كتاب “حجب رواية الإسلام: بلاغة التمثّل الأنثروبولوجي”

تتنوّع اهتمامات الأنثروبولوجي والباحث الأميركي دانيل مارتن فاريسكو (1951) بين دراسة الحضارة الإسلامية وابتكاراتها العلمية، وتاريخ الاستشراق، وبين التنمية والفضاء السيبراني، إلى جانب مقالاته حول الزراعة والمياه في اليمن بحكم عمله باحثاً في مجال البيئة هناك لعدّة أعوام.

كما انكبّ منذ مرحلة مبكّرة على دراسة المخطوطات العربية في دار الكتب بالقاهرة، ومكتبة المسجد الكبير في صنعاء، ومكتبة توبكابي بإسطنبول، ومكتبة قطر الوطنية، مركّزاً على تاريخ الزراعة والفلك والطب في التاريخ الإسلامي، وكذلك على نقد الدراسات الاستشراقية في تناولها الخطاب الديني في الإسلام، ووضع عدّة مؤلفات، منها “قراءة الاستشراق”، و”علم الفلك والزراعة في العصور الوسطى في شبه الجزيرة العربية واليمن”.

في عام 2005، نشَر فاريسكو كتابه “حجب رواية الإسلام: بلاغة التمثّل الأنثروبولوجي” والذي صدرت نسخته العربية حديثاً عن “دار المأمون” في بغداد بترجمة هناء خليف غني، ويتناول قضايا عديدة منها الإسلام كظاهرة ثقافية، وتمثّلات الآخَر، وأدوار الجنوسة المسلمة، وسياسية السلطة الإثنوغرافية، والخطاب الاستشراقي، في مساهمةٍ منه بتفعيل النقاش بشأن التحديات التي تواجهها أنثروبولوجيا الإسلام في القرن الحادي والعشرين.

يعالج الكتاب أربعة من النصوص الأساسية المقروءة والمعروفة في خارج حقل الأنثروبولوجيا، ويعود إثنان من هذه النصوص إلى أنثربولوجيِّيَن غربيّيَن هما الأميركي كليفورد غيرتز (1926 – 2006) في كتابه “ملاحظة الإسلام: التطوّرات الدينية في المغرب وإندونيسيا” (1968)، والبريطاني إرنست غيلنر (1929 – 1995) في كتابه “المجتمع الإسلامي، وإثنان من الشرق هما المغربية فاطمة المرنيسي (1940 – 2015) في كتابها “ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية”، والباكستاني أكبر أحمد (1943) في كتابه “اكتشاف الإسلام”.

يشير تقديم المترجمة إلى أن فاريسكو يجادل بأنّ “كلّاً من المرنيسي وأحمد قد تعامل مع الإسلام بوصفه وحدة عضوية متأصّلة بدلاً من ترك ’صيغ الإسلام المتعدّدة’ التي وجداها في الحقل تتحدّث عن تنوّع الممارسة”، وأن “هذه الحقائق النصية التي قُدّمت (…) قد وجدت طريقها بلا مراجعة ولا تمحيص إلى مجموعة هائلة من الدراسات البحثية والنصوص المنهجية”.

ويبيّن التقديم أيضاً بأن المؤلّف يذهب في تحليله إلى “ما هو أبعد من الخطاب السائد بشأن الإسلام، ليشتبك مع المعلومات المتوفّرة في الدراسات الإثنوغرافية بشأن ما يقول المسلمون أنهم يفعلونه وما يُلاحظ عليهم في الواقع”.