ما هي الأنثروبولوجيا: معنى أن تكون إنساناً
ترجمة: نصر عبد الرحمن
تمهيد: صدر هذا المقال التعريفي حول أسئلة ومباحث واهتمامات الأنثروبولوجيا في اللحظة الراهنة على موقع Anthropology Report وهو موقع مستقل يصدر بالإنجليزية ويُعد بؤرة لتجميع معلومات عن مدونات الأنثروبولوجيا ودورياتها العلمية والكُتب ذات الصلة والأخبار الواردة من باحثي الأنثروبولوجيا. نرى في “قراءات” أن أهميته تكمن في إضافته – للقارئ المهتم – إضاءات وتصورات معاصرة لهذا الحقل المعرفي المتغير باستمرار. تمت الترجمة بقدر محدود من الحذف عن النص الأصلي.
الأنثروبولوجيا هي البحث في معنى كونك إنساناً، وتوثيق للحياة البشرية وإمكانياتها. السؤال الأساسي الذي يطرحه علماء الأنثروبولوجيا يتعلق بمعنى الحياة البشرية. وكما كتب ريك سالوتين في أغسطس/آب 2013، ربما حان وقت الأنثروبولوجيا: “دائماً ما أتلاقى مع علماء الأنثروبولوجيا الذين يساعدون على فهم الكيفية التي يعمل بها العالم اليوم أكثر من غيرهم من الخبراء، حتى في مجالات تخصصهم“.
الأنثروبولوجيا هي دراسة البشرية وأصلها: “فرع علمي يهدف إلى وصف ما يعنيه كونك بشرياً، على نحو مُستفيض“. (لافيندا& شولتز، الأنثروبولوجيا، 2012:5)
الأنثروبولوجيا تتطور
الأنثروبولوجيا تتطور! هناك تزايد في تخصصات الأنثروبولوجيا، وفي برامجها، وهناك تزايد في عدد علماء الأنثروبولوجيا على مستوى العالم.
وتفتخر الأنثروبولوجيا بمجموعة كبيرة ومتنوعة من المدونات. ويبحث أكثر من مليون شخص سنوياً على الإنترنت عن إجابة لسؤال ما هي الأنثروبولوجيا.
الأنثروبولوجيا والعلم والنظرة الكلية
تتضمن الأنثروبولوجيا دراسة التطور البشري، وعلم الرئيسيات primatology، والجوانب البيولوجية للبشر، وعلم الآثار، والمناهج approaches الاجتماعية/الثقافية، واللغة. وفي عام 1964، اعتمد إيريك وولف على ألفريد كروبير كي يضع تعريفاً للأنثروبولوجيا وجاء كالتالي: “أكثر تناول علمي للإنسانيات، وأكثر العلوم إنسانية“. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تنقسم الأنثروبولوجيا إلى أربعة مجالات هي الأنثروبولوجيا البيولوجية، علم الآثار، الأنثروبولوجيا الاجتماعية/الثقافية، الأنثروبولوجيا اللغوية.
للأنثروبولوجيا نظرة كلية، فهي تفحص العلاقات البينية والتكاملية لحياة الإنسان البيولوجية والثقافية، وتتبع نهجاً كلياً holistic وبيئياً ecological في التعامل مع الإنسان في علاقته التفاعلية مع البيئة المحيطة به، ومع الكائنات الأخرى التي تتواجد في حيزه. وتتجاوز الأنثروبولوجيا ثنائية الطبيعة والمجتمع، وثنائية البيولوجيا والثقافة؛ فتقدم نظرة متفردة ومتكاملة عن الحياة الإنسانية كعملية قائمة: لن نفهم البشرية من خلال دراسة طبيعة الأجناس أو الثقافة فقط، بل من خلال دراسة عملية “الحياة” ذاتها.
العمل الميداني لعلماء الأنثروبولوجيا
يركز علماء الأنثروبولوجيا على الدراسة الإمبريقية، فيقضون فترات طويلة في جمع المعلومات وفي العمل الإثنوجرافي الميداني Ethnographic fieldwork. إنهم لا يدرسون البشر فقط، بل يدرسون مع البشر؛ حيث يصبحون طلابا ومتعاونين مع من يدرسونهم. كما يسعى علماء الأنثروبولوجيا إلى فهم دلالات البيانات التي يقومون بجمعها، ويعتمدون على المهارات التفسيرية في تحليل وتقديم البيانات. كما استخدموا تقنيات رائدة في كشف القصص الخفية، مثل كتاب مايكل-رولف ترويلوت إسكات الماضي: السلطة وإنتاج التاريخ، الذي يفحص كيف توافرت قصص معينة من أجل كتابة التاريخ.
مستقبل الأنثروبولوجيا: انتقالات نحو “تجاوز الحدود الوطنية”
لطالما كانت الأنثروبولوجيا حقلاً معرفياً عالمياً، فكثير من مؤسسي هذا العلم البارزين كانوا من المهاجرين، وكانت رؤاهم الداخلية/الخارجية حاسمة في تحويل الأنثروبولوجيا إلى دراسة أكاديمية. كما يقوم علماء الأنثروبولوجيا بدراسات ميدانية في جميع أنحاء العالم، وهناك علماء مُدربون في كل دول العالم في الوقت الراهن. إلا أن هناك نزعات قومية قوية في الأنثروبولوجيا، والأنثروبولوجيا الأورو-أمريكية هي المهيمنة. وفي هذا السياق، كتب أندريه جينجريتش أن الأنثروبولوجيا الآن: “تمر بمرحلة فريدة من التحول“، ألا أنها “في وضع جيد نسبياً لتطوير إمكانياتها على مستوى “تجاوز الحدود الوطنية”، وهو أمر ضروري لمواكبة التحديات الراهنة والمستقبلية“.
تنشيط الأنثروبولوجيا
يعمل علماء الأنثروبولوجيا المعاصرون على بث الحياة في الاهتمامات الأساسية والنظرة الكلية للأنثروبولوجيا. ويمكن أن نرى هذا بوضوح من خلال تزايد مدونات الأنثروبولوجيا، حيث يتخطى العلماء العوائق التقليدية ويشكلون شبكة من المصالح المشتركة. بالإضافة إلى توفير المقالات والمعلومات عن موضوعات الأنثروبولوجيا.
الأنثروبولوجيا تصنع فارقاً
لا تقتصر الأنثروبولوجيا على كونها موضوع دراسة، وعدداً من الأسئلة، والأساليب البحثية، فهدفها هو إحداث تغيير للأفضل في العالم. يوثق علماء الأنثروبولوجيا كلاً من التقاليد والتغيرات. ولقد كتب فرانز بواس، أحد رواد الأنثروبولوجيا عام 1938: “يتم تحديد وجهة نظري من الحياة الاجتماعية اعتماداً على سؤال: كيف لنا أن ندرك الأغلال التي كبلتنا بها التقاليد؟ فعندما ندرك وجود الأغلال، سوف نتمكن من تحطيمها“.
الأنثروبولوجيا تحتاج إليك
في كتابها القوة الشرائية: الأطفال السود وثقافة المستهلك الأمريكي، تكتب باحثة الأنثروبولوجيا إليزابيث شين عن الأطفال التي قامت بدراستهم، وتعليقاتهم المتطورة عن العرق والطبقة الاجتماعية والتهميش، ووصفت تعليقاتهم بأنها“ثقوب صغيرة في ورقة كبيرة: لا تراها عن بُعد، ولكن إن نظرت إليها عن كثب، فسوف تراها بوضوح، وترى الموجود على الناحية الأخرى من الورقة أيضاً“. وتسمي شين هذه اللحظة “آفاق صغيرة تؤدي إلى فرص كبيرة، وهذه الآفاق الصغيرة هي مجال عمل علماء الأنثروبولوجيا منذ أمد طويل“. ومن ثم تستنتج شين “أن توسيع هذه الآفاق هو عملنا جميعاً“.
باحثو الأنثروبولوجيا يوفرون آفاق صغيرة تطل على احتمالات وإمكانات أخرى. لم لا تنضم إلى هذا الحقل المعرفي وتساهم فيه؟
المصدر الانجليزي: https://goo.gl/keOaJM
المصدر العربي: https://goo.gl/8j0XQw