس تعطي هذه الفعالية سماتها العامة، وتعمل على تجذير محتواها وتعميقه، كما تسهم في تنظيم حركتها وعلاقاتها. والبنيوية باعتبارها منهجاً نقدياً شاملاً، أو لنقل طريقة بحث في مكونات الواقع وكشف علائق هذه المكونات وتفاعلاتها، تطمح لكي تسجل إضافة حقيقية في مضمار المعارف الإنسانية، وهي بذلك، تستند إلى مفاهيم أساسية تحدد طبيعتها ومنطلقاتها، وترسم حركتها ومساراتها.‏

ويمكننا أن نجد ثلاثة مفاهيم أساسية، تشكل في علاقاتها وتفاعلاتها الإطار العام للبنيوية، هي: البنية، النظام، الوظيفة.‏

أولاً: البنية:‏

لم تنل أية ظاهرة معرفية من الاهتمام والدراسة قدر ما ناله مفهوم البنية في القرن الحالي، حيث أصبح هذا المفهوم يحتل مكان الصدارة في مختلف الدراسات الإنسانية الحديثة، سواء كانت هذه الدراسات نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو لغوية أو رياضية وغيرها. وأصبحنا نجد الباحثين العاملين في إطار هذه المفهومات يتحدثون عن بنية نفسية وأخرى رياضية ومنطقية وثالثة لغوية.. الخ.‏

إقرأ المزيد

ستروس : إنني أعيش في عالم لم اعد أنتمي إليه

ترجمة: مدني قصري


لم يكن كلود ليفي شتراوس يرغب في حديثٍ مطول يلخص فكره وحياته المهنية، لكنه شاء بمناسبة “سنة البرازيل في فرنسا” أن يعود بنا إلى علاقته مع “في بلاد غابات الجمر”.

ففي العام 1935 وصل وهو ما يزال استاذا شابا في التاسعة والعشرين من العمر، إلى ساو باولو، ثم توغل في اعماق ماتو غروسو في قلب الاقاليم الهندية التي خطا فيها خطواته الأولى على طريق الأمركة americanism.

هذه الفترة من الدراسة الميدانية التي تابعها حتى العام 1939، هي التي شكلت القاعدة الأساسية للبناء النظري الذي قامت عليه انثروبولوجيته البنيوية.

بعد إقامة طويلة في الولايات المتحدة، اصدر العام 1955 “مدارات حزينة” التي بدأها بجملة ما لبثت ان صارت مشهورة: البرازيل بلد يمثل أهم تجربة في حياتي على الاطلاق بحكم بعده عنا، وبحكم التناقضات ما بين هنا وهناك، وبحكم كونه هو الذي رسم مصير تجربتي المهنية الاساسية.

إقرأ المزيد