موقع أرنتروبوس

من الميسر الجاهلي الى الزكاة الاسلامية

untitled

الكتاب: من الميسر الجاهلي الى الزكاة الإسلامية، قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية

الكاتب: د. محمد الحاج سالم.

الناشر: دار المدار الإسلامي.

سنة النشر:2014.

عدد الصفحات:926.

يتناول هذا الكتاب أحد أشكال «الهِبَة» أو «البوتلاتش» الكوني في نسخته العربيّة القديمة، ألا وهو «الميسر الجاهلي» الذي كانت تمارسه العرب الغابرة شتاءً إذا كان الجدبُ وشُحُّ السماء، من خلال تقامر زعمائها على إبلٍ معدّة طقسيّاً للغرض، ليتمّ تفريق مرابيحها على المحاويج والمعوزين. فعلى غرار البوتلاتش الكوني، لم يَعْدَم الميسر العربي أبعاداً اقتصاديّة واجتماعيّة ودينيّة واضحة، لكنّه كان على وجه الخصوص ذا بُعد سياسي خفيّ يتمثّل في اعتماده آليّة لانتخاب زعماء العشائر على أساس القدرة على السخاء والتضحية في سبيل الجماعة منعاً لتلاشيها البيولوجي، أو استلحاقها من قِبَل جماعات أكبر، وهو بذلك إواليّة سياسيّة واعية مانعة لتوحّد القبائل في جسم سياسي واحد، أي مانعة لنشوء نصاب مستقلّ عن المجتمع يتولّى تصريف الشأن العامّ (الدولة). إنّه كتاب يعتمد منهجاً متعدّد الروافد يجمع بين منجزات علوم الإناسة السّياسيّة والثقافيّة والدّلاليّة من أجل إعادة قراءة مفردات «الدِّين العربي الجاهليّ» والأُسس الّتي انبنت عليها طقوسه المتشابكة والمتمحورة حول طقس المَيْسِر و«العقيدة الدهريّة» المقدّسة للنّجوم، من أشربة وأطعمة (الخمر وذبائح الأنصاب) وأموال مسيّبة للآلهة (الإبل والأغنام والحرث) وقرابين حيوانيّة وإنسانيّة (العِتْر والوَأْد)، وهو ما مكّنه من إعادة بناء جملة الأفكار التي تحملها المدوّنة التراثيّة العربيّة بشأن المَيْسِر بوصفها تعبيراً حضاريّاً عربيّاً مخصوصاً لممارسة دينيّة عميقة الجذور عند جميع شعوب المنطقة العربيّة القديمة، ليتوصّل إلى أنّ التّحريم الذي مارسه الإسلام النّاشئ إنّما كان يهدف إلى تغيير «المجتمع الجاهليّ» تدريجيّاً إلى «مجتمع إسلامي»، مستهدِفاً خلال المرحلة المكّيّة بُناه الذهنيّة، ليباشر في المدينة وخلال مرحلة انتقال البناء المجتمعي من «القبيلة» إلى «الأمّة» ضرب مؤسّساته وأهمّها «مؤسّسة المَيْسِر»، كي يستبدلها في مرحلة «التمكّن» بـ«مؤسّسة الزكاة» التي احتفظت بنفس «المنافع» الاجتماعيّة والاقتصاديّة مع إفراغها من مضمونها الديني وتحويل هدفها السّياسيّ من «اللّقاحيّة» إلى «الإسلام»، أي من «الإذعان لعُرْف القبيلة» إلى «الإذعان للشّريعة»، ومن ورائه «الإذعان للدّولة»، وباختصار: الخروج بالعرب من الدهر

Exit mobile version