عبد الله العروي ونظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي

يحيى بن الوليد


اقتنعت بعد تجربة كأستاذ في إحدى الجامعات الأمريكية أن مؤلفات عهد الاستعمار حول المغرب، التي نهملها ونحتقرها، لا تزال تؤثر في أذهان الأجانب. إن الباحث الأمريكي يتسرع في جمع المعلومات حول ماضي المنطقة دون أن يكون مؤِهلا لنقدها والتمييز بين أنواعها. يتهافت على الفرضيات التي يتحفظ حتى أصحابها عند تقديمها فيأخذها كحقائق نهائية. يجهل العربية والبربرية ويهدف إلى فهم الحالة القائمة فلا يهمه من التاريخ إلا ما هو لازم أكاديميا وما يسهل إدراك المشكلات الاجتماعية والسياسية. فيستهويه ما كتبه الفرنسيون ويعطيه قيمة أعلى من قيمته الحقيقية. والباحث الأمريكي ليس إلا مثلا على كل الدارسين الأجانب.

«فكرت، والحالة هذه، أنه من المفيد أن أقدم نظرة مغربية على تاريخ المغرب، حتى ولو لم آت بأي كشف جديد، مقتصرا على تقديم تأويلات جديدة للأحداث والوقائع»

إقرأ المزيد

كتاب الضحيّة وأقنعتها ـ بحث في الذّبيحة والمسخرة بالمغرب

كتاب الضحيّة وأقنعتها ـ بحث في الذّبيحة والمسخرة بالمغارب للأنثروبولوجي المغربي الشهير عبد الله حمودي

بحث أنثروبولوجي في طقوس ومفاهيم الذّبيحة بالمغرب

لتحميل الكتاب أنقر فوق الصورة

هذا الكتاب كتاب بالغ الأهمية، هو ثمرة جهد كبير قام به الأنثروبولوجي المغربي الشهير عبد الله حمودي، الأستاذ المحاضر في الجامعات الأمريكية وصاحب كتاب “الشيخ والمريد: النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة”، وهو المؤلف الذائع الصيت الذي ترجم إلى عدد كبير من لغات العالم.

والكتاب الذي بين أيدينا صدر ضمن سلسلة المعرفة الاجتماعية، ويقع في حوالي 205 صفحات من الحجم المتوسط، وقد قام بترجمته المترجم المغربي المقتدر عبد الكبير الشرقاوي، ويتألف من قسمين يحمل القسم الأول عنوان “محاولة في إثنوجرافيا العيد” ويضم الفصول التالية: “الأنثروبولوجيا الاستعمارية للذّبيحة والمسخرة”، “الفعل البشري في محيطه: عن بعض توترات البنية”، “الذّبيحة”، “بلماون مرويّا: السيناريو”، “بلماون مُعاينا: لعبة بلماون”، “بلماون مُعاينا: اللعب”، “تفسير”.

إقرأ المزيد

ثقافة الفقر

أمين جوطي

تناولت العديد من الدراسات في العالم العربي مسألة الفقر، التي تعتبر أحد المشاكل العويصة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي، إلا أن مسألة «ثقافة الفقر» لم تحظ بذات الاهتمام، على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذا المفهوم. فمنذ تقديمه في الستينيات من القرن العشرين، اهتم العديد من الباحثين الغربيين ب«ثقافة الفقر»، ويقصد بهذا المفهوم – الذي ألقى عليه الضوء الباحث «أوسكار لويس»- أن «الناس الذين يعيشون في كنف الفقر تنطبع سماتهم وسلوكهم وشعورهم بقيمتهم داخل المجتمع، إذ يتعدى الأمر مسألة الحرمان إلى الجريمة، الإدمان وفقدان القدرة على الحراك الاجتماعي…».
هذه السلوكيات وإن كانت تجعل الفقراء «يتعايشون» مع فقرهم بشكل ما، وإلى حد ما، فإنها تعمل مع الزمن على تكريس فقرهم، وكذا على استنبات ثقافة الفقر لدى الأفراد والأسرة والمجتمع. هذه الثقافة التي يرى بعض علماء الأنثروبولوجيا أنها «ثقافة فرعية تنتقل من جيل إلى جيل مع مسارات العائلة، موضحين أنها تتجاوز الاختلافات الإقليمية والقومية وقائلين إن لها أوجها شبه مشتركة بين الدول تتجسد في بنية العائلة، وهي في نظرهم تكيفات عامة لمشاكل عامة». ويتسم الأفراد المتشربون للثقافة الفرعية للفقر بمستوى طموح منخفض وبانصياعهم للقدرية وغياب مشاركتهم في الحياة العامة وعدم اندماجهم في المؤسسات الأساسية للمجتمع الأكبر… وتنتقل هذه القيم عبر

إقرأ المزيد

مقاربة معلقة امرئ القيس في ضوء المنهج الأنثروبولوجي

فريد أمعضشو

حين نستحضر امرأ القيس فإننا نكون أمام أحد أبرز وأشهر شعراء العربية، وإن لم نقل أمام أبرزهم وأشهرهم على الإطلاق. إنه يعد، كما قال المرحوم شوقي ضيف، “أباً للشعر الجاهلي، بل للشعر العربي جميعه”1. وقد وضعه محمد بن سلام الجُمَحي (ت231هـ) على رأس الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية، يليه، في الطبقة نفسها، النابغة الذبياني، فزهير بن أبي سُلمى المُزني، ثم الأعشى ميمون بن قيس2. وكان مقدَّماً، أيضاً، لدى علماء البصرة، ولدى كثير من فُحول الشعراء العرب في الجاهلية والإسلام؛ فقد سُئل لبيد بن ربيعة العامري عن أشعر الناس، فأجاب: “الملك الضّـلّيل”؛ وهو لقب لامرئ القيس، وُسِم به لأنه كان ملكاً ابن ملك ابن ملك، قُدر له أن يعيش حياة التشرد والتنقل بين الأحياء والقبائل؛ سعياً لاسترداد مجْد أجداده، وللثأر لمقتل أبيه الذي اغتالته بنو أسد. وقيل للفرزدق، الذي كان راوية مُكثِراً لامرئ القيس: “مَن أشعر الناس يا أبا فراس؟”، فقال: “ذو القروح”؛ وهو لقبٌ آخرُ لامرئ القيس لُقب به مِن بعد التحاقه بيوستينْيانُس؛ قيصر الروم، الذي رحّب به وأكرمه وأعانه، إلى أن وشى به أحدُهم لدى القيصر، كما تقول بعض الروايات، متهماً إياه بتطاوُله على شرف ابنة مُضيِّفه وكرامة أهلها، فما كان من القيصر إلا أن ابتعث له بحُلة جميلة، لكنها كانت مسمومة، بداعي رغبته في إسعاده وإكرامه، ولما ارتداها امرؤ القيس، في يوم صائف، بدأ لحمه يتناثر، وجسدُه يتقرّح، إلى أن مات؛ فسُمي باللقب المذكور. وقال عمر بنُ الخطاب رضي الله عنه للعباس بن عبد المطلب لما سأله عن الشعراء: “امرؤ القيس سابقهم، خَسَف لهم عين الشعر”. ولهؤلاء وغيره، ممّن يُقدِّمون امرَأ القيس، مُسَوِّغاتٌ يسوِّغون بها إيثارَهم الشاعرَ على باقي شعراء العربية. قال أبو عبيدة مَعْمر بن المثنى (ت210هـ): “يقول مَن فضّله (أي امرأ القيس): إنه أولُ من فتح الشعر واستوْقف، وبكى في الدِّمَن، ووصف ما فيها. ثم قال: دَعْ ذا رغبةً عن المَنْسَبَة،

إقرأ المزيد

العقائد العابرة: بحث في الأصول للممكنة للعقائد الإيزيدية

شعار الايزيدية

ثامر الغزّي[1]

مدخل:

من أكثر القضايا إشكالا وأشدّها إثارة للحساسية في العقائد النبشُ في أصول عقائدها، ولئن كان معلوما في علم الأديان المقارنة أنّه لا يوجد معتقد “صاف” لا أثر فيه لرواسب من معتقدات حافّة به حضاريا أو سابقة له زمنيا، فإنّ من شأن أتباع المعتقد أن يزعموا، غالبا، أصالة معتقداتهم وعدم وجود أيّة روافد لها، إذ من شأن ذلك، فضلا عن تلبية نخوة نفسية، إكساب ذلك المعتقد فرادة وتميّزا.

إقرأ المزيد