موقع أرنتروبوس

رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية

رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية

 

الحسين أيت باحسين

إن مهرجان أركَان الأول – المقام بتمنار بإقليم الصويرة سنة 1989 – يعتبر بادرة سابقة في إطار الجمعيات الثقافية المهتمة بالثقافة الشعبية عموما والثقافة الأمازيغية خصوصا في المنطقة الجنوبية، و ذلك لكونه وسع دائرة وأفق النشاط الثقافي فربط الثقافة بالطبيعة. وتتجلى أهمية ذلك في كون “الإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على العمل وصنع الثقافة، و مواجهة البيئة الفيزيقية الخالصة، حيث أن التكيف البيولوجي مع البيئة هو ما يسمى في علوم الأنتروبولوجيا باسم الثقافة”. ولكن المهرجان من جهة أخرى، و بشكل مضمر وضمني لم يغفل الجانب الإيديولوجي. و هذا المثلث – الطبيعة والثقافة والإيديولوجيا – يشكل أساس كل حوار بناء بين أطراف قد تختلف تصوراتهم حول المشكلات المطروحة والقائمة. ولكن حوارا على مثل هذا الأساس، و شاملا لكل الأطراف المعنية وقائما على رغبة في إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات القائمة بالفعل، من شأنه أن يترتب عنه حد أدنى من الحلول المشتركة التي يمكن لها أن تضمن استمرارية الوحدة الفعلية في إطار التنوع وتلك خاصية كل مجتمع يسعى حقا إلى تحقيق التقدم و الرفاهية.
في هذا الإطار تبادرت إلى ذهني – حينما طلب مني اقتراح موضوع المشاركة في ذلك المهرجان – إضافة إلى عنوان المساهمة: “رمزية الشجرة في الأسطورة الأمازيغية”، الذي يوحي بالعلاقة الوطيدة الموجودة بين الثقافة والطبيعة – وبشكل متلازم – جملتان من إحدى روايات(1) أسطورة “حمّو ؤنامير” وهما:
Mayda innan alili kayHrran d lmut
Innra tn walli f tgit l3du n middn, iflk

أرجو أن لا أخون النص أو يغيب عني حتى المهم فأقول مترجما:

– ‘’من ذا الذي قال بأن لا مـــرارة إلا مرارة شجرة الدفلى والموت؟
!- إن مرارة الذي أصبحت من أجله عدو الناس فهاجرك لأشد ‘’

فتشكل لدي حافز للبحث في الأسطورة الأمازيغية عن التمثلات الأولية حول من الأولى بالاهتمام من أجل القيام بالثورة الاقتصادية وتحقيق التنمية: الشجرة أم الإنسان ؟

تقديم: تحديد المفاهيم الأساسية في الموضوع
إن عنوان المداخلة يستلزم منا – قبل معالجة الإشكالية المطروحة – تحديد مفاهيمه الأساسية. وبما أن موضوع المهرجان الأساسي هو شجرة أركاَن فإن الأولوية التساؤلية ليست لمفهوم “الشجرة”، بل ينبغي أن تتجه أولا وأساسا إلى مفهومي “الرمزية” و”الأسطورة”، لينصب التحليل فيما بعد على العلاقة بين عنصر الشجرة وهذين العنصرين (أي “الرمزية” و”الأسطورة”).

فما المقصود بالرمزية ؟
في إطار البحث عن العلاقة الموجودة بين الرمز والأسطورة والبناء الاجتماعي يقول باحث انتروبولوجي: إن “ماهية الرمزية تتلخص (…) في إدراك أن شيئا ما يقف بديلا عن شيء آخر ويحل محله أو يمثله بحيث تكون العلاقة بين الاثنين هي علاقة الملموس أو المشخص العياني بالمجرد، أو علاقة الخاص بالعام، وذلك على اعتبار أن الرمز هو شيء له وجود “حقيقي” مشخص و لكنه يرمز إلى فكرة أو معنى مجرد”(2). ومع ذلك فالرمز يستمد قيمته أو معناه من الناس الذين يستخدمونه أي أن المجتمع هو الذي يضفي على الرمز معناه، فليست في الرمز خصائص ذاتية تحدد بالضرورة ذلك المعنى و ترفضه فرضا على المجتمع”(3). فإذا كان اللون الأسود – مثلا – يرمز إلى فكرة الحداد فإن اللون الذي يرمز إلى نفس الفكرة عند الصينيين هو الأبيض. ولكن، إذا كانت الثقافات و المجتمعات المختلفة ترمز إلى الشيء الواحد أو الظاهرة الواحدة برموز مختلفة فإن الرمز الواحد كثيرا ما تكون له معان كثيرة في المجتمعات المختلفة، بل وأيضا في المجتمع الواحد(4).
إن السلوك غير الرمزي عند الإنسان العاقل هو سلوك المرء من حيث هو حيوان. أما السلوك الرمزي فهو سلوك ذاك الشخص نفسه من حيث هو إنسان. فالرمز هو الذي يحول الإنسان من مجرد حيوان فحسب إلى حيوان آدمي. ومادام الرمز هو الذي يضفي على الجنس البشري كله صفة أو خاصية “الإنسانية”، فإن ذلك يصدق بالضرورة على الفرد. فالطفل لا يصبح إنسانا بالمعنى الاجتماعي للكلمة إلا حين يبدأ في استخدام الرموز، أي حين يبدأ في الكلام و التواصل، لأنه قبل ذلك لا يكون ثمة فارق واضح بينه و بين صغار القردة العليا(5). وبقول أوضح وأبسط، إن الرموز هي إحدى المحكات الرئيسية للتمييز بين ما هو إنساني و ما هو غير إنساني. ولقد وصف الشاعر الفرنسي شارل بودلير (Charles BAUDLAIRE) العالم بأنه “غابة من الرموز”: Forêt de symboles(6).
وبمناسبة ذكر الشعر الفرنسي، تجدر الإشارة إلى أن الرمزية (Symbolisme) كانت إحدى الاتجاهات الهامة في الأدب والفن في القرن الماضي وبخاصة في فرنسا؛ كما تأثرت بها بعض الكتابات الفلسفية واللغوية(7). ومن هنا نخلص إلى وجود علاقة قوية بين الرمز و الأسطورة على اعتبار أن الأساطير هي قصص رمزية. و نتبنى الرأي الذي يرى أن “الاتجاه الرمزي في تفسير الأساطير يمكن أن نميز فيه بين عدد من المدارس لعل من أهمها المدرسة التي ترى أن الأساطير هي تمثيل و رموز لمظاهر الطبيعة”(8).

و ما المقصود بمفهوم: “الأسطورة”؟
يقول جيلبير ديورانت: “يذهب البعض إلى أن الأساطير تقدم تفسيرات لعلل التغير الحادث والكائن في الظواهر الكونية وعلاقة هذه الظواهر وعللها الغيبية بالإنسان وعدم قدرته على تحقيق هذا الفعل من الناحية الثانية”(9). لكن منذ العصور القديمة – وإلى حد الآن – تم الاعتراف مع القديس أوغسطين، في كتابه: “الاعترافات”، بالعجز عن تقديم تعريف شامل مانع للأسطورة حين أكد بصدد تعريف الأسطورة “إنني أعرف جيدا ما هي. بشرط ألا يسألني أحد عنها، ولكن إذا ما سئلت، وأردت الجواب، فسوف يعتريني التلكؤ”(10). فهل يحق لنا أن نستنتج من هذا الاعتراف أن الأسطورة تعني، بكل بساطة ما تقول وبالتالي فهي تخفي معنى “حقيقيا” تحت معناها الظاهر؟
إن الأمر يبدو كذلك. لكن إذا ما حاولنا ربطها بالطقوس ف”لنا أن نؤكد واثقين بأنه في كل حالة تقريبا تكون الأساطير مشتقة من الطقوس، لا الطقوس من الأساطير”(11).
أما في العصور الحديثة، فقد بدأ الاهتمام بأساطير المجتمعات الأوروبية يتزايد إلى أن أصبحت الأسطورة اليوم مثار اهتمام كل أصناف المهتمين بالعلوم الإنسانية(12). بحيث تمت محاولات إعادة النظر في تعريفها ووظيفتها خاصة في المجتمعات التي تنعت ب “مجتمعات بدون كتابة”(13).
إن الأسطورة اليوم “لم تعد مجرد قصة تروى وتشير في خير حالاتها إلى مغزى غالبا ما يكون أخلاقيا، وإنما بدأت تتخطى حدود هذه الظاهرة البسيطة المباشرة لتتحول إلى مؤشر حضاري يتعامل مع الوجود الإنساني في انتشاره مكانيا واستمراره زمانيا”(14). إن الأسطورة تساعدنا كذلك على كشف البنيات اللاواعية التي تتحكم في توجيه نشاطات أفراد مجتمع توجيها يضمن لهم الحفاظ على وجودهم. ذلك ما يؤكده الأنتروبولوجي إيفانز بريتشارد (Evans PRITCHARD): حين يقول: “على أي مجتمع أن يعمل وفقا لنسق معين، وإلا تعذر على أعضائه أن يعيشوا معا (…). وقد يتفق ألا يكون الأفراد الذين يعيشون في مجتمع واحد على وعي ببنى مجتمعهم، أو أن لا يكونوا إلا على وعي جزئي بها، فيأتي هنا دور الأنّاس(15) في الكشف عن هذه البنى(16). ومن خلال قول إيفانز بريتشارد يمكن أن يتم الوعي بها لكونها تتحكم وتوجه نشاطات أفراد المجتمع؛ ومن هنا تأتي أهمية دور تحليل الأسطورة، خاصة في المجتمعات التي يهيمن فيها الإنتاج الفكري الشفوي لكون الأسطورة من بين أفضل التعابير عن هذه البنى اللاواعية.
وبالفعل فقد ساعدت التحليلات الأنثروبولوجية البنيوية وكذلك التحليلات اللسنية على اكتشاف المستوى اللاشعوري للأساطير والمتمثل في البنية الخفية لها والتي تشكل النموذج المنطقي لها. وفي هذا الإطار يقول كلود ليفي ستراوس: “إن الألسنية البنيوية علمتني أنه، بدل التيه بين تعدد الحدود، يتوجب علي شد النظر إلى العلاقات الأبسط والأكثر معقولية التي توحد بينها”(17).
إن ما يهم في الأسطورة – يقول جيلبير ديوران (Gilbert DURAND) – ليس هو مسار الأحداث وحده، ولكن المعنى الرمزي للألفاظ(18).
وهكذا أصبح الهدف من الاهتمام بالأسطورة ليس هو تفسير الأسطورة بقدر ما هو الكشف عن النظام أو النسق الذي يؤدي إلى ظهور وتولد النصوص القائمة على الحكي، كما أنه يتيح الفرصة لإدراك كنه هذه النصوص و فهمها. وبالتالي فلفهم الخصائص الأساسية للأسطورة ينبغي تفكيكها إلى أدق أجزائها وإلى أصغر عناصرها المكونة لها. ولقد اتبع ليفي ستراوس هذا الأسلوب وأطلق على هذه الأجزاء أو العناصر الصغرى كلمة “ميثيمات” (Mythèmes) أي أصغر وحدة أسطورية(19). ونحن – هنا – لن نتناول أسطورة بعينها أو أساطير معينة، فليس ذلك هدفنا، وإنما سنقتصر على ميثم (Mythèmes) الشجرة في الأسطورة الأمازيغية معتمدين بعض النماذج من الأساطير الأمازيغية ومحاولين تحديد رمزية هذا “الميثم”.
وأول نقطة ينبغي التأكيد عليها هي أن الأسطورة بصفة عامة شأنها شأن الحلم، هي إنتاج رمزي قبل كل شيء. وهذا الإنتاج الرمزي يكمن خلفه مدلول “واقعي” هو عبارة عن بنية لا شعورية عميقة ينبغي الكشف عنها. وكما يقول روجيه باستيد (Roger BASTIDE): “ما هو رمزي اليوم كان في ما مضى واقعا” (20). وهذا الرمزي – الدال يخفي وراءه واقعا مدلولا و من هنا ارتباط الأسطورة بواقع المجتمع الذي يتداولها لأن “من طبيعة المجتمع، يكتب “موس” (MAUSS)، أنه يعبر عن ذاته رمزيا في عاداته و في مؤسساته” (21).

فماذا عن مفهوم “الشجرة”؟ وما علاقاتها بالرمزي بشكل عام وبالأسطورة بشكل خاص، وبالأسطورة الأمازيغية بشكل أخص؟

لقد اعتمدنا للكشف عن جانب من جوانب هذه الدلالة، الأسطورة بشكل عام وميثم الشجرة في الأسطورة بشكل خاص، وذلك لسببين:
أولا: “إن غياب الكتابة الأبجدية في مجتمع ما لا يمكن أن يكون بدون دلالة، ولكن ذلك ينم عن وجود عقلية في هذا المجتمع لا تستطيع أن تعبر عن نفسها إلا بالصورة و بالرمز”(22).
ثانيا: إنه لا يكاد يوجد أي نص مقدس، سماويا كان أو غير سماوي ولا أية أسطورة من أساطير الحضارات القديمة ولا الحديثة – بما في ذلك النصوص الدينية السماوية وغير السماوية أو أساطير الهند والصين ومصر واليونان والعرب والأمازيغ وغيرهم – لم يرد فيها اسم الشجرة؛ وحتى إن لم يرد فيها إسم الشجرة بشكل واضح و صريح فإن دلالاته أو مشتقاته واردة بالتأكيد.
فقد لاحظ لاووست (LAOUST) – بالنسبة لمجال المعجم الأمازيغي – في كتابه: “كلمات وأشياء أمازيغية” أن “كل شجرة لها اسم خاص، ولكن هناك مصطلحات تعبر عن “النباتي” بوجه عام”؛ تم أورد ثمانية مصطلحات أمازيغية أساسية للشجرة.(23)

الشجرة في النصوص المقدسة:
جاء في العهد القديم بصدد قصة حواء والحية: “وكانت الحية أحيل جميع الحيوانات البرية التي عملها الرب الإله، فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا من كل الشجرة الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمرة الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلان منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تتفتح أعينكما، تكونان كالله عارفين الخير و الشر”(24).
وجاء في القرآن في سورة البقرة: “وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين، فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون”(25). وجاء في سورة الأعراف: “ويا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين، فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما روي عنهما من سوءاتهما وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما من الناصحين. فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين، قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون”(26).
ولقد اختلف المفسرون والمؤولون في شأن هذه الشجرة التي نهي عنها آدم فذكروا الكرم أي شجر العنب، والحنطه أي شجر البر والسنبلة أي الزرع.
وكتب أبو الجلد مجيبا ابن عباس: “سألتني عن الشجرة التي نهي عنها آدم وهي السنبلة وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم وهي الزيتونة “(27).
وذكرت أيضا شجرة النخل و شجرة التين(28).
ولقد ساد التأويل التالي وهو أن الله نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها فأكلا منها، ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا هي في السنة الصحيحة. وجائز أن تكون واحدة منها وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه وإن جاهل لم يضره جهله به”(29).
وبالنسبة إلينا الشجرة هنا رمز للخطيئة أو ما يسمى بالخطيئة الأولى التي ترتب عنها أول إذلال للبشر، فقول الله: “فأزلهما الشيطان عنها” يصح أن يكون الضمير في قوله عنها عائد إلى الجنة فيكون معنى الكلام فأزلهما أي فنحاهما، ويصح أن يكون عائدا على أقرب المذكورين وهو الشجرة فيكون معنى الكلام فأزلهما من قبل الزلل، فعلى هذا يكون تقدير الكلام: فأزلهما الشيطان عنها أي بسببها”(30).
وبذلك فقوله تعالى: “ولا تقربا هذه الشجرة” يستلزم منا معرفة الشجرة بعينها التي نهي عنها آدم وزوجته عن الأكل منها وإنما معرفة أن ذلك القول هو اختيار من الله وامتحان لآدم، وإن مخالفة آدم للأمر الإلهي ترتبت عنه الخطيئة التي هي بمثابة أول إذلال للبشر، هذا الإذلال وهذه الإهانة التي تستلزم الإئتمار بأوامر والانتهاء بنواه من أجل أن يضمن آدم مستقبلا هو وذريته استحقاق الجنة من جديد. فحين أصاب آدم الخطيئة قال: أرأيت يا رب إن ثبت وأصلحت؟ فقال الله: “إذن أدخلك الجنة”(31).
نخلص من هذا القول إلى أن الشجرة هنا هي في أن واحد رمز للمعرفة(32) ورمز الخلد والاستمرارية، ورمز الخطيئة، تلك الخطيئة المرتبطة ارتباطا وطيدا بالوضعية الإنسانية (La condition humaine) المتأرجحة بين التصورات الأنطولوجية الاختيارية والجبرية سواء تعلق الأمر بقضية طبيعة الفعل الإنساني أي فيما إذا كان مخيرا في إتيان أفعاله أم أنه مجبر على إتيانها؟
وهذا واضح في ما ترمز إليه الشجرة في النصوص المقدسة السماوية، أو بوجود الإنسان. وقد ترمز الشجرة إلى قضية وجود الإنسان كما نلاحظ ذلك في قصة “حي بن يقظان” لابن طفيل حيث يقول: “ذكر سلفنا الصالح – رضي الله عنهم – أن جزيرة من جزر الهند التي تحت خط الاستواء، وهي الجزيرة التي يتولد بها الإنسان من غير أم ولا أب، و بها شجر يثمر نساء وهي التي ذكر المسعودي أنها جزيرة الوقواق. لأن تلك الجزيرة أعدل بقاع الأرض هواء، وأتمها لشروق النور عليها استعدادا، وإن كان ذلك خلاف ما يراه جمهور الفلاسفة وكبار الأطباء…”؛ ويضيف في مكان آخر قائلا: “وهذا القول يحتاج إلى بيان أكثر من هذا، لا يقلق بما نحن بسبيله، وإنما نبهناك عليه، لأنه من الأمور التي تشهد بصحة ما ذكر من تجويز تولد الإنسان بتلك البقعة من غير أم أو أب. فمنهم من بث الحكم وجزم القضية بأن “حي بن يقضان” من جملة من تكون في تلك البقعة من غير أم ولا أب، ومنهم من أنكر ذلك وروي من أمره خبرا نقصه عليك”(33).
نحن نعلم أن قصة “حي بن يقضان” هي بمثابة سيرة المعرفة الإنسانية وتعتمد استحضار عالم الخيال أو الرمز لعرض الأفكار الفلسفية للتعبير عنها في قالب فني من الأساليب التي عهدتها الفلسفة منذ نشأتها كاستخدام أفلاطون للترهات الإغريقية وللأساطير إطارا في كثير من محاوراته كمحاورتي “طيماوس” و”كريتياس” حيث تناول أسطورة أطلنتس بخيال وثاب، كما اتخذ “لاوتزو” من الشعر و”تشوانغ نزو” من القصص قوالب لعرض الفلسفة الطاوية. ومن بين المفكرين المسلمين يمكن الإشارة إلى المعري في “رسالة الغفران” وإلى ابن شهيد في رسالة “التوابع والزوابع” حيث وصلت تلك الأعمال إلى المستوى الفني الذي لموضوعها فلسفيا.
وقد تنبه ابن طفيل إلى ما يمكن أن يؤديه الفن في التعبير عن فكره الفلسفي، فإذا نحن أمام سيرة للمعرفة الإنسانية. ويمكن أن نتساءل عن جدوى لجوء ابن طفيل إلى الشجرة بالذات للحديث عن قضية وجود الإنسان أو ما يعبر عنه بمشكلة تولد الإنسان ككائن. إذا رجعنا إلى القصة نجد أن هذا اللجوء يرمز إلى تولد الإنسان تولدا ذاتيا بالنشوء الطبيعي المرتجل وأن أصله طينة تخمرت في بطن الأرض وامتلأت بجسم لطيف هوائي تعلق به الروح الذي هو من أمر الله. وهذا التصور يقابل تولد الإنسان تولدا جسديا مألوفا.
وقبل تناول نموذج الأسطورة الأمازيغية، ينبغي الإشارة إلى أن أساطير الحضارات والثقافات القديمة لا تخلو من ذكر الشجرة كرمز لقضية انطولوجية، كما أن حياة كثيرة من المجتمعات البشرية مرتبطة أيما ارتباط في كثير من عاداتها و طقوسها بالشجرة.
فإذا ما اقتصرنا فقط على ميثم الشجرة بالنسبة لهذه الأساطير والثقافات والعادات والطقوس فسنلاحظ بشكل واضح كيف أن الشجرة ترد فيها لا في سياقها الطبيعي وإنما في سياقها الرمزي.

ميثم “الشجرة” في أسطورة الأخوين المصرية:

“ينزع الأخ الأصغر باتا قلبه ويخفيه في زهرة أرز بعد أن ينفي نفسه في واد بلبنان وعندما يصبح جسد بلا روح يتفرغ لمشاغله اليومية حتى يأمر الإله رع حور أختي الاله ختوم أن يصنع له زوجة أجمل من أي امرأة أخرى ويعلم فرعون بأمر تلك الفتاة وهي من بنات الآلهة وذلك عن طريق خصلة من شعرها أخذها إلى البحر وجاء بها إلى مصر فيرسل في الحال رجاله لإحضارها إليه في قصره لتصبح محظية وتفكر في خيانة زوجها الأول وتلعب في الجزء الثاني من الأسطورة نفس دور زوجة أنوبيس وتطلب المحظية من الملك أن يقتلع شجرة الأرز التي تضم قلب باتا ويصدر الملك أمرا باقتلاعها فيموت قلب باتا في الحال ولكن يعود بفضل أخيه أنوبيس الذي يظهر من جديد ويعيد إليه الحياة، إذ يعثر على قلبه ويضعه في وعاء من الماء ثم يتحول باتا إلى ثور ويذهب إلى القصر وتتعرف عليه زوجه وتأمر بذبح الثور ويعود باتا إلى الحياة من جديد حيث يتحول إلى شجرة ليخ. وتأمر مرة أخرى باقتلاع الشجرة ويصمم باتا على العودة إلى الحياة مرة ثالثة وتتطاير قطعة من الشجرة لتدخل فم امرأته فتحمل منه وتضع طفلا وهو باتا الصغير وينشأ في القصر إلى أن يخلف الفرعون على ملك مصر”(34).
فهذه الأسطورة تعالج موضوع الزوجة الخائنة. وفيها مشاهد تشعر بقوة الشهوة والألم والغضب والاحتقار، وتتقابل فيها مبادئ الخير والشر.
إنها ترمز للتغير الذي يحدث في الأشياء، هذا التغيير الذي رأى المصري القديم أنه ليس إلا نتيجة تحول أو خروج من حالة إلى حالة.
ونظرا لكون المصريين قد أدركوا أن لا سبيل إلى فهم التغيير الذي يحدث في الأشياء فهما مباشرا عن طريق العقل والتجربة الحسية، فقد لجئوا إلى استخدام الرموز مدركين أنهم إنما يستخدمونها لجعلها ممكنة الفهم في نطاق الحدود الإنسانية. كما أن مشاركة الشجرة للأخ الأصغر في إحداث الطبيعة ومن جهة أخرى على وجود علاقة وجود علاقة وحدة وترابط بين الإنسان والطبيعة.

ميثم الشجرة في الأسطورة اليونانية:
إذا ما اعتمدنا كنموذج الأسطورة اليونانية الأكثر تداولا وهي أسطورة أوديب، وإذا اكتفينا بالخط الأساسي في احداثها من خلال مختلف الروايات فإننا نجد في بدايتها كيف أن “لايوس” ملك مدينة طيبة اليونانية هو وزوجته “جوكاست” يعرفان من نبوءة معبد دلفي(35) أن ابنا سيولد لهما وأنه مقدر له أن يقتل أباه ويتزوج أمه. وحين ولد لهما صبي قررا التخلص منه على الفور، فسلمه الملك “لايوس” لأحد أتباعه حتى يلقي به في العراء حتى يموت من التعرض، ولكن التابع تأخذ الشفقة على الطفل الوليد فيربطه في شجرة من رجليه ويتركه، فإذا براع يسمع أنينه فيتجه نحوه ويفك أسره ويساره بدوره فيأخذه إلى “يوليوس” ملك مدينة “كورانت” الذي لم يكن هو وزوجته ميروبي قد رزقا بذرية فيقومان بتربيته وبتنشئته كابن لهما وبما أن اسمه مجهول فقد سمياه “أوديب” الذي يعني باليونانية “القدم المتورمة…”.
بقية الأسطورة لاتهمنا هنا، إن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن مختلف التحليلات الرمزية النفسية والأنتروبولوجية التي أخضعت لها هذه الأسطورة تغنينا عن كل تذكير بمضامينها النفسية والاجتماعية والأخلاقية.
ولكن ما يمكن أن نلفت إليه الانتباه هو ورود ميثيم الشجرة في هذه الأسطورة، بل وبسبب الشجرة يتحدد اسم “أوديب” الذي أصبح رمزا للعلاقة الليبيدية القائمة بين الطفل وأبويه، قامت عليها نظريات تحليل نفسية وأنتروبولوجية مختلفة.

الشجرة في حياة العرب الاجتماعية والثقافية في العصر الجاهلي:
لم يكن الشجر أقل شأنا في حياة العرب الاجتماعية في العصر الجاهلي، فقد كان العربي يجعل القرابة بينه وبين النخل(36)، وتوهم القرابة بينه وبين النخل ربما لكونه رأى شبه الإنسانية في النخلة، فهي تشبه الإنسان من حيث امتياز ذكرها عن انثاها ومميزاتها المخصوصة باللقاح. كما أن العرب في الجاهلية يرون في الأشجار حياة وشعورا مثلهم، فكان العربي في الجاهلية رقيبا وحارسا على زوجته في مدة غيابه. وفي هذا الصدد روى صاحب “بلوغ الأرب” كيف أن العرب في الجاهلية كانوا إذا أراد أحدهم أن يسافر عن خليلته عمد إلى هذه الشجرة وشد غصنا منها إلى الآخر وتركها، فإذا عاد من سفره ذهب إليها فإن وجدهما بحالهما مشدودين استدل بهما على خيانتها(37). كما أن العربي كان يرى فيها روح الشر التي كانت العرب تظنها مسكن الشياطين قبيل الإسلام(38).
وهكذا نلاحظ كيف أن الشجرة في حياة العرب الاجتماعية قبل الإسلام ترمز إلى ضياع الإنسان وتمزقه بين محور الإرادة والقدرة على الفعل من ناحية، ومحور القدر وفشل الإنسان وعدم قدرته على تحقيق هذا الفعل من الناحية الثانية، كما يرى ذلك جلبير دوران بالنسبة لوظيفة الأساطير(39).

ميثيم الشجرة في الأسطورة الأمازيغية:
سنقتصر على نموذجين: هما أسطورة “حمّو ؤنامير” و”أسطورة” “لولجا” وقبل تناول الجانب الرمزي فيهما نستعرض ملخصا لكل من الأسطورتين المعتمدتين.
بالنسبة لأسطورة “حمّو ؤنامير” تخبرنا الأسطورة أن طفلا جميلا جدا، اسمه “حمّو ؤنامير” كان وحيد أمه وكان يتردد على الكتاب حيث يلاحظ الفقيه – كلما هم الأول برفع لوحته لاستظهار ما حفظه من القرآن أمام الفقيه – أن يد “حمّو ؤنامير” موشومة بالحناء فيوبخه ويستفسر عمن يخضب يده بالحناء، فيجيبه ؤنامير بأنه لا يدري، وأنه كلما استيقظ من نومه يجدهما كذلك فنصحه الفقيه بأن يتظاهر بالنوم ليلا، وحينما يشعر بوجود أحد يمسك يده، فعلية أن يقبض عليه.
إنها “تانيرت” – أي الملاك أو الجنية – هي التي تقوم بذلك، عليه أن يطالبها بالزاوج منه. وذلك ما حصل عليه بالفعل بعد أن اشترطت عليه أن يبني لها بيتا يتكون من سبع حجرات يوصل باب كل منها إلى باب الحجرة الأخرى وتكون أبوابها مصنوعة من حديد وتغلق كما تفتح كلها بمفتاح واحد، وهذا ما حاول احترامه بعد أن كلب من أمه أن تهيء له وقت كل وجبة، وجبتان منذ أن تزوج بها، لكن حدث أن سافر من أجل اقتناص وصيد غزال يلبي به آخر شهوة، فسعت أمه بإيعاز من نساء القرية وبواسطة الدجاج –أو الخادمة- إلى رؤية زوجة ابنها “حمّو ؤنامير”، وفعلا حصلت على مبتغاها، نتج عنه شتم وسب “تانيرت” التي تأثرت تأثرا كبيرا بذلك الشتم والسب.
ولما عاد “ؤنامير” وجد الحجرات مملوءة ماءا يتدرج علوه شيئا فشيئا بقدر ما يقترب من الحجرة السابعة حيث توجد “تانيرت”. ولما وصل عندها، بدأت تعاتبه على عدم التزامه بالشروط التي اشترطته عليه، فطلبت منه أن يشق لها في السقف شقة صغيرة تستطيع من خلالها أن تتنفس نظرا لضيق التنفس الذي تشعر به، وما كاد يفعل –بعد أن قبل بشق فتحة ضيقة جدا- حتى تحولت “تانيرت” إلى حمامة، وأثناء محاولته للقبض عليها انفلتت من يده تاركة له فيه خاتما. وقرر “حمّو ؤنامير” أن يهيم على وجهه ويفارق أهله بحثا عن حل للالتحاق بها في السماء… .
ولما وصل إلى جدع شجرة كبيرة حيث يوجد فوقها عش نسر، أخذ “ؤنامير” –في غيبة النسر- يقدم لصغاره ما يأكلون. وانتبه النسر إلى ما أصبح عليه صغاره دون أن يقدم لهم الكثير. ولما أخذ منه صغاره العهد على ألا يقوم بأي عقاب تجاه من يطعمهم، يرشدونه إلى مكان “ؤنامير”. ولما أخبره بمشكلته أمره النسر بأن يذبح فرسه ويهيء له سبع قطع من لحمه و سبعة قوارير من دمه.
وقام “ؤنامير” بذلك على مضض.
وكلما وصل سماء يقدم له قطعة من لحم وقارورة من الدم، وفي السماء السابعة سقطت لأونامير قطعة من لحم فاقتطعها من ساعده… .
وحين التحق “حمو ؤنامير” بتانيرت في السماء اشترطت عليه أن يقوم بما يشاء في قصر زوجها الثاني، بعد أن احتكما هو وزوج تانيرت إلى قاض بصدد ابنه الذي ينسبه كل واحد منهما إلى نفسه، وكانت النتيجة أن تم إثبات نسبة الطفل إلى “حمو ؤنامير” وهكذا أصبح “حمو ؤنامير” أحد أفراد تلك العائلة “السماوية” يحصل على كل ما يفتقر إليه إلا إمكانية أو محاولة مخالفة المنع المتعلق بعدم الاطلاع على ما تحت الحجر، ولم يكد يزيح الحجر حتى أبصر من خلال كوة أو ثقب أمه في الأرض تناديه وتستفسر عن غيابه خاصة وأن اليوم كان يوم عيد الأضحى، لا من يذبح لها الأضحية. فبدأ يناديها، لكنها لا تسمعه وألقى إليها بخنجره، لكن هذا الأخير لم يصل. وبعد محاولات كثيرة ومتنوعة لتحقيق التواصل بينهما فشل على إثرها كلها ألقى بنفسه لكنه تفكك وتمزق بين السماء والأرض ولم تصل إلا قطرة واحدة من دمه، ذبحت كبش الأضحية واستعادت بها أمه بصرها. لكن “حمّو ؤنامير” تفكك بين السماء والأرض فلم يبق لا مع زوجته وابنه ولم يلتحق بأمه.”
أما بالنسبة لأسطورة لولجا فإن الأسطورة تخبرنا عن ذهاب مجموعة من الفتيات إلى الغابة ليحتطبن ولما قفلن عائدات إلى منازلهن، كانت إحداهن واسمها لولجا تتأخر عنهن من حين لآخر، لأن الحبل الذي ربطت به رزمة حطبها كان ينحل من حين لآخر، وكلما حاولت ربطها إلا وتأخرت أكثر عن الفتيات الأخريات اللاتي لم يم يكن ينتظرنها إلى أن ابتعدن عنها كثيرا، أتى غول، ولم تعد تقدر على الجري والفرار فأخذها وفر بها. وحينما لم تلتحق لولجا بأهلها ركب أخوها فرسه وسار يبحث عنها.
وكلما مر بصخرة كبيرة أو بتل مرتفع إلا واشتكيا إليه وبكيا وكلما سألهما عن سبب ذلك إلا وأجاباه:
– لقد مرت بإزائي أو فوقي لولجا (اختصار شديد)، إلى أن عثر على لولجا فأوجدا طريقة للفرار من كهف الغول تبعهما الغول تبعتهما الغولة التي تعرضت وهي تحاول القبض عليهما لعدة مصاعب، عجزت في آخر المطاف عن اللحاق بهما فنصحتهما على ألا يتدخلان للفصل بين أي حيوانين سيجدانهما يتشاجران في طريقهما.
وفعلا وجدا على التوالي: ثورين، أسدين، غرابين، ثعبانين ونسرين يتشاجران وكلما هم أخ لولجا للفصل بينهما إلا وذكرته لولجا بنصيحة جدتهما الغولة فتراجع عن ذلك إلى أن وصلا عند النسرين المتشاجرين فأبى إلا أن يفصل بينهما لأن أحدهما كبير وقوي والثاني صغير وضعيف، وحينما فصل بينهما اختطفه النسر الكبير و وضعه تحت جناحيه، وحينئذ خاطب لولجا ناصحا إياها بأن تذبح سلوقيته (كلبة الصيد) وتلبس جلدها لترافق الفرس الذي سيقودها إلى المنزل.
ولما وصلت إلى البيت أصبحت تقضي نهارها وليلها في المزبلة أمام البيت، وكل مساء يأتي نسر فينحط على شجرة توجد أمام المنزل وحينما ينتصف الليل يصدر من تلك الشجرة الحديث الاستفساري التالي:
– ماذا تنتعلين يا لولجا؟
– ماذا تلبسينه يا لولجا؟
– ماذا تأكلين يا لولجا؟
– أين تنامين يا لولجا؟
!فتجيبه السلوقية من المزبلة
– !اللباس، لباس الكلب
– !الأكل، أكل الكلب
–  …!النوم، نوم الكلب
وهكذا كان الحوار يتكرر كل ليلة بين لولجا من المزبلة، وبين أخيها من الشجرة إلى أن سمعها أحد أفراد الأسرة فأخبر أهلها بما سمع.
ولما تيقنوا من أن الذي يتحدث من الشجرة ليس سوى ابنهم الذي غاب من أجل البحث عن لولجا الضالة، استفسروه عما حدث له، فأخبرهم بذلك ثم طلب منهم ذبح بهيمة ووضعها في متناول الطيور وأخبرهم أيضا بأن النسر الذي يوجد تحت جناحيه الأيمن سيأتي متأخرا، وينبغي اختيار صياد ماهر يستطيع نيل النسر في الجناح الأيسر لأنه يوجد تحت الجناح الأيمن.
وبعد أن قاموا بما طلب منهم، وجدوه تحت الجناح الأيمن للنسر وهو لا يتجاوز حبة بر فوضعوه في قطعة من الصوف، ثم وضعوا القطعة في أنبوبة من القصب وحينما لم تعد تتسع له، وضعوه في جرة الزيت حتى لم تعد تتسع له وآنذاك لفوه في خرق الثوب. وحين أصبح راشدا وأرادوا أن يزوجوه، طلب منهم أن يزوجوه بالسلوقية.
فاستنكروا كلبه معترضين ومتسائلين:
– !كيف نزوجك السلوقية فيقول الناس أن ابن آل كذا قد تزوج كلبة ؟
لكنه تشبت بطلبه قائلا:
– !لا أريد أن أتزوج إلا سلوقيتنا
وحينما لم يفلحوا في جعله يقتلع عن كلبه، زوجوه السلوقية وفي ليلة الزفاف، حينما اختلى بها أزال من فوق جسدها جلد السلوقية وألبسها فأصبحت تتلألأ كنور القمر ليلة تمامه.
ولما رآها أخوه، طلب هو أيضا من أهله أن يزوجوه كلبته، فزوجوها إياه، وفي ليلة الزفاف بدأ يطالبها بأن تنسلخ من جلدها فلما أبت أخذ عصا وهم يضربها فانقضت عليه وبقرت بطنه.”
إن أسطورتي “حمو ؤنامير” و”لولجا” رمز لربط العلاقة وتحقيق التواصل بين الحيوان والإنسان وبين الإنسان والإنسان، وهذا الرمز يتمثل في “الشجرة” التي تلعب هذا الدور التواصلي في كل من الأسطورتين، وذلك من أجل تحقيق التكامل وإعادة الانسجام بين هذه العناصر كلما فقد التوازن الضروري بينهما لضمان الاستمرارية وبالتالي فالشجرة في الأسطورة الأمازيغية رمز الترابط والاستمرارية من أجل تجاوز الوضعية الدونية (هنا الوضعية الحيوانية من خلال أسطورة لولجا) لتحقيق الوضعية الأكثر رقيا (هنا الوضعية الإنسانية) وبذلك فهي رمز للقوة المؤثرة ويتجلى ذلك في الممارسات الطقوسية الفيتيشية والحيوية المتعلقة باستعمال أغصانها (كتعليق الأرقنة وغيرها بأغصانها) وجذورها وقشورها.
وإذا كانت حالة التوازن هي الحالة الطبيعية للكون فالشجرة رمز لإعادة الانسجام وتحقيق الوحدة والترابط كلما اختل ذلك التوازن (“ؤنامير” – “لولجا”).
ألم يكن رفع أغصان النخل من طرف كل من المهاجرين والأنصار يوم دخول الرسول المدينة مهاجرا إليها من مكة رمزا لإعادة الانسجام بين الأوس والخزرج وإعلان السلام بينهم ودعوة ضمنية بل وربما صريحة – وقد أصبحت كذلك فيما بعد – لتوحيد القبائل العربية وتحقيق السلام بينهما.
ألم يكن أيضا ولازال غصن الزيتون رمزا للسلام والإخاء والمحبة، كما أن اجتماع الحمامة (الحيوان) والإنسان حول غصن الزيتون رمز للدعوة إلى السلام أو للإعلان عن تحقيقه.
كما أن الشجرة في الأسطورة رمز لإلغاء الثنائية من أجل ربح الزمان، وذلك بخلق نظام تكاملي في مقابل النظام التمركزي (“ؤنامير” يلجأ إلى النسر الساكن فوق الشجرة الباسقة لربح الوقت) وذلك لأن مشكلة الثنائية مرتبطة ارتباطا وطيدا بمشكلة الزمان في رأي الفلاح وفي محاولته لإلغاء الثنائية كان يحاول كذلك أن يفعل كل ما في استطاعته لإلغاء الزمن وهذا ما تظهره لنا الصورة الرمزية للشجرة في الأسطورة الأمازيغية: الصورة الأنثوية (تاسغارت) الموصولة بالأرض والتي تؤوينا (البيت، الحجرة التي هي بمثابة رمز للعودة إلى رحم الأم، مكونة لدى الفلاح من عناصر الأرض: الحجر، التراب ومن عناصر الشجرة: الأخشاب و الألواح … البيت رمز لإلغاء ثنائية النوم – اليقظة الطمأنينة والخوف).
ومن جهة أخرى فإن هذه الصورة الأنثوية للشجرة التي تغذينا هي بمثابة الأم المثالية التي تحتوي في داخليتها السماء التي تعانقها (“ؤنامير” يلجأ إلى الشجرة لكونها تحتوي في داخليتها ما من شأنه أن يربطه بالسماء: “ءيكيدر” أي النسر: رمز إلغاء ثنائية الأرض – السماء التي يحاول “ؤنامير” إلغاءها) وذلك في غمرة الفعل المخصب.
فالنسر في غمرة تنشئة صغاره و”تانيرت” زوجة “ؤنامير” في شهرها الأخير من الحمل و”ؤنامير” في اللحظة ما قبل الأخيرة أو في المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى الرجولة؛ كلها لحظات تشتد فيها الرغبة في إلغاء الثنائية. هذا من خلال الأسطورة أما من خلال الطبيعة فالفلاح يرى في الشجرة المتجدرة في الأرض (رمز الذكورة: أكال – أي الأرض – في صيغة المذكر) وفي امتدادها نحو الشمس (رمز الأنوثة: تافوكت – أي الشمس – في صيغة المؤنث) صورة وفعل العضو التناسلي الذكوري ورمز للوحدة والتكامل بين الأرض والسماء. لذلك يلجأ الفلاح كلما استدعت الضرورة إلغاء ثنائية الأرض (رمز الوضعية الدونية) والسماء (رمز الوضعية المرغوب فيها) إلى الشجرة ليفعل كل ما في وسعه عبر ممارسات طقوسية لإلغاء الزمن لأن مشكلة الثنائية لدى الفلاح مرتبطة بمشكلة الزمان.
و”حمّو ؤنامير” عن طريق الشجرة يستطيع أن يختصر الوقت ويصعد إلى السماء للحاق بزوجته التي تحولت إلى حمامة (خالقة بذلك مجموعة من الثنائيات التي على “حمّو ؤنامير” أن يجد لها حلا ويقوم بإلغائها). حينما صعدت إلى السماء حاملة في رحمها ابن ؤنامير تاركة إياه في الأرض.
كما أنه عن طريق الشجرة الموجودة بإزاء العين التي تستقي منها الإماء الماء يستطيع “حمّو ؤنامير” من فوق الشجرة الاتصال بزوجته. وبذلك ترمز الشجرة إلى قانون الوحدة وإلى قانون الترابط والاستمرارية وبالتالي إلى مشكلة الخصوبة التي هي أكبر مشكلة يقف الفلاح إزاءها شاعرا بعجزه في غالب الأحيان لكنه يدرك أنها إنما تتحقق بالتقاء السماء والأرض (المضمون الأساسي لأسطورة “حمّو ؤنامير”) هذا اللقاء الذي يتمظهر طبيعيا وحسيا في إطار إدراك الفلاح لاخضرار الشجرة في وقت أكبر وتساقط أوراقها لتروي التربة الموجودة تحتها، لذلك يلجأ الفلاحون إلى الشجرة في حالة الحاجة إلى حل مشكلات الخصوبة – كيفما كان نوعها زراعيا، حيوانيا أو إنسانيا – ليعلقوا التمائم في أغصان الشجرة. وتجدر الإشارة إلى أن الشجرة – إضافة إلى كونها رمزا لقانون التوازن والتكامل وقانون الوحدة والتكيف وقانون الترابط والاستمرارية؛ (وأجدني مضطرا للإشارة إلى قولة “فرانسوا مارسيل”(40) التي يحدد فيها القوانين الخمسة التي تتحكم في ظواهر الكون(41) وهي:
1 – قانون التوازن والتكامل (أو قانون الانسجام)،
2 – قانون الوحدة والتكيف (أو قانون الحب)،
3 – قانون الترابط والاستمرارية،
4 – قانون التبعية أو قانون التسلسلي،
5 – قانون الغائية.) فإنها رمز التسلسل والغائية. فحكاية لولجا هي بمثابة التعبير عن الرغبة في قتل ما هو حيواني في الإنسان (لولجا في جلد كلبة) من أجل أنسنته (تحول الكلبة إلى زوجة جميلة)؛ أي جعل الإنسان قادرا على تجاوز ما هو حيواني فيه من أجل اكتشاف وتحقيق ماهيته الإنسانية.
فحينما تؤكد النظريات التحليلنفسية والأنتروبولوجية أننا لا نؤنسن الطفل إلا بقتله؛ فإنها تعني – بالضبط – بذلك أن أنسنة الطفل متوقفة على سلسة من العمليات التربوية والاجتماعية والثقافية التي تستهدف من خلال التنشئة وبشكل متكامل قتل ما هو حيواني فيه، أي تجاوز ما هو حيواني فيه.

استنتاجات:
والآن ماذا يمكن أن نستخلص من هذه القراءة التأويلية لميثيم الشجرة في الأسطورة الأمازيغية، ونحن بصدد تحديد العلاقة الموجودة بين الثقافة والطبيعة متمثلة في علاقة الإنسان بالشجرة وفي إطار علاقة عناصر المثلث التالي: الثقافة – الطبيعة والإيديولوجيا ؟
إن الشجرة في الأسطورة الأمازيغية رمز الترابط والاستمرارية، ففي المجتمع الزراعي تعتبر الشجرة بمثابة النبتة التي تتجدر في الأرض أكثر من أي نبتة أخرى. كما أنها رمزية لقانون التبعية أو قانون التسلسل إذ كثيرا ما يؤدي في الأسطورة قطع الشجرة إلى موت الإنسان. والمثل الأمازيغي المعروف: “تبي لموحيبا لّيغ تنت ئبّي ؤداي”، يرتبط بأسطورة تجسد فيها الشجرة علاقة الحب بين شخصين، فكلما تم قتلهما إلا وتجسدا في شجرة يقطعها خصوم المتحابين قتنبت من جديد إلى أن قطعها يهودي فلم تنبت من جديد.
كما أن مشاركة الشجرة للإنسان في أحداثه رمز لضرورة وجود علاقة وحدة وترابط بين الإنسان وبين الطبيعة.
كما أن تشخيص الشجرة للإنسان وتجسيد كل ما هو طبيعي يرمز إلى أن مقياس كل شيء لدى أفراد المجتمع الزراعي ينبغي أن يكون إنسانيا.
وسنوضح هذه الفكرة بصدد الإجابة عن السؤال المتعلق بمن ينبغي الاهتمام به أكثر الشجرة أم الإنسان؟
وما يمكن أن نخلص إليه هو أن للشجرة دورا إيكولوجيا بمعناه الخالص(42) والضيق فقط بل وبمعناه العام. ولكن الأهم هو دورها الاجتماعي المتمثل في سير الطبيعة وعلاقة الإنسان بنظام هذا السير، وما يمكن أن ينتج عن هذه العلاقة من حيث جانبها السلبي. لماذا ؟ لأنه يظهر أن مشروع الطبيعة في مجال البيئة والإيكولوجيا لم يعرف الإفلاس منذ ملايين السنين إلا حين أثر الإنسان منذ أواخر القرن التاسع عشر في هذا المشروع بشكل سلبي عن طريق التقدم الصناعي والتكنولوجي ونتيجة النمو الديموغرافي للجنس البشري.
وكما يلاحظ ذلك “فريديريك فستر”: “ففي وجود أربع مليارات من البشر كان أن انقرضت ثلاثون ألف نوع من النباتات خلال المائة سنة الأخيرة. كما أنه من بين اثني عشر ألف نوع من الطيور ومن الثدييات هناك أكثر من ألف نوع مهدد بالانقراض، بينما مائتا نوع انقرضت نهائيا. وبالمقابل ففي نفس الفترة تقريبا تضاعف الجنس البشري بأكثر من ست مرات”(43).
وانطلاقا من هذه الملاحظة فإن البحث عن الحل ينبغي أن يتجه، لا نحو فعل الطبيعة، بل نحو فعل الإنسان. وفي هذا الإطار يتساءل “فيستر”: “كيف توظف الطبيعة تقنياتها ؟ كيف أنها لا تحتاج إلى هذا القدر الضئيل من الطاقة وهي في حركة دائبة وفي تغيرات متواصلة ؟ وإن منذ ملايين السنين. تصل إلى ألفي مليار طن من المواد العضوية، ولكن لا تستهلك منها سوى عشرة في المائة؟ كيف أنها تمارس عملها بدون مشاكل تلوث أو مشاكل طاقة ؟ إننا لا نجد –يقول فيستر- في الطبيعة توجيهية مطلقة، بل العكس، إن التنظيم الذاتي هو السائد والمتحكم، إنه نوع من اقتصاد السوق، فلا وجود بتاتا لبنيات ممركزة، الكل لا مركزي”(44)
انطلاقا مما سبق نعود إلى السؤال الرئيسي الذي تم طرحه منذ البداية وهو: بمن ينبغي الاهتمام أكثر الشجرة أم الإنسان ؟
في هذا الإطار ينبغي استلهام الحلول الممكنة من ظاهرة طبيعية لها علاقة وطيدة بالموضوع لازالت كثيرا أسئلة محيرة بالنسبة للعلماء وهي ظاهرة انقراض الديناصورات. لقد كانت تلك الحيوانات الضخمة بمثابة الكائن المسيطر على سطح كوكبنا الأرض لا من حيث الانتشار ولا من حيث القوة في إطار الصراع بين مختلف الكائنات من أجل الاستمرارية والبقاء. وبدون الدخول في تفاصيل بعض الحقائق أو التصورات التي أصبحت اليوم بديهية بفضل تقدم العلوم والتقنيات العلمية، نشير فقط إلى أنه كان في وسع ديناصورات واحد أثناء حياته أن يأتي على غابة من الأشجار بكاملها، ولكن على الرغم من ذلك فقد انقرضت الديناصورات واستطاعت الشجرة بفضل نظام إيكولوجي ذاتي ولا مركزي في آن واحد أن تحافظ على بقائها وتضمن استمراريتها.
ولقد اختلف المتخصصون في مختلف المجالات العلمية حول أسباب انقراض الديناصورات ولكنهم يجمعون على فكرة واحدة وهي أن الديناصورات لم تكن بذاتها السبب في انقراض جنسها. وفي نفس الوقت يدق المتخصصون في كل المجالات العلمية جرس الخطر حول قضيتين أساسيتين، أصبحت الحياة على سطح كوكبنا الأرض رهينة بهما، ألا وهما العد العكسي لوجود الشجرة التي هي بمثابة رئة كوكبنا الأرض واحتمال انقراض الإنسان نتيجة التغيرات التي أحدثها ولا زال يحدثها الإنسان بواسطة التطورات الصناعية والتقدم التكنولوجي في النظام الإيكولوجي على سطح الأرض.
وإذا كانوا مختلفين حول حجم الخطورة وحول مدة احتمال انقراض الجنس البشري(45) فإنهم يتفقون على شيئين أساسيين:
1 – أولهما انكباب كل المتخصصين في مختلف المجالات العلمية وعلى الصعيد الدولي على إيجاد الحلول الملائمة وفي أقرب وقت ممكن حتى يستطيع النظام الإيكولوجي تحقيق إعادة النظام لنظامه الذاتي مع العلم أن المدة الزمنية التي تتطلب عملية إعادة التنظيم الذاتي أطول من التي تستغرقها عملية الإخلال بنظام إيكولوجي ما.
2 – ثانيهما ضرورة توفر إرادة فعلية لدى الصناعيين والقادة السياسيين على السهر على تنفيذ إمكانية تنفيذ الحلول التي يقترحها العلماء المتخصصون قبل فوات الأوان.
ثانيا: بالنسبة لاحتمال انقراض الجنس البشري يجمع كل المتخصصون اليوم أن كل شيء يؤكد على أن الإنسان مسؤول بطبيعة فعله – خاصة منذ القرن الماضي – عن انقراض محتمل لجنسه، وأن هذا الانقراض قريب جدا إن لم يتم تدارك الأمر بتباين الحجم الحقيقي للخطورة المترتبة عن فعله وبالسهر على تطبيق الحلول الضرورية والملائمة، وهو أمر لا يتوقف على إمكانيات وقدرات الفلاحين والمثقفين عموما والعلماء خصوصا بل وعلى إرادات وتنفيذات المسؤولين السياسيين أيضا.
فالشجرة إذن لا تندرج فقط في إطار الثروة والاقتصاد والتنمية، وإنما ترتبط بالحياة نفسها على سطح كوكبنا الأرض، هذه الحياة التي أصبحت رهينة بها، فالذي ينبغي الانكباب عليه والاهتمام به أكثر هو الإنسان الذي ينبغي أن يعي ويشعر بضرورة المشاركة في كل فعل مرتبط بمصيره. وذلك عن طريق توفير الشروط الضرورية لاكتساب هذا النوع من الوعي ولتحفيزه من أجل المشاركة، وبأن عليه لضمان بقاء واستمرارية جنسه، أن يتكيف مع النظام الإيكولوجي الذي تتكيف معه الشجرة بشكل طبيعي إن لم يتدخل الإنسان ويساهم وفي غالب الأحيان بدون وعي في الإخلال به.
وفي الأخير أقول مرة أخرى مع أسطورة «حمّو ؤنامير»:
– ما يـدا ئنّــان ءالـيـلـي كا يحران د – لموت ؟
– ءينراتن والى ف – تكيت لعدون – مدن ءيفلك !
أي:
– من ذا الذي قال بأن لا مـــرارة إلا مرارة شجرة الدفلى و الموت؟
– إن مرارة الذي أصبحت من أجله !عدو الناس، فهاجرك، لأشد

الهوامش:

(1) رواية مزوضة (السهل) وهي متداولة ومسجلة في أسطوانة من طرف الرايس عمر واهروش.
(2) أبو زيد، أحمد: الرمز والأسطورة والبناء الاجتماعي، عالم الفكر، المجلد السادس عشر، العدد الثالث، 1985، ص. 4.
(3) أبو زيد، أحمد: نفس المرجع، ص. 6.
(4) أبو زيد، أحمد: نفس المرجع، ص. 6.
(5) LESLIE, A. White : the science of culture : A study of man and civilization, Farror, Stens g cudaly, N.y. 1949, . PP. 43-46
(6) أبو زيد، أحمد: نفس المرجع، ص: 8.
(7) أبو زيد، أحمد: نفس المرجع، ص: 8.
(8) أبو زيد، أحمد: نفس المرجع، ص :20.
(9) DURANT, Gilbert : les structures anthropologiques de l’imaginitaire, P.U.F., Paris, 1963, P.P. 204-205.
(10) اعترافات: 11، 14 أورده ك.ك. راثفين في كتابه : الأسطورة، ترجمة جعفر صادق الخليلي، منشورات عويدات، بيروت – باريس ط.1، 1981، ص: 9.
(11) راثفين، ك.ك.: الأسطورة، ترجمة جعفر صادق الخليلي، منشورات عويدات، بيروت – باريس ط.1، 1981، ص: 62.
(12) Cf. Encyclopaedia Universalis, Volume II, matière : Mythe, P.P. 526-537.
(13) وتنعت أيضا ب”مجتمعات بدون تاريخ” أوب “مجتمعات أدبية” إلى غير ذلك من النعوت التي تجعل هذه المجتمعات منذ أعمال “أوجست كونت” (Auguste COMPTE) و “ليفي بروهل” (Levy BRUHL) تعيش وضعية ما قبل علمية (كونت) أو ما قبل منطقية (بروهل).
(14) يحي، لطفي عبد الوهاب: الأسطورة والحضارة والمسرح في مأساة “أوديب ملكا” مجلة عالم الفكر، المجلد السادس عشر، العدد الثالث، ص. 92 (عدد خاص عن “الرمز والأسطورة”).
(15) الأنتروبولوجي.
(16) إيفنز ريتشارد إ.إ: الأناسة المجتمعية وديانة البدائيين في نظريات الأناسين، ترجمة حسن قبيسي، دار الحداثة، لبنان، 1986، ط.1 ص. 27-28.
(17) ستراوس، كلود ليفي: الأنتروبولوجيا البنيوية، ترجمة مصطفى صالح، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1977، ص. 256.
(18) DURANT, Gilbert : les structures anthropologiques de l’imaginitaire, P.U.F., Paris, 1963, P. 385.
(19) باستيد أحمد: الواقع والأسطورة في القصص الشعبي. مجلة عالم الفكر، المجلد السابع عشر، العدد 1، 1986، ص.
(20) باستيد روجيه: السوسيولوجيا والتحليل النفسي، ترجمة وجيه البعيني، دار الحداثة، 1986، الطبعة الأولى، ص. 251.
(21) باستيد، روجيه: نفس المصدر السابق، ص. 201.
(22) فلينت، بيروت: الفن القروي المغربي، تعريب محمد بنطلحة، مجلة آفاق، السلسلة الجديدة، العدد 9، يناير 1982 (عدد خاص عن الثقافة الشعبية)، ص. 53.
(23) LAOUST : Mots et choses berbères, P.P. 465-466
أورد تلك المصطلحات في صيغتي المفرد و الجمع مع ذكر الأماكن التي تتداول فيها.
(24) العهد القديم، تك. 3/1 – 5.
(25) القرآن الكريم، سورة البقرة، آيات: 35-37.
(26) القرآن الكريم، سورة الأعراف، آيات: 19 – 25.
(27) ابن كثير: مختصر تفسير ابن كثير، اختصار وتحقيق محمد على الصابوني، المجلد أول دار القرآن الكريم، بيروت، 1981. الطبعة السابعة، ص. 54-55.
(28) ابن كثير: نفس المرجع، ص. 54.
(29) ابن كثير: نفس المرجع، ص. 55.
(30) ابن كثير: نفس المرجع، ص. 55.
(31) ابن كثير: نفس المرجع، ص. 55.
(32) يطلق على الشجرة التي نهى آدم وزوجته عن الأكل منها “شجرة المعرفة” أو شجرة الخلد لكون الأكل منها سيطلع على سر الخلد فيرقى إلى مرتبة الوجود الملائكي.
(33) ابن طفيل: حي بن يقضان، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1974، ط. 1، ص. 117.
(34) ابن طفيل: حي بن يقضان، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1974، ط. 1، ص. 121.
(35) زايد، عبد الحميد: الرمز والأسطورة الفرعونية، عالم الفكر، المجلد 16، العدد3، 1985 ص ص 29-64.
(36) مدينة يونانية كان اليونان يقصدونها للتعرف على نبوءات المستقبل.
(37) هناك حديث نبوي يقول: “أكرموا عماتكم النخل”.
(38) صاحب بلوغ الأرب، ج 2، ص. 316.
(39) خان، محمد عبد المجيد: الأساطير والخرافات عند العرب، دار الحداثة، بيروت ط. 1981، ص. 61.
(40) انظر المرجع المشار إليه في الهامش رقم 10.
(41) عضو الأكاديمية الجوية الدولية للسيكو-بيو-الفزيائية. والعضو الملحق بالمعهد العلمي الشريف والمدير المؤسس للحدائق العجائبية بمنطقة الرباط-سلا بالمغرب.
(42) MARCE, François: la société moderne industrialisée ou le monde à l’envers et son insidieuse auto destruction, Ed. Moncho, 2e-éd. Rabat 1981, P.P. 79-99.
(43) عشرون مليار طن من ثاني أوكسيد الكاربون سنويا أي معدل 4أطنان من ثاني أوكسيد الكاربون بالنسبة لكل فرد وفي كل سنة. إلخ…
(44) جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 23 – 07 – 1989، ص. 5، تحت عنوان: أراضي بكر في الفكر الإنساني.
(45) . حسب رأي مجموعة من المتخصصين في مجال الفيزياء المعاصرة خلال ندوة بثتها القناة التلفزية الفرنسية (TV 5) يوم 25 – 07 – 1989 في إطار برنامج: (La marche du siècle): مدة هذا الاحتمال تتراوح ما بين 50 سنة وقرن.

الحسين أيت باحسين
باحث في الثقافة الأمازيغية
الرباط

Exit mobile version