لتحميل العدد أنقر فوق صورة الغلاف أو أنقر هنا
إذا واجهت مشكلة في تحميل العدد أنقر هنا
المفتتح
بقلم: علي عبدالله خليفة – المدير العام/ رئيس التحرير
بهذا العدد الذي بين يديك ، عزيزي القارئ، الواقع صدوره بين احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد وبين الاحتفال بذكرى ميثاق العمل الوطني، تدخل (الثقافة الشعبية) سنتها الرابعة، فقد أصدرنا في سنتنا الأولى ثلاثة أعداد، وواصلنا الإصدار فصليا بانتظام في تجربة أقل ما يقال عنها بأنها تستحق ما بذل لأجلها من جهد اختصاصي، وخبرة علمية، وتنظيم إداري، وبذل مالي، وشراكة عالمية لوجستية. ويحسب لـ (الثقافة الشعبية) خلال سنوات عمرها الثلاث أنها التزمت بما وعدت به القارئ في تأكيد التوق إلى العلمية منهجاً وأداة في التصور والإجراء، متشبثين بما في العلمية من جوهر “انتظام ومجانبة للمعيارية واستناد إلى الوصفية وانفتاح على المساءلة وطريق إلى المعرفة وعرة المسالك صعبة الدروب”. كنا نتوق إلى أن نبنيَ والقارئ الكريم نمطاً في المعرفة تكون فيه مطبوعتنا “على ضبطها ودقتها يسيرة الإدراك، يفيد منها الإنسان العادي إفادة العالم المختص، ويتطلع إليها الجمهور الواسع، تماماً كما يرنو إليها العالم الثبت”. وقد اجتهدنا لتحقيق ذلك أيما اجتهاد، مؤملين إدراكه على نحو ما. ولم نكن ندرك حينها بكل ما في الأمر من صعاب على أرض الواقع، مما كلفنا الكثير من العناء والجهد في مراجعة المواد ومعالجتها وإعادة ضبطها بعد الخروج من دورة التقييم والتحكيم العلمي الدقيق، وهي دورة طويلة بلا شك، إلا أننا أصررنا – وما نزال – على المضي في بناء ذلك النمط المعرفي طوبة طوبة.
تنبأ بعض من وصلتهم أعدادنا الأولى وعبروا عن إعجابهم بالشكل والمحتوى، بأن عمر هذه المطبوعة قصير قد لا يتجاوز عددها الثاني أو الثالث، لشح مادتها ولندرة الكتاب في مجال اختصاصها العلمي الدقيق. ولم يقلقنا ذلك، لعلمنا الأكيد بالتقدم الذي أحرزه علم الفولكلور كأحد العلوم الإنسانية في الوسط الأكاديمي العربي، ولإحساسنا العميق بتأثير شغف المعرفة الذي تحدثه الثقافة الشعبية كميدان للاستكشاف والبحث، وما تفعله من فتنة واستدراج في الفطنين من البشر، فقد انهالت علينا الأبحاث والدراسات والمواد العزيزة المتفرقة من كل حدب وصوب وبأكثر من لغة، عندما تأكد خط المجلة، وثـبُـت انتظامها، وتعزز انتشارها بدخولها كل الأسواق العربية، ووصولها إلى كل فروع المنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV) في أكثر من 162 بلدا من بلدان العالم المختلفة، وبتنا في حرج مع كتاب المجلة لتأخرنا في نشر المواد المرسلة إلينا، والتي لا تستوعبها مجلة فصلية في 260 صفحة دفعة واحدة، خاصة وأن المجلة تتوزعها مجالات الثقافة الشعبية المعروفة على هيئة أبواب، وكل باب لا بد له وأن يستوعب عددا محدودا من المواد، فإذا جاءت المواد المرسلة وتركزت فقط في مجال الأدب الشعبي على سبيل المثال فلا بد وأن يتأخر نشر مواد الأدب الشعبي لتأخذ دور نشرها حسب الأولوية أوحسب الأهمية أو الجدة في الطرح والتناول، وقـس على ذلك بقية المجالات، إلا أن أغلب كتابنا بدأ يتفهم الوضع ويحرص على النشر منتظرا الفرصة التي تناسب ظروف النشر وفنيته.
وغاية ما كنا نتمناه، أن تجسد هذه الفصلية التوجهات العملية لروح (ميثاق العمل الوطني) في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، الذي راهن على الثقافة باعتبارها العمق الاستراتيجي لمشروعه الإصلاحي الرائد. وبفضل دعم جلالته وتشجيعه الشخصي وحرص الديوان الملكي بمملكة البحرين بأن تواصل هذه المطبوعة الصدور، وفي ظل الانفتاح وجو الديمقراطية والشفافية التي تنعم بها البلاد، واصلنا العمل بجد ومثابرة لتعزيز كافة الجهود الأهلية لجمع وتدوين وتوثيق مواد الثقافة الشعبية، وتحفيز الدارسين على التخصص، والحث على إجراء ونشر البحوث والدراسات حول ثقافة البحرين الشعبية كمكـوّن أساس لثقافتنا الوطنية، والعمل على فتح قنوات التواصل مع مراكز الاختصاص في شتى بلاد العالم للإصرار على تحقيق رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم.
كل الشكر والتقدير وبالغ الامتنان لكافة الجهود النبيلة والعطاء الصموت الذي يقف داعما لاستمرار صدور (الثقافة الشعبية)، والله الموفق.