[inlinetweet prefix=”” tweeter=”” suffix=””]يشهد العالم تحولا رقميا في الحياة بشكل عام، غير الكثير من المشهد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الحديث، وجاء ظهور فيروس كورونا ليزيد هذا المشهد انتشارا وتعميما.[/inlinetweet] لذلك دعت الحاجة بأن تكون الثقافة الرقمية محور الاهتمام ومن ضمن الأولويات التي توليها المؤسسات في المجتمعات المختلفة، وذلك من أجل نشر الوعي التقني والاستخدام الأمثل لتلك التقنية في تيسير المهام والعمليات وتقديم الخدمات للمستفيدين بكل جودة وإتقان.
وقد [inlinetweet prefix=”” tweeter=”” suffix=””]ساهم استخدام الواسع للتكنولوجيا الالكترونية الجديدة في إيجاد أساليب جديدة لأنماط حياة جديدة بعد أفول الثقافات التقليدية، وصعود و بلورة معطيات ثقافية جديدة أصبح يطلق عليها الثقافة الرقمية[/inlinetweet]، خاصة وأن ثقافة الجيل الجديد بلغت من التعقيد إلى أن أصبحت متعددة المشارب والمفاهيم، ومتفرعة إلى أطر تحكمها عوالم افتراضية، بفعل تكنولوجيا الاتصالات الرقمية تحت مسمى صناعة الثقافة.
ومن ثم تعرضت الثقافة في هذا العصر إلى تغير فانقلبت مظاهر القيم الجمعية إلى قيم فردية مع ظهور ثقافة الشباب المتأثر بأنظمة الثقافة التقنية السريعة التدفق نتيجة تنامي استخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة من قبل الاجيال الجديدة، حتى بات العالم ليس قرية صغيرة – مثلما كان يقال- وإنما غرفة صغيرة تنتشر فيه المعرفة بسرعة قياسية، وصارت فيه الممارسات الثقافية مرتبطة بالفضاء الرقمي مخللة مجموعة من القواعد، وهو ما يدل على حدوث تحولات شاملة للثقافة في هذا العصر الرقمي وأن العالم يشهد تزايد أهمية الثقافة الرقمية.
ماهو مفهوم الثقافة؟
[inlinetweet prefix=”” tweeter=”” suffix=””]تُعرف الثقافة عموما على أنها مجموعة من المعتقدات والمواقف والسلوكيات المشتركة بين جميع أعضاء مجموعة محددة والتي غالباً ما يصعب تغييرها.[/inlinetweet] وقد تكون المجموعة مجتمعاً أو عرقاً أو فئة عمرية معينة أو منظمة. كما تحكم الثقافة تفضيلات الناس وأذواقهم، وبالتالي تلعب دوراً رئيسياً في عملية التسويق.
ولقد شاع استعمال كلمة الثقافة بدءا من منتصف القرن التاسع عشر بمعنى تلك القدرة الإنسانية الشاملة على التعلّم ونقل المعارف واستخدامها في الحياة. وأصبح مفهوم الثقافة من المفهومات المركزية التي تعالجها الأنثروبولوجيا في القرن العشرين، ويشمل كل ظواهر حياة الإنسان. ومن أقدم التعريفات وأشدها رسوخا وثباتا كان التعريف الذي قدمه إدوارد بورنث تايلور في بداية كتابه “الثقافة البدائية” الصادر عام 1871 حيث عرّف الثقافة بأنها “تلك الوحدة الكلية المعقدة التي تشمل المعرفة والإيمان والفن والأخلاق والقانون والعادات، بالإضافة الي أي قدرات وعادات أخرى يكتسبها الإنسان بصفته عضواً في مجتمع”.
ومع التقدم الحاصل في علم الأنثروبولوجيا، قدم علماء آخرون تعريفاتهم الخاصة والمتعددة لمفهوم الثقافة، وأثبت عالما الأنثروبولوجيا الأميركيان أ. ل. كروبر وكلايد كلوكن في كتابهما المعنون “الثقافة: مراجعة نقدية للمفهومات والتعريفات “تعريفاً يتراوح بين “السلوك المثقف” إلى “الأفكار في العقل”، إلى “التركيب المنطقي”.. الخ.
إلا أن التعريف المفضل عند هاذين العالمين هو أن الثقافة “عملية تجريدية”، أي “تجريد مستخلص من السلوك” ولكنها ليست سلوكاً. وحاول ليزلي وايت أن يقدم حلاً لإشكال أثير حول كيف يمكن لشيء مجرد، أي الثقافة، أن يكون موضوعاً لعلم، بمقالته “مفهوم الثقافة” عام 1959 حين أكد أن القضية ليست في ما إذا كانت الثقافة شيئاً حقيقياً أو مجرّداً، بل القضية كل القضية هي في السياق الذي يجري فيه التأويل العلمي. فعندما ينظر إلى الأشياء والأحداث في سياق علاقاتها بالإنسان، فهي تؤلف السلوك. وعندما ينظر إليها من خلال علاقتها بعضها ببعض، فهي تصبح ثقافة.
تعريف الثقافة الرقمية؟
“[inlinetweet prefix=”” tweeter=”” suffix=””]الثقافة الرقمية” هي مصطلح يوضح آلية عمل تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع هذه التكنولوجيا واستخدامها في حياتهم العملية والشخصية.[/inlinetweet] إذ تشمل الثقافة الرقمية الطرق والتقنيات والوسائط الجديدة التي يمكن استخدامها لأداء المهام المطلوبة.
الثقافة الرقمية هي أيضا مصطلح يشير إلى التغيرات الثقافية التي ينتجها تطوير ونشر التكنولوجيا الرقمية وخاصة الإنترنت وشبكة الويب. ويرتكز مضمون ومفهوم الثقافة الرقمية على بناء منهجية للتفكير من خلال دمج عناصر من عدة حقول ثقافية منفصلة سابقا، والعمل مع الآخر حتى لو كان بعيدا.
وقد شاع مصطلح “الثقافة الرقمية” خلال الفترة الأخيرة[inlinetweet prefix=”” tweeter=”” suffix=””]، في إشارة إلى معطيات ثقافية جديدة من جراء استخدام التكنولوجيا [/inlinetweet]الالكترونية الجديدة، وما نتج عنها من هوة فاصلة بين الدول المتقدمة والدول الفقيرة التي تعرف ب “الفجوة الثقافية”.
الثقافة الرقمية لم تعد تقتصر على سن أو جنس أو عرق أو بلد معين، الجميع انغمس في بحورها وراح ينهل من محتوياتها ويطلع عليها بنهم كبير، فهناك من فعل هذا بحذر وحيطة، وهناك من قام بالأخذ الكلي منها دون تصفية أو تمحيص، فما معنى الثقافة الرقمية؟ وكيف يستفيد منها تلاميذنا في المدارس وطلّابنا في الجامعات؟ هل أخذوها بإيجابياتها وسلبياتها؟ أم أنّهم قاموا بتصفية محتواها؟
ولأنّنا في عصر التكنولوجيا، فقد أصبح لزاما استخدام مصطلحات تتماشى مع هذه الثورة العلمية، ومنها مصطلح الثقافة الرقمية التي تشير إلى معطيات جديدة يفرضها عالم التطور العلمي والحضاري، فقد وحّدت هذه الثقافة شعوب العالم وجعلتها تتوق إلى تشكيل معرفة واسعة، وأصبح يطلق على هذا المجتمع الموحّد تسميات مختلفة، منها مجتمع المعرفة ومجتمع المعلومات، حيث أصبحت المعرفة أهم مصادر التنمية، وإنتاج المعرفة أهم مصادر الدخل القومي، حيث تُوفر كما هائلا من المعلومات مع توظيفها لصالح المجتمع.
وتُعرّف ليزلي أوزبورن، وهي مديرة جمعية اتحاد السياسات والبحوث الرقمية في هيئة الإعلام والاتصالات الأسترالية، الثقافة الرقمية بأنها: “امتلاك المهارات والمقدرات للمشاركة في اقتصاد رقمي وبخاصة المقدرة على استخدام وفهم وتفسير الاتصالات الرقمية”. وأضافت: “لقد جعلت أستراليا الثقافة الرقمية أولوية وطنية وقد طبقت العديد من البرامج على الصعيد الوطني مع التركيز في الغالب على المدارس”.
ولدى تيسا جولز، وهي رئيسة مركز الثقافة الإعلامية، مفهوما آخر للمعرفة الرقمية وتعرفها على أنها: “المقدرة على الوصول والتحليل والتقييم والمشاركة مع النماذج الرقمية لوسائل الاعلام”. وترى جولز الثقافة الرقمية على أنها شيء يستلزم تدريسه للأطفال في المدارس، وتساعد منظمتها في إيجاد نهج وطرق لتعليم المعلمين حول الكيفية التي يمكن بها تناول الموضوع”.
الثقافة الرقمية وطبيعة المحتوى
وتوافق الدكتورة حصة الجابر، وهي الأمين العام للمجلس الأعلى للاتصالات في دولة قطر، أوسبورن وجولز رأييهما فيما يتعلق بالثقافة الإعلامية الرقمية. وتقول “إن الثقافة الرقمية هي الحاجة لقراءة وكتابة معلومات سمعية بصرية لا النصوص المختلفة. إنها المقدرة على استخدام إعلام متعدد والقدرة على استيعاب المعلومات التي يتم تلقيها. إلا أن المقدرة على فهم المعلومات ليست كافية، إنها المقدرة على تداول وتناول هذه المعلومات بشكل حريص ودقيق. والاستفسار والتحليل والتقييم كلها ضرورية وأساسية”.
وترى الجابر أن ما يلزم ترويج الثقافة الإعلامية الرقمية هو احتواء محتوى عربي بشكل أكبر، وتضيف: “لا يمكن أن نكون ناجحين بشكل كامل في زيادة المحتوى الرقمي إلا إن قمنا بزيادة مقدار المحتوى العربي على شبكة الإنترنت”.
والجدير بالذكر أن الكثير من المحتوى على شبكة الإنترنت هو إعلامي رقمي موجه للشباب ولكنه ليس باللغة العربية.
ماذا تعني الثقافة الرقمية؟
تعني عملية تدريس وتعليم ما يتعلق بالتكنولوجيا واستخدامها وكيفية عملها بهدف الاستفادة منها بأكثر من طريقة ملائمة:
- التعلم والتمكن من التكنولوجيا قبل استخدامها.
- التحقق من دقة وصحة المعلومات وتقييم المصادر المختلفة في الشبكة العنكبوتية.
- مشاركة المعلومات الصحيحة في مواقع التواصل الاجتماعي.
- كشف وتطوير أنماط التعلم على الشبكة العنكبوتية والتعلم عن بعد.
- توظيف المعلمون للتكنولوجيا بطرق جديدة ومبتكرة لتحفيز تعلم الطلاب وتنمية مهارات القرن الحادي والعشرين.
- توفير محتوى رقمي دقيق ذو صلة بمجالات تعليمية متنوعة.
فوائد الثقافة الرقمية
- مكنت الأشخاص من التواصل مع بعضهم البعض عبر الرسائل النصية أو المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو أو تبادل الوسائط المتعددة، كما ساعدت على تسهيل إجراء اجتماعات العمل والتعلم عن بُعد، وذلك بفضل تقنيات المؤتمرات الافتراضية والكتب الرقمية وما إلى ذلك.
- ساعدت الأشخاص على تبادل الكثير من المعلومات بسرعة عالية فيما بينهم، من أي مكان في العالم.
- ساعدت على أداء الأنشطة والأعمال بسرعة وبجودة عالية.
أهمية الثقافة الرقمية للشركات
- إلغاء العمل وفقًا للتسلسل الهرمي، إذ يساعد ذلك على تسريع العمل والسماح للموظفين بإصدار أحكامهم الخاصة، ويُمكنِّهم من اتخاذ قراراتهم بسرعة وفي الوقت المناسب.
- تشجع المؤسسات على غرس مفهوم الإبداع والابتكار داخل مكان العمل وتحفيز الموظفين على تجربة أشياء جديدة وغير مألوفة بالنسبة لهم.
- تساعد الشركات على جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بموظفيها الحاليين، وذلك لأن الثقافة الرقمية تعمل على خلق بيئة عمل تعاونية ومستقلة.
- تعد الثقافة الرقمية القوية ميزة تنافسية للشركة، إذ أن إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة إلى بيئة العمل يساعدها على الاستمرار والاستدامة في سوق العمل والمنافسة بقوة مع الشركات المحيطة بها.
الثقافة الرقمية والمثقفون
فيما يدعو المفكر العربي حسن حنفي إلى توظيف جوهر “العولمة” و”المعلوماتية” للكشف عن الماضي بشقيه التراثي والتاريخي، بل يعده مطلبا ثوريا في وجداننا المعاصر.
فإن الكاتب والناقد السوري كمال أبوديب له رؤيته في كون “الحداثة” بكل معطياتها ودلالاتها، حيث يتسع نطاقها إلى الأدب والفن والتكنولوجيا.. لا تاريخية، وأن مكوناتها لا زمانية، وهو بذلك يميل إلى مرجعتها العلمية “الغرب”.
وفي المقابل، هناك أقلام غربية وأمريكية منهم “صموئيل هانتيجتون” في مقاله “الغرب”، يرفض أن العالم يسير نحو ثقافة واحدة، وأن انتشار السلع الاستهلاكية لا يعنى غلبة الثقافة والفكر الغربي.. لأن البلدان تلوذ ب “ثقافتها الخاصة، ودياناتها الخاصة”، ومن حاول العكس يمزق.
بينما يركز نبيل على، المفكر المصري والعالم في مجال معالجة اللغات الطبيعية حاسوبيا- كاتب، على ضرورة الاعتماد على الأخذ بعدد من الأفكار:
- الدمج بين الثنائيات.. مثل “العولمة والمحلية” أي “فكر وأفعل عولميا ومحليا”.
- الجمع بين الاقتصاد التقليدي واقتصاد المعرفة.
- فكرة التنافس والتعاون، وهو الملاحظ بين شركات التجارة الالكترونية الآن.
- فكرة التعليم والجمع بين التعليم الرسمي (النظامي) واللانظامى في مراكز التدريب وفى أماكن العمل.
- فكرة الإعلام والدمج بين الإعلام التنموي والترفيهي معا…الخ.