في كل سنة يقوم شعب المرينا الذي يقطن جزيرة مدغشقر بإخراج الأجداد ، والأقارب من قبورهم لإعادة تزيينهم من جديد وتغيير الأكفان الحريرية التي تحيط بهم وتغطيهم …
يقول ( جون بيير موهين ) المتخصص في طقوس ومراسم الموت :- ” إن كل ما يفعله شعب المرينا بعيد كل البعد عن الحزن والكآبة ، بل يغلب على هذه الطقوس الفرح والغبطة والروائح الطيبة …
ويسعى هذا الشعب من هذا العمل إلى إشراك الموتى في الحياة العامة ، وطلب النصيحة والمساعدة منهم ، والغريب أن كل المناسبات التي يفكر فيها يعب المرينا مثل الزواج ومبادلة الارض ( البيع والشراء ) وكذلك بيع وشراء الحيوانات والحصاد ، تترك للفترة الواقعة بين شهري يونيو / حزيران ، وسبتمبر / أيلول من كل عام ، وذلك لتتم الأمور أمام الأموات وبشهادتهم قبل أن تتم إعادتهم إلى مدافنهم …
أما الشعوب المكسيكية والصينية وخاصةً صينيي هونغ كونغ ، فإنهم يقومون كل سنة بنزهة إلى مقابر أجدادهم ولكن في أوقات مختلفة ( أي ليس في نفس التاريخ ) ويجتمع صينيو هونغ كونغ في اليوم التاسع من السهر التاسع في التقويم الصيني في مدافن الأجداد ، حيث يعتقد هؤلاء وفقاً للمعتقدات البوذية والطاوية أن أرواح الموتى يمكن أن تظهر غضبها ضد الأحياء ، ولذا فهم يأتون لتنظيف القبور وتناول الطعام فوقها بغية تهدئة أرواح موتاهم …
وفي المكسيك يحتفل الناس في بداية شهر نوفمبر / تشرين الثاني بعيد الأموات ، حيث يتوافد الناس على القبور حاملين معهم الورود بكافة الألوان ، لكن شريطة أن تكون الباقات مطعمة بالقرنفل البرتقالي الذي يعمل على جذب الأرواح الفقيدة حسب اعتقادهم ، وفي العادة تكون العطايا المقدمة للأموات عبارة عن طعام وخمر وعدد من أنواع الحلوى التي تتم صناعتها على هيئة هياكل عظمية …
وتدخل في الاحتفال طقوس أخرى كالغناء والرقص الخاص على مدار الليل ، ويعتقد المكسيكيون أن هذه الطقوس مناسبة لإعادة العلاقات المنقطعة مع أحبائهم الموتى وفرصة لتسليتهم في عالمهم المجهول …
وفي إفريقيا الغربية وبالتحديد في غانا ، يطلب الناس من النجارين أن يصنعوا لهم نعوشاً بكافة الأشكال والألون كالطائرة والسمكة وحتى قارورة الكولا والهواتف المحمولة ، وفي البداية ظهرت هذه الموضة على يد شعب إفريقي يسمى ” ألجا ” ويعتقد هذا الشعب أن من الضروري لكل إنسان أن يرحل نحو العلم الآخر في المركبة التي تتناسب مع شخصيته بشكل أفضل …
وإليكم بعض العادات والطقوس الغريبة فعلاً …
حائط الأرواح :-
تجسد التمائيل التي تقف عند حافة هذا الجرف أجداد قبيلة ” توراجدا ” وهي قبيلة مسيحية المعتقد ، تسكن جزيرة سولاوسي الأندونيسية ، والملاحظ أن كل وجه تم نحته وفقاً لوصف العائلة التي بنتمي إليها الشخص الميت ، وتسهم هذه الوجوه في السهر على الأحياء ومراقبة تصرفاتهم حتى يلقوا حتفهم ، في حين أن الأموات الحقيقيين الذين يمثلون هذه الأصنام ، يرقدون تحت الشرفات في مقابر محفورة في الصخر ، والمثير في الأمر أن عائلة الميت تقضي عشر سنوات في جمع المال للقيام بواجب العزاء وعملية الدفن والمراسم المتعلقة بذلك ، حتى يجب على العائلة أن تذبح للميت عدداً من الجواميس والخنازير وتوزيعها على أهل القرية …
جوهرة للأبد :-
وهنا تعرض إحدى المؤسسات السويسرية التي تهتم بإجراء مراسم دفن الموتى من الألف إلى الياء في موقع لها على الإنترنت ، طريقة للخلود داخل جوهرة ، حيث تعرض على أهل الميت أن يحرقوا فقيدهم إن رغب ذلك ، وأن يأخدوا رماده ويسخنوه حتى درجة حرارة تزيد عن ألفي درجة مئوية ويعرضونها إلى ضعط عالٍ جداً ليحصلوا في النهاية على حجر كريم أو جوهرة ( ماسة ) ، خاضة إذا علمنا أن الماس عبارة عن كربون في الأصل ، وهو ما يمكن الحصول عليه من الرماد ، ويقول أحد العاملين في المؤسسة أن 500 جرام من رماد الميت تكفي ليتحول إلى جوهرة خالدة …
والآن إلى هذه العادة الغريبة عند قبائل ” الغالي ” القاطنة في الكاميرون ، حيث يقوم أفرادها بلف الميت بالقطن إلى أن يصبح شبيهاً بلعبة كبيرة ، وكلما كان الشخص الميت مهماً في القبيلة كلما بالغ الرجال في لفة بقطعة القماش القطني ، ويقوم رجال القبيلة بتقديم الطعام للميت بعد إخراجه من مدفنه ، ويقدمون له كذا ( إن كانت امرأة ) آنية مبرقعة بنقاط بيضاء دلالة على أنها تركت وراءها عدداً كبيراً من الذرية …
حرق على ضفاف الجانج :-
من العادات التي يتبعها الهنود في الديانة الهندوكية ، حرق الميت بعد غسله بماء معطر من نهر الجانج ، ثم يقومون بلفه بثوب محاط بالأطواق الوردية تمهيداً لحرقه ، وبعد هذه العملية يقوم الأهل يجمع بقايا الرماد ثم ينثرونها في مياه نهر الجانج ، ويعتقد الهنود أن مياه هذا النهر تنقي وتطهر جسم الميت وتجعله يتجسد في آخر ( تناسخ الأرواح ) ليحيا حياة أفضل من التي عاشها سابقاً قبل الموت …
التحليق في السماء :-
أما العادات التبتية في الدفن فهي أغرب من الخيال حيث يقوم الرهبان البوذيون بتقطيع جثة الميت إرباً إرباً إلى قطع صغيرة وهي عادة طبيعية في التبت ، ثم يتركونها في العراء لتلتهمها النسور والطيور الأخرى لتحلق بها في السماء ، ويعتقد التبتيون أنه خلال لحظات النزاعتترك الروح الجسد ، ولذا يصبح الجسد لا قيمة له ، فلماذا العناء في دفنه ؟؟؟ والواقع أن المسألة تتجاوز إرهاق النفس في الدفن ، إذ يعتقد هؤلاء أن الأرض مسكونة بالكائنات والأرواح الشريرة ، وعند دفن الميت فيها فإنه من الممكن أن تغضب وتثور لأن الإنسان دنسها بالجثث …
المومياء شرف للميت :-
يعتقد أفراد قبيلة البابو الإندونيسية أن تحويل ميتهم إلى مومياء هو شرف لا يحظى به الكثيرون فهم يعتقدون أن المومياء تقوم بحراسة وحماية الأحياء ، ومن عاداتهم أنهم يقومون يتقديم الزوار إلى مومياواتهم باعتبارها واحدة منهم وكأن صاحبها ما يزال حياً يرزق .