الحركة الجمعوية في الجزائر:

خطوة في منزلق مجتمع المخاطرة أم آلية نحو تغير أفضل؟

أ. بوطرفة نوال

جامعة عنابة / الجزائر

الملخص:

جاء مفهوم مجتمع المخاطرة ليدحض المزاعم القائلة أن الرأسمالية هي أوج الحداثة ونهايتها،لينذر بتحول جديد يتجلى من خلال تماهي الانتاج الاجتماعي للثروة مع الانتاج الاجتماعي للمخاطر (البيئية، والاجتماعية والاقتصادية…إلخ).

ميزة هذه المخاطر أنها شاملة ولا تعترف بالحدود الجغرافية أو الثقافية ولا يوجد أحد في مأمن منها.

وتعتبر الحركة الجمعوية إحدى تجليات هذا التحول الجديد، حيث تطرح نفسها كأشكال جديدة للتجمع، بديلة عن تلك المنهارة،ورد فعل على ترسخ الفردية وانحسار الدولة،لكنها ليست حلا مثاليا ، لأن الكثير من التساؤلات الكثيرة تدور حول دورها الحقيقي، وجدوى قيامها و الجهات التي تعمل لصالحها.

فهل هي تمظهر لمجتمع المخاطرة؟ أم أنها انطلاقة لتغير أفضل؟

الحركة الجمعوية في الجزائر: خطوة في منزلق مجتمع المخاطرة أم آلية نحو تغير أفضل؟

مقدمــة

في غمرة احتفال الرأسمالية بانتصارها النهائي على الاشتراكية، وفيما يعتبر ردا على كتاب “تشومسكي ” نهاية التاريخ” الذي أعلن فيه أن الرأسمالية هي قمة الحداثة ونهايتها ، يظهر كتاب السوسيولوجي الألماني “ULRICH BECK  ” “أولريش بيك” ” مجتمع المخاطرة في طريق حداثة جديدة” ليبدد نشوة الانتصار تلك ، وينذر بتحول جديد لمجتمع ما بعد الحداثة، تحول عميق يمس كل البنى المجتمعية، بسبب تلازم الإنتاج الاجتماعي للثروات مع الإنتاج الاجتماعي للمخاطر، فالناس وهم يصارعون ضد الفقر قاموا بإنتاج الثروة لكن في أثناء قيامهم بذلك قاموا  أيضا  بإنتاج المخاطر( ايكولوجية، ظهور الفردية وتفكك الروابط العائلية…إلخ).

إن ميزة هذا الخطر أنه ليس خارجيا بحيث تسهل رؤيته والتعامل معه، وإنما هو داخلي ، إنه عنصر مكون للمجتمع فارضا بذلك  إعادة تعريف للدينامكية الاجتماعية، ومخضعا العلاقات، النظام السياسي، بنية العائلة ، سوق العمل …إلخ، لتغيرات عميقة ( ترسخ الفردية تفكك الروابط العائلية، ضياع الحدود بين السياسي واللاسياسي، تداعي الدولة، اختفاء سوق العمل التقليدي…إلخ)، وبالرغم مما يبدو أن هذه المخاطر تخص مجتمعات ما بعد الحداثة، وأن الدول المتخلفة هي في مأمن من هذا المصير ،إلا أن روح التفاؤل هذه سرعان ما تختفي لأن “بيك” يرى أن هذا الخطر ذو طابع شمولي ولا يوجد أحد في منأى منه،حتى تلك المجتمعات التي لم تظهر بعد ( السحب السامة والإشعاعات النووية…إلخ)، بل أكثر من ذلك أن المجتمعات المتخلفة هي الأكثر عرضة لهذه الأخطار لأنها الحلقة الأضعف ولا حل أمامها لمواجهة مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية( بطالة، فقر …إلخ) إلا الانخراط في هذا النظام العالمي الجديد وتبني سياساته بما تحمله من أثار جانبية خطيرة.

إقرأ المزيد