دراسة فرانز بواس عن الإسكيمو في جزيرة بافن


ذتمت من خلال الفترة من أغسطس 1883م وحتى أغسطس 1884م بتمويل من إحدى الصحف الألمانية على أساس أن يوافيها بواس بمقالات عن رحلته ، وكان هدف الدراسة كما حدده بواس هو(( التعرف على مدى ارتباط هجرات الاسكيمو الحاليين بالطبيعة الفيزيقية للأرض وتضاريسها)) وبمعنى آخر العلاقة بين لإدراك الإسكيمو لجغرافية الموطن الذي يعيشون في نطاقه وبين أنماط تحركهم عبر هذا الوطن ، وقد نشر ستوكنج في دراسة له عام 1965م عن بواس نصوصا من رسائل له سابقة له عن قيامه بالرحلة وورد في إحداها هذه العبارات التي تعبر عن خطته في البحث ((سوف تدور الدراسة العامة حول معرفة السكان بالجغرافيا المحلية ثم تتلوها دراسة سيكولوجية حول أسباب عدم إنتسارهم وهي التي ستمثل نقطة البدء في معالجة العديد من التساؤلات السيكوفيزيقية وبالطبع سوف أحقق بعد هده الرحلة كثيرا من الأهداف كرسم الخرائط الجغرافية وجمع العينات النباتية والحيوانية وإجراء البحوث الإثنوجرافية والأنثروبولوجية وغير ذلك ولكني سأضع دائما نصب عيني الهدف الرئيسي من الدراسة الصيد وبناء المساكن والانتقال والتجارة والأساليب التكنولوجية وكذلك الحياة الاجتماعية والدينية والفولكلور وقد استعان به مارسال موس في دراسته عن التغيرات الفصلية وتأثيراتها على حياة الإسكيمو ، ويذكر بواس أنه قام قبل رحلته إلى بافينلاند بدراسة المؤلفات التي كتبت عن المنطقة ،وكذلك لغة الأهالي حتى يتحدث معهم دون مترجم، وقد ألحق بنهاية كتابه قائمة تحتوي على الكلمات المكتوبة بلغة الإسكيمو ومعناها بالإنجليزية ـ ويشير أيضا إلى أنه زار كل المستوطنات الموجودة في منطقة البحث ، واختلط بالأهالي ملاحظا كل مايتصل بحياتهم الاجتماعية ، كما استفاد من وجود كبار السن في التعرف على النواحي التاريخية ، وتحدث أيضا عن الصعاب التي واجهته وخاصة بالنسبة للبرودة الشديدة التي كانت تصل إلى 45 درجة مئوية تحت الصفر ، وفي عمليات الانتقال من مكان لآخر وفي توفير المواد الغذائية.
وإذا كان الهدف الأصلي من الدراسة ذا طابع جغرافي فإن إحدى النتائج الهامة لها قد تحققت وهي زيادة اقتراب فرانز بواس من معنى الثقافة بمعيشة بين الإسكيمو ،وملاحظته مدى تفوق العوامل الثقافية على العوامل البيئية في تشكيل أسلوب حياتهم، وقد كتب بواس بعد ذلك ما يشير إلى هذا التحول (( إذا كنت في كتاباتي المتأخرة لا أركز على الظروف الجغرافية فإن السبب في ذلك يرجع إلى الاعتقاد المبالغ فيه حول أهمية المحددات الجغرافية والذي بدأت به رحلتي عام 1883ــ 1884م ، ثم زوال الوهم الذي كان مسيطر علي حول اعتبارها عناصر خلاقة في الحياة الثقافية )) وهكذا كانت الدراسة الحقلية الأولى عاملا حاسما في تحديد مجرى الحياة العملية لفرانز بواس طوال حياته .