القضية الأنثربولوجية عند عبد الله حمودي:
قراءة نقدية في راهن ورهانات الأنثروبولوجيا العربية من خلال كتاب: المسافة والتحليل في صياغة أنثروبولوجيا عربية*
The Anthropological Issue for Abdellah Hammoudi:
Critical Reading of Current and Potential Issues in Arab Anthropology based on Hammoudi’s Book: Convergence and Analysis towards the Elaboration of an Arab Anthropology
المهدي لحمامد**
صدر عن دار توبقال للنشر في الدار البيضاء مطلع هذه السنة كتاب عبد الله حمودي الموسوم بـ “المسافة والتحليل في صياغة أنثربولوجيا عربية”، والكتاب يتكون من خمسة فصول مأخوذة من بحوث، محاضرات وحوارات ألقاها حمودي وأخرى نشرها في تواريخ ومواضع متباينة. وبالإضافة إلى مقدمة للمؤلف ونصين ألقاهما بجامعة محمد الخامس في الرباط؛ الأول تحت عنوان “في إعادة صياغة الأنثروبولوجيا” والثاني تحت عنوان “العلوم الاجتماعية بين الاقتباس والتوطين: الأنثروبولوجيا وعلوم أخرى”، ضمّ الكتاب عرضًا موجزًا من خمس صفحات قدّم فيه حمودي العلاقة التي جمعته شخصيا وفكريًّا بكليفورد غيرتز رائد الأنثروبولوجيا التأويلية، كما اشتمل الكتاب أيضًا على حوار مترجم مع عبد الله حمودي نُشر تحت عنوان “المسافة الضرورية لعالم الاجتماع”، وبحث مترجم تحت عنوان “الداخلي والخارجي في التنظير للظاهرة القبلية” أتى على جزءٍ كبير من الكتاب (52 صفحة) البالغ مجموع صفحاته 156 صفحة.
لا تريد هذه المحاولة مناقشةً، عرضًا أو مراجعة لهذا الكتاب بالمعنى المعياري للكلمة وإن كانت تعتمد كل هذا، وإنما تروم موضعة الكتاب ضمن المشروع الأنثروبولوجي العام لعبد الله حمودي بمتابعة أحيانا جانبية (وربما مرتبكة) لأطوار النقاشات التي دارت وتدور حول الكتاب، وهي متابعة تنطلق في جزء كبير منها من مقدمة الكتاب التي نعتقد أنها تمثل “الاسمنت المسلح” لمجموع مضامينه، وتحاول هذه القراءة في مستويات معينة أن تفتح الكتاب على تخوم ونقاشات أخرى من خارجه.
إن المتتبع للمُنجز الأنثروبولوجي البحثي لعبد الله حمودي الممتد لما يناهز أربعين سنة قد لا يجد كبيرَ أهمية لهذا الكتاب بالنظر إلى ما سبقه من أعمال تأسيسية أصدرها الكاتب في سنوات متفرقة أهمها كتابه المعروف “الشيخ والمريد: النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية” الذي صدر في طبعته الخامسة، وتعرض فيه لإشكالية ظلت تخامره منذ السبعينات، وتتعلق بتلك “البنية المارقة العصيّة عن التحليل والتحلل” التي تعتمل ثقافيا في أدق تفاصيل البنى الرمزية وتشرعن التحكم السلطوي الذي تعيشه المجتمعات العربية من المحيط إلى الخليج، وهي الخطاطة التي لا يزال مقتنعا كما يبدو بجدواها ونجاعتها التحليلية . لكن قبل ذلك كانت تجربته في كتاب “الضحية وأقنعتها” فريدة جدا حدّ تأثيرها في كل كتاباته، خصوصا الكتاب الذي صدر لاحقا عن “موسم في مكة”، هذا بالإضافة إلى دراسات وأعمال ميدانية سابقة كثيرة في المغرب بواحات ورزازات وبوادي درعة ومنطقة الشياظمة حول قضايا السقي والسكن، والنظام الغذائي للفلاحين والتنمية وغيرها كثير، وأخرى فنية أنجزها لاحقا تتعلق بإنتاج أفلام تلفزيونية بناءً على أعماله الاثنوغرافية.
تكمن أهمية كتاب حمودي الجديد خصوصا بالنسبة للمُطلع حديثا على انتاجه في ثلاث مسائل أساسية: أولا، أنه أعاد بشكل متّسق ترتيب وتقديم نصوص تُؤطر لنقاشات وسجالات معرفية مهمة خاضها عبد الله حمودي وتُظهر بشكل جلي منهجيته في البحث الميداني وفي التحليل، وهي النصوص التي يبدو أنه لايزال يرى وجاهتها الأنثربولوجية وفائدة في إعادة نشرها. ثم ثانيا، أنه قدم -ربما لأول مرة- كتابا يتضمن “دعوة” إلى أنثروبولوجيا عربية مع أنه يشتغل على هذا المشروع منذ ما يزيد عن الأربعة عقود، فكان من حسنات ذلك أن إلتقطه المهتمون بكل ما هو “تأسيسٌ علمي عربي” ليفتحوا نقاشًا حوله وعلى هامشه، وهو نقاش ضروري ومفيد دون شك، وثالثا: أنه قدم إجابات عملية من صميم التربة المحلية على معضلات لازمت الأنثروبولوجيا في بلداننا، ومن ثُم فالكتاب يُرسي فعليّا لبِنات الأولى في صياغة الأنثروبولوجيا عربيا.
يُشخص منذ الوهلة الأولى عنوان الكتاب “المسافة والتحليل: في صياغة أنثروبولوجيا عربية” ما يرمي له الباحث، فهي مسافة، تحليل ثم صياغة لأنثروبولوجيا عربية، ويمكننا أشْكَلة مُركبات هذا العنوان كالآتي: ما المسافة التي يقصدها حمودي؟ ما التحليل الذي قد ينتج عن هذه المسافة؟ ثم ما الصياغة الممكنة لما يعتبره حمودي أنثروبولوجيا عربية وُفق هذه المسافة والتحليل؟
على هذه الأسئلة يبسط حمودي مقدمة الكتاب في شكل مقاربة نقدية ابستمولوجية انعكاسية على طريقة بيير بورديو تجعل من الباحث نفسه جزءًا من موضوع بحثه، وهي مقاربة “لا تمعن تحليل موضوع البحث فقط بل تبحث أيضًا عن صوغ هذا الموضوع والوقوف على شروط صياغته” ، وشرط الصياغة هذا كما يقدمه حمودي في نهاية تحليله هو ما يسميه “المسافة في خضم أقصى حميمية”.
المسافة على ضوء نقدَين: إحاطة حدّ التأزيم
يَعرف قارئ حمودي حقيقة ارتباطٍ لا ينفصم عراه يجمعه بالميدان منذ الرعيل الأول للباحثين في العلوم الاجتماعية بالمغرب أمثال بول باسكون، نجيب بودبالة، غريغوري لازاريف وغيرهم، لكنه ارتباط يتأسس أيضًا على مناهج التاريخ والفينومينولوجية وطيف واسع من النقد للحصيلة الكولونيالية التي كان لا بد أن يقف عليها في رحلة بحثه الميداني. لا يمكن بهذا المعنى فهم المسافة التي يقصدها حمودي إلا في إطار هذه المراوحة والالتحام، هذا الذهاب والإياب va et vient بين الميدان والنظرية؛ ميدان تتعدد زوايا رؤيته ومقاربات الانشباك معه، ونظرية ترزح تحت ثقل رصيد كولونيالي معرفي لا يمكن الركون في التعاطي معه للحلول التوفيقية السهلة.
تتبدّى عملية بناء المسافة كما يحددها حمودي نتاجًا لحركتين نقديتين تعرضتا للأنثروبولوجيا كحقل معرفي وللرصيد الكولونيالي. أولى الحركتين هي التي ساهمت فيها نخب مغربية يمثلها بالأساس بول باسكون وعبد الكبير الخطيبي. وإذا حقّ لنا أن نجد منطقًا ناظِمًا لمشروعي باسكون والخطيبي، فسوف نتلمّسه في كونهما لم يطمئِنّا للحلول السهلة التي جسّدها دُعاة مقاطعة الإرث المعرفي الضخم الذي خلفته المؤسسة الاستعمارية والتشبث بالتراث، فالمغرب المستعمر حسب عبارة بول باسكون “ابن الامبريالية والمجتمع القائدي ولا فائدة من إدانة وسائل التغلغل الرأسمالي وحدها” وبنفس المعنى، يجب حسب عبد الكبير الخطيبي “القطع مع كل صلة بالمحاولة السقيمة المترتبة على تقديس التراث… عن طريق عودة وهمية إلى مجد غابر وحنين نكوصي،” كما يجب في ذات الآن نقد كل انقياد أعمى وراء الإرث الاستعماري الكولونيالي، وهذا ما سماه الخطيبي بالنقد المزدوج.
رغم انتقاد حمودي لباسكون في عدم انتاجه لنظرية خاصة في ماهية البحث الميداني، إلا أنه يدين له بالذخيرة الميدانية الحية التي استفاد منها بفضل بحوث باسكون الأولى في سوسيولوجيا العالم الريفي وقضايا التنمية والتغير الاجتماعي والشباب وغيرها. وعلى كلٍّ فإن مشروعه في الأنثروبولوجيا يتماشى مع الرفض الذي دعا له باسكون باكرًا للخطاب الاستعماري والخطاب الوطني بالتساوي، ودفعهما جنباً إلى جنب، بوصفهما ثنائي استقطاب، كما أن مشروع حمودي يمكن أن يُصنّف في إطار رد الفعل على “الموضوعة الشائعة التي تعتبر الآخر الأجنبي هو المذنب والمسؤول وحده،” ودعوة إلى تحمل مسؤولية البحث الأنثروبولوجي في المنطقة العربية، أي بكلمة، مسؤولية الثقافة العربية.
ينتقد حمودي في حوالي أربعة أسطر ودون كثير تفصيل عبد الكبير الخطيبي، معتبرًا أن نقد الأخير للتراث بمفاهيم اللاهوت محاولة متعالية عن الواقع والتاريخ وجعلته لاشعوريا يتبع بعض المستشرقين. ومع أن لهذا النقد المختزل ما يبرره من كونه جاء في مقدمة الكتاب التي تتطلب بعض الإيجاز، إلا أنه بقي غامضا ويحتاج إلى تفصيل أكثر. وعلى كلٍّ، فإن عمل حمودي في صياغة أنثروبولوجيا عربية لا يمكنه إلا أن يصبّ في المشروع الذي دعا له باكرا الخطيبي وسماه النقد المزدوج، ويتمثل هذا الأخير في “التفكير في الآخر ضمن مجال تفكيرنا الخاص،” أي تفكيك المفاهيم ونقد المعرفة المركزية التي أنتجها الآخر حولنا من جهة، ونقد المعرفة التي أنجزناها حول ذواتنا بنوع من الانغلاق من جهة أخرى، وهو نفس ذهب إليه حمودي في دعوته إلى تجاوز الرفض والاقتباس معًا.
واضح أن حمودي يرفض حصيلة السوسيولوجيا التي أعدها الخطيبي وشكّلت خارطة طريق بالنسبة لباحثين كثر في العلوم الاجتماعية من جيله آنذاك ، إلا أن الاثنان يشتركان في أُفقِ تقويلِ البنى الصامتة، كلٌّ بطريقته؛ يبحثها الخطيبي عبر حركة استراتيجية تفكيكية مزدوجة تأخذ على عاتقها التاريخ والأيديولوجيا والعلم، في شكل ممارسة فنية عنيفة وحذرة،” كما يبحثها في أركيولوجيا الصمت وفي تواريخ المخرسين الذين لم يتمكنوا قط من الحديث، فَيتوجه إلى نصوص الشعر والأدب والعلامات، وإلى ظواهر هامشية من قبيل الوشم، الخط، الحكاية والأمثال الشعبية وغيرها، في حين يَختار حمودي أن يبحثها في المعارف الشفوية والمكتوبة وأحيانا في البقايا المادية من خلال الرصد الفينومينولوجي المنهجي الدقيق والتأويل الحميمي للثقافة التي يعيش عليها وبها الناس عبر الخوض في تجربة المسافة مجهولة النتائج.
تستحيل مُحاولة حمودي في بناء ما يسميه المسافة إلى دفاع على الأنثروبولوجيا كحقل معرفي مهم له أصالته وجدواه التحليلية، ضد كل المحاولات الحداثية المناهضة للأنثروبولوجيا والتي تريد أن تُملي على الجميع تصوراتها معتقدةً وفق عبارة الكاتب أن “تجربتها في الحداثة هي الكائن الحي الذي يمسك ميتا هو التراث.” ، ومن هنا يرفض حمودي التصورات الضيقة؛ القومية التي ترى أن الأنثروبولوجيا تمس الوحدة الوطنية الثقافية للشعوب، وأخرى نخبوية متعالية على الثقافة الشعبية، ويمثلها الفيلسوف محمد عابد الجابري الذي انكبّ على دراسة الثقافة العالمة حصرًا “دون التفات للثقافة التي يعيش عليها وبها الناس”(ص 29). معتبر أن الانثربولوجيا تؤدي لمتاهات تلهي عن مشروع ثقافي عربي متكامل يضمن التقدم.
في هذا الإطار، يتوجه حمودي بالنقد لتصور عبد الله العروي الشكلاني والضيق للانثربولوجيا بناء على تعريفات متجاوزة وغير متخصصة، إذ اعتبر العروي الأنثروبولوجيا علما يدرس الثقافة دون هدف ولا رؤية، وتستحيل بذلك الوحدات المدروسة بالنسبة للأنثربولوجيين محظ “مجموعات تُعبّر عن نفسها وكفى ” وفق العبارة التي ينقلها حمودي عن العروي.” يتأسس هذا الرفض على نقد الفلكلور والثقافة الشعبية كما هو معروف في عديد كتابات العروي، كونها في نظره قرينة الانحطاط وحبٌ مبالغ فيه للتصرف كأمة أمية وفق عبارته. لكن واقع الحال أن الحداثة والتراث كما تعلمنا التجربة الأنثروبولوجية ليسا طرفي نقيض متنافرين يمكن فهمهما عبر نقد فوقي لعقل هو العقل التراثي واستبداله بآخر هو الحداثي أو التاريخاني، بل إنهما عقلين، أو قل للدقة ممارسات ثقافية تعتمل جنبا إلى جنب في أدق تفاصيل الحياة اليومية للفاعلين وفي البنيات والمؤسسات بصيغ متشابكة قد لا تبدو متناقضة أو متصارعة في كثير من الأحيان.
الحركة الثانية التي يرى حمودي أن صياغة الأنثروبولوجيا ينبغي أن تتم على ضوء نقدها هي تلك التي جاءت على إثر نقد إدوارد سعيد للاستشراق، ومع منجزها المعروف في النقد الأدبي وفي التأسيس لمدرسة كاملة في النقد الثقافي لها روافد في الشرق والغرب، إلا أنها استهدفت أسس الأنثروبولوجيا باعتبارها علما ينتج معرفة في يد المهيمنين بناء على تراتبات تعطي فوقية وهيمنة للدارس على المكونات المدروسة، ولا يستطيع الباحث مهما كان أن ينفلت من علاقة الهيمنة هذه سواء أكان أجنبيا أم سليل المجتمع المدروس. سبق لنصوص أنثربولوجية عدة أن وقفت على محدودية هذا النقد السعيدي للأنثروبولوجيا ، لكن جدّة ما يقدمه حمودي تتمثل في تسخيره لكل هذه الانتقادات وتجاوزها لغرض إيجاد بديل لا يكتفي بالتقويض فقط، وهو البديل التي يقدمه من خلال تجربته في الميدان ويمكن أن نعرضه كما يلي:
إن الباحث الأنثروبولوجي المنتمي للمجال المدروس هو نفسه جزء من الموضعة التي أسفرت عنها دراسة الأنثربولوجيين الأجانب لهذه المجتمعات، كما أن واقع انتماء الباحث للمجتمع المدروس لا يخول له دائما تسخير السلطة والمعرفة حتى لو كان جزءًا منهما كما ادعى نقّاد الاستشراق. لا يمكن التخلص من هذه المعضلة بتجاهلها أو رفض التعاطي معها، والحل هو في الوعي بها أثناء عمليتي البحث الميداني والتحليل، وذلك عبر بناء مسافة ليست جغرافية أو مرتبطة بوضعية استعمارية كما هو حال الباحث الأجنبي، بل بالانطلاق منها وتأزيمها عبر التحرك تأويليا في أفق تتيحه مسافات جديدة تظهر في معمعان البحث، مع الاستفادة من كل مسافة يجربها الباحث وإدراك محدوديتا ومخاطرها.
قد يبدو هذا الحل نوعا من التّرميق، يراهن على كفاءة واجتهاد الباحث الأنثروبولوجي لأنه لا يجد حلًا عمليّا لهذه المعضلة، لكن أليس هذا العنصر الذاتي نفسه -والذي يؤكد عليه حمودي- حاسما في التمييز بين نصوص المستشرقين في اختلاف قدرتهم على مقاربة المجتمعات المدروسة على حقيقتها؟ إن نقد الأنثروبولوجيا إذن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون بإعادة تعميم للخطاب الغربي بحلة نقدية عن طريق ابدال مفهوم “الثقافة” كما هو في الأدبيات الأمريكية بخطاب المعرفة والسلطة المقتبس من ميشيل فوكو، أو باستبدال الأنثروبولوجيا بالدراسات الثقافية، وذلك بما قد يفيد عن قصد أو غير قصد “المستشرقين الجدد”؛ الكُتاب “العرب” في كراسي الجامعات الأورو-أمريكية الذين يدعوا وضعهم أحيانا للريبة خصوصا حين يُعيدون انتاج وضعيات هَيمَنِيّة لا يسائلونها كاللغة والمؤسسة.
عن المسافة في خضم أقصى حميمية
يمكن القول بداية أن المسافة في خضم أقصى الحميمية كما يقدمها حمودي هي مجال التموضع الممكن للباحث من موقع انتمائه المميز والمضطرب في آن لمجتمعه الذي هو هو موضع البحث، ويسمح هذا التموقع للباحث بالإبقاء على خيط الحميمية الرفيع الذي يربطه بمجتمعه لحظة بحثه. بهذا المعنى فإن المسافة ليس ابتعادًا (Distance) أو محظ منظور Perspective أو زاوية أو ابدالا على مستوى موقع المشاهدة، إنما هي تفكير في العملية البحثية كلها عبر التجربة الميدانية وليس النصية فقط.
ابستمولوجيا، ليست المسافة كما يعرضها صاحب الكتاب ترحالًا ولا نفيا، كما أنها ترفض التغاضي عن الهوية والانتماء، إنها بهذا المعنى حركة مضطربة ومتوترة وهجينة في آن، تبحث عن التشبث بالانتماء وشحذه ليصبح عامل مساهم في بناء المعرفة لكنها تُجازف في الآن نفسه باكتشاف مسافات جديدة وتجريب نجاعتها في فهم الظاهرة، وفي كل مرة تُساءلها وتتبين محدوديتها تنتقل لمسافة أخرى حتى تتشامل المعرفة الانثربولوجية المنتجة، تلك التي اعتبر حمودي أنها “تحمل في طياتها أقوى حميمية وفي الآن نفسه تعتمد على الاقتلاع الموجع من تلك الحميمية.”
عَمَليًّا، يبحث هذا التموقع الخاص الذي يسميه حمودي بالمسافة في خضم أقصى الحميمية أولا عن معرفة مُجاوزة للموضوعية التي تعني كلاسيكيا تجاوز ما يقوله الناس والبحث عن تفسيرات له في الاقتصاد والسياسة والايديولوجيا، ويقترح في المقابل موضوعية من نوع آخر تأخذ بعين الاعتبار الشعور الدائم بالانتماء. إن هذا الطرح هو ثمرة نقدٍ لنماذج نظرية هيمنت ردحًا طويلا من الزمن على أطر التفكير الأنثربولوجي في العالم العربي، وخصوصا النظرية الانقسامية التي اتجهت نحو تعميمات بحثت عن نظير لها في المجتمع المدروس . ومن ذلك تعميمها لفكرة “مجتمعات بلا دولة” على نمط ما وسمته بالمجتمعات الانقسامية.
المسافة بهذا المعنى، محاولة في تجاوز اسقاطات يقوم بها الباحث عندما يدخل ميدانه البحثي بمفهوم جاهز عن الوحدات المدروسة كالقبيلة مثلا ويحاول العثور له على مقابل في الميدان المدروس، كما أنها نقد لمحاولات تركيب نموذج تحليلي تاريخي جاهز كالماركسية أو البنيوية أو الانقسامية على المجتمعات المدروسة، دون إدراك عمق البنية الاجتماعية في حركيتها، والمضي حتى النهاية في التحليل الرمزي المكثف للأبعاد الثاوية وراء ما يعتمل بين الناس والمؤسسات من علاقات قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة وغير ذات معنى أو مغزى.
يقدم حمودي من خلال مفهومه للمسافة حلاًّ لمعضلة لازمت الأنثروبولوجيا ردحا طويلا من الزمن، وتتعلق بالتصنيفات التي تعتمدها المجتمعات نفسها من جهة وتلك التي تعتمدها الأنثروبولوجيا من جهة ثانية. وهي المعضلة التي اعتقد رائد الانثربولوجيا التأويلية كليفورد غرتز أنه قد حلّها بالتمييز بين المفاهيم التي تنتجها المجتمعات من خلال تجربتها، وتلك التي تنتجها الأنثروبولوجيا، وأعطى للأخيرة دورا تصنيفيا وتحليليا، دون أن ينتبه لإمكانية وجود مفاهيم تنتجها هذه المجتمعات. والحال أن حمودي قد ذهب أبعد في التقريب بين الرموز الداخلية للمجتمعات والمفاهيم التحليلية التصنيفية التي يعتمدها الأنثروبولوجي، لتصبح الحميمية في أقصى أشكالها عملية تأخذ بالاعتبار المفاهيم التي تمتلكها المجتمعات نفسها لحظة مرورها من تجربة إلى أخرى.
واضح أن تصور حمودي للمسافة يعتمد على اختيارات نقدية تختبر المفهوم في حركيته بين الناس، وتجرب صلاحيته في فهم الظاهرة ميدانيا، وترفض بالتالي بناء أي تحليل على المفاهيم الجاهزة للبنيات المدروسة، لكن إشكال هذا النمط أنه يلغي دور التخييل والمخيلة، أو على الأقل يريدها أن تُستخدم فقط في حدود ما تفيد العمل البحثي الميداني. لا أقصد إنه بهذا قد وقع في نوع من “الامبريقية السمجة”، ولكن المقصود أنه يجعل وظيفة الأنثربولوجي الوقوف الميداني على كل أشكال التكوّن الثقافي وهذا غير ممكن عمليّا، ومن ثُم فالاستفادة تبقى ضرورية من هؤلاء الذين يركنون للصّنعة النظرية، المتخصصين في غير المتوقع من الأفكار والظواهر، الباحثين مثلًا في الصراع الطبقي الموجود في النص وفي العلامات، والذين لا يجِدون حاجة مُلحة للاعتماد الدائم على المقابلات أو الملاحظات أو غيرها من الأدوات.
للمسافة التي يقترحها حمودي وسائل ترتبط أيّما ارتباط بتجربته الذاتية في البحث الأنثروبولوجي، وتتمثل هذه الوسائل في: أولا، ما يسميه الاغتراب الممنهج أي العودة الفينومينولوجية للأشياء بتجميد كل معرفة سابقة عنها ومساءلة بديهياتها وتسمياتها. وثانيا، تعلم اللغات الحية في مجتمع الباحث المختلفة عن اللغة التي تربى عليها، وتعلم لغات للمنافسة العالمية من شأنها “خلخلة المسلمات وغسل العيون” بالإضافة إلى ممارسة تمرين الترجمة بشكل دائم إلى لغات أخرى تختلف عن اللغة التي يدون بها الباحث. ثم ثالثا، الاستفادة من تجربة مجتمعات مختلفة وخصوصا المجتمع المستعمِر، وهي تجربة يجب الخوض فيها وليس التهرب منها. وأخيرا، دراسة ماضي المجتمع المنتمي إليه بمساءلته ودون البحث عن حقائق لا تترك المجال لحلقات غامضة وللتنوع في الذاكرات والسلالات.
يتكون انطباعٌ لدى قارئ كتاب حمودي ألاّ وجود لمنهجية أنثروبولوجية أو قل للدقة، منهجية في الأنثروبولوجيا، بل كل ما هنالك هو مسافة يبنيها ويطورها الباحث خلال دينامية البحث. وفي ذلك نقد واضح من جهة أولى لبعض المعالجات المتخصصة لموضوع المنهج التي قدمته في شكل طرائق وخطوات محددة عن طريق اقتباسها من نصوص أورو-أمريكية في المناهج، دون كبيرِ تفكيرٍ في الوضعيات التي أنتجت هذه المناهج، ، ومن جهة ثانية للمحاولات التي انتقدت المنهج وقدمت بديلا له لكنها في كل الأحوال ظلت حبيسة قوقعة المنهج نصيًّا، وألغت فاعليتها كذات مُجرّبة امبريقيا لهذه المناهج. الوضع الإشكالي الذي تطرحه هذه المحاولات أنها ترمي إلى البحث عن منهج لكنها لا تدخل كذات فاعلة في عملية “المنهَجَة” Methodolisation فتنتهي إلى عملية اقتباس من نصوص أنجزت في سياقات أخرى أو حدَّا أقصى إلى تكييفات تعتمد التخييل الذهني بإبدالات لا توجد أحيانا إلا في أذهان الباحثين دون امتلاك أي “مؤشرات” ميدانية عنها. ربما هذا ما أخفقت فيه هذه المحاولات وأبدع فيه حمودي، إذ يجد القارئ نفسه أمام كتاب ليس في التجربة الميدانية ولا في المنهج النصي، ليس في الشمولية ولا في المحلية، ليس في الشذرات ولا في الواقع، ليس في التجزئة ولا في الكيان، إنه كتاب في المنتمي والخارج عن المعتاد، إنه كتابٌ في المسافة.
إعادة صياغة الأنثروبولوجيا: تحدّي البحث عن غُربة في قلب الحميمية
يُقدم إذًا حمودي عبر طرحه في المسافة درسا رصينا ومكثّفا في كونية الممارسة الأنثروبولوجية التي تتوسع انجذابيا لِتَكون بحثًا في الثقافة والإنسان في كل مكان وزمان، لكنها في الآن نفسه تَضِيقُ انتباذيا حتى تُجاوز محظ الاقتباس والتبعية لمصادرات منهجية دون مساءلتها. إن محاولة حمودي في حقيقتها بحثٌ عن مصداقية ومشروعية لحقل الأنثروبولوجيا بعد إعادة ترتيب أولوياته والتفكير في إرثه الكولونيالي إلى حد تأزيمه، وإغنائه بمكتسبات البحث الفلسفي والتاريخي والدراسات الميدانية، لكن كيف تبدو إعادة الصياغة هذه إذا نظرنا لها في أفق المسافة التي يقترحها حمودي؟
إنها أولا، إعادة صياغة تراهن على مشروع ثقافي مجتمعي يَستَمِع لجميع المكونات المدروسة بالعمق والهدوء المطلوبين “ويتعدى المعارف ليتقبل حرية الفعل” ولعل هذا ما يجعل فهم حمودي للثقافة ديناميكيا وملتزما بقضايا الثقافة المجتمعية . ثم ثانيا، إعادة صياغة تُمارس فيها الأنثروبولوجيا في ضفاف متعددة تتنافس عالميا، وهذا التنافس لا ينطلق من مجال “أهلي، وإنما من ابستمولوجيا وتقاليد الأنثروبولوجيا نفسها المتعارف عليها عالميًا.
أن تسكن الأنثروبولوجيا أطراف الوطن العربي يعني أن تجد أفقها في مواضيع الانشغال والتطلع اليومي للناس، فتستمع بكل التأني الممكن للأسئلة التي يطرحونها على أنفسهم وعلى مجتمعاته. الأنثروبولوجيا بهذا المعنى “لا بد أن تنبثق عن المسافة التي كونها المجتمع عن نفسه،” وهذا ما يجعل حمودي يرفض وهم القطيعة الذي باسم تصور ما لقومية متعالية، أو أصولية متطرفة، أو حداثة ليبرالية أو ماركسية أو غيرهما يعتقد أن بإمكانه أن يحدث القطيعة ويملي تصوره على المجتمع. إن الأنثروبولوجيا ليست مطالبة بأن تقرر مصير المجتمع أو تُحاكمه، في ذلك حريتها! وإن كان ذلك لا يمنع حق الأنثروبولوجي في نقد الأفق المصيري المشترك لمجتمعه بحكم انتمائه له، وهو نقد يتأتى فقط بفهم المجتمع في تعدديته من خلال المساءلة الدائمة للذات الباحثة والاستماع العميق لتطلعات المجتمع المختلفة.
يعتبر عبد الله حمودي أن الهدف الرئيسي لمشروعه هو الإنتاج الرفيع لخطاب مميّز يتعدى الاقتباس والتبعية، وهو مشروع يساهم فيها الاجتماعيون بلغتهم وينافسون فيه بلغة أجنبية عالمية. وعليه، فإن تحقيقه لا يمكن أن يكون إلا جماعيا ومشتركا ضمن ضفاف متعددة وفي أفق مشترك، من خلال الاستفادة من كل انتاجات أنثربولوجيي دول ما بعد الاستعمار بأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وهي محاولات جارية فعلًا في حدود ما نعلم بأفريقيا؛ في أوغندا مع محمود ممداني Mahmoud Mamdani والمعهد الذي يديره ، وفي نيجيريا مع Ifeanyi Onwuzuruigbo، وفي آسيا بدول سنغافورة وماليزيا وغيرها مع باحثين من قبيل سيد فريد العطاس. وغيرهم.
يتعلق الأمر عند حمودي بهمّ تأسيس أنثروبولوجيا تُنافس من خلال برامج متميزة في البحث والتدريس. وهنا، قد تجني برامج الأنثروبولوجيا في العالم العربي ثمارا عظيمة إن هي استفادت من هذه الورشة المفتوحة التي يريد حمودي أي “يلجها باحثون كلٌّ مرتبط عضويا بواقع مجتمعي تكون في أحضانه.” وإن هي تجاوزت شعارات وأجندات قد لا تنفذ للواقع، وانفتحت على الفنون والآداب واللهجات المحلية واللغات العالمية، وإن هي كذلك انفتحت من حيث المواضيع على الانشغالات والوضعيات والمشاكل اليومية للناس “العاديين”.
إن إعادة صياغة الأنثروبولوجيا عملية وثيقة الصلة بهذا التمشّي الذي سماه حمودي بالمسافة في أقصى حميمية، وحيث أنه يستبعد أن تكون هذه المسافة في الحد ذاتها منهجية في الأنثروبولوجيا، قد نكون هنا إزاء وضعيتين: إما أن تكون هذه المسافة عرضا لأسلوبٍ في البحث الأنثروبولوجي فتستحيل حينها موضوعيا إلى منهجية، وإما أن تكون عرضا انعكاسيا لتجربة ذاتية ولتمشي شخصي في الميدان والتحليل فنكون آنذاك إزاء أوتوبيوغرافيا نقدية أو عرضٍ لملاحظات واستنتاجات من مدونة البحث، وإلا فكيف نموقع هذه الأفكار؟
ليست هناك حدود اجرائية واضحة لهذه المسافة على مستوى بنائها وتطويرها، ولا يمكن بالتالي موقعتها أو حتى فهمها إلا في إطار ثنايا وتفاصيل أحيانا شخصية جدًّا (وربما غير مفهومة بالنسبة للبعض) تتعلق بتجربة حمودي نفسه التي عاشها في الميدان ووقف على محطاتها في التحليل، إن حمودي بهذا المعنى هو هو المسافة، والمسافة هي هي حمودي، تُعبّر عنه ويُعبّر عنها، وقد تُصبح بالتالي كل محاولة نقد أو تطبيق لهذه المسافة مُجابهة بالقول “ليست هذه المسافة التي أعنيها، ليست هذه هي المسافة المناسبة، وليس بالتالي هكذا ينبغي أن تمارس الأنثروبولوجيا”. إذّاك سيبدو كل شيء كما لو أننا إزاء “أبٍ يُلقّن أبناءه الذكور حسّ التحدي وأخلاقياته ولكنه في الآن ذاته يلح على طاعته”، فهل يحدث أن نكون هنا بصدد طقوس في البحث تَنسحب عليها خطاطة من نفس تلك التي سماها الشيخ والمريد؟ هل يكون حمودي هو الأب في هذه الحالة؟ يصعب أن نجزم بذلك خصوصا أن الرجل قد هرب باكرًا من ضيق الشبيبات الحزبية إلى سعة المجموعات البحثية، وفي ذلك هروب من كلّ مشيخة مخزنية أو أبوة أكاديمية.
خاتمة
إن المسافة التي يقترحها حمودي لا يمكن أن تكون نهائية، فهي مطروحة للتجريب، ولذلك فإنها لا يمكن أن تنفصل عن فهم كل باحث وباحثة لتجربة المسافة التي يَخوضونها. وما فعله حمودي أنْ قدم لنا تجربة في الممارسة والكتابة الأنثربولوجية قلّ نظيرها في المنطقة العربية، وهي تجربة ثرية وخلّاقة دون شك، فكّرَت بصوت مرتفع من خلال هذا الكتاب في مُساءلة أدق تفاصيل رحلة الذهاب والإياب بين معارف الناس ومعارف النصوص، وَصَهرت عصارة هذه الرحلة لِتُسميها “المسافة في خضم أقصى حميمية”، وتقترحها بذلك إمكانًا وربما وسيلةً لِصياغة الأنثروبولوجيا. إن حمودي يفتحُ ورشة كشفيّة تُظهر ما يعتمل لدى الباحث لحظة انشباكه مع المواضيع من ناحية المنهج ومن ناحية آليات التحليل النقدي، وحلقات الانتقال من اهتمام وانهجاس بحثي إلى آخر، كلُّ ذلك في سجال مع باحثين من داخل نفس الحقل، وآخرين من خارجه. ربما هذا ما يُميّز تجربة حمودي عن تجارب كثيرة تعدّدت مواضيع بحثها ونظرها، لكن يصعب إيجاد خيطٍ ناظم يُظهر طفرات منهجية في تعاطيها مع المواضيع المبحوثة وتأثير هذه الطفرات مثلًا في انتقالاتها من موضوع إلى آخر.
وعمومًا، تبقى المسافة أفقًا مفتوحا في وجه المؤسسات البحثية، ذلك أنه في جميع الأحوال لا يمكن تجربتها أو تطويرها إلا في سياق مؤسسة البحث والتدريس في العالم العربي التي يبدو أن حمودي يتوجه لها بمشروعه. هذه المؤسسة التي عادة ما يحركها رجالات “المشيَخَة” من الذين يعدمون مسبقًا الوقوف على المقدمات المنهجية، لأنهم لا يجدون معنى (أو ربما إمكانية) للعمل الميداني الطويل الأمد “حدّ ابتلال الأقمصة” أحيانا، أو يسارعون إلى حصيلة مستعجلة تنفجر بشكل استعراضي لأنهم مطالبين بالانخراط في التنافس الجارف على ارضاء أجندات البحث الوطنية أو استقطاب أخرى أورو-أمريكية أحيانًا أخرى. وفي كلتا الحالتين، تبقى إعادة صياغة العلوم الاجتماعية وتحديد أولوياتها إلا فيما نذر بعيدة عن التصدّي للافتراضات المنهجية والسياسية السائدة.
المراجع
باللغة العربية
أبو اللغد، ليلى. “المجالات النظرية في أنثروبولوجيا العالم العربي”. ترجمة أبو بكر أحمد باقادر. منبر الحوار. مج 9. ع 33 و34 (صيف 1994).
أحجيج، حسن. فزة، جمال. البحث الكيفي في العلوم الاجتماعية: نظريات وتطبيقات، د.م: فضاء آدم للنشر والتوزيع، 2019.
باسكون، بول. “ضرورة إعادة النظر في الإطار النظري لدراسة الظاهرة الاستعمارية “. بيت الحكمة. ع 1 (أكتوبر 1986).
حمودي، عبد الله. “الداخلي والخارجي في التنظير للظاهرة القبلية”. عمران. مج 5. ع 10 (شتاء 2017).
_______. الرهان الثقافي: وهم القطيعة. اعداد وتقديم محمد زرنين. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2011.
_______. الشيخ والمريد. ترجمة عبد المجيد جحفة. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2014.
_______. الضحية وأقنعتها: بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب. ترجمة عبد الكبير الشرقاوي. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2010).
_______. المسافة والتحليل في صياغة أنثروبولوجيا عربية. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 2019.
_______. مصير المجتمع المغربي: رؤية أنثروبولوجية لقضايا الثقافة والسياسة والدين والعنف. سلسلة دفاتر وجهة نظر. الرباط: مطبعة النجاح الجديدة، 2004.
الخطيبي، عبد الكبير. النقد المزدوج. الرباط: منشورات عكاظ، 2000.
زارو، عبد الله. الشيخ والمريد: البنية المارقة. الدار البيضاء: افريقيا الشرق، 2014.
سيف، أنطوان وآخرون. هكذا تعلم عبد الله العروي. بيروت: منتدى المعارف، 2015.
ناشف، إسماعيل. “صمت الظواهر: مقاربات في سؤال المنهج”. إضافات. ع 10 (ربيع 2010).
بلغات أخرى
Alatas, Syed Farid. “Alternative Discourses in Southeast Asia”. Sari 19 (2001).
_________& Sinha, Vineeta. Sociological Theory beyond the Canon. London: Macmillan. 2017.
Godelier, Maurice. “L’anthropologue doit mouiller sa chemise”. Le Point. 11/04/2011. Accessed on 19/4/2019. at: https://bit.ly/2VIdc1h
Grenfell, Michael. Pierre Bourdieu: Key Concepts. London: Routledge, 2014.
Hammoudi, Abdallah. ‘’Segmentarité, stratification sociale, pouvoir politique et sainteté, Réflexions sur les thèses de Gellner’’. Hespéris-Tamuda. vol. XV. (1974).
Khatibi, Abdelkébir. Bilan de la sociologie au Maroc. Rabat: Association pour la Recherche en Sciences Humaines, 1967.
Onwuzuruigbo, Ifeanyi. “Indigenizing Eurocentric Sociology: The ‘Captive Mind’’ and Five Decades of Sociology in Nigeria.” Current Sociology Review. Vol 66(6). (2018).