انتروبولوجية العنف المعيش

د. الحبيب النّهدي

 

تقديم عام :
يستعمل العنف وفق مفاهيم مختلفة مما أدى إلى ظهور جدل حول ما يميّز المشروع من اللامشروع. ونظرا لكونه بدأ يكتسح الحياة اليومية في مختلف مظاهرها الأكثر تعقيدا والتباسا فإنّ الدراسات الكميّة والإحصائية[1]  التي تركّز في معرفة النسب والمتغيّرات (الجنس،السنّ،الجهة….) على أهميتها في حصرها وضبطها فإنّها تبقى غير قادرة على فهم الأسباب العميقة للعنف التي تختفي وراء بنى لاواعيّة عرفتها البشريّة منذ وجودها وهي تغذيها الأساطير والمعتقدات والرموز أي أنّها مرتبطة بالمخيال الجماعي اللاواعي. ولفهم ذلك يمكننا أن نستعين بالمقاربة الظواهرية لمكانتها إذ‘‘طرحت المسألة من منظور جديد ثري بمعطياته وآفاقه.” وتنطلق هذه المقاربة من ‘‘دراسة التجربة الذاتية للإنسان في تفاعله العلائقي مع الآخرين فالعنف كغيره من أشكال السلوك هو نتاج علائقي أو بأكثر دقة، نتاج مأزق علائقي”[2]  أي دراسة

إقرأ المزيد

الاختلاف والتماثل الثقافيان : رؤى انثروبولوجية

 

الدكتورعبد القادر بوطالب
لم يكن ممكنا أن يظهر ويتطور البحث الانثروبولوجي لولا وجود ظاهرة التنوع الثقافي : تنوع الأديان واللغات والأجناس وغيرها، ذلك أن انه حينما يطرح التنوع والتعدد ، فان ذلك لا يكون ممكنا إلا باستحضار الذات في مواجهة الآخر المختلف، و بالتالي فكل محاولة يتوخى فهم الآخر والتعرف عليه تنطلق من اعتبار الآخر قد يكون مصدر خطر أو تهديد سواء كان فعليا أو محتملا ،أو على الأقل إن ثمة مسؤولية أخلاقية تقتضي ذلك، وبالتالي فان كل فهم من هذا القبيل ـ من الناحية العلمية ـ لن يكون بالبراءة المطلقة سواء في مبتغاه أو وسائله.

إقرأ المزيد

قراءة أنثروبولوجية لظاهرة الوعدة

قراءة أنثروبولوجية لظاهرة الوعدة من طقوس عقائدية إلى تعبيرات حضارية

وعدة الأبيض سيدي الشيخ بالغرب الجزائري

د. محمد مكحلي*

مقدمة:

إن للوعدة وظيفتها ودلالاتها الاجتماعية والدينية هي عادة ارتبطت بالتراث الشعبي وهي ظاهرة عامة عرفها المجتمع ألمغاربي عامة والجزائري خاصة وقد انتشرت في القرى والمدن حيث عمل الناس على إحيائها في مواسم معينة واستمروا في إقامتها فديمومة هده الظاهرة ترتبط ارتباطا وثيقا بالواقع الاجتماعي للناس في إطار هده الإشكالية تسعى هده الدراسة لطرح مجموعة من القضايا والتساؤلات المثارة حول مفهوم الوعدة ارتباطاتها التاريخية والطقسية إطارها الرماني والمكاني وظائفها السوسيوثقافية .

إقرأ المزيد

النظام السياسي للنوير في جنوب السودان -إيفانز برتشارد ج3

بقلم: إيفانز برتشارد

ترجمة: أسامة عبدالرحمن النور

 

نسق طبقات العمر

مؤسسة قبلية أخرى هي نسق طبقات العمر، وهو نسق ينال قدراً من الأهمية الاجتماعية لدى النوير أكثر من أي من الشعوب النيلية في السودان. يمر الأطفال النوير إلى مرحلة الرجولة عبر امتحان قاسٍ وسلسلة من الطقوس مرتبطة به. تجرى تلك التلقينات حيثما توفر عدد كافٍ من الأطفال في سن 14-16 سنة في قرية أو منطقة. الشبان الذين تم تلقينهم في سنوات متتالية ينتمون كلهم إلى طبقة عمر واحدة، وهناك فترة أربع سنوات فاصلة بين آخر دفعة من طبقة الملقنين والدفعة الأولى لطبقة الملقنين اللاحقين، خلال الأربع سنوات الفاصلة هذه لا يتم تلقين أي دفعة من الأطفال. تكون مدة التلقين مفتوحة على مدى ست سنوات، بحيث أنه بالإضافة إلى الأربع سنوات الفاصلة، تكون هناك عشر سنوات بين بداية كل طبقة عمرية وبين بداية الطبقة التى تسبقها وتلك التى تليها. لا تنتظم الطبقات العمرية بصورة دائرية.

إقرأ المزيد

النظام السياسي للنوير في جنوب السودان -إيفانز برتشارد ج2

بقلم: إيفانز برتشارد

ترجمة: أسامة عبدالرحمن النور

 

 

النظام القبلي

ما هي قبيلة النوير؟ أكثر سمة بادية بوضوح هي وحدة منطقتها وانغلاقها، ويلاحظ ذلك بصورة أكثر وضوحاً في فترة ما قبل الاستعمار مما هو عليه الأمر اليوم. يتفاوت عدد سكان القبيلة من بضع مئات وسط بعض القبائل الصغيرة إلى الغرب من النيل- إذا ما عدت تلك بالفعل قبائل، إذ أن القليل جداً من البحث قد أجرى في تلك المنطقة- ليبلغ عدة آلاف. يبلغ سكان معظم القبائل ما يزيد عن 5.000 نسمة والأعداد الأكبر 30.000 و 45.000 نسمة. كل قبيلة مكتفية ذاتياً من الناحيَّة الاقتصادية، لها مراعيها الخاصة، وإمدادات مياهها، وأحواض صيدها، والتي يجوز لأعضائها فقط الحق في استغلالها. وللقبيلة اسمها الذى يرمز إلى تفردها. لدى أفراد القبيلة إحساس بالوطنية: يفتخرون بانتمائهم لعضوية القبيلة ويعدونها أعلى من القبائل الأخرى. وسط كل قبيلة توجد عشيرة سائدة توفر إطاراً للقرابة يقوم على أساسه المركب السياسي. وتنظم كل قبيلة أيضاً بصورة مستقلة نظام التراتب العمري الخاص بها.

إقرأ المزيد