الدور كمفهوم في الخطاب السوسيوأنثروبولوجي
طيب العيادي
تمهيد تأصيلي:
يعيد بعض الباحثين بروز فكرة “الدور” إلى العهد الأفلاطوني حيث كان الفن أسمى الأعمال وأمثلها،وكان التعبير المسرحي في الهواء الطلق والتشخيص يستوجبان على اللاعبين/الممثلين أداء ادوار معينة تتوافق والشخصيات التي يجسدونها،وفي هذا الصدد يقول أنه:”في مثل هذه الحياة كل منا يختار دورا ليؤديه”،ومع هذه الفكرة ثار التساؤل عن الأشياء التي يجب فعلها وتلك التي يتعين علينا تجنبها،ومن هنا تظهر الجذور العلمية لفكرة الدور”[1].
وقد تطور المفهوم العلمي للدور مع مرور الزمن واتساع الحقول المعرفية التي تناولته،فاتخذ بذلك معاني أخرى مرادفة أو جديدة،فأصبح الحديث عن الدور الإجتماعي الذي تقابله الوظيفة الإجتماعية للفرد أو النشاط أو السلوك الإجتماعي المنتظر منه حسب شروط سوسيوثقافية ومواصفات رمزية ومادية معينة تحدد طبيعة وخصوصية تلك الإنتظارات المجتمعية…
كما نجد أن بعض الباحثين استعمل “الدور” كآلية إجرائية لفهم سلوك الفرد وتوقعه كما هو الشأن عند كولي مثلا[2].
وبالموازاة مع الإشتغال العلمي لتحديد مفهوم “الدور”؛طرح في السياق ذاته مفهوم آخر ذي صلة دلالية،تم طلبه للإستعانة به لبناء تمييز منهجي لمفهوم “الدور” من حيث هو مستوى اول لهذا الأخير،ونعني بذلك مفهوم الوضع أو المركز Statut أو المكانة الإجتماعية كما يطلق عليها البعض…
و في هذا الصدد نجد رالف لينتون كأول من تبلور معه هذا المفهوم بشكله العلمي المتداول؛يعتبر أن”المركز الذي يحتله شخص معين في منظومة خاصة،في وقت معين سوف يسمى بالمكانة Statut بالنسبة إلى هذه المنظومة؛أما كلمة الدور فتستخدم للدلالة على مجموع النماذج الثقافية المتصلة بوضع معين،ولذلك فهو يشتمل على المواقف والقيم والسلوك المفروضة من الجماعة على كل شخص يحتل هذا المركز أو الوضع”.[3]
ومع التوسع التداولي ومعه التطور الدلالي الذي عرفه مفهوم “الدور”،واستدعائه من حقول علمية متعددة كعلم النفس وعلم النفس الإجتماعي وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا…انتقل الحديث عن ما سمي ب”صراع الأدوار” خصوصا في سياق اهتمامات “مدرسة شيكاغو” بدراسة حالة المهاجرين ببلدان الإستقبال،حيث تقابل مرجعياتهم السوسيوثقافية والمعايير/القواعد الإجتماعية التي يصادفونها من أول لحظة يطأون فيها أرض المجتمع الجديد/المغاير أو أمام وضعيات مختلفة تستدعي الدخول في علاقة مع الأفراد أو المحيط،حيث تنشأ لديهم حالة من الصراع الداخلي بين استدماجها أو رفضها لتعارضها مع القيم الثقافية الخاصة لمن وجد في مثل هذه الأحوال؛مع ترتيب الآثار بمختلف أبعادها(مارغريت ميدنوليام توماس،روبيرت بارك…)،وكذلك ما تمخض عن استعماله في مقاربة مجموعة من القضايا المعرفية خاصة بالأنساق او الأفراد أو هما معا في علاقتهما وتفاعلهما…من أعمال مؤسسة لاتجاه علمي كان له تأثير كبير أنثروبولوجيا أو سوسيولوجيا،حيث يدين مفهوم الدور في اتساع وتبلور تداوله للإتجاه الوظيفي فما هي دلالات الدور والوضع؟وما مكمن أو مستوى التمايز بينهما؟ثم متى وكيف يقوم “صراع الأدوار” وكيف يتأتى تجنبه؟
سيقوم التصدي الابستمولوجي لهذا المفهوم على مفهومين اجرائيين سيتيحان تحقيق نوع من الاقتراب في الإحاطة بامتداداته المتنية والسياقية التي يخضع لها استعمالا في بعض النصوص السوسيوانثروبولوجية.
أولا – الوضع والدور:
بالإضافة إلى ما ذهبت إليه بعض التعاريف التي أعطيت ل”الدور” في مجال علم النفس،باعتباره”يعكس مجموعة السلوكات والتصرفات المنبثقة عن الفرد الذي يحتل مكانة ما”[4]؛وأنه”عبارة عن سلسلة استجابات شرطية لأحد أطراف الموقف الإجتماعي الذي يمثل نمط التنبيه في سلسلة استجابات الآخرين الشرطية في هذا الموقف”[5].أو كما عرفه جي روشيه بأنه:”يتألف من قواعد ومعايير يخضع لها فعل الأفراد الذين يحتلون موقعا أو وظيفة خاصة في جمع أو جماعة من الناس،وفي طبيعة كل جماعة تقريبا مهما كانت صغيرة،أن ينشأ فيها تمييز في الوظائف سواء أكان بين الأشخاص أو بين التجمعات،بحيث أن كل واحد يقدم إلى المجموعة مساهمته المحددة والخاصة وأحيانا المميزة”.[6]
نجد أن البناء العلمي لهذا المفهوم يعود للإتجاه الوظيفي في المجالين الأنثروبولوجي أو السوسيولوجي، حيث ومن منطلق القضايا التي عنى هذا الإتجاه بدراستها داخل المجتمعات،كان الحضور التحليلي لهذا المفهوم مركزيا،وظهرت مفاهيم مقابلة له تم استعمالها لفائدة مزيد من الدقة في تحديد مفهوم الدور ذاته؛أو بحسب ضرورة السياق…
فالوظيفية بدأت كاتجاه علمي مع برونيسلاف مالينوفسكي،الذي أدخل الوظيفية إلى الحقل الأنثروبولوجي من خلال مفهوم الوظيفة،ولكنها تدعمت بمفاهيم أخرى كالدور والوضع الذين تمت أشكلتهما من طرف عالم الإجتماع إيفرت شيرينغتون والأنثروبولوجي رالف لينتون.
ففي مؤلفه les Argonautes du Pacifique Occidental[7] الذي ضمنه نتائج عمل سنوات طويلة من الملاحظة بالمشاركة التي قام بها في جزر Trobinad.
وقد مثلت بديلا معرفيا للنظريات التي كانت مهيمنة حينها خصوصا التطورية والإنتشارية،فالتطورية كانت تحلل ممارسات مختلف المجتمعات كنتائج لتطورها التاريخي،و بإلغائها لأي دور للإنسان في ذلك،فهي تعتبر أن قياس الإختلافات بين المجتمعات يقوم أساسا على تباين درجة تقدمها ونموها.
وعلى النفيض من ذلك؛تعتبر الإنتشارية أن المجتمعات مختلفة فيما بينها بطبيعتها،وما نلاحظه من ممارسات فيها هي نتيجة للتثاقف الحاصل بين المجتمعات المتجاورة،ويفسر الإنتشاريون أشغال المجتمعات وتطورها انطلاقا من تاريخ التبادلات والتفاعلات الثقافية والمعرفية بين المجموعات المكونة لها.
ولم يصادف هذين الإتجاهين القبول لدى مالينوفسكي،الذي اعتبر أنه لا يجب تحليل المجتمعات بناء على الأساس التاريخي للنظريتين السابقتين،لأن الطقوس السحرية السائدة في بعض المجتمعات كما لاحظها لا ينبغي النظر إليها برؤية عجائبية و كسلوك لا عقلاني،لأنها تتيح لأفراد مجتمعها محاربة التوتر الذي يسببه الإبحار…فتلك الممارسات تؤدي وظائف معينة تتوافق مع حاجيات خاصة،ليتقاطع في هذا الجانب مع مفهوم الحاجة عند دوركايم وعلاقته بوظائف الأعضاء/المكونات وأدوارها…
فالطرح الوظيفي لدى مالينوفسكي يفترض ويقر بأن جميع الممارسات لها وظيفة الإستجابة لحاجات معينة للأفراد،وفي ذات الوقت فمجموع المجتمع وليس عناصره المتفرقة ما يلبي حاجيات الأفراد،فالثقافة كل غير متفرق حيث مختلف عناصره متداخلة.
ويقترح الأنثروبولوجي البريطاني ألفريد راد كليف براون نموذجا تحليليا بديلا يقوم على ربط مختلف وظائف الثقافة ليس بحاجيات الأفراد ولكن بحاجيات المجتمع ممثلا في الكل:”فوظيفة أي استعمال اجتماعي خاص؛هي المساهمة التي يضيفها للحياة الإجتماعية،التي تعتبر كمجموع وظائف النظام الإجتماعي”.
ومن جانبه؛قام البحث السوسيولوجي تدريجيا ببناء مفاهيم الوضع والدور انطلاقا من فكرة الحس المشترك،الذي يحدد الوضع على أساس الأهمية التي يحوزها شخص ما داخل مجتمع ما.
فماكس فيبر يعتبر أن وضع مجموعة ما هي مجموع الأفراد الذين يشتركون في نفس المستوى من الوجاهة،كما يقيم تمييزا بين مختلف أشكال تلك الشراكة بين المجموعات السياسية والاقتصادية…
بينما رالف لينتون هو من أنتج أول تحليل نسقي لمفاهيم الوضع والدور في كتابه[8]“Le fondement culturel de la personnalité “لسنة 1945؛حيث يعتبر فيه أن المكانة التي يحتلها فرد ما في نظام ما وفي لحظة ما هي التي تحدد وضعه(Statu)بعلاقة مع ذلك النظام،والدور(le Rôle)نستخدمه لتعيين مجموع النماذج الثقافية المرتبطة بوضع ما،وبالتالي فهو يشمل الإتجاهات والقيم والسلوكات التي يخولها المجتمع لشخص ما أو لعدة أشخاص في وضع ما…والدور هو ما على الفرد القيام به للتصديق على حضوره في ذلك الوضع.
كما لاحظ لينتون أن الأفراد يمكنهم المشاركة في أنشطة مختلفة داخل المجتمع وبالتالي فهم يتوفرون على أوضاع مختلفة بالتبعية،لذلك ميز بين ما أسماه”الوضع القائم/الحالي” الذي يقوم فيه الفرد بأداء أدوار مناسبة له تمت مأسستها اجتماعيا،في حين تبقى باقي الأوضاع-وبالتالي الأدوار-في حالة”عطلة”،وينبغي توخي الإنتباه خلال حالات الإنتقال من وضع لآخر،لتفادي ما يمكن أن يبدو من صراع بين ما عليه الفرد وما يتوجبه الوضع الجديد بعد الإنتقال من وضع سابق إلى أخر مغاير اجتماعيا.
ويسجل لينتون أن المجتمعات الحديثة،تنتج وضعيات مختلفة قد يجد معها الأفراد أنفسهم يأتون أدوارا وسلوكات قد تكون متعارضة.
وينسب الفضل في تطور وتماسك البناء النظري الوظيفي إلى باحثين متفارقين،فهناك تالكوت بارسونز [9]Talcott Parsons،الذي وضع نظرية عامة للفعل الإجتماعي خلال الأزمة الإقتصادية في الثلاثينات،واعتبرها البعض حينها نوعا من الرد على الأطروحات النفعية أو الماركسية-حيث يتجاهل ماركس تماما في كتاباته-في مقاربتهم للنظام الرأسمالي،فأصدر عمله حول بنية الفعل الاجتماعي سنة 1937.
وتقوم الفكرة الأساسية لهذه النظرية”التطوعية للفعل الاجتماعي” التي لم يقطع فيها مع من سبقه ممن اهتموا بدراسة الفعل الاجتماعي بل أعاد تركيب استنتاجاتهم-على غرار فيبر؛مارشال؛باريتو؛دوركايم-على أساس المماثلة بين النسق الإجتماعي والكائن العضوي،وتتجاوز هذه المماثلة مجرد الإستعارة الضيقة إلى اعتبار بارسونز أن الحياة الإجتماعية هي كائن حي من نوع معين،فهي نظام اجتماعي يتكون من مجموعة أجزاء مختلفة بأدائها للوظائف الموكولة لها يقوم ذلك النظام.
وهذا التوجه يجعلنا نرى أن بارسونز لا يهتم سوى بالبحث عن تحديد أسباب تحقق حالة الإستقرار وتماسك النظام داخل المجتمع والدعوة إليها-على غرار دوركايم.[10]
وفي سنة 1951 أصدر بارسونز دراسته حول النظرية العامة للفعل الإجتماعي-والتي كانت منسجمة مع خصائص البحث السوسيولوجي الأمريكي المعتمد على الملاحظة وتجميع المعطيات الاحصائية أكثر من التنظير الصرف-والتي قام فيها بتحليل متكامل للمجتمع،والذي يجب أن يمكن من معالجة عمل النظام الإجتماعي؛وثقافته؛واقتصاده؛وأشكال شخصية أفراده،في أفق تحقيق إمساك فهمي بمنطق اشتغاله،يسمح بتوفير مقومات اشتغال أمثل وأنجح لأي نظام أو بنية تنظيمية ما داخله،وهو ما جعله يضع نموذجا وظيفيا اعتمد في صياغته على أعمال Robert Bales الباحث في علم النفس الإجتماعي،وأطلق عليه إسم AGIL(Adaptation ;Goal-attainment ;Integration ;Latence)، وتعني أن هناك نسقا فرعيا يتولى التأقلم وتكييف العلاقات بين النسق ومحيطه وإبعاد أي عنصر غريب عنه واستعاضته بمنتوج نسق ملائم له؛و نسق فرعي آخر يعمل على تحديد الأهداف والتحرك للتصرف بما ستوجبه تحقيقها؛ثم قيام نسق فرعي آخر بضمان الإستقرار داخل النظام ومراقبته بالتكفل بالإدماج وتنسيق الأنشطة الداخلية؛وأخيرا النسق الفرعي الذي يقوم بتوفير التحفيز لمختلف مكونات النظام.
والباحث الثاني هو روبيرت ميرتون Robert.k.Merton ،الذي أصدر كتابه حول النظرية الإجتماعية والبنيات الإجتماعية؛سنة 1949 أي قبل سنتين من إصدار بارسونز لكتابه عن النظرية العامة،حيث جاءت أفكاره كنقد مباشر لأفكار مالينوفسكي التي حصرها في ثلاثة نقاط هي: الكونية؛ الضرورة؛ والشمولية،ومطورا معاني مفهومي الدور والوضع،بعدما اعتبر أن الوظيفية الأنثروبولوجية ليست نهجا علميا صائبا وموفقا لدراسة المجتمعات الحديثة،لأن هذه الأخير تتميز بالتركيب،وتحمل تناقضات داخلية،كما اهتم ميرتون بدراسة الإختلالات والإنحرافات داخل المجتمع وهي الجوانب التي لم تقاربها الأنثروبولوجبة الوظيفية.
ويدعو روبيرت ميرتون خلافا لتوجه مالينوفسكي إلى الإبتعاد عن النظرية الشمولية وإنتاج نظريات يمكن الأخذ بها على المدى المتوسط،أي حد الملاحظة بمجال ضيق ومعين من الحياة الإجتماعية،حيث يمكن أيضا رصد بعض الممارسات التي قد تشكل اختلالات تؤثر على حسن اشتغال النظام.
وفي هذا الإطار أقام ميرتون تمييزا بين مفهومين للوظيفة؛حيث اعتبر وجود وظيفة ظاهرة هي تلك التي يعرفها وينتظرها الجميع ويؤتيها من هو في وضعها،وهناك الوظيفة الكامنة وهي التي لا تكون مقصودة أو منتظرة ولا مرغوبة،وتنتج بمناسبة أداء الوظيفة الظاهرة.[11]
وفيما يخص مفهومي الدور والوضع كما صاغهما لينتون ابتداء؛فقد لاحظ لينتون أن وضع فرد ما(كالأب مثلا)يقوم بمجموعة من الأدوار التي تختلف بحسب علاقته مع الأشخاص داخل الأسرة،فهو الزوج مع الزوجة وهو الأب مع الأبناء،وهو الإبن مع الأجداد…وبالتالي فالدور هو ما يستوجبه وضع ما؛ من فرد ما؛ داخل بناء اجتماعي ما،و أي عدم توافق سيؤدي إلى ما أسماه ميرتون ما بصراع الأدوار كما سنوضحه بعده.
ثانيا – صراع الأدوار :
يتملك الفرد مجموعة من الأدوار خلال نموه أو انتمائه لمجموعة أو جماعة أو مجتمع ما،وهي عملية تستغرق كل مراحل نموه،وتعطى لكل مرحلة أدوارها التي يتعين أداؤها في الطفولة أو في الشباب وبالنسبة للذكر أو للأنثى…ويمكن تصنيف تلك الأدوار بين ما هو اختياري وما هو إجباري اجتماعيا.
ويتم الحديث عن صراع الأدوار حينما تتعدد تلك الأدوار داخل الجماعة أو المجتمع مقابل وحدة الفرد،فهذا الأخير قد يكون مسؤولا ما وهو في نفس الوقت زوج ورب أسرة وينتمي لجماعة خاصة ثقافية أو سياسية أو دينية،بالإضافة إلى أدوار أخرى تتبع لانتماءاته المتعددة وحضوره فيها…ونفس الأمر بالنسبة للمرأة.
وهذا التعدد والتنوع في الأدوار والأنشطة تبعا للأوضاع المحتلة؛يفرض على الفرد إيجاد صيغ معينة تساعده على التوفيق بين كل وضع وما يستوجبه من أدوار خاصة به وتمتاز عن وضع آخر.
إضافة إلى الأدوار التي يستوجبها الموقع المهني أوتقسيم العمل أو تمثلات النوع الاجتماعي داخل المجتمع،والتي قد تولد صراعا سواء داخل الفرد الواحد،أو بينه وشركائه،أو بين البنيات التنظيمية[12].
ومقابل هذه الصراعات المحتملة لتعدد أو تعارض الدوار،يعتبر ميرتون أن المجتمع يرسي مجموعة من القواعد والحلول التي تعالجها بالتفادي أو التدخل،بما يمكن النظام الإجتماعي من احتواء جميع الأفعال الإجتماعية وأدوارها ويجعله بالتالي يضمن استمراريته،وذلك من خلال ما أسماه بالتنشئة الإستباقية Socialisation Anticipatrice التي يقوم فيها الفرد باكتساب واستدماج مجموع الأدوار التي يعطيها المجتمع لفرد ما في وضع ما،وهو ما يؤدي إلى تكوين مجموعات مرجعية Groupe de Référence الذي يرجع إليه الفرد لأخذ ما يلزمه من أدوار استوجبها وضعه الجديد الاجتماعي أو المهني.
كما أن المجتمع من جهته يضع مجموعة من الشروط أو المواصفات التي يتعين توافرها لدى كل فرد راغب في وضع معين؛كأن يصبح طبيبا أو أستاذا أو رجل أمن…وهو ما يسمح بانتقاء الفرد المناسب والذي يملء تلك الشروط.أما باقي الأفراد المحيطين بالشخص الذي يوجد في وضع ما؛فعليهم مسؤولية مراقبته وتقويمه وإعادته إلى ما يتوافق ومكانته إذا ما زاغ أو تجاوز ما هو مرصود لها من أدوار خاصة بها تنظمها الأهداف والقيم الثقافية المجتمعية،وبالتالي جعلها مقبولة ومتوافقة Conforme،ويمكن تفادي الوصول إلى حالة الأنوميا التي استعارها من دوركايم.
ولكن مادامت هذه الأدوار نمطية وموحدة حد الحتمية،فلماذا نجد اختلافا في مستوى أدائها بل وعدم الإلتزام بها أحيانا…؟
بالنسبة للشق الأول من السؤال فجوابه لدى بيير بورديو الذي واعتمادا على مفهوم الأبيتوس استطاع أن يعتبر أنه يتيح للفرد هامشا للتميز في مستوى ونوع دوره وفق وضع معين،أما الشق الثاني فقد اعتبر ميرتون أن مظاهر عدم المساواة الإجتماعية في شروط ميلاد ونمو الأفراد هو ما يتمظهر في شكل انحرافات تؤدي إلى تحلل الأفراد من بعض الأدوار التي يتوجبها عليهم وضع ما.
كما أنه وفي دراسته للبيروقراطية؛فقد اعتبر أن الإختلالات والمشاكل قد تنجم عن الفائض في عناصر النظام كالموارد البشرية؛وليس من غيابها أو عدم امتثالها للقواعد التنظيمية داخل المؤسسة.
– مراجع:
– العربية:
- أوتو كلنبرغ: علم النفس الإجتماعي،ترجمة حافظ الجمالي ج،المطبعة العمومية،دمشق 1965.
- إيان كريب:النظرية الإجتماعية من بارسونز إلى هابرمارس،ترجمة محمد حسين غلوم،سلسلة عالم المعرفة؛المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛الكويت،العدد 244،سنة 1999.
- باسا غانا: مبادئ في علم النفس الإجتماعي،ترجمة بوعبد الله غلام الله،ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر،1983.
- توما جورج خوري:الشخصية؛مفهومها؛سلوكها وعلاقتها بالتعلم؛ط1،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،بيروت؛1996.
- منا طلعت محمود:أساسيات في علم الإدارة،المكتب الجامعي الحديث،الإسكندرية،2003.
- وينفريد هوبر:مدخل إلى سيكولوجية الشخصية،ترجمة مصطفى عشوي،ديوان المطبوعات الجزائرية 1995.
– اللاتينية:
- Bronislaw Malinowski, Les Argonautes du Pacifique occidental (1922). Traduction française: 1963. Paris: Éditions Gallimard, 1963.
- Gilles Ferréol et autres:Dictionnaire de Sociologie ;Armand Colinn ;Ed Paris 1991
- Guy Rocher, Talcott Parsons et la sociologie américaine. Paris : Les Presses universitaires de France, 1972, 238 pp. Collection SUP le sociologue,no 29.
- Ralph Linton (1945),Le Fondement Culturel de la personnalité,Collection “Sciences de l’éducation”, no 11. Paris : Bordas, 1977.
– الويبوغرافيا:
http://classiques.uqac.ca/classiques/malinowsli/les_argonautes/les_argonautes.html.
– http://classiques.uqac.ca/classiques/Linton_Ralph/fondement_culturel/fondement_culturel.pdf.
– http://classiques.uqac.ca/classiques/Linton_Ralph/fondement_culturel/fondement_culturel.pdf
الهوامش
[1]– أورده؛وينفريد هوبر:مدخل إلى سيكولوجية الشخصية،ترجمة مصطفى عشوي،ديوان المطبوعات الجزائرية 1995،ص79.
[2]– باسا غانا: مبادئ في علم النفس الإجتماعي،ترجمة بوعبد الله غلام الله،ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر،1983 ص 189.
[3]– أورده؛أوتو كلنبرغ: علم النفس الإجتماعي،ترجمة حافظ الجمالي ج،المطبعة العمومية،دمشق 1965 ص47.
[4]– وينفريد هوبر:مدخل إلى سيكولوجية الشخصية،مرجع سبق ذكره،ص 80.
[5]– توما جورج خوري:الشخصية؛مفهومها؛سلوكها وعلاقتها بالتعلم؛ط1،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،بيروت؛1996 ص 62.
[6]– نقلا عن؛مجد الدين عمر خيري حمش:علم الإجتماع؛الموضوع والمنهج،ط1؛دار مجدلاوي للنشر؛الأردن،1999،ص140.
[7]– Bronislaw Malinowski, Les Argonautes du Pacifique occidental (1922). Traduction française: 1963. Paris: Éditions Gallimard, 1963Document disponible sur le lien : http://classiques.uqac.ca/classiques/malinowsli/les_argonautes/les_argonautes.html.
[8]– Ralph Linton (1945),Le Fondement Culturel de la personnalité,Collection “Sciences de l’éducation”, no 11. Paris : Bordas, 1977, 138 pages.Document disponible en version numerique sur le lien :
http://classiques.uqac.ca/classiques/Linton_Ralph/fondement_culturel/fondement_culturel.pdf
[9]– Guy Rocher, Talcott Parsons et la sociologie américaine. Paris : Les Presses universitaires de France, 1972, 238 pp. Collection SUP le sociologue,no 29.Document disponible en version numerique sur le lien :
http://classiques.uqac.ca/classiques/Linton_Ralph/fondement_culturel/fondement_culturel.pdf.
[10]– إيان كريب:النظرية الإجتماعية من بارسونز إلى هابرمارس،ترجمة محمد حسين غلوم،سلسلة عالم المعرفة؛المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؛الكويت،العدد 244،سنة 1999ص27.
[11]-Gilles Ferréol et autres:Dictionnaire de Sociologie ;Armand Colinn ;Ed Paris 1991 ;p 103.
[12]— منا طلعت محمود:أساسيات في علم الإدارة،المكتب الجامعي الحديث،الإسكندرية،2003؛ص 121و122.
*طيب العيادي
أستاذ باحث
جامعة ابن زهر_أكادير-المغرب