كاتب المقال : خلود عمرو
بصوغها مصطلح “حداثة قبلية” لا تحاول ميريام كوك، الاكاديمية البريطانية المهتمة في مجتمعات الخليج، أن تتخيل بديلا ذا خصوصية ثقافية للحداثة أو التعبير عن حداثة غير مكتملة يصف ما يحدث في الخليج. هي توضح أن هذا المصطلح، ورغم أنه يتشكل من لفظين متضادين، فإنه يتيح فهم التعقيدات الابستمولوجية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي عصفت ولا تزل تعصف بالخليج العربي ومجتمعاته منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم. “الحداثة القبلية” بتموضعها في قلب ما هو محلي ووطني وعابر للحدود تشكل منطقة اتصال واحتكاك تستدعي بحسب الكاتبة المعجزة التي عبرت عنها الكاتبة السعودية رجاء العالم عندما قالت في احدى رواياتها: “حيث العالم القديم والجديد يلتصقان كعاشقين”.
الفكرة الجديدة التي تقدمها كوك في كتابها الصادر حديثا “الحداثة القبلية: بروز الدول الجديدة في الخليج”Tribal Modern: Branding New Nations in the Arab Gulf وبهدف التقاط جدلية “القبلي والحداثي” تستند الى مفهوم البرزخ (القرآني) الذي يتيح تداخل القبلية والحداثة دون تمييع أو قضاء على القبلية، تماما كما يتداخل الماء العذب بالماء المالح في نقطة البرزخ ثم يخرج منها العذب على عذوبته والمالح على ملوحته.على ذلك فإن جوهر السؤال الذي تتصدى له كوك في كتابها هو الكيفية التي يمكن بها لمجتمعات قبلية في الجوهر الوصول الى حلول تصالحية مع الحداثة والتحديات والتعقيدات التي تطرحها. في مواجهة هذا السؤال الشائك تقول كوك إن عنوان كتابها “الحداثة القبلية” يتحدى الثنائية المفترضة في المصطلح نفسه. وتشير في هذا السياق إلى ضرورة التفكير بما هو قبلي وبما هو حداثي معا وفي وقت واحد. وهي ترفض النظرة السطحية التي تختزل المجتمعات الخليجية بالبداوة والثروة، وتدعو الى الغوص عميقا للاهتداء إلى المعاني المختلفة لكل ما يتجلى فيها من مظاهر قبلية او حداثية، وتشدد على التفريق بين ما هو قبلي وما هو تقليدي.وهنا فإن كوك تأخذ مفهوم “القبلي” في اطروحتها “الحداثة القبلية” بعيدا عن مفاهيم غربية تدرجه ضمن تصنيفات أو تعريفات ما هو بدائي وتفصله تماما عن الحداثة الغربية. وهي تقول إن “القبلي” كما يتجلى في الخليج العربي اليوم مندمج في “الحداثي” ويصعب التفريق بينهما.
بيد ان ثمة تحدياً آخر تتوقف عنده كوك بتوسع وهو العلاقة بين ما هو “وطني” وما هو “عابر للحدود الوطنية” او “خليجي”. فمنذ اعلان استقلالاتها كدول مستقلة اشتغلت النخب الحاكمة في كل دولة من دول الخليج على ايجاد كيان قومي حديث ومستقل عن الدول الأخرى، بحيث يتمتع كل من هذه الكيانات بسيرورة تطورية وسياسية مختلفة او متمايزة عن المجتمعات الشقيقة المجاورة.لكن ورغم ما بذل ويبذل من جهد فإن التشابه بين هذه المجتمعات يظل هو السمة الطاغية، ويتجاوز التمايزات “الوطنية” الجديدة او المفترضة. فالرموز والايقونات الوطنية التي تنتصب في معظم دول الخليج وبالأخص في شوارع الكورنيش متشابهة الى درجة مدهشة مثل اللؤلؤة، دلة القهوة، الضو، المبخرة، وبالطبع الصقر وهي تعكس تاريخا وجغرافيا وماضياً مشتركاً. هذا طبعا عدا السمات المشتركة في طبيعة وشكل النظام السياسي والعلاقة الاقتصادية الريعية بين الحكومات والشعوب.ومن خلال التركيز على ثقافة كل من دولة الإمارات وقطر والبحرين والكويت تقتفي كوك ما تصفه ببروز سمات وطنية مميزة (national branding) تجمع على نحو غير اعتيادي او مألوف لهويات وثقافات قبلية وحداثية في آن واحد. ورغم أن هذه السمات الوطنية واضحة على نطاق واسع فإنها لا تحظى بفهم او استيعاب جيد بحسب الكاتبة. وهي تقول إن كتابها يرمي إلى استعراض هذه السمات الوطنية وتقديمها بصورة تستجلب الاهتمام وتلفت النظر إلى ما تجمعه من تزامن وانسجام مطلق بين القبلية والحداثة دون تفضيل لأي منهما على الأخرى.
بيد ان ثمة تحدياً آخر تتوقف عنده كوك بتوسع وهو العلاقة بين ما هو “وطني” وما هو “عابر للحدود الوطنية” او “خليجي”. فمنذ اعلان استقلالاتها كدول مستقلة اشتغلت النخب الحاكمة في كل دولة من دول الخليج على ايجاد كيان قومي حديث ومستقل عن الدول الأخرى، بحيث يتمتع كل من هذه الكيانات بسيرورة تطورية وسياسية مختلفة او متمايزة عن المجتمعات الشقيقة المجاورة.لكن ورغم ما بذل ويبذل من جهد فإن التشابه بين هذه المجتمعات يظل هو السمة الطاغية، ويتجاوز التمايزات “الوطنية” الجديدة او المفترضة. فالرموز والايقونات الوطنية التي تنتصب في معظم دول الخليج وبالأخص في شوارع الكورنيش متشابهة الى درجة مدهشة مثل اللؤلؤة، دلة القهوة، الضو، المبخرة، وبالطبع الصقر وهي تعكس تاريخا وجغرافيا وماضياً مشتركاً. هذا طبعا عدا السمات المشتركة في طبيعة وشكل النظام السياسي والعلاقة الاقتصادية الريعية بين الحكومات والشعوب.ومن خلال التركيز على ثقافة كل من دولة الإمارات وقطر والبحرين والكويت تقتفي كوك ما تصفه ببروز سمات وطنية مميزة (national branding) تجمع على نحو غير اعتيادي او مألوف لهويات وثقافات قبلية وحداثية في آن واحد. ورغم أن هذه السمات الوطنية واضحة على نطاق واسع فإنها لا تحظى بفهم او استيعاب جيد بحسب الكاتبة. وهي تقول إن كتابها يرمي إلى استعراض هذه السمات الوطنية وتقديمها بصورة تستجلب الاهتمام وتلفت النظر إلى ما تجمعه من تزامن وانسجام مطلق بين القبلية والحداثة دون تفضيل لأي منهما على الأخرى.
المصدر : ملحق الكتب /جريدة العربي الجديد