لتحميل العدد أنقر فوق صورة الغلاف أو أنقر هنا
المفتتح
الثقافة الشعبية أداة لحل مشاكل العالم
تشير المعطيات المحلية والإقليمية، على كافة الصعد، إلى أننا اليوم أحوج ما نكون إلى نشر وإشاعة ثقافة التسامح والحوار والتعايش السلمي والقبول بالآخر، ونبذ النعرات الطائفية البغيضة، التي تحجب كل المعاني السامية في وجدان الشعب الواحد.
من هنا تأتي أهمية تعميق مفاهيم الثقافة الوطنية، وتعزيز مبادىء الولاء والانتماء، وليس أبدع من الذاكرة الشعبية والتراث الشعبي في تعميق الولاء والانتماء إلى الوطن الذي نحب ونفتخر به ونعتز بأصالته.
ومن هذه الشرفة ننظر إلى الثقافة الشعبية على أنها مكوّن أصيل يمكن أن تكون أداة لتأصيل الوحدة الوطنية، ومواجهة الأفكار المتطرفة والتعصب، وتعزيز الهوية والانتماء الوطني، وبناء مجتمع ديمقراطي، وتعزيز خطاب الإصلاح والتنمية السياسية، وجهود نشر ثقافة حقوق الإنسان.
فالثقافة الشعبية هي الأقرب إلى نسيج الشعب الواحد، والأكثر قدرة على التأثير في نشر قيم الديمقراطية وثقافة التسامح. فلقد كانت الثقافة الشعبية، بخبراتها الإبداعية، تستهدف بالدرجة الأولى الإنسان، وتصوغ له مبادىء الخير والحب والسلام، في مواجهة الشر والوقوع في شرك الاستسلام والخنوع. وقدمت له من خلال المرويات الشعبية جرعة هائلة من قيم التفاؤل والكرامة وحب العمل وحب الحياة.
لقد كان غرامشي يحذر دائماً من التعامل مع الفولكلور بوصفه طرفة أو دعابة، بل كان يعتبره أداة لحل مشاكل العالم والحياة.
إن التحديات التي تواجهنا كبيرة وواجبنا جميعاً أن نعزز دور الثقافة الشعبية في حياة الناس، بوصفها الذاكرة الحية للإنسان البحريني، نزرع قيم هذه الثقافة في نفوس وعقول الجيل الجديد، كي يتحمل أعباء المسؤولية وقيادة المرحلة القادمة بشكل إيجابي وسليم، وأن نهتم بموروثنا الحضاري الأصيل والثري، بالمزيد من التدوين والتوثيق بما نضمن صونه وحمايته ونقله إلى الأجيال القادمة بكل صدق وأمانة.
عبدالقادر عقيل
كاتب من البحرين