الزوايا، المجتمع والسلطة بالمغرب : مقاربة سوسيو-أنثروبولوجية

محمد جحاح*

زاوية

يتركز موضوع هذا البحث-الذي يقع في 820 صفحة (بجزئيه الأول والثاني)- حول ظاهرة الزوايا بالمجتمع المغربي، وهي ظاهرة لها أهميتها بالطبع وأصالتها التي تستمدها من عمق تجذرها في بنيات هذا المجتمع، وفي تاريخه الديني والسياسي. وانسجاما مع الإشكالية المطروحة للبحث، فإن أهمية الزوايا تتأكد بالنظر إلى ما اضطلع به هذا التنظيم الديني-السياسي من أدوار اجتماعية وسياسية حاسمة، في سياق مغرب ما قبل المرحلة الكولونيالية.

هذه الفترة من تاريخ المغرب، التي ستعرف- وكما تطلعنا المصادر التاريخية- مجموعة من الأحداث والوقائع السياسية التي تشهد  بتأزم العلاقة، وعلى مستويات عدة، بين السلطة والمجتمع. وهنا بالذات ومن هذا المنطلق، سيرتبط تاريخ الزوايا وبشكل وثيق، بالتاريخ الاجتماعي والسياسي للمغرب الماقبل كولوينالي، بحيث شكلت في هذا الإطار قوة سياسية وازنة، استطاعت أن تفرض نفسها على المخزن (كسلطة محلية قائمة بذاتها) تسندها قاعدة قبلية عريضة.

إقرأ المزيد

نقد ليفي شتراوس للنزعة التاريخية

د. نبيل رشاد سعيد*

تمهيد:
كان لعلم اللغة المعاصر أثر كبير على تصور (كلود ليفي شتراوس)(1) للتاريخ، لا سيما المنهج اللغوي الوصفي عنه (فرديناند دي سوسير)(2) الذي صب اهتمامه على «النسق» أو «البنية» اللغوية، فجعل دراسة اللغة من حيث تاريخها وتطورها أمرا ثانويا، فكان يرى بأن واجب علماء اللغة تأسيس علم ثابت أو قانون للغة، والتخلي عن دراسة قضايا اللغة وتجزئتها لمعرفة تاريخها، بل الصحيح هو دراسة اللغة بصورتها الراهنة.
لقد بذل ليفي شتراوس جهودا كبيرة ليثبت بأن الحوادث التاريخية تدور كلها ضمن النسق أو البناء اللغوي الذي ظل موجودا من ألوف السنين. وإن ما تريده جميع البنيات المناقضة للتاريخية ـ حسب جان بياجيه ـ هو وضع أسس ثابتة تشبه الأسس الرياضية التي لا تخضع للزمنية المتغيرة، وهذه الصفة وجدتها البنيوية(3) في اللغة.
استعان ليفي شتراوس بالمنهج اللغوي لـ (دي سوسير) الذي اعتبر اللغة فوق الواقع والتاريخ، فدرسها من حيث علاقتها بأساسها الاجتماعي. ونظر ليفي شتراوس إلى اللغة من حيث هي نتاج لمجتمعها، ولكنه مضى أبعد مما ذهب إليه دي سوسير، فقد استعان بالقوانين التي تتحدد بها اللغة المنطوقة، ليصل عن طريقها إلى أصل العادات والمعتقدات، بل أنه رأى ان أصل كل الظواهر الثقافية التي يتضمنها المجتمع من إبداع اللغة.

إقرأ المزيد

السحر فى المجتمعات البدائية

السحر

يعد عالم ما وراء الطبيعة عاملا فعالا دائما في حياة البدائي فنراه يلجا إليه لتفسير كل ما يقع إمامه و يعزو إليه من الشرعية و المعقولية ما نعزوه نحن إلى قوى الطبيعة المعترف بها و العقلية البدائية  لا تعتمد ألا على الروابط الغيبية و لا تعتمد على ما نسميه نحن سببا و علة لما يحدث .

و تعمد الجماعات البدائية كلها إلى تفسير الموت بغير الأسباب الطبيعية فإذا مات عندهم شخص عزوا موته على وجه العموم إلى أن ساحرا قد حكم عليه بالموت

إقرأ المزيد

المنحى الإثنوغرافي في السينما المغربية

فيلم “خيط الروح” نموذجا

عبد المجيد البركاوي

سينما امغرب

تشكل العادات والتقاليد والطقوس الشعبية مادة درامية خصبة بالنسبة للسينما، إذ غالبا ما يتمُّ استحضار المعطيات الإثنوغرافية من خلال ملامح معينة تستهدف إغناء التصور الإخراجي للفيلم، وبناء متخيله، وإبراز أبعاده الفكرية والجمالية، ومن هذه الزاوية أضحت السينما وعاءً فنيا ودراميا لدراسة مجتمع ما، في أسلوب حياته، وتراثه الممتد في التقاليد والعادات والمظاهر الاحتفالية..

في هذا السياق، حاولت السينما المغربية الاشتغال على مجمل هذه المكونات، حيث يمكن تلمُّس ملامح إثنوغرافية واضحة في العديد من الأفلام، وانطلاقا من مستويات فيلمية متعددة كالعنوان والحدث والفضاء والديكور والملابس والاكسسوارات.. ولعل الأسئلة التي ينبغي طرحها بهذا الخصوص هي: كيف تتجسد تلك الرؤية الإثنوغرافية في السينما المغربية؟ ما هي حدود نجاحها أو إخفاقها؟ ما هي الدواعي الفنية الثاوية وراء وَلَع الكثير من السينمائيين المغاربة بهذا التوجه الإثنوغرافي؟

إقرأ المزيد

الترجمة والمثاقفة

جمال حضري
جامعة المسيلة

تبدو المعطيات خارج اللغة متحكمة في الفعل الترجمي مما ينأى به عن أن ينحصر ضمن الكينونة اللغوية فقط فقد ربط جورج ستاينر اللغة بالخصوصيات التجريبية والحياتية للمستعملين، مما يجعل الترجمة شعرية أكثر منها مطابقة، كما رأى منظرو التلقي أن الترجمة نوع من التلقي الحر كما عند هانس جورج جدامر، أو تواصل للمتلقي فيه الدور الأساسي كما أكده حميد الحمداني شارحا لنزي شميدت، أما أمبرتو إيكو فقد انطلق من التواصل ولكنه غلب المنظور السيميولوجي الذي يجعل المعنى كامنا في البنيات النصية، بينما يقوم الباحث محمد العمري بتفرقة مهمة بين ترجمة لغوية أقرب ما تكون إلى المثالية والتجريد، وترجمة حضارية تأخذ بعين الاعتبار السياق الحضاري والثقافي ويراها الترجمة الأعمق.
هذا العنصر الثقافي الذي يصر عليه الكثير من الباحثين يرسخ الخصوصيات التي تصبح معها الترجمة أمام موضوع معقد لا يكفي فيه حضور الجهاز اللغوي عاريا عن الجهاز السوسيو ثقافي لأن الترجمة كما يقول جون روني لادميرال عبور بين ثقافات(1) أو هو تواصل ثقافي،ذلك أن اللغة متضامنة مع سياق ثقافي يحتم إضافة الأفق الخارج لساني إلى نظرية الترجمة، والترجمة إذا ليست للغة ولكن للكلام(2).
ومن هنا وجب الانطلاق من مقولة لغة – ثقافة بدل مقولة لغة(3)، لأنه لا توجد لغة خارج السياق الثقافي، وبناء عليه، يجب أن تنصب الترجمة على المعنى السياقي بما يعني المحيط النصي والوضعية المرجعية، أي أن النص الأصلي والنص الهدف لهما نفس المعنى إذا اشتغلا في نفس الوضعية بما يستدعي لسانيات للكلام أو نظرية للتلفظ(4).
إن المترجم يصبح بتعبير جورج مونان حاملا إما لنظارات ملونة أو نظارات شفافة(5) وتستعملان حسب الاستراتيجية الترجمية.

إقرأ المزيد