الكتاب: البحث الميداني في العلوم الإجتماعية: مفهومه وأسسه المعرفية والثقافية والتقنية
الكاتب: د. محمد سعيدي
سنة النشر: الطبعة الثانية – 2014.
عدد الصفحات:50 صفحة .
مبروك بوطقوقة
قليلة هي الكتب التي تتحدث عن الميدان والبحث الميداني في العلوم الإجتماعية في المكتبة العربية وعموما- حسب تجربتي- كتب المنهجية العربية مملوءة بالحشو النظري الذي لا طائل من ورائه وأكثره مجرد سرد لتعريفات ومفاهيم مجردة لا يستفيد منها الباحث قليلا ولا كثيرا بل يضيع فيها ماله ووقته، لكن كتاب الأستاذ الدكتور سعيدي محمد شيخ الأنثروبولوجيا في الجزائر يغرد خارج السرد لأنه كتاب فريد في نوعه فرغم صغر حجمه الذي لا يتعدى 50 صفحة إلا أنه كنز معرفي منهجي لا غنى عنه لكل باحث يسعى إلى التسلح بالمفاهيم والأسس المعرفية والأدوات البحثية والتقنيات الميدانية الضرورية لنجاح بحثه الميداني
تسلسل المعالجات في الكتاب جاء منطقيا بحيث يتدرج بالقاريء شيئا فشيئا في تجلية الموضوع وتوضيحه، فبعد مقدمة تبين أهمية البحث الميداني كضرورة منهجية لجمع معطيات ميدانية تسمح بالوصول إلى نتائج سليمة وتضع النظرية الإجتماعية على المحك ينتقل الكاتب للتعريف بالميدان وطبيعته وصعوباته العلمية والمالية والأمنية ويقترح مجموعة من الأساليب لمواجهتها والتغلب عليها، بعد ذلك يبدأ في شرح التقنيات البحثية بسهولة ويسر حيث شرح تقنيات الملاحظة والملاحظة بالمشاركة والمقابلة والتسجيل والتصوير التقني، وعند حديثه عن كل تقنية يقدم مجموعة من التوجيهات العملية الكفيلة باستثمارها على أفضل وجه فمثلا عند حديثه عن المقابلة يذكر مجموعة من الأمور التي يجب مراعاتها لنجاح المقابلة وهي :
– ضرة اختيار الأشخاص الممكن مقابلتهم
– ضرورة اختيار الأسئلة الهادفة والمفيدة والمثمرة
– ضرورة اختيار وقت المقابلة
– ضرورة اختيار مكان المقابلة
-ضرورة احترام الحالة النفسية للمبحوثين
كما خصص الكاتب عنصرا للحديث عن لغة الأهالي وأهمية تعلمها ثم تحدث عن الدليل الإخباري والذي يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط وهي:
– المعرفة العامة بموضوع البحث
– الصدق والأمانة في نقل الأخبار
– أن يكون محبوبا ومحترما من طرف الأهالي
– أن يكون دائما تحت تصرف وسلطة الباحث
وختم الكاتب كتابه بالحديث عن أخلاقيات البحث الأنثروبولوجي والإجتماعي الميداني داعيا البحاثة إلى التحلي بالخلق القويم واحترام الأهالي وعدم الإضرار بهم أو تزييف نتائج البحث
من الأمور التي أعجبتني كثيرا في الكتاب مجموعة رائعة من الإقتباسات من أجمل ما كتب عن العمل الميداني بحيث يكون الإقتباس صفحة كاملة تعالج العنصر الذي يكون الكاتب بصدد الحديث عنه في ذلك الجزء من الكتاب
وفي الأخير سرد الكاتب قائمة المراجع التي اعتمد عليها في تأليف كتابه وقد بلغ عددها 91 مرجعا
كتاب ممتاز وفريد في محتواه وطريقة عرضه مما يجعله دليلا عمليا بامتياز للطلبة والبحاثة