الهُوية هي ما يحدّد الأنا بافتراقه عن الهو، الهُوية الجندرية هي وضع الجندر كمحدّد أساسي للهُوية، الهُوية الثقافية بهذا المعنى هي وضع الثقافة “الخصوصية – المحلية” كمحدّد للأنا، كما وضع حدود بينها وبين الآخر، كثقافة!
أن نعي ذاتنا كأعضاء ثقافيين، بما يؤسس له هذا الوعي من قبول لحقيقة أن الثقافة ليست موضوعًا خارجيًا، بل هي في ذات كل منا، هي تشكّلنا، تحدّد لنا إطار الوعي، والنموذج الإرشادي [paradigm] الذي نفهم الحياة من خلاله.
المفكر الإسباني “خوسيه أورتيغا إي غاسيت” [José Ortega y Gasset] شدّد على إدراك السياق الذي نتواجد فيه، لكي نخرج من دائرة الهوية الضيقة إلى رحاب الإنسانية.
هذا السياق الذي يحدّد وعينا ولاوعينا، ويؤسس لرؤية ثنائية بين نحن/هم، إلا أن قدرتنا على اجتيازه فتخطّيه مرتبطة بوعينا له، بقدرتنا على تأمل متغيراته، وتثاقفاته، جذوره ومآلاته!
هي ليست مسألة بسيطة، لكنها ليست مستحيلة، وتحتاج إلى صبر، ومعرفة، وحسن طويّة!
يمكن تبسيط مفهوم الهوية الثقافية إلى التالي، نحن هكذا لأن من تربّينا بينهم شكّلونا على هذا النحو، فمنهم استلهمنا فاستدخلنا ما يحمل أهمية حياتية لنا (كجماعة).
نحن كأفراد تشكّلنا من حوادث في الزمن والبيولوجيا والتاريخ، بطرق فريدة لكل واحد منا! لذا تعتبر الأصول الثقافية لكل منا مهمة جدًا في فهم الإرهاصات الأولى التي شكلته.
لكن هنا تحديدًا، يصعب حصر هذه الأصول، كما حصر نقائها! فعملية التثاقف مستمرة مذّ وجدت ثقافتان، وهذا التثاقف عدّل و/أو ألغى جزءًا (قليلًا/كبيرًا) منها.
يعتبر “تشارلز تايلور” [Charles Taylor] أن تمييز الآخرين لنا هو حاجة إنسانية أساسية، وإشباع هذه الحاجة ضروري في تشكيل الهوية الفردية، للحصول على الاحترام والثقة بالنفس وتقدير الذات كعضو مشارك في المجتمع المحلي.
الخلاصة الأولى، أنا أصبحت أنا لأنني صنيعة الآخرين!
الخلاصة الثانية، أنا لست جزيرة معزولة، بل جزء من جماعة، ولا يمكن تخطّي الانتماء الأضيق، إلا بالانتماء لجماعة أوسع!
الخلاصة الثالثة، حديث الهُويّة طويل…
ملاحظة: نشرتها مسبقًا على مدونتي..