الكتاب: علم الإنسان الإفريقي رسالة في التسامح.
الكاتب: د. عبد العزيز شاهين.
سنة النشر: 2014 م.
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
الدكتور عبدالعزيز شاهين *
يهدف هذا الكتاب الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب إلى معرفة الإنسان الإفريقي، ثقافته ونظمه الاجتماعية المختلفة، حتى يتسنى التواصل الحضاري والثقافي بين شعوب القارة الإفريقية وبين العرب، كما يسعى إلى التعرف إلى الاتجاهات الحديثة في علم الإنسان الإفريقي في القرن الحادي والعشرين في مجال دراسة النظم والثقافة والنظرية الأنثروبولوجية في إطار الهوية الإفريقية وفي سياق نظرية العولمة وتجاوز الفكر الإنساني للحدود القومية، ولمعرفة التأثيرات التي تمارسها العولمة على إفريقيا، إذ إنها تشتمل على مجالات سياسية واجتماعية وثقافية والعديد من أوجه الحياة الأخرى، حيث إن إفريقيا اليوم تواجه تحديات سياسية وأيديولوجية واقتصادية وثقافية كثيرة .
كذلك يهدف الدكتور عبدالعزيز شاهين من خلال هذا الكتاب وعنوانه “إفريقيا . . دراسات في علم الإنسان الإفريقي”; إلى معرفة التحولات الناجمة عن العولمة والديناميات الثقافية الجديدة في إفريقيا وعرضها وتفسيرها في إطار الهوية الإفريقية، وعلاقتها بالعولمة، وناصية العولمة الثقافية، وأيضاً تعميق الترابط الوثيق بين الثقافات والنظم الإفريقية وبين الثقافات المصرية والعربية المعاصرة برؤية متكاملة .
ويوضح المؤلف أن الغاية النهائية لعلم الإنسان أن يطوف بنا بين الثقافات والجماعات الإنسانية عبر المكان والزمان، فنتعلم أن البشر ونظمهم وثقافاتهم ليست شيئاً واحداً، فالثقافات والمعايير تتنوع، والنظم تتلون وتتشكل، فعلم الإنسان يلتمس لكل ثقافة منطقها ويبحث فيها عن تكاملها الداخلي ورقيها وإنسانيتها .
ومن هذا الكتاب نتعلم أن للآخرين الحق نفسه في أن تكون لهم ثقافتهم ونظمهم في الحياة، فإن حدث ذلك فقد وصلتنا رسالة التسامح الثقافي والاجتماعي، وهي الهدف الأسمى لعلم الإنسان، فإفريقيا تشكل العمق الاستراتيجي والحيوي المهم لمصر والعالم العربي، لوجود روابط تاريخية وثقافية وعلاقات اقتصادية مهمة، كما أنها تشكل أمن واستقرار هذه المنطقة، بدءًا من حركة المرور في البحر الأحمر، وضمان تدفق مياه نهر النيل، والعلاقات الحدودية مع شمال إفريقيا العربية، بسبب التداخل الكبير في هذه القضايا بين العالم العربي وإفريقيا .
ويسهم هذا الكتاب في التعرف إلى إفريقيا ثقافياً واجتماعياً، في وقت تموج فيه القارة بالكثير من الإنتاج الفكري والثقافي، الذي يحظى بعناية مراكز العلم والتعليم والأدب والثقافة في أوروبا وأمريكا .
ويحتوي الكتاب على مجموعة من دراسات علم الإنسان الإفريقي الحديث حيث يتضمن الفصل الأول دراسة وتحليل لاتجاهات الدراسات الأنثروبولوجية في الألفية الثالثة، ويتناول الفصل الثاني دراسة موضوع العولمة الثقافية وانعكاساتها على الثقافات الإفريقية، بالدراسة والتحليل من حيث الإطار النظري، حيث ركز على دراسة الاتجاهات التفسيرية للعولمة الثقافية، على الثقافات المحلية الإفريقية من حيث السلوكيات والأخلاق وعولمة الفساد واللغات التقليدية، وعولمة المرأة والقيم والذوق العام وأذواق المستهلكين . ويركز الفصل الثالث على دراسة وتحليل الحياة الاقتصادية والاجتماعية لقبائل الدنكا في السودان الجنوبي، حيث يتناول أربعة موضوعات رئيسة، الأول يركز على دراسة الأثر البيئي في تشكيل اقتصاد هذه القبائل وعلى حركة السكان في المنطقة، بينما يركز الثاني على الحياة الاقتصادية، والثالث يتعلق بدراسة الحياة الاجتماعية، بينما اختص الموضوع الأخير بدراسة أثر المتغيرات الاقتصادية الحديثة على قضايا الوحدة والترابط في السودان عامة، وفي جنوبه خاصة .
ويشير المؤلف إلى أن العولمة الثقافية في النهاية هي عملية قهر ثقافي لم يعرف الإنسان مثيلاً لها في تاريخه الطويل، قهر لتفرد الإنسان داخل أمته، وقهر لأي هوية ثقافية، قد تتمسك بها أمة من الأمم .
ويقول: إذا كان الأمر كذلك فإن المشكلة تظهر على أنها أكبر بكثير مما تظن، فهي ليست مشكلة دينية أو قومية أو مشكلة تنظيم اقتصادي أو اجتماعي، بل هي مشكلة تتعلق بميول إنسانية متضاربة ومتصارعة، ليس هناك أي ضمان لأن ينتصر من بينها أفضلها أو أنبلها أو أنسبها لبقاء الإنسان نفسه على ظهر الأرض.
* أ.د. عبدالعزيز راغب شاهين
استاذ الأنثروبولوجيا السياسية والإقتصادية
معهد البحوث الأفريقية جامعة القاهرة