موقع أرنتروبوس

كتاب Manthropology : الإنسان المعاصر كائن ضعيف

أثار كتاب حديث للعالم الأسترالي المتخصص في  الأنثروبولوجيا بيتر ماكاليستر Peter McAllister العديد من الكشوفات والمزاعم المثيرة التي تزيح النقاب وللمرة الأولى عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بقصة تطور الإنسان على مر العصور الزمنية المتعاقبة. فتقول صحيفة الاندبندنت البريطانية إن هذا الباحث فجَّر في كتابه الذي عنونه بـ ” Manthropology ” العديد من المفاجآت، ومنها أن كثيرين من سكان استراليا الأصليين كان بإمكانهم تجاوز الرقم القياسي المسجل حاليًا باسم العدَّاء الجامايكي “يوسين بولت” في سباقي الـ 100 و 200 متر في الظروف الحديثة.
كما يشير ماكاليستر إلى أن بعضًا من رجال قبيلة توتسي في رواندا نجحوا في تجاوز الرقم القياسي الحالي في الوثب العالي بمسافة قدرها 2.45 متر، خلال بدء المراسم التي كان يتعين عليهم أن يقفزوا فيها مسافة لا تقل عن طول أجسادهم ليتقدموا وينتقلوا إلى طور الرجولة. أما الإدعاء الثالث الذي أورده ماكاليستر في كتابه الذي أُطلِق عليه عنوانًا فرعيًا هو “علم الرجل المعاصر غير المؤهل”، فهو الذي تحدث عن أن أي امرأة ” نياندرتال” كان بإمكانها ضرب لاعب كمال الأجسام السابق وحاكم ولاية كاليفورنيا الحالي أرنولد شوارزنيغر خلال مباراة مصارعة بالذراعين.

وقال ماكاليستر في الجملة الافتتاحية للمقدمة التي أدرجها بالكتاب: “إن كنت تقرأ ذلك، إذًا فأنت – أو ذلك الرجل الذي اشتريت الكتاب من أجله – الرجل الأسوأ في التاريخ”. ومن خلال خوضه في نطاق واسع من المواد المصدرية، وجد ماكاليستر أدلة تبرهن على أن الإنسان المعاصر أدنى من أسلافه في تخصصي الجري والقفز الأساسيين بألعاب القوى الاولمبية، وكذلك العديد من المجالات الأخرى. وتمضي الصحيفة لتشير هنا إلى أن النتائج التي خلص إليها ماكاليستر عن سرعة سكان إستراليا الأصليين قبل 20 ألف سنة قد استندت إلى مجموعة من آثار الأقدام، التي حُفِظت في قاع بحيرة ذات طبقة غضارية متحجرة لستة رجال كانوا يطاردون فريسة.

حيث أظهر تحليل لآثار أقدام واحد من هؤلاء الرجال، الذي أُطِلق عليه اسم TB، أن سرعته وصلت إلى 37 كيلو مترًا في الساعة أثناء ممارسته الجري فوق حافة بحيرة موحلة ولينة. وبالمقارنة، تمكن بولت من بلوغ سرعة قصوى قدرها 42 كيلو مترًا في الساعة أثناء تحقيقه للرقم القياسي العالمي في سباق الـ 100 متر عدو خلال 9.69 ثانية بدورة الألعاب الأوليمبية الأخيرة في بكين. وفي مقابلة له في جامعة مدينة كامبريدج الإنكليزية، حيث كان يقيم بشكل موقت، قال ماكاليستر إن التدريبات الحديثة، والأحذية المرتفعة، والمسارات المطاطية، ربما كان لها دورًا في تمكين الصيادين من السكان الأصليين من بلوغ سرعة قدرها 45 كيلو مترًا في الساعة.

وبالنسبة إلى الوثب العالي، أوضح ماكاليستر أن الصور الفوتوغرافية التي التقطها عالم ألماني مختص بعلم الإنسان أظهرت شبانًا وهم يقفزون ارتفاعات تصل إلى 2.52 متر في السنوات الأولى من القرن الماضي. وتابع بالقول :” لقد كان ذلك من الطقوس الاستهلالية التي يتعين على الجميع القيام بها. فقد كان عليهم أن يتمكنوا من قفز مسافة تعادل أطوالهم للتقدم والانتقال لمرحلة الرجولة. كما كانوا يُقدمون على ذلك طوال الوقت، وكانوا يعيشون حياة غاية في النشاط منذ نعومة أظافرهم. وقد اكتسبوا قدرات هائلة جدًا في القفز، منذ بداية ممارستهم لهذا النشاط في مرحلة الصبا وبعد ذلك كي يثبتوا أنفسهم”.
في حين كشف ماكاليستر أيضًا أن امرأة ” نياندرتال” كانت تمتلك قوة عضلية إضافية تزيد بنسبة 10 % عن الرجل الأوروبي المعاصر. وإذا ما تم تدريبها لزيادة قدرتها، كانت ستصل قوتها العضلية إلى 90 % من قوة شوارزنيغر في عنفوانه خلال عقد السبعينات من القرن الماضي. وتابع هنا قائلا ً :” لكن نظرًا لنزوة تشريحها الفيزيولوجي، حيث الذراع الأكثر قصرًا وإنخفاضًا، فلن تواجه المرأة مشكلة في ضربه بصورة عنيفة”.

وعن أسباب تراجع القوة البدنية للإنسان المعاصر، يجيب ماكاليستر على تلك الجزئية بقوله :” نحن خاملون للغاية هذه الأيام وأصبحنا نعتمد على المعدات منذ نشوب الثورة الصناعية. وقد كان هؤلاء الأشخاص أكثر قوة منا. في الوقت الذي يتميز فيه الجسد البشري بالمرونة الشديدة والاستجابة للإجهاد. لقد فقدنا 40 % من رماح عظامنا الطويلة نظرًا لوجود قدر أقل بكثير من التحميل العضلي عليهم هذه الأيام. فضلاًعلى أننا لا نتعرض للتحديات ذاتها التي كان يواجهها هؤلاء الأشخاص في الماضي القديم وحتى الحديث، ما كان سببًا في عدم تطور أجسادنا. كما أن مستوى التدريبات التي نقوم بها، أو صفوتنا من الرياضيين، لا تدنو من ذلك. ونحن من جانبنا، لا نريد أن نعود إلى وحشية هذه الأيام، لكن هناك بعض الأشياء التي يمكننا أن نفعلها بصورة جيدة لنستفيد منها”.

Exit mobile version