عبد الله حمودي: الكتابة بالعربية شرط ضروري لتأسيس علوم مستقلة منطلقة من الذات
قدم عبد الله حمودي، المفكر وعالم الأنثروبوجيا المغربي، مرافعة قوية دافع فيها عن اللغة العربية باعتبارها لغة للعلوم، وقال إنه يجب على من سمّاهم “محتقري العلوم العربية والإسلامية”، أن يعرفوا “أنه كان هناك صرح معرفي عربي قوي”.
طالب عبد الله حمودي، في الدرس الافتتاحي لشعبة علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس في الرباط، الذي ألقاء اليوم الأربعاء، حول “العلوم الاجتماعية وسؤال الاقتباس والتوطين”، طالب بضرورة إنتاج رصيد كاف في مجال العلوم الاجتماعية باللغة العربية، مؤكدًا أن هذا الأمر يمثل “شرطًا ضروريًا لتأسيس علوم مستقلة منطلقة من الذات”.
أضاف عالم الأنتروبولوجيا المغربي أن علماء الاجتماع “عليهم اليوم الرجوع إلى مدونات الفقه والنوازل عند المسلمين للإطلاع على الصرح المعرفي المؤسس لهذه العلوم، إذا أردنا إحداث انطلاقة جديدة”.
وسجل المفكر المغربي في المحاضرة التي عرفت حضور جمهور غفير من الأساتذة والطلبة الباحثين في العلوم الاجتماعية، بأن هناك عددًا من المفكرين العرب الذين تميّزوا في العلوم الاجتماعية، مثل الباحث وعالم الاجتماع المغربي، عبد الكبير الخطيبي، وقال: “لكنهم لم يصوغوا ذلك بالعربية”، وذلك في أشبه ما يكون بعتاب منه لهؤلاء المفكرين.
زاد حمودي مبينًا أن “عدم تغذية الرصيد العلمي باللغة العربية” يمثل عائقًا في سبيل “جعل العربية لغة علم وتأسيس علوم اجتماعية عربية”، ولفت المحاضر إلى أنه على الرغم من أن الرائج في العالم هو أن “الإنجليزية هي لغة العولمة، فإنني وجدت أن هناك فائدة للكتابة بالعربية أكثر. ومن يدافع عن الانجليزية اليوم، ويبدع فيها، فعليه أن ينقل كل شيء إلى الصينية غدًا، وهكذا سيظل دائم التحول من دون التأسيس لشيء”، على حد تعبيره.
مضى الأنتروبولوجي المغربي متحدثًا عن تجربته الخاصة في الكتابة والتأليف في مجال تخصصه، حيث قال: “أمضيت سنوات طويلة في القراءة بالألمانية والإنجليزية ولغات أخرى، من أجل الخروج بخلاصات لتوفيرها باللغة العربية”، مشددًا على أن هذا الأمر يمثل بالنسبة إليه “المشروع الحقيقي”، وأضاف “أن تكتب وأنت متميز لا يعني أن تستورد الانتروبولوجيا من أميركا أو فرنسا فقط”.
وأشار حمودي في محاضرته إلى أن نزع الاستعمار عن المعارف “كان ضروريًا لنزع تبعيتها وبناء السيادة المعرفية، لكن أولوية الأولويات التي ظهرت هي أولوية المنهج”، مبرزًا أن “التطور لم يحدث، لأن السؤال بقي سؤالًا، ولم يتحول إلى منهج”، لافتًا إلى ضرورة إعادة بناء العلوم “خارج التبعية يكون عن طريق تجربة الانتروبولوجيا”، التي عدّها المدخل الأساس الذي تجري من خلاله عملية “تجديد مختلف العلوم الأخرى”.
تجدر الإشارة إلى أن حمودي يعدّ من أشهر العلماء المغاربة والعرب، الذين تميّزوا في هذا التخصص، إذ حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا، قبل أن يعود أستاذًا جامعيًا في جامعة محمد الخامس في الرباط، ثم أستاذًا في جامعات أميركية عدة، من أبرزها جامعة برنستون الشهيرة، وسهر حمودي على إعداد جملة من البحوث والدراسات المهمة، بدول المشرق العربي ومنطقة شمال أفريقيا، وألف مجموعة من الكتب التي ترجمت للغات أجنبية عدة، يبقى من أشهرها “الشيخ والمريد.. النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة”، و”الرهان الثقافي وهم القطيعة”، و”حكاية حج”.
المصدر: إيلاف المغرب https://goo.gl/nV58zB