الكتاب: مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة
الكاتب: مارفن هاريس
عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، صدرت قبل أيام ترجمة كتاب “مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة” للأنثروبولوجي الأميركي مارفن هاريس (1927-2001)، بترجمة الكاتب السوري أحمد م. أحمد.
العنوان الأصلي للكتاب هو “أبقار، خنازير، حروب، ساحرات: ألغاز الثقافة” وقد صدر أول مرة عام 1975. وفيه يحاول الكاتب تفسير الدوافع التي تقف خلف أمور تبدو لعموم الناس عادة غريبة وبعيدة عن المنطق.
يرتبط هذا الكتاب بشكل وثيق بعمل هاريس “صعود النظرية الأنثروبولجية” والذي نُشر أول مرة عام 1968، وكان مفتاحاً أساسياً للثقافة المادية، التي ارتبط بها عمله ليكون ضمن مدرسة أنثروبولوجية مادية حملت على كاهلها جدالاً قوياً ضد السائد من المؤلفات الأنثروبولوجية، من هنا تأتي أهمية ترجمة “مقدّسات ومحرّمات وحروب”، فعلى الأرجح هو أول الكتب التي تنقل إلى العربية من هذه المدرسة.
في بداية الكتاب، يلفت هاريس إلى أن الحياة البشرية بانوراما من الأحداث المنبثقة من ثقافات مختلفة، وأن ما يجده البعض اعتقاداً أو طقساً أو تقليداً؛ يظهر بعد البحث في ما خلفه أنه نتاج لظروف أو ظواهر طبيعية وراءها؛ الإرادة، الجنس، الطاقة، الريح، المطر.
يأتي الكتاب في 12 فصلاً، تتناول ظواهر مختلفة في ثقافات متعددة، من بينها: “الأم البقرة”، “مهرجان الشتاء”، “الذكر الهمجي”، “سر أمير السلام”، “هوس السحر الأكبر”… على سبيل المثال يستكشف هاريس المنطق في أن الفلاح الهندي يفضل أن يتضوّر جوعاً ولا يقتل بقرته؟ ويرى الكاتب أن في قتل البقرة إجهاضا لاقتصاد القرية الذي عاشت عليه لقرون، فهي مصدر اقتصادي أساسي من ناحية الإنتاج والعمل الزراعي وقتلها يعني تهديد هذا المصدر وخلخلة التوازن.
وعلى غرار هذا المثال الذي يتعمّق فيه وفي أسئلته، يفكر هاريس في ألغاز ثقافية أخرى، ويعود إلى الكتب المقدسة والأساطير والحكايات الشعبية والمنطق الأنثروبولوجي المادي الذي يتبناه لكي يبني تصوّرات حول هذه الأحاجي.
وفي هذا السياق، يرى هاريس أن “الجهل والخوف والتناقض هي العناصر الأساسية للوعي اليومي، ومن هذه العناصر يشكل الفن والسياسية آلية الحلم الجماعي تلك التي يتمثل غرضها في منع الناس من فهم ماهية حياتهم الاجتماعية”، ويبيّن أنه ولهذا السبب “لا يجدر أن ننتظر من المشتغلين في أنماط الحياة أن يفسروا أنماط حياتهم”. ولكن علماء الأنثروبولوجيا عادة ما يميلون إلى تبنّي رأي مخالف، ويحذرون من التعامل مع الوعي الإنساني باعتباره موضوعاً.
من جهة أخرى، فإن العصر الذي يمكن أن يُطلق عليه كثيرون عصر العلم والتكنولوجيا هو أمر يمكن توظيفه لفهم الطبيعة لكن لا يمكن أبداً استخدامه لفهم الثقافة.
المصدر: العربي الجديد على الرابط : https://goo.gl/TB6TrJ