أنثروبولوجيا الاستعمار 1\2

تقديم:
مثلما تدل على ذلك شتى أصناف الأدلة التاريخية، فالفعل الإستعماري قديم قدم التجمعات البشرية، وحرب طروادة مثلا (1250–1184 ق.م) لا تروي في جوهرها سوى مسيرة إلتقاء الآخيين Achéens، بزعامة أغاممنون Agamemnon، بالشعوب الآسيوية، ومن ثمة فكلمة “إستعمار” لم تكن قد حُمِّلت بالمعاني التي صارت تنطوي عليها الآن، فإذا أخذنا مثلا لفظ Colon، المشتق من أصل لاتيني، فإننا نجده يعني في فرنسية القرن الرابع عشر: المزارع الذي يفلح أرضا لقاء أجر عيني، وسوف يتطور معنى هذا اللفظ ليعني في القرن الثامن عشر: كل من يؤسس أو يُعمِّر أرضا خارج وطنه. أما التحرر فبالرغم كونه مصطلحا حديثا ويعود في ظهوره إلى فترة الحرب العالمية الأولى، إلا أنه كسيرورة إنعتاق الشعوب المستعمرة من سلطة وهيمنة القوى المستعمرة لبلدانها قديم قدم الإستعمار، غير أنه يبدأ في العصر الحديث باستقلال مستوطني الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا عام 1776. وقد تحول التحرر إلى ظاهرة مرتبطة بالفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وبتنامي الوعي الوطني لدى الشعوب المستعمرة. ولأن الكثير من الشعوب لا تزال ترزح تحت نير الإستعمار (الشعبين الفلسطيني والصحراوي مثلا)، فإنه لا يمكننا وضح حد لتاريخ ظاهرة التحرر هذه.إن إلقاء نظرة سريعة على تاريخ الإغريق القديم لتكشف لنا عن الأصل “الطبيعي” لمعنى هذا اللفظ، ذلك أن شعب اليونان، الذي نشأ من تدفق شعوب كثيرة على البلاد التي سوف تحمل إسم بلادهم (اليونان)، سوف يقدم لنا العناصر الأولى التي تسمح لنا بشرح معنى كلمة إستعمار بداية من الألف الثانية قبل الميلاد، ومن بين تلك العناصر: الهجرة، الهروب تحت ضغط هجرات جديدة، البحث عن أراضي جديدة … الخ.

إقرأ المزيد

التطور من المنظور الأنثروبولوجي

ابراهيم محمد عياش

تمهيد:
يعتبر العلم من ابرز نشاطات الإنسان بوصفه كائنا عاقلا فهو من ابرز أشكال الحضارة البشرية ايجابية بل و أشدها حضورا وتمثلا في الواقع بدا قبل بداية التاريخ نفسه بل يعلق وجوده بوجود الإنسان – النيودرتال -في العالم أي منذ العصر الحجري قبل بداية الحضارة الإنسانية و تاريخها المكتوب. حيث لم يكن ممكن الاطلاع على ما احتوته الحقب الزمنية السحيقة من تاريخ وجود الإنسان في العالم بالدراسة والبحث لولا مناهج البحث و أساليب و أدوات تطورت في القرن 20 فقط ،بل أكثر من ذلك يمكن القول ان ظهور تخصصات علمية إنسانية أدت بشكل أو بأخر إلى الفهم العلمي لتطور حياة الإنسان الاجتماعية. غير أن هذا الفهم العلمي اخذ عدة اتجاهات و من بينها النظرية التطورية في الأنثروبولوجيا التي سوف نتناولها فيما سيأتي .

نشأتها:
كان الفلاسفة يعتقدون منذ القرن 17 وخاصة في القرن 18 إن البشرية تتطور باتجاه التقدم الدائم و أن المجتمعات تنحوا إلى الانتقال من حالة البساطة النسبية في تنظيمها إلى حالة أكثر تعقيدا وتمايزا فاعتبر باسكال* أن البشرية هي بمثابة إنسان واحد بالذات يبقى دائما على قيد الوجود ويتعلم باستمرار و طرح تورغو* نظريته حول مراحل النمو المجتمعات يتوالى بموجبها القنا صون الرحل أولا ثم مربون المواشي وأخيرا المزارعون و تمتاز هذه المراحل بمؤسسات ومعتقدات مختلفة.
و إلى فترة لاحقة استندت هذه الآراء إلى أعمال علماء الطبيعة وأولهم لمارك* الذي وصف أشكال التطور الحيوي –الفيزيولوجي- و بين أن الوسط السائد يساهم في تغير الكائنات الحية وتحويلها إذ تتبدل بنيتها الحيوانية عبر تكيفها مع الوسط المذكور لكن داروين* استكمل هذه النظريات التحولية ذهب هو الأخر إلى أن عملية التكيف هذه هي ضرورية للبقاء على قيد الحياة , تدفع الجنس الحيواني الواحد إلى التطور باتجاه أشكال اعقد فاعقد وذلك خلافا للنظرية التوراتية .

إن الاتجاه التطوري هو أقدم و أول المدارس الانتربولوجية ،إذ ساد على روادها الطابع النظري المحض الذي لا يرافقه البحث الميداني في البحث الانتربولوجي و إذا ما حاولنا تقصي الإرهاصات الأولى التي سبقت تلك المدرسة يمكننا ذكر كتابات هامة ذات طابع انثربولوجي مهدت لنشأة تلك المدرسة فمنذ القرن 18 جاءنا منتسيكو* بإصدار كتاب – الشرائع و روح القوانين – الذي يعتبر أول بحيث قام بدراسة انتربولوجية تعتمد المقارنة بين الشعوب حسب موقعها الجغرافي و المناخي آخذا بعين الاعتبار عادات و تقاليد الموروثة في الجماعة .لأن هذه عادات و تقاليد تتطور و تتجدد .

إقرأ المزيد

التبادل لدى الجماعات البدائية

التبادل في نظام الكولا في جزر التروبرياند

كان الاقتصاد في المجتمعات البدائية يعتمد في نفس الوقت على الإنتاج والاستهلاك والتبادل سواء في الأسرة أو القبيلة ولذلك كان للأسرة والقبيلة اكتفاء ذاتي حيث كانت تقريباً تحصل على كل شئ من التبادل مع الجماعات الأخرى. ت

تميز المجتمعات البدائية بنظام اقتصادي قديم ويعرف باسم المقايضة وهذا يعنى أن يقوم الشخص بتبادل سلعة لديه مع سلعة أخرى لدى شخص آخر كأن يعطي شخص لآخر كمية من القطن ليحصل في مقابلها على مقدار معين من القمح وبهذا يستطيع الفرد أن يستفيد من هذه المقايضة بإشباع حاجاته الأساسية أو غيرها من الحاجات .

إقرأ المزيد

البنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 2\3

الجزء الثاني

أبو البنيوية : كلود ليفي ستروس

1-3 البنى الأولية للقرابة‏

غالباً ما يعتبر الأنثروبولوجيون أنّ أنظمة القرابة هي المؤسسات الأساسية في تلك المجتمعات التي يدرسونها. وكتاب ليفي شتراوس الأوّل، البنى الأولية للقرابة‏

(1949)، كان كتاباً في هذا الموضوع. والتّبصر الذي يلفت الانتباه في هذا الكتاب هو أنّ المجتمع مبنيٌّ على تابو الزنا بالمحارم، أي على تحظير الجنس ضمن العائلة، مما يدفع الرجال لتبادل النساء، من عائلة إلى أخرى، بغية الزواج. وهذا ما يخلق بنيةً اجتماعية إجماليةً أكبر من العائلة النووية (المؤلّفة من أب وأم وأولادهما).‏

وتشتمل هذه المجتمعات على ثلاثة أشكال أساسية للتبادل، هي التي تجمع المجتمع معاً وتؤمّن تماسكه؛ الشكل الأول هو تبادل الهبات، الذي يناظر البنية الاقتصادية في مجتمع أشدّ تعقيداً؛ والثاني هو تبادل النساء، تبعاً لقواعد بالغة التعقيد والتكلّف تخلق بنيةً قرابية؛ والثالث هو تبادل الرسائل الكلامية عبر اللغة، الذي يخلق معظم ثقافة المجتمع، التي هي في أعمال ليفي شتراوس اللاحقة عبارة عن بنية رمزية، أو نظام دواليل.‏

إقرأ المزيد

البنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 1\3

الجزء الأول

البنيوية ستروس لاكان دريدا
حفلة غداء البنيويين للرسام الفرنسي هنري موريس و يظهر فيها ستروس و أصدقاؤه باللباس البدائي في إحدى الغابات

ا

تأليف: ليونارد جاكسون

ترجمة:  ثائر ديب

يبدأ الطور الفرنسي للبنيوية في الأربعينيات مع تكييف ليفي شتراوس أعمال جاكوبسون بحيث تتوافق مع الأنثروبولوجيا، وربما مع تكييف لاكان بعض المصطلحات السوسورية في الخمسينيات بحيث تتوافق مع طبعته الخاصة من التحليل النفسي. وقد بلغ هذا الطور ذروته في أوائل الستينيات وكان آنئذ ضرباً من الجنون الفكري طغى على كلّ المباحث التي أمكنه أن يطالها من التاريخ حتى الرياضيات؛ جنونٌ يصعب إيجازه هنا (أو ربما في أيّ مكان آخر). أمّا العناصر الألسنية في هذا الطور فلم تكن في الغالب أكثر من نثار متفرّق من الرطانة (انظر بياجيه 1968). في حين تمثّل الحدث اللافت بالنسبة للنظرية الأدبية في محاولة التوليف بين النموذج الألسني وفلسفة الذات الإنسانية التي عُرِفَت في فرنسا، حيث تمّ تفسير العقل والمجتمع بوصفهما أثرين لبنىً، ألسنيةٍ في الغالب. كما شهدت هذه الفترة إعادة تصوّر سوسور بوصفه فيلسوفاً. وحوالي عام 1967، كان انهيار المشروع البنيوي، بتأثير لاكان، وديريدا، وغيرهما، وبتأثير الأحداث السياسية، ليعقب هذا المشروع تشكيلة متنوعة من ما بعد البنيويات التي انتشرت في جميع أرجاء أوروبا وأمريكا.‏

إقرأ المزيد