نحو نظريّة اجتماعيّة للهاتف المحمول

د.أحمد محمد صالح

منذ أكثر من عشرين عاما تضطرني ظروف العمل إلى السفر الى جنوب مصر ، بطريقة منتظمة ودورية ، ومن مقعدي الدائم المجاور لنافذة القطار تقابل الكثير كصحبة سفر ، وهم عادة من أساتذة الجامعات ، ورجال القضاء والنيابة ، والمحاماة والزراعة والري ، والشرطة والجيش ، و كانت مصر بمشاكلها دائما هى موضوع حديث السفر ، وتغير الموقف الآن ، وأصبح الكل مشغولا بالمحمول ! وأصبح السفر معاناة ، فبدلا من الاستمتاع بقراءة كتاب ، أو حديث مثمر ، او النوم استعدادا للعمل ، سيطرت أجراس التليفون المحمول على الموقف ، ولا تمضى دقيقة الا وتسمع رنينا ، ومحادثات بصوت مرتفع ، فهذا غزل ، وذاك غضب وثورة ، وتلك تحية باردة ، وانتهكت الخصوصية ! وضحكت من الدراسة الإيطالية الأخيرة التى نشرتها الأنباء حول الهاتف المحمول الذى كشف عن 90 بالمائة من حالات الخيانة الزوجية في إيطاليا في الفترة الأخيرة ! وتشير الدراسة إلى أن الإيطاليين لديهم هواتف محمولة أكثر من أي جنسية أوروبية أخرى .

وشغلني المنظور الاجتماعي للتليفون المحمول او ” سوسولوجيا المحمول ” ، واليوم نستكملها من منظور الإنثربولوجيا من خلال عدة دراسات قيمة منشورة مثل دراسة Hans Geser فى جامعة زيروخ Zürich ، فى سبتمبر عام 2003 تحت عنوان نحو نظرية اجتماعية للتليفون المحمول ، ودراسات Mathews Joe المنشورة عام 2001 فى لوس انجلوس حول تأثير المحمول داخل محيط الجامعة ، وبحوث Nilsson Andreas وآخرون فى السويد عام 2001 حول التليفون المحمول كوسيط اتصالي ، ودراسات Ling Rich فى النرويج عام 2000 حول تاثير انتشار المحمول بين مراهقين المدارس ، وتأثير المحمول على المؤسسات الاجتماعية فى أوربا ، ودراسات كثيرة أخرى فى أوربا وأمريكا ، وكلها دراسات منشورة في مجلات ومؤتمرات علمية على الإنترنت ، وأستمتعت بقراءة تلك الدراسات ، وخرجت منها بمعرفة افتتاحية حول سيسولوجيا التليفون المحمول ، نقدمها للقارئ فى عجالة. .

– منظور أنثروبولوجي

منذ فجر الإنسانية من ملايين السّنوات, كان تطوّر ونشوء الحياة على الأرض مقيدا دائما بعاملين مادّيّين متوافقين بدرجة كبيرة : الأول هو التجاور الفيزيقي ، وهو شرط مسبق للكائنات الحية لبدء العلاقات التفاعلية ، والحفاظ عليها . الثاني هو الإقامة فى أماكن المستقرة ، وكانت ضرورية لتنمية وتطوير أشكال وأنماط اتصال اكثر تعقيدا وتعاونا .

إقرأ المزيد

الأصولية عين الحداثة قراءة نقدية في أفكار إرنست غلنر

مصطفى لافي الحرازين*

لا ينحصر نصُّ الأنثروبولوجي الكبير إرنست غلنر -رغم ما يحمله من طاقة نقدية هائلة تعطّل الكتابة المحلية التي تنال من الإسلام من حيث قدرته على التشكّل(1) بهذه المهمة وحسب؛ إذ النص هنا يدور في حقل نفسه، حيث يحتدم الجدل حول الإسلام ليطال جوهر الذات، جدل تتشكّل أطرافه الأساسية مما تبقى من فكر التنوير أولاً. وبالمقابل من جبهة متعددة المشارب تتميز بدينامية الانشقاق والتجاذب يحتل نواتها فكر ما بعد الحداثة وفلسفة العلم اللاسلطوية(2) وتدور في محورها صيغ متنوعة وأحياناً غير متبلورة تتمسك بانتمائها إلى الإناسة محاولة من موقعها هذا التقرب مما تسميه إسلام البيانات السياقية(3).

والواقع أن غلنر لم يقع في شرك هذا المحور ولم ينضبط بتلك البيانات؛ لأن الإسلام لم يكن بالنسبة له سياقاً يقوم بذاته بل حقلاً من الأقوال التي لا بد من إعادة جمعها وفصلها وتسوية سياقاتها ليصبح منطلقاً لمواجهة حاسمة مع تلك الانشقاقات التي تمس بلحمة نظام الحداثة، أي بضرورة القواعد وصلابتها واستمراريتها. ولهذا بالضبط لا يمكننا قراءة ما كتبه إلاّ بما هو جزء من (نظام التراث)(4) لا يسعى إلى جمعه أو توحيده بل إلى إحياء ما يعتبره أصل فعّاليته ومتحركيته الكامن في قدرته على توفير هذه القواعد المنشودة.

إقرأ المزيد

البحث الأركيولوجي في مواجهة أنثروبولوجيا التوراة

عماد رحمة*


تشكل دراسة التوراة واليهودية من وجهة النظر التاريخية إحدى أكثر الأمور صعوبة وتعقيداً بالنسبة للدارسين والباحثين في حقل التاريخ.

فالمصدر الأساسي المتوفر بين أيدي الباحثين والمؤرخين هو نصوص التوراة وأسفار الكتبة وما يسمى حسب التعبير اليهودي الأنبياء, بالإضافة إلى الأبوكريفا.‏

ومن النادر جداً أن نحصل على اتفاق بين المعلومات الواردة في تلك الروايات التوراتية وبين المعطيات التاريخية المتحققة في ضوء المكتشفات الآثارية الحديثة, ونحن كمسلمين نعتقد أن القرآن الكريم هو الذي يؤكد أو ينقض أو يصحح ما ورد في تلك الكتب أي (الكتاب المقدس), كما قال تعالى: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ]سورة النمل: 67[.‏

ولم ننسَ ما قاله الله جل جلاله في الكتاب العزيز عن الذين هادوا بقوله: ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ]سورة المائدة: 44[.‏

أجمعت الدراسات والأبحاث التي أنتجها الغرب خصوصاً, أن لليهود على مر العصور قيادةً دينيةً عالمية توجّه وتقود النشاط المادي والروحي اليهودي, إلا أن تطورات القرن التاسع عشر ساعدت هذه القيادة على استنباط صيغة جديدة لعملها وهي اهتمام الصهاينة باصطناع ثقافة يهودية تقوم على ربط اليهود بتاريخ فلسطين لغوياً ودينياً وعرقياً, واستخدام المعارف التاريخية الحديثة بعد طمس حقيقتها لإثبات التاريخ التوراتي, لقد استأثرت الدراسات اللاهوتية والدينية من خلال خطاب الدراسات التوراتية بحق تمثيل التاريخ الفلسطيني القديم في فترة العصر البرونزي المتأخر وبداية العصر الحديدي, وفترات أخرى كثيرة غيرها.‏

إقرأ المزيد

عالم بدون إسلام

A World Without Islam

By Graham E. Fuller

Foreign Policy January/February 2008

ترجمها إلى العربية: سليمان عبدالعظيم

الإسلام وُجد ليبقى؛ فالتوجهات العدوانية ضد الإسلام لن تؤدي إلى زواله من العالم. وكما لا يستطيع أحد أن يزيل اليهودية أو المسيحية أوغيرهما من الديانات الأرضية الأخرى، فبالمثل لن يستطيع أحد أن يزيل ديانة بحجم وقامة الإسلام من الوجود. فعلى مستوى الأتباع تصل أعداد المسلمين في العالم إلى ما يتجاوز المليارين. وعلى مستوى التأثير الإنساني والحضاري فقد لعب الإسلام دورا هائلا في إعادة تشكيل الجغرافيا العالمية، وأسهم بدرجة كبيرة في جملة المنجزات الإنسانية والحضارية المختلفة. من هنا فإن تلك الكتابات، الغربية بالأساس مع بعض الذيول والأذناب العربية متمثلة في الليبرالية الجديدة وبعض المنتمين للأقليات، التي تهيج المشاعر ضد الإسلام وتحط من شأن المسلمين، لن تزيل الإسلام من الوجود بقدر ما تضر إمكانية إقامة حوار عقلاني ومتزن بين الإسلام والغرب المسيحي.

إقرأ المزيد

التفاعل الاجتماعي مع السخرية في المجالس

د. عبدالرحمن بن عبدالله الشقير

أصبحت المجالس في ضوء التحولات الاجتماعية والاقتصادية، أكبر حاضن لملتقيات الأصدقاء، وقد تكون المجالس على شكل استراحات أو لقاء في المنازل أو المقاهي أو الحدائق وما في حكمها، أو مجالس افتراضية من خلال مجموعات الدردشة المفتوحة والمغلقة، وقد تحول كثير منها

إقرأ المزيد