لتحميل الكتاب أنقر فوق الصورة
الكتاب: الرموز في الفن والأديان والحياة
المؤلف: فيليب سيرنج
المترجم: عبدالهادي عباس
الناشر: دار دمشق للنشر – 1992
آثر البشر إحاطة أنفسهم دائماً بالرموز وما زالو حتى الآن يحافظون على هذه الرغبة سواء كنا نقرأ أو نسير تقع أبصارنا على رموز ولو كنا لا نعيرها أي انتباه وتلك هي الحالة بالنسبة للعلامات المستعملة في الكتابة أو بالنسبة إلى الكثير من الصور الإعلانية على واجهات المتاجر وهنا نشير إلى أن الأسد الذي يزين إحدى مصانع السيارات في فرنسا .
أراد ديكارت إقامة انفصال جذري مطلق بين الروح والجسد وساهمت الديكارتية بقوة في تطور المحاكمة المنطقية والذهنية العلمية , ولا مجال لإهمال ذلك حتى ولو أمكن الكتابة بأنة تم التوصل إلى غاية المعرفة في حدود المحاكمة الديكارتية ويبدو اليوم أنة يمكن إيجاد مكان إلى جانب المعرفة العقلية لمعرفة حسية , فقد تلاءمت الرمزية مع مقتضيات الطبيعة البشرية التي هي بأمس الحاجة لأساس حسي كي تسمو بنفسها صوب الأفاق العليا وقد ارتبطت هذه الرمزية في اللغة والكاشفة بان واحد بشكل محكم ودائم بالفن وغالبا ما مارس الفنانون عبقريتهم في تنفيذ الأعمال الرئيسية التي أوحى لها مضمونها الرمزي مرتبطون بالتقاليد أوحتى بالكهنة سواء تعلق ذلك بديانات وثنية أم بالديانات المسيحية .
ومن الصعب تعريف الرمز, وفي هذا الشأن قال مارلو : الرمز هوأن الرمز يعبر عما لايمكن التعبير عنة إلا به
وفي القرون الوسطى عرفة ايزيدو العقلي /560-636م/بقولة : (الرمز علامة تعطي طريقا للمعرفة )
فن الفسيفساء :
الفسيفساء هو فن تصوير الخلود , وهوفن إبداعي وفرع من فروع الفنون العمرانية , ويطلق على العمل الفني ذو الشكل المتماسك أو الرسم المكون من مكعبات حجرية صغيرة جمعت بعضها إلى بعض مغروسة في مونه تعمل على تماسكها , وهي تغطي سطح ثلاثي الأبعاد وتندمج معها لتعطي أشكالاً وزخارف متعددة.
ويقوم فن الفسيفساء على إيقاع اللون والخط في تكوين الوحدة التشكيلية الظاهرة , واستخدمت مواد كثيرة لتنفيذ هذه اللوحات , فكانت في البداية حصى وحجارة وصدف ثم قطع رخامية وفخارية ورقائق ذهبية وغيرها ذات أشكال حركية تشكل زخرفة هندسية –نباتية – إنسانية –حيوانية-.
تاريخ الفسيفساء
يعتبر فن الفسيفساء من الفنون الشرقية وهو موروث ومتطور من الفنون القديمة في حوض البحر المتوسط في لبنان وسورية وبلاد مابين النهرين ومصر وتونس وبلاد الإغريق والرومان إلا أن بذور هذا الفن بدأت في العراق سميا في قصر أوروك الذي يعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد
حيث زينت أعمدة القصور الفخمة بأشكال مخروطية من الأجر الملون بالأحمر والأسود والأبيض .
وبلغ فن الفسيفساء أوجه في العهدين اليوناني والروماني واتسمت الأعمال في هذين العصرين بالقوة في العبير وتوازن الأشكال وتنوع الموضوعات وانتشرت في شتى أنحاء البلاد بدرجة من الدقة والمهارة الفائقة في تصوير الأجسام وإبراز الانفعالات والملامح الدرامية وحسن التنسيق والانسجام بين الألوان والتعبير عن مفهوم القرب والبعد , وبلغ الاهتمام بها إلى توثيق اللوحات الفسيفسائية بالكتابات التاريخية والتذكارية بلغات كانت شائعة محلياً كاليونانية والسريانية والعربية .
أما في العهد المسيحي (بعد القرن الرابع عشر ) فقد سلك الفنان الفسيفسائي المسيحي التحوير والتجريد في بعض العناصر الزخرفية وذلك بتعليم دينية,واستخدم ألوان قوس قزح لإبراز العمق والبعد الثالث في الأشكال المرصوفة.
دلالات الرموز الزخرفية في فسيفساء العهد المسيحي
لقد كان لزخرفة الكنائس بالفسيفساء ذات الموضوعات الدينية أو حتى الهندسة النباتية لها علاقة بالديانة المسيحية , فقد كان راعي الكنيسة يعتقد أن مايصرفة من أموال باهظة على هذه الزخرفة إنما هو تضحية بماله من أجل السيد المسيح وتعظيمه , وغلبت على فسيفساء العهد المسيحي الصفة الدينية واعتبرت الأشكال المرصوفة ذات ارتباط طقسي عقائدي , وقد أشير لمثل هذا في فسيفساء كنيسة دير سمعان بمتحف المعرة (يارب كن معينا في كل شيء ) وفي كنيسة الرسل (مادبا-الأردن) (ياخالق جميع الأشياء ومكونها)
وفي البرامج التأليفية لذوي فن الفسيفساء , كثيرا ماتستخدم الكرمة وتكون جذوعها المحملة عناقيد ولفائف مثلت فيها مشاهد لكرامة , وإنة من الصعب ن نغفل القيمة الرمزية الأدبية الكرمة في نصوص العهد القديم حيث الكرمة دللة على شعب الله (المزمور -79-80)(19-14) وتدل أيضاً على ملكوت الله ,وعلى يسوع نفسه في صلته الوثيقة بالمؤمنين .
وفي الفن الإغريقي –باخوس كما أن هذه الزخرفة للعنب هي قديمة قدم التاريخ وتعود إلى عهود موغلة في القدم , إلا أن هذه الرمزية مسحت بطابع ديني في العهد المسيحي .
الرمان
من الصين إلى البحر المتوسط كان الرمان علامة الخصب , ويرمز للذرية كثيرة العدد بالرمانة , وفي العهد الروماني كانت رمز أناهيتا(ربة الخصوبة ) .
أما في الفن الأيقوني المسيحي فإن الرمانة هي رمز الإحسان الذي ينتشر كبذور الثمرة عندما تتفتح الصورة /1/
زهرة اللوتس
اللوتس نوع من أنواع الزنابق , وهو يرمز لمصر و للطهارة وللولادة المتصاعدة والوجود , وكثيراً ماستخدمت هذه الزنبقة كإطار زخرفي للمشاهد الفسيفسائية بتكرار متناوب بديع
الشجرة
صورت الشجرة الرمزية في كافة العصور ,ومنذ أربعة آلاف سنة على أنها رمز الحياة ,والشجرة في الحضارات المتطورة رمز العالم ,ولكنها بالنسبة إلى الشعور الديني القديم هي العالم كما وتشكل شجرة الحياة جزءاً من تزين الكنائس
الحيوانات
-الأسد
للأسد رمزية غنية , فهو يجسد حسب الأحوال القوة – الشجاعة – الشمس – الخلود-الزمن وكما انه يجسد الحيوية والسلطة الحامية ويمكن له في التقليد المسيحي إضافة إلى ذلك مدلولات متعارفة من الشيطان والمسيح
وفي الكثير من بلاد الشرق ومنذ عصور يشتهر الأسد بأن له دور واق وحام وكانت السلطة السحرية لهذه الأسود تمنع من دخول قوى الشر سواء كانت بشرية أم إلهية إلى المعبد أوالقصر .
– الأرنب
وهو رمز لعدم الدقة ,ورمز الجبن والنذالة , إنه رمز السحرة وحسب خرافة من القرون الوسطى أن الساحرات كن يتحولن لأرانب برية . وقد مثل في فسيفساء متحف المعرة بغير وضعية لعل أجملها أرنب يثب على سلة عنب ومعروضة في فسيفساء فريكا العائدة لعام /510/ميلادية .
– الحمل
كان الخروف الحيوان الذي غالباً ماكان يضحى به للألهة البابلية , ومنذ الألف الثالثة مثلت الأضحية في النقش على جواهر وتنتشر عند كافة الشعوب السامية فكرة الأضحية البديلة , التي حلت مكان الأضاحي البشرية والغاية من هذه التضحية هي محاولة لتهدئة الغضب الإلهي ,
-عجل الثور
وهو رمز قرباني ,في العهد المسيحي , والبقرة المقدسة موضوع شائع في العهد الهندي وأكثر مامثل في الفن المصري , البقرة المقدسة أيضا فهي الربة (حاتور) الحامية الفرعونية وذكر الرمز في العديد من المواقع في الكتاب المقدس منها المزمور
-الأيل
تمثيلات الأيل عديدة جداً في الفن المسيحي , وأقلها كان في القرون الأولى ,وهي ترمز للروح المسيحية مرتوية من نبع الحياة , ويوضح هذه المشاهدة ,الصورة /5/
الأفعى
إذا كانت قضية الحياة والموت والبحث عن الخلود قد لازمت النفس البشرية بشكل دائم فقد عولجت بشيء من الفلسفة والسحر الشاعري في اسطورة /جلجامش/ التي هي واحدة من الأعمال في الشرق القديم ,حيث ارتبطت برمزية الثعبان , والقصيدة هي عمل بابلي ترجع نصوصها المعرفة إلى النصف الأول من الألف الثانية قبل المسيح , إلا أنها ذات أصل سومري قديم جداً فالجبار جلجامش بطل يجب أن يكون الكتاب الإغريقي قد استوحوا منه أسطورة /هرقليس/ لأنة قبل ذلك كان قد خنق اسدا وأنجز معجزات مشهودة له خارج البلاد.
الديك
في الفن المسيحي كان الديك يصور بالقرب من قديس أو يكون هذا الطائر على سبل المثال معلقا على اسطوانة ذلك هو القديس بطرس الذي حصل انكارة للمسيح ثلاث مرات قبل صياح الديك .
الحمامة
الحمامة رمز السلام منذ مشهد سفينة نوح حيث كانت الحمامة الممسكة بمنقارها غصن الزيتون رسول للسلام وقد تبنى الفن المسيحي في كل أشكاله الحمامة كصورة للقديس التي تتعلق بتمثيل الثالوث المقدس والبشارة وتعميد السيد المسيح .
الطاووس
الطاووس وبخاصة الطاووس الذكر –هو رمز للخيلاء ورمز مبشراً ومن بين آلهة الأديان الأخرى يرافق الطاووس أحياناً ديوزنيس باخوس ونادراً مايرافق فينوس وغالباً مايرافق هيرا , ويدل الطاووس المصاحب لامرأة سواء على فسيفساء وأعمال فنية أخرى على زوجة ملك الآلهة وبصورة عامة تكون في كمال عظمتها مدركة لوضعها السامي وممتلئة زهواً , من هذه الوقعة إن للطاووس أجمل الريش في العالم المجنح أصبح رمزاً للخيلاء وقد عبرت رمزية الطاووس من المسيحية إلى الإ سلام :فبسبب مدلوله على الخلود والبعث , كان الحيوان الوحيد المرسوم على الأثار الدينية خلافاً لتوجيه الرسول مثال :
-طاووسان بصورة جانبية في فوق أبواب جامع صفاقس /تونس /
-وعلى مدخل جامع الملك في أصفهان
-داخل مسجد مشهد /إيران/ هناك طاووسان وبينهما إناء حياة.
العنقاء
ينتشر هذا الرمز في فن الفسيفساء (متحف المعرة –أفاميا ….. وغيرها)
وجاء على لسان ن العرب : العنقاء طائر ضخم ليس بالعقاب , وقيل سميت عنقاء لان في عنقها بياض .
السمك
يمثل السمك في التصوير الفسيفسائي المسيحي العصر الذي كان في المسيحيون الأوائل مكرهين على الاختباء داخل الأقبية والسراديب لممارسة طقوسهم الدينية بعيداً عن أعين الحراس ,والسمكة هي رمز ديني مسيحي , والنسبة للمسيحية القديمة كان الصليب يشير إلى مجد الإلهة ,
الصليب
إن تمثيل الصليب يعود إلى عهود مغرقة في القدم ومن الصعب تحديده , واستخدم في جميع الحضارات وكان يرمز إلى اكتشاف النار , وفي العهد المسيحي كان الرمز المسيحي الأكثر أهمية, وبالنسبة للمسيحية القديمة كان الصليب يعتبر كرمز للإلهية وليس للألم والمعاناة وإنما يشير إلى مجد الإلهة,
الصليب المعقوف
يوجد الصليب المعقوف في الأثار المسيحية بكثرة وبالنسبة لهذه الصلبان يمكن أن يكون لها دلالات فيما يتعلق ذلك برموز شمسية,بحجة مماثلة السيد المسيح وتبعاً إلى دوران عقارب الساعة أوعكسها, فالأول رمز شمسي والأخر قمري وفي رأي بعض الخبراء تمثل شمس الربيع والخريف ,أيمثل أحدهما حركة الشمس ومن الظهر للمغيب , وفي نهاية الدراسة المتواضعة يتضح لنا أن الموضوعات الفسيفسائية ذات الغرض الديني والغاية منها تبليغ رسالة دينية الطبع للمؤمن عند دخوله الكنيسة.
ولقد أتاح العهد العربي الإسلامي للفنان الفسيفسائي من بعد أن ينهج نهجاً جديداُ يتناسب مع روحة وعقيدته وابتكر نهضة جديدة ذات بهاء متميز وبدا ذلك في قبة الصخرة والجامع الأموي بدمشق
-وكذلك تلك الفسيفساء هي إنجاز فني كبير وإن تأثيرها بالغ الأهمية أيضاً , فمهمة هذه الفسيفساء الأولى كانت إشباع الرغبات الدينية والجمالية الأخلاقية , واستهواء العرب وغيرهم من المسلمين الجدد وهذا الاقتصار على استعمال الأشكال النباتية يكشف عن توافق مع الفن الإسلامي ,ومن ثما نحا منحاً سريعا نحو الزوال إذا كاد الفن أن ينعدم لولا بعض اللوحات الجدارية التي نفذت في المدرسة الظاهرة بدمشق إبان العهد الملكي .
انا اشكركم جزيل الشكر على هذا الكتاب القيم وارجو ان يتم تزويدي بشتى المواضيع التاريخيهوالحضارية ذات الصله بهذا الامر كوني دليل سياحي وبحاجه ان انمي فكري وثقافتي بمثل هذه الامورخصوصا ان كان لديكم مواضيع باللغة الفرنسية ولكم مني جزيل الشكر والعرفان.
وفقكم الله الى ما فيه خير .
باسل فرحات