حول نظرية الوظيفة الثقافية للأسطورة عند “مالينوفسكي”

عامر السدراتي
مقدمة:

ما الأسطورة ؟ سؤال انكب عليه عدة باحثين درسا , كل حسب تخصصه و حسب منطلقا ته الابستيمولوجية , منهم الاركيولوجي , المؤرخ , السوسيولوجي , المحلل النفسي , الفلكي , الميتافيزيقي , الابستيمولوجي,……الخ.
فهل بقي للانثروبولوجي ما يدرسه في الأسطورة؟
بعد استعراض بعض التعريفات التي حاولت فهم و تحديد مفهوم الأسطورة , سأعرض وجهة نظر “برونسلاو مالينوفسكي” في هده المسألة , باعتباره من أهم رواد المدرسة الوظيفية في الانثروبولوجيا.

فالأسطورة بالنسبة للمدرسة الطبيعية هي تعبير رمزي و خيالي عن الظواهر الطبيعية و المناخية كحركة القمر, لون السماء , و الرياح . أما النظريات التاريخية فهي ترى أن الأسطورة ترتبط بأحداث ماضية . في حين تعتبرها مدرسة التحليل النفسي مجرد أحلام اليقظة , و لا يمكن معرفة حقيقتها إلا بالغوص في اللاوعي . و هناك من يذهب لاعتبار الأسطورة مجرد قصة بسيطة, ناجمة عن جهد فكري قام به أناس لا شغل لهم. و قد اعتبرها الاتجاه التطوري في الانثروبولوجيا محاولة من البدائي لفهم العالم و تفسيره. 1

إقرأ المزيد

دراسة فرانز بواس عن الإسكيمو في جزيرة بافين الكندية

تمت من خلال الرحلة التي قام بها بواس Feranz Boas  في الفترة من أوت 1883م وحتى أوت 1884م بتمويل من إحدى الصحف الألمانية على أساس أن يوافيها بواس بمقالات عن رحلته

فرانس بواس

وكان هدف الدراسة كما حدده بواس هو: “التعرف على مدى ارتباط هجرات الاسكيمو الحاليين بالطبيعة الفيزيقية للأرض وتضاريسها” وبمعنى آخر العلاقة بين لإدراك الإسكيمو لجغرافية الموطن الذي يعيشون في نطاقه وبين أنماط تحركهم عبر هذا الوطن.

إقرأ المزيد

نظام الكولا في جزر التروبرياند

.
دورة الكولا يقدم مالينوفسكى في كتابه “أبطال المحيط الهادي الغربي” تحليلاً يجوز عده نموذجاً من نماذج الأنثروبولوجيا الحديثة وإن كانت بعض تفسيراته موضع اعتراض اليوم. يعرض مالينوفسكى تداخل عناصر ثقافة جماعات تروبرياند من خلال وصف النظام الاقتصادي للأسر الأموية حيث يلتمس الفرد أصله وقرابته عن طريق الأم وحيث لا يرتبط الابن بأبيه وإنما بخاله الذى هو عشيرته. الفرد من التروبرياند يعمل بجد واجتهاد في بستانه لكي يعول أخته وأولادها وليس زوجته وأولاده، وأن أكثر من 75% من إنتاجه يوزع على أقاربه من أمه.

إقرأ المزيد

بعض البدايات المبكرة للدراسة الحقلية

هندي من قبائل الايريكواز
هندي من قبائل الايريكواز

.

أخذ الرواد الأوائل للأنثروبولوجيا في القرن التاسع عشر في دراستهم للنظم الاجتماعية والثقافية بفكرتي التطور والتقدم تماشيا منهم مع المناخ الفكري السائد في ذلك الوقت .وتأثرا بما أحرزه مبدأ التطور من نجاح في مجال العلوم البيولوجية ، ولهذا غلب الطابع التاريخي على دراساتهم ، وأصبحت مهمتها الأساسية البحث في تطور الثقافة الإنسانية وأصول النظم الاجتماعية ، وكانت الشواهد الخاصة بالمجتمعات البسيطة تستخدم في دعم الفروض والنظريات دون حاجة من الباحثين إلى زيارة هذه المجتمعات ، مكتفين بما يصلهم عنها من كتابات الرحالة و المبشرين والتجار والموظفين الرسميين وغيرهم ، إلى حد أن جيمس فريزر صاحب (الغصن الذهبي) رد على من اقترح عليه هذه الزيارة بقوله:” أعوذ بالله”.

إقرأ المزيد

النظرية البنائية الوظيفية

في الحقيقة أن فكرة البناء الاجتماعي ليست فكرة حديثة العهد بل أنها تمتد إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما ظهرت في كتابات ” مونتسكيو ” وحينها ، ظهرت فكرة النسق الاجتماعي على أساس أن مظاهر الحياة الاجتماعية تؤلف فيما بينها وحدة متماسكة متسقة وذلك عندما تحدث مونتسكيو عن القانون وعلاقته بالتركيب السياسي والاقتصادي والدين والمناخ وحجم السكان والعادات والتقاليد وغيرها مما يشكل في جوهره فكرة البناء الاجتماعي ([11]) . ثم ظهرت البنائية والوظيفية بصورة واضحة بشكل علمي في كتابات هربرت سبنسر في مجال تشبيه المجتمع بالكائن العضوي . فكان سبنسر يؤكد دائماً وجود التساند الوظيفي والاعتماد المتبادل بين نظم المجتمع في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي.

والغاية التي كان يهدف إليها هي إيجاد حالة من التوازن تساعد المجتمع على الاستمرار في الوجود . وكان سبنسر أيضاً يتصور المجتمع على أنه جزء من النظام الطبيعي للكون وأنه يدخل في تركيبه ولذا يمكن تصوره كبناء له كيان متماسك ([12]).

إقرأ المزيد