هناك نظرة مشوهة يقصفنا بها الغرب ، لننظر لذاتنا عبرها ! فنجلد ذاتنا ! نحتقرها ، نستصغرها ! ونستعظم قوته ! بل أكثر ، نُستَلَب أمامه ! نشعر بدونيتنا وبفوقيته !
هذه النظرة ، موضوعية (نسبة التسرب ، الأمية ، القراءة ، الدخل ، الناتج ، ترتيب الجامعات ، البطالة ، ….) ولن يختلف أحد أن هذه المؤشرات هي ترتيبية وتراتبية !
تُرتّب الدول ، وتعطيها رتبة !
حتى السعادة لها مؤشر ! كما الإنجاب ، وغيرها ….
نقرأ هذه الأرقام ، فنصدّق الرقم ! الرقم له قوة ! قدرة ! الرقم مرعب !
فنبدأ بإستبطان الصورة التي قصفنا بها عن ذاتنا !
ثم يعمل على تاريخنا ، فيعلّمنا عنه ما تشاء الصورة المفبركة ! عبره وعبر “التفاح الأحمر” ! [هو مصطلح أطلقه “الهنود الحمر” على الهندي المتعامل مع الرجل الأبيض ، هو أحمر من الخارج (كأنه واحد منا) لكنه أبيض من الداخل] .
ثم يؤكد لنا هذا التاريخ عبر مشاهد حية (تمثيل داعش لمشاهد الذبح وغيرها – مثلاً –) [أي مشهد عنفي على يوتيوب يتم حذفه بشكل آلي دون تدخل بشري ! بينما مشاهد الذبح الداعشي مستمرة ، ومن حسابات معروفة] !
فنتأكد عبر الصورة الحية (وهي مثل الرقم لها قدرة مرعبة) ! على ما علّمَنا إياه – وهو قد يكون جزءاً من الحقيقة لكنه ليس الصورة المكتملة أو الكاملة – ! ونصف الحقيقة (وهو في هذه الحالة ربع ربعها) أخطر من الكذبة الكاملة !!
يحضرني هنا قصة لإحسان عبد القدوس ، يروي فيها خطورة نصف الحقيقة ! فيروي أن رجلاً متزوجاً يخون زوجته ، فيخبرها مثلاً أنه إلتقى بفلانة (وتُسلّم عليها) ! لكنه لا يخبرها أنه صعد معها إلى الشقة و… ! فإذا أخبرها أحد : لقد رأيت زوجك مع فلانة ، فهي ستطمئن ! زوجي أخبرني ذلك … ولن تشك !!!
وهذا ما يحصل عندنا !
لقد تعلمنا في الغرب (ومنه) كذا وكذا (أنصاف حقائق) … ولن ينفع كل كلامنا في دحضها ! لأننا لن نشك !!
وهذا وضّحه شريعتي في كتابه النباهة والإستحمار !! (وعنوان الكتاب واضح وصريح) !
والعلوم الإجتماعية ، هي جزء من الأجندة الإستعمارية …
لماذا يريدون إستعمارنا …؟! ماذا لدينا غير سوقنا الإستهلاكي ، ومواردنا الطبيعية …؟!
هذا يحتاج إلى تأمل ما يلي :
«يحد الولايات المتحدة الأمريكية من الشمال القطب الشمالي ، ومن الجنوب قارة الأنتركتيكا . أما من الشرق فيحدها الإصحاح الأول من سفر التكوين ، ومن الغرب يوم القيامة»[1] .
الهوامش :
[1] Arthur Bird, Looking Forward: A Dream of the United States of the Americas in 1999 (New York: L.C. Childs & Son, 1899), pp. 7-8