المشهد 7 – الشارقة 2010
رافقني صديقي المخرج المسرحي عبده طه في بعض الزيارات الميدانية لجمع روايات السيرة الهلالية من مؤديها المجهولين بقرى أسيوط. ومنذ مطلع عام 2000، مكثنا سويًا في منزل عائلتي بمدينة أبوتيج لتفريغ المادة المرئية المسجلة وتدوينها. إلى أن داهمته أزمة قلبية في الخامس عشر من يناير عام 2002، لأتجرع كأس فراقه وهو بين ذراعي.
طوال عامين، كنا نقضي أيامنا في تدوين السيرة الهلالية والنقاش حول دراميتها ودلالات أحداثها وكنه شخوصها، ومرات كان يعبر عن توسمه في أن أكتب يومًا ما نصًّا مسرحيًّا يعيد اكتشاف جماليات السيرة الهلالية وقيمتها الدرامية، وكنت أقول له: لا أظن أستطيع، أو: لا بد أن تمر سنون كثيرة قبل أن أهم على مثل هذا العمل الصعب. وكان لدي شعور أسطوري بأن الهلالية عصيَّة؛ تهجر من يستسهل أمرها، وتصرع من يصارعها ويرى نفسه مالكها، وتمسخ من يعبث بها دون فهم لأسرارها وشفراتها.