شفرة كورين – الجزء الخامس

المشهد 7 – الشارقة 2010

رافقني صديقي المخرج المسرحي عبده طه في بعض الزيارات الميدانية لجمع روايات السيرة الهلالية من مؤديها المجهولين بقرى أسيوط. ومنذ مطلع عام 2000، مكثنا سويًا في منزل عائلتي بمدينة أبوتيج لتفريغ المادة المرئية المسجلة وتدوينها. إلى أن داهمته أزمة قلبية في الخامس عشر من يناير عام 2002، لأتجرع كأس فراقه وهو بين ذراعي.

طوال عامين، كنا نقضي أيامنا في تدوين السيرة الهلالية والنقاش حول دراميتها ودلالات أحداثها وكنه شخوصها، ومرات كان يعبر عن توسمه في أن أكتب يومًا ما نصًّا مسرحيًّا يعيد اكتشاف جماليات السيرة الهلالية وقيمتها الدرامية، وكنت أقول له: لا أظن أستطيع، أو: لا بد أن تمر سنون كثيرة قبل أن أهم على مثل هذا العمل الصعب. وكان لدي شعور أسطوري بأن الهلالية عصيَّة؛ تهجر من يستسهل أمرها، وتصرع من يصارعها ويرى نفسه مالكها، وتمسخ من يعبث بها دون فهم لأسرارها وشفراتها.

إقرأ المزيد

شفرة كورين – الجزء الرابع

في معرض الجزائر للكتاب
في معرض الجزائر للكتاب

مشهد 5 – الجزائر 2007

فجأة، كنت على موعد مع الجزائر بعد انتظار طويل، فقد بدأت رحلاتي إلى بلاد المغرب العربي منذ عام 1993، وتعددت زياراتي إلى ليبيا وتونس والمغرب، إلا الجزائر؛ حيث ظلت عصيَّة على رغبتي الحميمة في ارتياد مسالكها الثقافية والاجتماعية الغنية والمتنوعة.

لم أكن واثقًا في إمكانية المشاركة في إحدى الورشات التدريبية حول “الإدارة الثقافية” التي تنظمها مؤسسة “المورد الثقافي”، رغم إدراكي لأحقيتي التاريخية في الانضمام إلى ورشة تدريبية في هذا المجال، لكني لا أعرف أحدًا في “المورد الثقافي”، ولم أحاول الاتصال

إقرأ المزيد

شفرة كورين – الجزء الثالث

مشهد 4 – تونس 2006

تدور السنوات دورتها الدائرة لألتقي بـ “كورين كومار” في تونس بعد سبع سنوات من لقائي الأول بها في المغرب، كنت قد تعرفت إلى مؤسسة “صندوق تجوال الشباب العربي المبادر (سفر)” التي وفرت لي منحة سفر إلى تونس للمشاركة في الدورة الخامسة للجامعة المفتوحة (في الفترة من 11 إلى 17 سبتمبر 2006) التي تنظمها مؤسسة ألتايير العالمية، وهي المؤسسة التي تديرها “كورين كومار”.

سبع سنوات حاولت خلالها تعلم المشي في طريق الغابة، وهممت بالبحث عن طريق النيل، وعقدت العزم على اقتفاء الأثر الثقافي والتاريخي لطريق الهلالية، تلك الطريق العريضة المتشعبة التي بدأت من البحرين وحتى الأطلسي. كثير من الحكايات والتجارب أبدعتها الجماعات التي صنعت التاريخ دون أن يذكرها التاريخ، وعلمت ذاتها دون أن تمتد لها يد التعليم الرسمي، وظلت قوية ومتماسكة رغم ضغوط تهميشها وإقصائها، تمنيت لو حكيت بعضًا من هذه الحكايات إلى أصدقائي الذين سألتقيهم في فضاء الدورة الخامسة للجامعة المفتوحة.

إقرأ المزيد

شفرة كورين – الجزء الثاني

مشهد 3 – القاهرة 2005

داعبت مندوبة اليونسكو “السيدة جانيت” خيالي عندما استمعت إليها بمقر الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية شتاء 2005، على خلفية بدء مشروع جمع روايات السيرة الهلالية، حيث وجهت سؤالها للحاضرين: لماذا لا تطرقون طريق الهلالية؟

أدركت أن السيدة جانيت تتحدث من منطلق اهتمام اليونسكو بطريق الحرير منذ عام 1988، هذه الطريق التي امتدت لمسافات طويلة بعيدة تصل إلى أقاصي الشرق بما يحوي من حضارات وعمران وآثار وعطر وبخور ولبان وتوابل، إلى جانب عالم ثري من الثقافة الروحية التي أنبتتها جبال الشرق السامقة. هذا الشرق لم يبخل بثرواته على بقية أنحاء العالم، فعمل على نقلها إلى أطراف بعيدة من الأرض وعبر طريق متشعبة أطلق عليها اسم “طريق الحرير”، وكان اسمًا على مسمى، فالحرير كان ولايزال من نتاج الشرق. ودار الزمن دورته، وطُمست طرق الحرير، وأصبحت أثرًا بعد عين، وكاد العالم أن ينساها.

إقرأ المزيد

شفرة كورين – الجزء الأول

محمد حسن عبد الحافظ*

ملحوظة:

أرسل لنا الأستاذ محمد حسن عبدالحافظ مشكورا هذه المقالة الرائعة و نظرا لطولها سننشرها في عدة حلقات

تذوق ما لا طعم له

واجعل الصغير كبيرًا

وزد في القليل

وقابل المرارة بالإحسان

وابحث عن البساطة في التعقيد

وحقق العظمة في الأشياء الصغيرة

لوتسو**

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

مشهد 1 – الرباط 1999

في نوفمبر/ تشرين الأول 1999، عدت إلى مصر قادمًا من المغرب حاملاً جوهرة مقدسة منقوش عليها حكمة البسطاء ومعارفهم. معلمتي الهندية المتواضعة “كورين كومار” ألقت بالجوهرة الهندية في قلبي عن طيب خاطر، واقتنصتنها كإنسان يخرج من حكايات ألف ليلة وليلة والحواديت الشعبية والملاحم، تأخذه الرحلة دون حساب لسنينها، وكان يسكنني إحساس عميق بأني يومًا ما سأحكي لها ما عاينته في البلاد والعباد ما دمت حيًا أُرزق بالمعارف الخبيئة التي ساعدتني الجوهرة كورين الجميلة على اكتشافها.

إقرأ المزيد