لتحميل الكتاب أنقر فوق صورة الغلاف أو أنقر هنا
إذا واجهت مشكلة في تحميل الكتاب أنقر هنا
الكتاب :اللغة الصامتة
المؤلف :إدوارد تي هول
الناشر :الأهلية للنشر و التوزيع
الطبعة: الأولى، 2007
عدد الصفحات :280
يوضح الكتاب كيف تؤثر العوامل الثقافية فى الفرد بطريقة خفية ودون أن يدرى
في عالم هذه الفوضى الحياتية وفوضتنا القرائية والكتابية يبرز هذا الكتاب كمُرشد متخصص يرتفع بنا عالياً لنرى مكونات الحياة بين أيدينا على حقيقتها، ثم يرسم لنا طيف واسع نبصر فيه أدق التفاصيل التي نعيشها. وكيف نعيشها؟. لقد بعث فيّ هذا الكتاب بعيداً عن كتب تطوير الذات السامجة ، رؤية ثاقبة
لتحديد معنى الثقافة. هل تذكرون كم هي المرات التي أرادنا البعض أن نصفهم بأنهم مثقفون؟ والمرات التي رأى البعض أنه يملك السلاح السري لمعنى كلمة الثقافة ويخفى علينا الأخرين ؟. كل هؤلاء إذا لم يقرأوا هذا الكتاب فإنهم في تشدق لا أكثر. وأعتقد في البداية أنه من الواجب على كل شخص يبحث في النفس البشرية والسلوك والأفكار والأنماط والاتصال واللغة والتعلم والكثير مما تتكون منه الثقافة أن يقرأ هذا الكتاب. وأعتقد أيضاً أنه يجب الا تخلو مكتبة صغيرة أو كبيرة منه. لقد رتب لي أفكاري ورحتُ اُلملم شتات بعثرات فكري وملاحظاتي في ظل تحليل وتصنيف مبدع لا مثيل له. ثم أرجوا ممن يقرأ هذا الكتاب ويقع على مثيل له أن يخبرني متى ما كان هذا.اللغة الصامتة هي الثقافة، إنها الثقافة المُكَونة على مد عصور لكل بلد ولكل عائلة ولكل فرد. إنها تلك الممارسات التي يقوم بها المجتمع مع بعضه دون أن يحددها مُحَدد، ولكنها هكذا تطورت بتفاعلاتها مع الزمان والمكان والاتصال مع الأخر. ص39 ” الثقافة ليست فكرة غريبة تُدرس من قِبل مجموعة مختارة من علماء الانسان في البحار الجنوبية. إنها قالب جميعنا مسكوبون فيه، وهي تسيطر على حياتنا في عدة طرق لا يراودنا شعور بوجودها “. فالنظر إلى الثقافة كحالة يمكن أن تُفرغ وتُدرس ويُعاد مفهومها مرى اخرى أمر مستحيل. فالثقافة هي نتاج تراكمات تعاطي الانسان منذ الأزل مع ما حوله ومع مفاهيمه عما حوله. إن محاولة الكاتب تحديد الثقافة بهذه الشمولية يتحقق حينما ننظر إلى الصراعات على كافة مستوياتها الشخصية أو العائلية أو على مستوى أكبر ، ففي كل مرة تستجلب الصراعات معها ثقافتها العتيدة لتحديد كفة الربح في النزال. وعن مفاهيم الثقافة أيضاً ص 237 ” هي نظرية يثبت في النهاية أنها وثيقة الصلة بالإهتمامات الشخصية الأكثر عمقاً. إنها تمس تلك القضايا الخاصة جداً لدرجة أنه يتم تجاهلها غالباً في ذات اللحظة التي يبدأ الناس بإدراك معانيها الضمنية”. ثم يأتي سؤال هل الثقافة يتم تعلمها أم تكتسب ؟ . يجيب الكاتب في ص 49 ” القسم الأكبر من الثقافة يُكتَسب ولذلك لا يمكن أن يتم تعليمه ” ثم يضيف أن حضور اللغة صبغ الثقافة بصبغة التعلم فبات أنه يمكن تعلم جزء معين من الثقافة عبر اللغة. فاللغة هي أحد أهم أنظمة التراسل الأولية حين الحديث عن مفردات الثقافة، ثم تأتي الأنظمة الاخرى التي يعبر عنها بأشكال تواصل غير لغوية. ومرة اخرى في صفحات متقدمة حين يتحدث عن مفردات الثقافة يرى أن الثقافة سلوك مكتسب ومشترك في ذات الوقت. هذه المعاني ومحاولات تعيين معنى للثقافة تُدرك بشكل تام عن قراءة كافة فصول هذا الكتاب، حيث يستغرق المؤلف في حلحلة أصول الثقافة عبر فصول الكتاب مع أمثلة موفقة جداً لتوضيح ما يُشكل.وحتى ندرك مفردات الثقافة يذهب الكاتب نحو التنظير والتصنيف فيعددها كما يلي : 1- التفاعل. ” وهو العنصر الذي يحتوي اللغة”. 2- الاتحاد. 3- موارد الإعاشة. 4- ثنائية الجنس. 5- الإقليمية. 6- الزمنية. 7- التعلُّم. 8- اللعب. 9- الدفاع. 10- الانتفاع ( استخدام المواد). بقيت هذه الكلمات مجردة أمامي وغير مفهمومة ولكن في الصفحات التالية حين راح يشرح معنى هذه الأنشطة البشرية المنفصلة أو ما أطلق عليه ” أنظمة التراسل الأولية” فهمت جيداً ما الذي يعنيه، وهو يستمر طوال الكتاب في الحديث عن هذه الأنظمة وترابطها بغيرها من نظرياته عن الثقافة. فيتوصل أحياناً لمعاني نتشارك فيها على الرغم أنه يتحدث عن مجتمعه الامريكي ، ولكنه حين ضرْب الأمثلة كثيراً ما استشهد باليابانيين وبالعرب وبسكان أمريكا اللاتينية وأقليات أخرى من الهنود. فمثلا في حالة التعلم يخرج بهذا الاستنتاج ص65 ” وحقيقة أن معظم أطفالنا يكرهون المدارس ، أو ينهون مدارسهم وهم غير مثقفين تبيّن أنه ما زال لدينا الكثير لنتعلمه عن التعلّم كعملية “. في نظام الدفاع مثلاً ، يرى الكاتب أن البشر طور تقنيات الدفاع بعيداً عن فكرة الحرب، فالدين والطب والقانون هي وسائل دفاعية بارعة قام بها البشر ص 71 ” يهتم الدين بمنع أخطار الطبيعة والأخطار الموجودة داخل الفرد، وتطور مؤسسات تنفيذ القانون لتتعامل مع المخالفين للقانون ضد المجتمع، والجيوش تُستخدم ضد مجتمعات اخرى، وكذلك الطب، فهو يدافع عن خير الجماعات وكذلك الأفراد ضد المرض”.
النظرية التالية هي النظرية التي يعالجها طوال الكتاب أيضاً وهي مقبولة حسب التحليل الدقيق لها وهي نظرية ” الثلاثي الرئيس”. فهو يرى أن تعاطينا مع حاجتنا في الحياة وتفاعلاتنا مع كل ما حولنا تتنظم في ثلاثة أشكال ” الفعل الرسمي” و ” الفعل غير الرسمي ” و ” الفعل التقني” مع إبدال مفردة “الفعل” بالنشاط المطلوب دراسته. وتبسيط مفهوم هذا الثلاثي اختصرُهُ؛ بأن هناك معاملة رسمية بإعتبارات مؤسسية مثلاً أو حتى عرفية، وهناك تعاملات غير رسمية تنشأ بين أفراد الثقافة الواحدة ومعترف بها وربما تؤدي نتائج أهم وأقوى من التعاملات الرسمية، أما التعامل التقني فهو الكيفية التقنية المثبتة والمدونة لفعل أمر ما، مثل كيفية صناعة ثلاجة أو الوصول إلى مكان عبر خريطة فهناك تعليمات تقنية على الفرد أن يلتزم بها تماماً فهي طريقة واضحة وملتزم بها. محاولتي البسيطة هذه للتوضيح لربما لا ترقى إلى ما ناقشه الكاتب بشكل بارع جداً، وسيجد القارئ متعة لا توصف حين يقارن بين فعل واحد على هذه المستويات الثلاثة، فهو يضرب بالتعلم والإدراك والوجدان أمثلة على فهم ” الثلاثي الرئيس”. في فقرة الإدراك غير الرسمي مثلاً يقول ص 96 : ” إن غياب الإدراك في النشاط غير الرسمي يسمح بدرجة عالية للمحاكاة. إن لحظة تفكير متأملة ستُظهر أن في السير أو في قيادة السيارة يميل إدراك العملية لأن يكون عائقاً لأداء سلس؛ وبشكل مماثل، فإن الإدراك الكبير لعملية الكتابة أو الكلام يمكن أن يعترض طريق ما يحاول المرء أن يقوله. لذلك، فإن الإدراك غير الرسمي مكوّن من نشاطات أو طرق مميزة تعلمناها في وقت ما ولكنها إلى حد كبير جزء من حياتنا اليومية حيث يتم القيام بها آلياً. وتتم إعاقتها غالبا عندما نبدأ في التفكير فيها “. اخترت هذه المثال التنظيري ليوازي ممارسة أعايشها فأنا حين افكر بشكل كبير عند قراءتي لسورة الفاتحة في الصلاة أخطأ فيها. إليك هذا المثال التنظيري في حالة الوجدان التقني ص 101 ” الأم التي تُستَفز من طفل يمكن أن تجد نفسها تستخدم اسم الطفل الكامل وهي تناديه للتوبيخ. ويعرف الطفل حالاً أنه تخطى الحد وأن الأم جادة لأنها تصبح تقنية. إن الرسمي والتقني هو ما يلجأ إليه الناس عندما يفشل كل شيء آخر”. لربما تتضح لديك المعاني بشكل أكبر وتلج لفهم نظرية الثلاثي الرئيس عند القراءة الكاملة لهذا الفصل.