الثقافة الهامشية هي الثقافة المتاخمة لثقافة أخرى، وتتصف عادة بأنها أفقر منها في الموارد التكنية والثقافة العامة. ولم يكن هذا المفهوم عندما وضعه راتزل Ratzel في عام 1891 سوى دلالة جغرافية بحتة. ولكنه اكتسب من خلال التفسيرات التطورية – وكذلك في نظر بعض المؤرخين المعاصرين – مفهوم: – “الثقافة المتخلفة”. إلا أن هناك – من ناحية أخرى – بعض الأثنولوجيين الذين يفضلون اليوم استخدام المصطلح بالمدلول نفسه الذي أعطاه له راتزل. وهكذا نجد هيرسكوفيتس Herskovits يقول: «إن الثقافة الهامشية هي الثقافة التي توجد فيها عناصر ثقافية من منطقة مجاورة». ويضيف أنه «بينما تشبه هذه الثقافات ثقافات الشعوب التي يعد أسلوب حياتها طرازيًا أو مركزيًا. فإنها تختلف عنها بدرجات تتفاوت تبعًا لبعد بيئتها الطبيعية عن البيئة الطبيعية للقبائل المركزية».
ولقد أوضح بينيت Bennett – بطريقة مقنعة – غموض مفهوم الثقافة الهامشية، إذ يقول:- يستخدم مفهوم “هامشي” بصفة مستمرة في دراسات تاريخ الثقافة القائم على التوزيع، وهو أكثر أنواع تلك الدراسات حاجة إلى المراجعة الفاحصة. ويستخدم مفهوم “هامشي” بطرق كثيرة مختلفة. فهو في بعض الحالات جغرافي صريح.. فتعد الثقافة هامشية إذا كانت واقعة فيما وراء حدود المنطقة الزراعية المحلية ثم يستخدم بمعنى قريب من ذلك حيث تعني الثقافة الهامشية تلك الثقافات الواقعة على تخوم مراكز حضارية متقدمة. وتستخدم بمعنى مغاير تمامًا لتشير إلى الثقافات التي ظلت على بدائيتها، أي القديمة. فتعد السمات الثقافية هامشية أيًّا كان مكانها، الأمر الذي أدى إلى ظهور مصطلحات مثل “هامشي داخلي”، وهامشي فرعي submarginal “. ومن الإساءات البالغة إلى المصطلح تعريف “الهامشي” بالقياس إلى المراكز الثقافية المعاصرة”. وقد صدر هذا الرأي بالنظر إلى الأبحاث الإثنوجرافية والأثرية التي أجريت في أمريكا الجنوبية، وإن شمل مجالها أيضًا بعض الدراسات المتصلة بتاريخ الثقافة في أماكن أخرى.
مراجع: Bennett 1953; Cooper 1941; Herskovits 1949; Ratzel 1891.