لتحميل الكتاب أنقر فوق صورة الغلاف أو أنقر هنا
كتاب الأنثروبولوجيا الاقتصادية: التاريخ والإثنوغرافيا والنقد
تأليف: كريس هان وكيث هارت
تعود فكرة تأليف كتاب الأنثروبولوجيا الاقتصادية: التاريخ والإثنوغرافيا والنقد،للمؤلفيْن كريس هان وكيث هارت، الذي أصدره باللغة العربية المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بترجمة لعبد الله فاضل، إلى ورقة بحثية مُعمَّقة وضعها المؤلفان، عام 2006، بشأن وضْع الأنثروبولوجيا الاقتصادية، مركِّزيْن على أفكار كارل بولاني. لكنّ الأزمة الاقتصادية العالمية التي حصلت عام 2008 دفعتهما إلى تحويل تلك الورقة إلى كتاب يجمع بين عرضٍ تاريخيٍّ للأنثروبولوجيا الاقتصادية ونظرة إلى تاريخ العالم، مع تبيين ما يجعل من ذلك العرض أكثر من كونه دراسةً موسَّعةً، كما هو مُعتاد، تبيينًا وافيًا.
وقد بدأت الأنثروبولوجيا الاقتصادية في القرن التاسع عشر على أنها العلم المختص بدراسة السلوك الاقتصادي للإنسان البدائي، ثم تطور هذا العلم في القرن العشرين، ليربط مكتشفات النيوكلاسيكية الاقتصادية بنتائج دراسة المجتمعات البدائية، وبدراسة فلاحي العالم والقبائل أيضًا.
يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة “ترجمان” التي تشرف عليها وحدة ترجمة الكتب في المركزن ويضم تسعة فصول، يمثِّل الفصل الأول منها “مدخل: الأنثروبولوجيا الاقتصادية” خريطةً للكتاب وتعريفًا بالمنهج المستعمل فيه. أمَّا الفصل الثاني “الاقتصاد من العالم القديم إلى عصر الإنترنت”، فيجري فيه تتبُّع لتاريخ فكرة الاقتصاد من جذورها، في حوض البحر الأبيض المتوسط القديم، إلى العالم المعاصر الذي تجري فيه نسبة كبيرة من المعاملات الاقتصادية عبر الإنترنت.
ويتناول الفصل الثالث “صعود علم الاقتصاد الحديث والأنثروبولوجيا” قصة الأنثروبولوجيا الاقتصادية منذ سبعينيات القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية؛ وهي أعوام تركيز الثورة البيروقراطية السلطةَ في أيدي الدول القوية واحتكار الشركات، وفي هذه المرحلة لم يكن لعلم الاقتصاد ولا للأنثروبولوجيا كثير من التأثير العامّ. ويتناول الفصل الرابع “عصر الأنثروبولوجيا الاقتصادية الذهبي” المرحلة الثانية من تطور الأنثروبولوجيا الاقتصادية بوصفها عِلمًا مستقلًّا؛ وهي مرحلة الخمسينيات والستينيات التي كانت فيها الحرب الباردة في أوجها، والمرحلة التي شهدت صعود عِلم الاقتصاد إلى المكانة المهمّة التي يحظى بها اليوم، وقد حافظ علماء الأنثروبولوجيا الاقتصادية في هذه المرحلة على نقاشٍ حيويٍّ في ما بينهم.
أمَّا الفصل الخامس “ما بعد السجال الشكلاني – الجوهراني”، فهو يُعنى بالتيارات الرئيسة في العقود التالية، عندما تبارت عدَّة مقاربات نظرية من أجل النفوذ، في ميدان زاد انقسامه على انقسام التيار السائد في الأنثروبولوجيا. ويمكن النظر إلى المقاربات الماركسية الجديدة والنسوية التي ازدهرت في السبعينيات من القرن الماضي على أنها سَيْرٌ بعصر الأنثروبولوجيا الاقتصادية الذهبي نحو قمّته.
وفي النصف الثاني من الكتاب، تُتناول ثلاث قضايا تُعَدُّ مركزيةً في الأنثروبولوجيا الاقتصادية؛ وهي التنمية، والاشتراكية، والرأسمالية. وفي فصله السادس “التطور المتفاوت”، يدرس المؤلفان التطور المتفاوت في عالم منقسمٍ بين مناطق غنية وأخرى فقيرة. ويقدِّم الفصل السابع “البديل الاشتراكي” منظورًا أنثروبولوجيًّا نقديًّا للصين اليوم، وللمجتمعات الاشتراكية قبل نهاية الحرب الباردة وبعدها. في حين يركِّز الفصل “الثامن رأسمالية العالم الواحد” على أهمّ تطور شهدته الأنثروبولوجيا الاقتصادية في العقود الأخيرة، وهو الرغبة في دراسة الرأسمالية في أوطانها الغربية وفي العالم عمومًا. ويُختتم الفصل بإشارة موجزة إلى الأوضاع التاريخية التي جرى فيها تأليف هذا الكتاب؛ وهي الأزمة الاقتصادية التي أحدثها الانهيار المالي عام 2008.
وفي الفصل الأخير؛ وهو الفصل التاسع “إلى أين نمضي؟” يلخِّص المؤلفان فكرةً متمثِّلة بأنّ كيفيّة مراجعتهما لتاريخ الأنثروبولوجيا الاقتصادية يمكن أن تُضيء مستقبل الأنثروبولوجيا نفسه.
يهدف هذا الكتاب إلى تقريب علم الاقتصاد من الأنثروبولوجيا، ولا سيما أنّ الأنثروبولوجيا الاقتصادية شديدة الصلة بالنظرية الاجتماعية الحديثة، خصوصًا إذا تعلّق الأمر بأفكار ماركس، وفيبر، ودوركهايم. ولا شكَّ في أنّ هذا العرض لتاريخ الأنثروبولوجيا الاقتصادية يُعَدُّ مساهمةً مهمةً في فهم الحياة الاقتصادية التي تضطرب بالأزمات.
وينبغي أن نشير إلى أنّ لمؤلفي الكتاب علاقةً وثيقةً بالأنثروبولوجيا؛ فكريس هان الويلزي، المولود عام 1953، حاصل على الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الاجتماعية، وسبق له أن عمل مديرًا لمعهد ماكس بلانك في ألمانيا، وقد ركَّز اهتمامه العلمي في أوروبا الشرقية أثناء الحقبة الشيوعية، وفي مناطق من آسيا، وبخاصة الجماعات الناطقة بالتركية. أمّا كيث هارت؛ فهو إنكليزي، من مواليد عام 1943، وقد عمل أستاذًا للأنثروبولوجيا في عدَّة جامعات، وتخصَّص بالجماعات ذات الأصول الأفريقية، ثم انتقل إلى دراسة المجتمعات التي تختلف ثقافتها عن ثقافة المجتمعات الأوروبية.