وظائف الزاوية المغربية -الجزء1

محمد المازوني

 

مقدمة :

مثلت الوظائف المؤسسة للزاوية المغربية الصورة المثلى لهذه المؤسسة : فالزاوية كانت في الأصل مدرسة ومقر استرشاد ومستودعا مؤمنا ومحلا لإطعام الطعام وملجأ أمان. بيد أن هذه الوظائف، وبقدر ما كانت تعبر عن أدوار محددة بقدر ما كانت تخفي في طياتها أسرار تطور الزاوية وتفاعلها مع المجتمع والسلطة على حد سواء. كما أن تلك الوظائف لم تكتسب قيمتها الفعلية إلا حين تمكنت الزاوية من تقوية رساميل رمزية وسلطات معنوية، وسعت من نفوذها وأدوارها داخل المجتمع وهو ما وفر لها مسؤوليات دنيوية ودينية. انتهت الزاوية المغربية، عبر تطور وظائفها المختلفة، إلى أن تصبح مكونا ضروريا في توازن المجتمع المغربي. فقد جمعت بين ما كان ينشده الناس من أمان وحاجيات العيش، وما تنشده السلطة من استقرار سياسي واجتماعي. تكبر أدوار الزاوية لتنازع السلطة وتجد لتفي بالأقل في حدود الجماعة، تنطلق

إقرأ المزيد

فرانس بواس والمفهوم الذاتي للثقافة

franz boas
franz boas

إذا عٌدّ تايلور مخترع المفهوم العلمي للثقافة، فإن بواس هو أول أنثروبولوجي يقوم باستطلاعات ميدانية عبر الملاحظة المباشرة والطويلة للثقافات البدائية.وبهذا المعنى يكون مخترع علم وصف الأجناس البشرية Ethnographie .

فرانز بواس(1858-1942)ينحدر من أسرة يهودية ألمانية ذات تفكير ليبرالي.وقد تأثر بالمسألة العنصرية وكان أحد ضحايا معاداة السامية على يد أحد زملائه في الجامعة.تابع دراسته العليا في الجامعات الألمانية المختلفة فدرس الفيزياء أولاً ثم الرياضيات وبعدها الجغرافيا (الفيزيائية والبشرية).وقادته دراسته الأخيرة إلى الأنثروبولوجيا .في عام 1883-1884 شارك في بعثة إلى أرض بافن في بلاد الإسكيمو، باعتباره جغرافيّاً مثقلاً باهتمامات رجل الجغرافيا(كان الموضوع المطلوب هو دراسة أثر الوسط المادي على مجتمع الإسكيمو)، فلاحظ أن التنظيم الاجتماعي كان محكوماً بالثقافة أكثر منه بالبيئة المادية.وبالتالي عاد إلى ألمانيا عازماً على تكريس بحوثه،  من الآن فصاعداً، للأنثروبولوجيا بشكل أساسي.

إقرأ المزيد

السوسيولوجيا القروية: التاريخ، وتجاذباتٌ بين الخصوصية والتداخل المعرفي

* كاميليا الورداني

يعد علم الاجتماع العام أضمومة تضم عدة علوم فرعية تهدف في مجملها لدراسة مختلف التفاعلات الاجتماعية بين أفراد المجتمع؛ بما في ذلك نظم علاقاتهم، ومشكلاتهم، وأنماط عيشهم، وتمثلاتهم، وثقافتهم… فبالنظر إلى الموسوعية المعرفية التي تقتضيها دراسة الإنسان في علم الاجتماع، كان من الطبيعي أن يعرف هذا العلم عدة

إقرأ المزيد

تايلور والمفهوم العالمي للثقافة

Edward Burnett Tylor
Edward Burnett Tylor

ندين لإدوارد تايلور(1832-1917)، الأنثروبولوجي البريطاني بأول تعريف إناسي للثقافة:

“الثقافة أو الحضارة بمعناها الإناسي الأوسع، هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع.

هذا التعريف الواضح والبسيط يستدعي بعض التعليقات.فهو، كما نرى، تعريف وصفي وموضوعي وليس تعريفاً معيارياً.ومن جانب آخر، فهو يختلف عن التعاريف الأخرى الحصرية والفردانية للثقافة.يرى تايلور أن الثقافة تعبير عن شمولية الحياة الاجتماعية للإنسان.وتتميز ببعدها الجماعي.والثقافة،  في نهاية الأمر، مكتسبة، وبالتالي فهي لا تنشأ عن الوراثة البيولوجية.ومع أنها مكتسبة فإن أصلها وطابعها غير واعيين إلى حد كبير.

إذا كان تايلور أول من اقترح تعريفاً مفهومياً للثقافة، فهو ليس أول من استخدم هذا المصطلح في علم الإناسة.وهو نفسه كان، في استخدامه لهذا المصطلح،  متأثراً مباشرة بعلماء الإناسة الألمان الذين قرأ لهم،  لا سيما غوستاف كليم  G.Klimm  الذي كان يستخدم كلمة  kultur بمعنى موضوعي لا سيما حينما كان يحيل إلى الثقافة المادية وهو ما كان مخالفاً للتقاليد الرومانسية الألمانية.

إقرأ المزيد

أزمة الأنثروبولوجيا المعاصرة

كلود ليفي ستروس

في حقبة استقلال البلدان الأفريقية، كان كل شيء يوحي بأن الأنثروبولوجيا سوف تقع ضحية المؤامرة التي حاكتها ضدها الشعوب التي تعارضها في ظل تواري شعوب أخرى. فما هي أهداف هذا العلم في السياق العالمي الجديد؟ أجاب ليفي ستروس على هذا السؤال في “رسالة اليونسكو” نوفمبر/تشرين الثاني 1961.

تحتل الأنثروبولوجيا في الفكر الحديث موقعاً قد تبدو أهميته على شيء من التناقض. فهي تمثل علماً مطابقاً لذوق العصر، كما يشهد عليه رواج أفلام وروايات الرحلات، وإنما أيضاً حب اطلاع الجمهور المثقف على كتب علم الإنسان. في أواخر القرن التاسع عشر، كنا نتوجه أولاً إلى علماء البيولوجيا طلباً لفلسفة تعنى بالإنسان والعالم؛ ثم التفتنا نحو علماء الاجتماع والمؤرخين وحتى الفلاسفة. لكن الأنثروبولوجيا بدأت تقترب أكثر فأكثر من هذا الدور منذ بضعة أعوام، وبتنا ننتظر منها أيضاً الاستنتاجات والأجوبة الكبرى، علاوة على الأسباب التي تحثنا على العيش والأمل.

إقرأ المزيد