﴿… إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا …﴾ [الحجرات : 6]
هذا التبين هو ما ندعوه التفكير النقدي … وهو مطلوب بمعزل إن كان النبأ من فاسق أو من ذي ثقة !
طبيعي خطورة الفاسق أكبر لأنه يغلّف نبأه بالعسل !
ومشكلة ذي الثقة قد تكون في أنه لم يتبيّن … لم يُعمل عقله في المعلومة ، فنقلها كما هي …
ومجرد نقل النبأ من فاسق أو غيره قد توصل إلى الفتنة (أي إختلاط الصحيح بالباطل) ،
لذا فتعلم آلية التفكير النقدي قد تكون مصيرية أحياناً …
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
فما هو التفكير النقدي ؟!
هو إستعراض مجموع المعطيات المتوفرة (عبر إستنفاذ كامل الوسائل للحصول عليها) للوصول إلى إستنتاج أكثر عقلانية !
هذا الإستعراض يحتاج إلى مخاصمة النص ، أي أن نستعرض معطيات فريقين ، وقصة النبي داود تؤكد هذا :
﴿وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه … (24)﴾ [سورة ص].
القصة القرآنية أوضحت الفتنة وهي عدم سماع وجهتي النظر ! ففي كل قصة/خبر وجهتي نظر أو طريقتين (وربما أكثر) في تفسير المعطيات/الشواهد/الأدلة ، والتسرع بالحكم قبل تأمل/إستعراض جميع المعطيات يؤدي إلى الشطط!
وللوقاية منه ، لا بد من إتباع آلية التفكير النقدي وهي تتم عبر سلسلة من أسئلة خمسة :
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
السؤال الأول : ما هي الفرضية/المعلومة/الإستنتاج التي يقدمها البحث/الخبر ؟
هناك عاصفة ثلجية قادمة ، فلان مات ، المطعم الكذائي تم إغلاقه بالشمع الأحمر ، عن الرسول أنه قال … ، نظرية المؤامرة ، صيبة العين ، …
الأمثلة السابقة تقدم لمحة عن معلومات يريدك المرسِل أن تصدقها ، تعتمدها منطلقاً ، وأن تنشرها . هذا التصديق يعتمد على مدى ثقتك بالمرسِل ، جهلك بالموضوع ، خوفك ، غضبك ، أو عنصريتك ! وقد يكون هناك أسباب أخرى ، لكن هذا مجاله بحث آخر !
المهم ، في اللحظة الأولى لتلقي المعلومة عليك أن تحافظ على برودة الأعصاب، وأن تحاول قدر الإمكان أن تنفصل إنفعالياً عن الخبر (خصوصاً الأخبار التي تمتلك شحنة إنفعالية) لتقدر على تشخيص التالي : ما هو الخبر/المعلومة الذي تدعوني إليه الرسالة لتصديقه فاعتماده ؟!
بعد تشخيص الفرض – والذي قد يكون الخبر نفسه (فلان مات) ، أو قد يكون مستقى من مقال ، ورقة بحثية ، أو كتاب – عليك أن تسأل السؤال الثاني .
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
السؤال الثاني : ما هي الشواهد/الأدلة التي تم إعتمادها للوصول إلى هذا الإستنتاج ؟
ضمن الورقة البحثية هذا بسيط ، حيث يضع الباحث أدلته أو شواهده ، العينة التي إختارها ، التقنيات التي إستخدمها في جمع معطياته ، كما يحدّد المنهجية التي أوصلته إلى هذه النتائج .
ضمن الكتاب/المقالة ، لن يكون الأمر واضحاً إلى هذه الدرجة ، لكن الكاتب يقدم تحليله وشواهده ، في محاولة إقناعك بوجهة نظره !
الخبر “السريع” مرسَل (في معظم الأحيان) دون أي دليل !
كل خبر دون دليل يسنده ، يمكن ببساطة إهماله ، لكن :
- إذا كان من متخصّص في مجاله ، سيكون المرسِل في هذه الحالة هو الدليل على معقولية رسالته !
- إذا تم تواتره من مصادر مختلفة ، قد يُعتمد التواتر دليلاً !
وهذا يصل بنا إلى السؤال الثالث .
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
السؤال الثالث : هل يمكن شرح هذه الشواهد/الأدلة بشكل مختلف ؟
إذا كان النص/المعلومة ورقة بحثية ، مقالة ، أو كتاب ، فيمكن تفنيد الشواهد/الأدلة ، ورؤية إذا كان الباحث/الكاتب منسجماً مع طروحاته ، أو أنه يناقض بعضها ، كما يمكن كشف الزيف ، تحريف الوقائع ، و/أو الإقتباسات الخاطئة/المجتزأة التي إستخدمها الكاتب لخدمة فروضه !
في حالة الخبر ، علينا تحرّي متنه [الخبر نفسه قد يوحي بالضعف ، فإذا كان الخبر قول لجبران خليل جبران مثلاً ، لا يمكن للغته أن تكون مفككة أو ضعيفة] ، مصدره [هل وضع المرسِل رابط للخبر ، أو ذكر إسم مرجع إستقى منه ، أو على الأقل ذكر إسم العالم الذي قام بالتجربة] ، سياقه [السياق الذي ورد فيه ، كما السياق الثقافي للنص/الخبر]،ومعياريته [المعيار الذي يستند إليه والمقايسة تبعاً لماذا] :
- القول مثلاً أن الحضارة العربية لم تنتج فناً يحتاج إلى تحديد فترة زمنية ، وتحديد المقصود بالفن ، كما يحتاج إلى معيار يستند إليه القائل لتحديد عدم الإنتاج مقايسة بأي حضارات ، كما مصدر أو مصادر من متخصصين لتأكيد خبريته !
- إذا كان الخبر يقول دراسة علمية أجراها علماء أوروبيون ، فموقع هذا الخبر سلة المهملات ! لأن فيه تجهيل للمصدر بشكل متعمد ، كما أن مفبركه يظن أن كلمتي “علمية” و”أوروبا” تعطيه صدقية ، وهي لا تعني شيئاً ! وأحياناً يحدّد دولة أوروبية زيادة في التعمية ، وكلها أمام التدقيق النقدي لا تساوي شروى نقير !
- إذا قال لنا الخبر يقول هتلر (ليس بالضرورة أن نكمل القراءة ولنقم بحذف المنشور) ! لأن “سيكوباثي” كهتلر قضى على أكثر من 15 مليون سوفياتي (على سبيل الذكر لا الحصر) لا يستحق نقل “حكمته” !
- إذا قال الخبر أن الناسا تقول أن هناك نيزكاً سيقترب من الأرض فتتغير حركة شروق وغروب الشمس ، فلا تكبر ، وتقوم بمشاركته مع عبارة “لا تخرج قبل أن تقول …” ! إذهب مباشرة إلى موقع الناسا ، وتأكد من الخبر هناك !
للتوضيح :
نظرية المؤامرة على الأمة العربية هل هي صحيحة ؟! أم أنها شمّاعة نعلق عليها خيباتنا ؟!
كيف يمكن ممارسة الخطوات الثلاثة السابقة عليها ؟
- ما هو الفرض الذي أدعوكم لتصديقه ؟
نظرية المؤامرة على الأمة العربية صحيحة .
- ما هي أدلتي ؟
إتفاقية سايكس بيكو ، إحتلال فلسطين …
- هل يمكن تفسير هذه الأدلة بشكل آخر ؟
قد يعود إحتلال فلسطين إلى جشع الوجهاء المحليين فباعوا جزءاً من الأرض ، مأسسة الحركة الصهيونية لعملية الإستيطان وقدرتها التنظيمية مقارنة بالتشتت والصراع بين الوجهاء (النشاشيبي والحسيني نموذجاً) ، القدرة العسكرية للهاغانا التي خضعت للتدريب على يد الجيش البريطاني كما زوّدها بالسلاح ، مقارنة بنشأة الجيوش العربية الحديثة (وجزء من الدول كان ما يزال تحت الإستعمار)! إضافة إلى تفريغ أرض فلسطين من المقاومين بعد إنتفاضة 1936 ، عبر الإعتقال ، النفي أو الإعدام !
لكن هل هذا الشرح ينفي المؤامرة ؟!
وهنا نصل إلى السؤال الرابع .
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
السؤال الرابع : هل هناك أدلة إضافية/جديدة يمكن لها أن تؤكد هذا الشرح المختلف ؟
سأستكمل ضمن ذات المثل السابق ، لكن ، قبل ذلك ، سأذكر بما يلي :
- الفرض : نظرية المؤامرة صحيحة
- الدليل : إحتلال فلسطين
- محاولة لتفنيد أسباب الإحتلال وكيف أنها لا ترتبط بالمؤامرة !
- الآن ، هل هناك أدلة إضافية (أو جديدة) تنفي المؤامرة ؟!
لا أقدر على إيجاد أدلة تنفيها ، بل تؤكدها ! وثائق ويكيليكس ، تسريبات سنودن ، المذكرات التي صدرت مؤخراً ، والمعطيات التي رفعت عنها السرية ، كلها تؤكد وجودها .
هذا لا يعني حصرية المؤامرة على العرب فقط ! المؤامرة من الشركات الناهبة هي على كل ممانع/مقاوم ، تنجح/تفشل هذا مبحث آخر ، إذ الفرض هو حول وجودها !
مثال تأكيدي :
“عملية أجاكس (Operation Ajax)” التي قامت بها الإستخبارات الأمريكية والبريطانية لزعزعة الإستقرار في إيران زمن محمد مصدق (عام 1953) عبر نشر المعلومات الخاطئة ، الرشى ، الشغب الممنهج ، بث الإشاعات ، الإغتيالات ، … للإطاحة بحكومته المنتخبة ديمقراطياً وتثبيت النهب (من خلال الشركة البريطانية للبترول [BP]) عبر الشاه ! وهي مؤامرة نجحت فأعادت الشاه أقوى وأنشأت له “السافاك (SAVAK)” بتدريب مباشر من الإستخبارات الأمريكية (CIA) والموساد “الإسرائيلي” .
*** *** ***
من الملاحظ أن هناك أخباراً لن تصل إلى هذا السؤال ، إذ يجري نفيها (كخبر ناسا السابق مثلاً) أو تأكيدها بعد عملية بحث سريعة !
وهناك أوراق بحثية/كتب ، تحتاج إلى دراسات لتأكيد أو نفي إستنتاجاتها !
وهذا يوصلنا إلى السؤال الخامس (الأخير) .
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
السؤال الخامس : أي الإستنتاجات أكثر عقلانية ؟
وهو مرتبط حصراً بقدرة تفسيرية مختلفة لمن وصلته المعلومة ! فالخبر الذي يتم نفيه مباشرة لن يتم تفسير شواهده بطرق أخرى !
لكن ، إذا ساءلنا الخبر أسئلتنا الأربعة السابقة ، لا بد لنا أن نستخلص رؤيتنا الخاصة ، وهي : أي رؤية أكثر عقلانية ومقبولية !
وبالنسبة لنظرية المؤامرة ، أي خلاصة هي الأكثر عقلانية ؟
هل هي موجودة أم مجرد ترهات ؟!
(والكلام حول أن نجاحها عائد إلى ضعف وعمالة البعض لا ينفي الوجود بل يؤكده – والكلام فيه كما أسلفت ليس هذا مقامه –) .
إن هذا السؤال (حول نظرية المؤامرة) لن أقدر على الإجابة عليه ، بل على القارئ أن يصل إليه بنفسه !
أنا عبر إستعراض مجموع المعطيات المتوفرة وصلت إلى إستنتاجي وأجده أكثر مقبولية/عقلانية من الإستنتاجات الأخرى …
أنت ، ما إستنتاجك ؟!
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
التفكير النقدي ، العقلاني ، التحليلي ، المنطقي (بغض النظر عن المصطلح) ، يساهم في تشكيل نباهة المرسَل إليه، فيكبح جماح الإنفعال ويكظم الغضب ، لتتحوّل ردات الفعل إلى أفعال مدروسة ، فتؤسس لإنتصارات قادمة .
التفكير النقدي ضرورة في زمن التسطيح ،
التفكير النقدي أساسي في مواجهة الحرب الناعمة ،
التفكير النقدي مهارة يمكن تعلمها …
وفيما يلي مجموعة أمثلة تطبيقية .
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
أمثلة تطبيقية :
(1)
قصة القرود الخمسة مع الموز وصناعة الغباء ، من الأمثلة التي إنتشرت ضمن وسائط التواصل الإجتماعي ، فنالت (135.488) نقرة إعجاب – (76.164) نقرة مشاركة – و(6870) تعليق [حتى كتابة هذه السطور] ! وأكثرية من أصدقائي الرقميين قام بمشاركتها والبناء عليها عن عالمنا العربي ، والعادات والتقاليد ، وكيف أننا لا نقدر على التغيير !!
تقول الخبرية :
كيف تصنع شعبا من الاغبياء ؟
مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك بعض الموز . في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد . بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز ، يقوم الباقين بمنعه وضربه حتى لا يرشون بالماء البارد . بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب . بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد
فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز . ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول . بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب . قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد ، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب . وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة . حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا ، ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب .
لو فرضنا .. وسألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا . عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية، نبقى في الروتين خوفاً من التغيير !!
إن التدقيق النقدي يشير إلى أنها مترجمة عن “خبرية” ملفقة أضحى لها طبيعة الأسطورة …
تعتمد هذه الخبرية/الأسطورة على تجربة حقيقية قام بها (بشكل مختلف ونتائج مختلفة) جي آر ستيفنسون عام 1967 !
ولسبب من الأسباب ، تم إنتشار التجربة بشكل مشوه يعتمد الكثير من الخيال ، والقليل القليل من المعرفة السيكولوجية …
المفارقة أننا نسقط تجربة ملفقة ونتائج وهمية ، على “الشعب العربي” ونؤكدها بآيات قرآنية … وهل كل التجارب السيكولوجية التي أجريت على الحيوان تنطبق ليس على الفرد فقط ، بل على شعب بأكمله ؟!
في عصر دفق المعلومات ، الإستغراق في التفاصيل ، والتبسيط ؛ نخسر المعرفة ، الرؤية الشاملة ، الحس النقدي ، والعمق !
الأسئلة الخمسة :
- ما هي المعلومة التي يقدمها الخبر ؟
تجربة علمية تحاول كشف كيفية صنع الغباء والإتّباع !
- ما هي الأدلة التي تم إعتمادها للوصول إليه ؟
لم يقدم أدلة سوى نص يستند إلى تجربة زائفة .
- هل يمكن شرح هذه الأدلة بشكل مختلف ؟
بما أنه لم يقدم أدلة أو شواهد ، فالبحث ضمن مواقع الإنترنت المختلفة أوصل إلى التجربة الأصلية ، وهي كالتالي :
عمد ستيفينسون في التجربة الأصلية إلى دراسة الخوف من بعض الأشياء غير المخيفة في حد ذاتها عبر إستخدام تقنيات التشريط الكلاسيكي [classical conditioning] (أدوات المطبخ مثلاً …) ، وبعد أن يتحقق الخوف عند القرد/النموذج ، يستدخل قرداً آخر ، ليدرس كيفية وحيثية التعلم عبر الإقتداء، 3 من 4 من الحالات تعلمت الخوف !! في الدراسات اللاحقة التي قامت بها “سوزان مينيكا” أثبتت أن هناك إختلاف جنسي واضح ، فالذكور يتعلمون عبر الإقتداء أكثر بكثير من الإناث ، وهذا كما هو معروف يشكك بنتائج الدراسة ككل (نظراً إلى أن إعادتها أوصل لنتائج مغيرة) !
- هل هناك أدلة إضافية/جديدة يمكن لها أن تؤكد هذا الشرح المختلف ؟
التجربة الأصلية إعتمدت على وجود عينتين ، تجريبية وضابطة ، وإن كانت إعادتها لاحقاً مع “مينيكا” وضّح مشكلة العينة الذكورية التي إستند إليها ستيفينسون .
- أي الإستنتاجات أكثر عقلانية ؟
قصة مفبركة دون أدلة ، فيها تجهيل للعلماء ومؤسسة البحث العلمي ، في مقابل تجربة أجراها عالم محدّد لدراسة أثر التشريط الكلاسيكي وكيفية التعلم عبر الإقتداء ! السؤال : هل تنطبق علينا أسس وتفاصيل التشريط الكلاسيكي للإنتقال من القرود إلى الإنسان فالشعب ؟!
أي الخبرين أكثر معقولية ؟!
*** *** ***
(2)
الخبر :
إنتشرت على المواقع الإخبارية صورة الأستاذ الجامعي سيدني إنغلبيرج عمره 45 عاماً. وحين بكى طفل حضر بصحبه أمه وهي إحدى الطالبات، لم ينزعج الأستاذ، ولم يطلب منها المغادرة رغم ان اصطحاب طفل بهذا العمر إلى المحاضرة غير مسموح، مافعله الأستاذ للطفل الباكي أن حمله وأكمل المحاضرة وهو يحمله. وبشهادة الطلاب لم يفت الأستاذ أي نقطة من الدرس، بل كان يتصرف وكأنه معتاد على الأمر. وقد بادر الأستاذ إلى حمل الطفل لأن الأم كانت تشعر بالحرج وتهم بمغادرة الصف.
ومن المعروف عن هذا الأستاذ أنه لا يمانع أن تحضر الأمهات محاضراته لدرجة الماجستير، بل يتركهن يطعمن أطفالهن ويرضعنهم ولا يحس بأي انزعاج. ففي رأيه لا ينبغي أن تُخير الأم بين الأمومة والتعليم.
وقد نال هذا الخبر على صفحة الفيسبوك التي سوّقته عربياً [صفحة بانوراما أف أم] (حتى لحظة كتابة هذا النص) 120 ألف نقرة إعجاب ، 5 آلاف تعليق ، 46 ألف مشاركة !
لماذا أقول سوّقته ، لأن الأستاذ (وعمره 67 سنة) “إسرائيلي” يعلّم في الجامعة العبرية في القدس المحتلة !
ولست بحاجة إلى أي تفكير/تفكيك نقدي …!
وهذا رابط لموقع السي أن أن (CNN).
*** *** ***
(3)
الخبر :
وفاة شاب بسبب أكله للبيض والموز ، حيث أنه أكل بيضة ثم أكل وراءها موزة وتوفي على الفور . وبعد الكشف عليه تبين أن البيض مع الموز يتحول في المعدة إلى سم قاتل يقتل الإنسان فوراً . لذلك لا تأكلوا البيض مع الموز لأنه يؤدي إلى الوفاة . لا تبخل على أحد بهذه المعلومة . أنشروها
الأسئلة الخمسة :
- ما هي المعلومة التي يقدمها الخبر ؟
أكل البيض والموز يسبب الوفاة !
- ما هي الأدلة التي تم إعتمادها للوصول إليه ؟
لا أدلة !
- هل يمكن شرح هذه الأدلة بشكل مختلف ؟
البحث ضمن المواقع الرقمية يشير إلى نتائج مختلفة ، على سبيل المثال يعتبر أحد هذه المواقع أن الفطور الصحي يتكون من البيض والموز !
- هل هناك أدلة إضافية/جديدة يمكن لها أن تؤكد هذا الشرح المختلف ؟
التجارب الشخصية ، إضافة إلى مكونات كل من البيض والموز التي لا تتعارض سوية (ناهيك عن أن تتحول إلى سم قاتل فوري !!) – كما يمكن سؤال ذوي الإختصاص .
- أي الإستنتاجات أكثر عقلانية ؟
ما هو رأيكم ؟!
*** *** ***
(4)
يمكن العودة إلى مقالة “محمد عبد الرحمن”في “جريدة الأخبار” حيث يتواجد خبر وتفكيكه ، كما أهمية التفكير النقدي.
*** *** *** *** *** *** *** *** ***
كما ذُكر سابقاً ، هي مهارة يمكن تعلّمها وتطبيقها على كل مسائل الحياة التافهة كما الجوهرية . وتطبيقها يتعلق بالتمرّن عليها ، ممارستها ، لتملّكها ، لتصبح مَلَكَة ! تصبح طَبْعاً …
فتصبح نابهاً !!
النباهة ليست ترفاً …
هي شرط وجودي …