أنثروبولوجيا المؤسسة من التخصصات الحديثة المعاصرة، البعض يعتبره من التخصصات الصغيرة لا يمكن أن يحمل تضمينا مهمشا لأن فرع علم اجتماع تنظيم وعمل – الذي وجد رواجا كبيرا في الحقل السوسيولوجي – درس المؤسسة ومشكلاتها وكانت مواضيعه ذات الريادة لأن أبحاثها تحل مشكلات عالم العمل مثل دراسات ماسلو، مايو، فورد…وغيرهم، وهو ما عطل ظهور تخصص أنثروبولوجيا المؤسسة.
وبما أن هناك هوامش أخرى لم يتعرض لها علم اجتماع التنظيم والعمل نظرا لانشغاله بمواضيع أخرى. فإن أنثروبولوجيا المؤسسة اتخذت من هذه الهوامش مواضيع رئيسية لها ذلك لأن في ظل العصرنة والحداثة المعرفية أصبحت الانثروبولوجيا تهتم بالقريب وليس بالبعيد والغرائبي.
تعريفها:
لا يمكن تعريف أنثروبولوجيا المؤسسة بشكل واف إلا من خلال التعرف على موضوعها:
وموضوعها هو الاهتمام بالخصائص الهوياتية لأشغال المؤسسة (caractéristiques identitaire) أي أن هناك أشياء لا تتعلق بالتنظيم والتسيير لكنها حاضرة داخل المؤسسة وتتعلق بما هو رمزي (الرمزية داخل المؤسسة)، والذي يؤثر في حياة وتشغيل وشكل المؤسسة. ومثل هذه الانتاجات الرمزية داخل المؤسسة غير قابلة للتجاوز، وبالتالي فإن من أهم مواضيع أنثروبولوجيا المؤسسة:
أنثروبولوجيا
ليفي ستروس في معرض الحديث عن ألفريد لويس كروبر: الأنتروبولوجيا علم تحكمه المسافة.
حاورته: مادلين شابسال
يَقرن كلود ليفي ستروس 1908 – 2009 ما بين علم الأنتربولوجيا وما بين مفهوم” البُعد “ مؤكداً أن علم الإناسة يقوم على أساس المضي لاكتشاف ودراسة ما هو بعيد عنا، وذلك ليس من ناحية جغرافية فحسب بل ومن ناحية ثقافية أيضاً. جغرافياً كان أم ثقافياً، هذا الابتعاد الذي يعتبره مؤلف »الفكر البريLa Pensée sauvage « نقطة انطلاق علم الأنتربولوجيا، أودى به للوصول إلى ما هو نقيض الغربة والبعد، إلى اﻟﻤﺠاورة والقرب من الآخر الذي هو على مسافة آلاف الأميال منا، أو من ذاك الذي له أسلوب عيش ونمط حياة غريبان عنا. في حديثٍ له مع الكاتبة الفرنسية مادلين شابسال، يعود ليفي ستروس على مفهوم الإتنولوجيا عند زميل له في ميدان البحوث الأنتروبولوجية، الأمريكي ألفريد لويس كروبر، وعلى بعضٍ من أفكار جان جاك روسو الذي يبدو وكأن ستروس يعتبره من أوائل الذين كان لهم حدس أنتروبولوجي. من هذه المقابلة المطولة التي أجرتها مادلين شابسال مع المفكر الفرنسي الذي غادرنا مطلع الشهر الماضي والتي نُشرت في كتاب لهذه الأخيرة بعنوان :» الكُتاب بأنفسهم «الصادر عام 1973 عن دار نشر 10/18 في باريس اخترنا هذه الفقرات.
مادلين شابسال: من هو ألفريد لويس كروبر الذي تعتبرونه كواحد من كبار علماء الإتنولوجيا المعاصرة والذي توفي منذ وقت قريب في باريس؟
كلود ليفي ستروس: إنه آخر من عرف من علماء الإتنولوجيا هنوداً أصليين. هنود حمر كانوا في صباهم بَرّيّين، وليسوا هنوداً بَريّي(من هؤلاء لم يبق أحد بالطبع). ولد كروبر عام 1876 ، ويعود عمله الَميداني الأول المكرس للأرباهو إلى عام 1900 . والحال، إن المد الغربي عبرالأمريكيين البيض لم يبدأ إلا حوالي عام 1850 ولم ينته تماماً إلا نحو عام 1880 . وبالتالي فإن المسنين الذين تتراوح أعمارهم بين السبعين والثمانين عاماً والذين استطاع كروبر التعرف عليهم، كانوا قد عاشوا جزءاً كبيراً من حياتهم على طريقة الهنود البَريّين. في الحقيقة، مع كروبر تزول أمريكا ما قبل كريستوف كولومب بشكل نهائي.
مادلين شابسال: أين كان يعيش بالضبط هؤلاء الهنود الذين عرفهم كروبر؟
آخر حوار للدكتور أحمد أبو زيد 2010
حوار – أسامة الرحيمى
نقدم لكم آخر حوارات الدكتورأحمد أبو زيد و الذي أجراه معه الصحفي أسامة الرحيمي و نشر بجريدة الأهرام بتاريخ 20 أوت 2010.
محاورة عالم جليل بقامة الدكتور أحمد أبو زيد مشقة ومتعة فالتجهيز لها يتطلب مذاكرة ثانوية عامة! وقراءة أعماله تشعل الذهن أسئلة وحيرة!والوقوف علي سيرته يضاعف الإعجاب بتجربته كرائد علم الإنسانيات في الجامعات المصرية والعربية جاب مضارب البدو من إيران إلي المغرب, وشغلته الأخلاق الشرقية في الصين والهند لتشابهها مع الصوفية الإسلامية, وعايش القبائل الإفريقية, فأيقن تمتعها بقيم حضارية أرقي ممن وصموها بالبدائية, ونهبوا ثرواتها لقرون, وصنعوها واستداروا يبيعونها لهم!
الباحث في الأنثروبولوجيا الأستاذ سليم درنوني لـ ” كراس الثقافة “:” الأنثروبولوجيا تبحث عن المعنى وليس عن بناء الحقيقة”
.
الباحث الشاب سليم درنوني متحصل على شهادتي ليسانس فلسفة وماجستير أنثروبولوجيا ويعدّ رسالة الدكتوراه في التخصص الثاني بجامعة الجزائر، أستاذ بجامعة تبسة. يتحدث في هذا الحوار عن إقصاء الدولة الوطنية في الجزائر لعلم الأنثروبولوجيا واهتمامها بعلم الاجتماع؛ لاعتقادها بخدمة الأنثروبولوجيا للحركة الاستعمارية، كما يتطرق إلى العلاقة بين العلمين في الماضي والحاضر، ومواضيع أخرى تطالعونها في هذا الحوار :
حاوره: نورالدين برقادي
- أين نحن من علم الأنثروبولوجيا في الجزائر ؟
- إن الأنثروبولوجيا في الجزائر لم تحض بنفس الاهتمام الذي حضي به علم الاجتماع إطلاقا. متهمة بأنها خدمت المشروع الاستعماري، فهي قد عاشت نكسة رسمية منذ المؤتمر الخامس والعشرين لعلم الاجتماع الذي انعقد سنة 1974 في العاصمة الجزائرية. ويكون علم الاجتماع قد تم تبنيه ليس لفضائله الخاصة فحسب، وإنما للاعتقاد بعذريته السياسية، واعتباره بديلا للإثنولوجيا المقصية. إن أعمال علماء الاجتماع الجزائريين يجب أن تكون وقتئذ ليس في خدمة الحقيقة الاجتماعية، لكن في مساعدة الدولة للقيام بمشاريع التنمية وبناء الوحدة الوطنية. وعلى أية حال إن الذي تطلبه الجزائر المستقلة من علم الاجتماع هو لعب اتجاه الدولة الوطنية نفس الدور الذي لعبته الإثنولوجيا اتجاه المشروع الاستعماري. من هذا المنطلق أقول إننا بعيدون كل البعد عن الدور المنوط بالعلوم الإنسانية والاجتماعية عموما وعن الدراسات الأنثروبولوجيا خصوصا. فهناك مدى بعيد يفصل بيننا وبين الأنثروبولوجيا الحقيقية التي سبقنا إليها الغرب وبعض الدول العربية التي أسست لها أقساما ومعاهد منذ الخمسينات والستينيات وقطعت في ذلك أشواطا كبيرة في السبعينيات والثمانينيات، وهو الوقت الذي أدرنا فيه بظهورنا للأنثروبولوجيا.
- ما الفرق بين علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع ؟
الأنثروبولوجيا في العصر القديم
.
يجمع معظم علماء الاجتماع والأنثربولوجيا، على أنّ الرحلة التي قام بها المصريون القدماء في عام 1493 قبل الميلاد إلى بلاد بونت (الصومال حالياً)بهدف التبادل التجاري، تعدّ من أقدم الرحلات التاريخية في التعارف بين الشعوب. وقد كانت الرحلة مؤلّفة من خمسة مراكب، على متن كلّ منها /31/ راكباً، وذلك بهدف تسويق بضائعهم النفيسة التي شملت البخور والعطور .ونتج عن هذه الرحلة اتصال المصريين القدماء بأقزام أفريقيا. وتأكيداً لإقامة علاقات معهم فيما بعد، فقد صوّرت النقوش في معبد الدير البحري، استقبال ملك وملكة بلاد / بونت / لمبعوث مصري .
1-عند الإغريق (اليونانيين القدماء ):
يعدّ المؤرخ الإغريقي (اليوناني) هيرودوتس ، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وكان رحالة محبّاً للأسفار، أول من صوّر أحلام الشعوب وعاداتهم وطرح فكرة وجود تنوّع وفوارق فيما بينها، من حيث النواحي السلالية والثقافية واللغوية والدينية. ولذلك، يعتبره معظم مؤرّخي الأنثربولوجيا الباحث الأنثروبولوجي الأوّل في التاريخ .