إختصاراً ، هو حكمة الشعب ، كما يشير إليه المصطلح الإنكليزي (شعب = folk) و (حكمة = lore) ، وهو بالتأكيد يحتوي على خلاصة خبرة وتجربة الناس ، وهو بالتالي دليل للتصرف ، ألا يحوي العادات والأعراف ؟! وهو يحويها، كما يحوي الأمثال الشعبية ، التي تقول عن نفسها : ’’المثل نبي ما ترك شي إلا ما قالو‘‘…
إذن ، يحمل الفولكلور في داخله روح الشعب ، ويعبر عن ذائقته ، ويمارس تأثيره على سلوكيات الناس وتصرفاتهم ، هو قيمهم ، ومبادئهم ، وهفواتهم …
التراث ، أو بتعبير آخر المأثور الشعبي ، هو ما يقوم بدراسته علم الفولكلور . ومن خلال تصفح محتوياته (وحياتنا) سنرى ما الذي بقي منه فينا ؟ وما الذي نمارسه ونعيشه ويجري وفقاً لهديه ؟
الفولكلور هو عنوان ، نطل من خلاله على ماضينا ، ونستشرف من خلاله مستقبلنا . هو نافذة على حاضرنا ، من خلاله يمكن لنا أن نفهم ، وانطلاقاً منه ، يمكن لنا أن نتغيّر ، فنُغيّر ..!
الكلام عن التراث ، يحوي عبق حكايا الجدة ، و”كانون” الفحم والكستناء المشوية ، ويحوي عنفوان الدبكة ، وأهازيج الفرح ، وأناشيد القوة والثبات …
التراث ، يحمل في جعبته حقيقتنا وهويتنا ، ومن خلاله ، نقدر أن نميط اللثام قليلاً قليلاً ، لنتعرف على ذاتنا ، قوية ، منفتحة ، ممتلئة بقيم وأخلاقيات ، ولا تنتظر منا .. سوى وعيها وإدراكها ! وكما نقول دوماً ، كباحثين في ميدان الأنثروبولوجيا والفولكلور ، أن معرفة الذات لا يمكن أن تكتمل دون مقاربتها ومقارنتها بالآخر ، تراثاً وهوية وقيماً وعادات …
وهذا ما نطمح إليه من خلال الإطلالة على تراثنا ، إذ يمكن لنا أن نتملّى فيما نتقارب فيه ونتلاقى مع محيطنا العربي والإنساني ، وما نختلف فيه ، فنتميّز … ليس الإختلاف بإشكال ، ولا يشكل لدينا أرقاً ، بل هو غنى ورحمة ، «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» ، وهذا ما نسعى إليه ، أن نعرف الآخر ، فنعرف الذات ، وأن نملك عندها الإحترام ..
إذ لا يمكن لشعب لا يحترم ثقافته وتراثه أن يحقق أي نجاح !
وعبر هذا الفهم ، وهذا الإحترام ، يمكن لنا إنجاز الكامن ، وتحقيق الكثير …