تغنَّى اليهود في الجزائر طيلة قرون بما تغنى به المسلمون في هذا البلد إلى غاية رحيلهم الجماعي مع اقتراب موعد تحرر البلاد من ربقة الاحتلال الفرنسي. وكان غناؤهم ابنَ بيئته، جزائريَّ القلب والقالب، شرقي الروح، عربي اللسان والمخيال.
ولم يحدث خلال مئات السنين أن أثارت ممارستهم للطرب الجزائري التعجب والاستغراب ولا حتى التساؤلات، لأنهم كانوا في بلدهم وفي أحضان ثقافتهم العربية الإسلامية التي لم تكن أبدا نقيضا لمعتقداتهم الدينية الموسوية.
ومن مفارقات التاريخ أن علاقة يهود الجزائر بالغناء والموسيقى المحليين لم تتحول إلى إشكالية مثيرة للجدل إلا بعد مرور عشرات السنين على رحيلهم عن البلاد…
وانطلق هذا الجدل حولها وسط زخم مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط وقرع طبول سلام اتفاقيات أوسلو حيث خرج من تحت رماد السنين فجأة فنانون يهود جزائريو الأصل ساد الاعتقاد لفترة طويلة أنهم فارقوا الحياة منذ أمد بعيد، ولم تبق من ذكراهم سوى بعض الأسطوانات الموسيقية القديمة التي يحتفظ بها عدد من العائلات الجزائرية الحضرية منذ النصف الأول من القرن العشرين أو حكايات شيوخ وعجائز تِلِمْسَانْ والجزائر وقَسَنْطِينَة وبِجَايَة وغيرها من المدن التي عاشت بها الطوائف اليهودية الجزائرية.
النظرية البنائية الوظيفية
في الحقيقة أن فكرة البناء الاجتماعي ليست فكرة حديثة العهد بل أنها تمتد إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما ظهرت في كتابات ” مونتسكيو ” وحينها ، ظهرت فكرة النسق الاجتماعي على أساس أن مظاهر الحياة الاجتماعية تؤلف فيما بينها وحدة متماسكة متسقة وذلك عندما تحدث مونتسكيو عن القانون وعلاقته بالتركيب السياسي والاقتصادي والدين والمناخ وحجم السكان والعادات والتقاليد وغيرها مما يشكل في جوهره فكرة البناء الاجتماعي ([11]) . ثم ظهرت البنائية والوظيفية بصورة واضحة بشكل علمي في كتابات هربرت سبنسر في مجال تشبيه المجتمع بالكائن العضوي . فكان سبنسر يؤكد دائماً وجود التساند الوظيفي والاعتماد المتبادل بين نظم المجتمع في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي.
والغاية التي كان يهدف إليها هي إيجاد حالة من التوازن تساعد المجتمع على الاستمرار في الوجود . وكان سبنسر أيضاً يتصور المجتمع على أنه جزء من النظام الطبيعي للكون وأنه يدخل في تركيبه ولذا يمكن تصوره كبناء له كيان متماسك ([12]).
مقاربة أنثروبولوجية لجسد المريض.. المريض يسائل طبيعته
د. زارو عبد الله
في إطار الدراسة السوسيولوجية التي أنجزتها حول المستشفيات بالمغرب ، و من خلال اللقاءات و تعدد الحالات المرضية التي تمكنت من محاورتها، وجدتني ملزما بوضع تساؤلات و استفهامات و تخوفات المرضى الحاملين للأمراض المزمنة و الوراثية و تلك غير القابلة للشفاء موضع تأملات انتروبولوجية. لفتح نقاش حول قضايا الصحة/ المرض،الحياة والموت وارتباطها بالجسد و تصوراتنا للطبيعة الإنسانية. و هي من جهة محاولة لتقديم نظرة مغايرة للمريض عن النظرة الطبية العلاجية و مناسبة لإعادة التفكير في مفاهيم الجسد /المرض/ الطبيعة الإنسانية من جهة أخرى.
ما حاجتنا اليوم إلى الأنتروبولوجيا التاريخية ؟
لطفي عيسى
تثير هذه العجالة القضايا المتصلة بالمنهج في حقل العلوم الإنسانية، محاولة التدقيق في طبيعة الإجابات التي قدمتها نماذج المقاربة الانتروبولوجية لتجاوز الحدود الموضوعية للمقاربات التاريخية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى فترتنا الراهنة.
ما طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه العلوم الإنسانية إذا ما أخفقت في توضيح ما يشوب العلاقات البشرية من مواجهات غالبا ما خضع بروزها أو تلفيقها إلى مقاصد ملتبسة، مؤدية إلى مصادمات دامية ومجازر مروّعة تحت غطاء الدّفاع عن مبادئ مختلفة أو متعارضة ؟
كتاب مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية
تأليف: دوني كوشي
ترجمة: منير السعدني
دوني كوش: أستاذ الإتنولوجيا في جامعة السوربون كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية باريس, درس في جامعة الجزائر في عام 1976 و هو الآن باحث في مخبر الإتنولوجيا بجامعة السوربون.
يسعى هذا الكتاب لتبيان مفهوم الثقافة حيث يعتبر مفهوم الثقافة ملازماً للعلوم الاجتماعية, وهو ضروري لها الى حد ما, للتفكير حول وحدة البشرية من خلال التنوع بشكل يختلف عن التفكير المستند الى البيولوجيا. ويبدو أن هذا المفهوم يقدم أكثر الأجوبة إقناعاً على سؤال الفارق بين الشعوب, وذلك لأن الجواب العرقي أخذ يفقد من قيمته شيئاً فشيأً مع تطور علم الوراثة البشري. ولم يكن بالإمكان عرض كل الاستخدامات في هذا الكتاب التي عرفها مفهوم الثقافة في العلوم الانسانية والاجتماعية. وقد فضل الحديث هنا عن