في كل سنة يقوم شعب المرينا الذي يقطن جزيرة مدغشقر بإخراج الأجداد ، والأقارب من قبورهم لإعادة تزيينهم من جديد وتغيير الأكفان الحريرية التي تحيط بهم وتغطيهم …
يقول ( جون بيير موهين ) المتخصص في طقوس ومراسم الموت :- ” إن كل ما يفعله شعب المرينا بعيد كل البعد عن الحزن والكآبة ، بل يغلب على هذه الطقوس الفرح والغبطة والروائح الطيبة …
ويسعى هذا الشعب من هذا العمل إلى إشراك الموتى في الحياة العامة ، وطلب النصيحة والمساعدة منهم ، والغريب أن كل المناسبات التي يفكر فيها يعب المرينا مثل الزواج ومبادلة الارض ( البيع والشراء ) وكذلك بيع وشراء الحيوانات والحصاد ، تترك للفترة الواقعة بين شهري يونيو / حزيران ، وسبتمبر / أيلول من كل عام ، وذلك لتتم الأمور أمام الأموات وبشهادتهم قبل أن تتم إعادتهم إلى مدافنهم …
تيارات
حول نظرية الوظيفة الثقافية للأسطورة عند “مالينوفسكي”
عامر السدراتي
مقدمة:
ما الأسطورة ؟ سؤال انكب عليه عدة باحثين درسا , كل حسب تخصصه و حسب منطلقا ته الابستيمولوجية , منهم الاركيولوجي , المؤرخ , السوسيولوجي , المحلل النفسي , الفلكي , الميتافيزيقي , الابستيمولوجي,……الخ.
فهل بقي للانثروبولوجي ما يدرسه في الأسطورة؟
بعد استعراض بعض التعريفات التي حاولت فهم و تحديد مفهوم الأسطورة , سأعرض وجهة نظر “برونسلاو مالينوفسكي” في هده المسألة , باعتباره من أهم رواد المدرسة الوظيفية في الانثروبولوجيا.
فالأسطورة بالنسبة للمدرسة الطبيعية هي تعبير رمزي و خيالي عن الظواهر الطبيعية و المناخية كحركة القمر, لون السماء , و الرياح . أما النظريات التاريخية فهي ترى أن الأسطورة ترتبط بأحداث ماضية . في حين تعتبرها مدرسة التحليل النفسي مجرد أحلام اليقظة , و لا يمكن معرفة حقيقتها إلا بالغوص في اللاوعي . و هناك من يذهب لاعتبار الأسطورة مجرد قصة بسيطة, ناجمة عن جهد فكري قام به أناس لا شغل لهم. و قد اعتبرها الاتجاه التطوري في الانثروبولوجيا محاولة من البدائي لفهم العالم و تفسيره. 1
دراسة فرانز بواس عن الإسكيمو في جزيرة بافين الكندية
تمت من خلال الرحلة التي قام بها بواس Feranz Boas في الفترة من أوت 1883م وحتى أوت 1884م بتمويل من إحدى الصحف الألمانية على أساس أن يوافيها بواس بمقالات عن رحلته
وكان هدف الدراسة كما حدده بواس هو: “التعرف على مدى ارتباط هجرات الاسكيمو الحاليين بالطبيعة الفيزيقية للأرض وتضاريسها” وبمعنى آخر العلاقة بين لإدراك الإسكيمو لجغرافية الموطن الذي يعيشون في نطاقه وبين أنماط تحركهم عبر هذا الوطن.
نظام الكولا في جزر التروبرياند
.
يقدم مالينوفسكى في كتابه “أبطال المحيط الهادي الغربي” تحليلاً يجوز عده نموذجاً من نماذج الأنثروبولوجيا الحديثة وإن كانت بعض تفسيراته موضع اعتراض اليوم. يعرض مالينوفسكى تداخل عناصر ثقافة جماعات تروبرياند من خلال وصف النظام الاقتصادي للأسر الأموية حيث يلتمس الفرد أصله وقرابته عن طريق الأم وحيث لا يرتبط الابن بأبيه وإنما بخاله الذى هو عشيرته. الفرد من التروبرياند يعمل بجد واجتهاد في بستانه لكي يعول أخته وأولادها وليس زوجته وأولاده، وأن أكثر من 75% من إنتاجه يوزع على أقاربه من أمه.
بعض البدايات المبكرة للدراسة الحقلية

.
أخذ الرواد الأوائل للأنثروبولوجيا في القرن التاسع عشر في دراستهم للنظم الاجتماعية والثقافية بفكرتي التطور والتقدم تماشيا منهم مع المناخ الفكري السائد في ذلك الوقت .وتأثرا بما أحرزه مبدأ التطور من نجاح في مجال العلوم البيولوجية ، ولهذا غلب الطابع التاريخي على دراساتهم ، وأصبحت مهمتها الأساسية البحث في تطور الثقافة الإنسانية وأصول النظم الاجتماعية ، وكانت الشواهد الخاصة بالمجتمعات البسيطة تستخدم في دعم الفروض والنظريات دون حاجة من الباحثين إلى زيارة هذه المجتمعات ، مكتفين بما يصلهم عنها من كتابات الرحالة و المبشرين والتجار والموظفين الرسميين وغيرهم ، إلى حد أن جيمس فريزر صاحب (الغصن الذهبي) رد على من اقترح عليه هذه الزيارة بقوله:” أعوذ بالله”.