عبد الوهاب حنفى
العادة هى الفعل الثقافى الذى يلبى الحاجة النفسية والاجتماعية للانسان وتتفق عليه الجماعة التى تعيش فى مكان له ظروف محددة ، وتتأثر العادة بمدى الاتصال الثقافى من خلال المجتمعات المجاورة او وسائل الاعلام المختلفة او نسبة التعليم والهجرة وهو ما يؤدى الى الاختفاء التدريجى لبعض العادات وظهور عادات جديدة مع الآخذ فى الاعتبار ان العادة هى من العناصر الثقافية المتجذرة فى شخصية الجماعة والتى يحتاج تغيرها الى عدة اجيال
وفى هذه الدراسة نتناول – اولا – غرائب بعض العادات المرتبطة بالزواج فى مناطق بدو مطروح والواحات من سكان الصحراء الغربية المصرية
اولا- الواحات الداخلة
من العادات المندثرة فى عادات الزواج فى مدينة موط هى احتفالية ( زفة العجول ) وكانت تقام بعد ظهر اليوم السابق للزفاف فى اكبر ميادين المدينة حيث يشارك الاهالى ببعض ثيرانهم ( عجولهم) مع العجول التى سيتم ذبحها فجر يوم الزفاف لوليمة الفرح ، تتجمع العجول فى شكل دائرة وعلى رقابها توضع شارات من القماش مختلف الالوان فيما عدا عجول الفرح فتكون شاراتها باللون الاحمر ، تتحرك العجول فى الدائرة على ايقاعات طبل بلدى اشتهرت بأسم طبلة مدبولى ( اشهر ممارس لدق هذا الطبل ) وكانت هذه الاحتفالية تستمر حتى قبل الغروب
فى منتصف الستينيات من القرن العشرين اختفت هذه الاحتفالية وحلت محلها احتفالية الحنة التى دخلت منطقة الواحات الداخلة مع وصول مهجرى السويس فى اعقاب نكسة يونية 1967 حتى انها ظلت الى وقت قريب يطلق عليها ( الحنة السويسى )
ومن اغرب العادات المرتبطة باحتفالية الزواج فى مدينة موط بالواحات الداخلة والتى تمارس حتى الآن هى ظاهرة ( العشيان )
والعشيان (جمع عشاء) هى عبارة عن وجبتين الاولى افطار والثانية للغداء تتكفل ام العروسة بارسالهم الى ابنتها اعتبارا من يوم الصباحية وحتى ليلة السبوع ، ولكن الملفت للنظر هو كمية الحمام المحشو الذى تتضمنه وجبة الغداء حيث تضم عشر حمامات يوميا ، ويرتفع العدد الى 71 حمامة ليلة السبوع ، والاغرب من ذلك ان اهل العروسة يحظر عليهم المشاركة فى طعام عشاء السبوع !!
وفى قرية تنيدة بالواحات الداخلة تضم احتفالية الزواج ممارسة خاصة جدا هى ( القلية)
والقلية هى عبارة عن قمح وقرطم يتم تحميصهم فى الفرن البلدى وسط احتفالية ومشاركة من معظم نساء القرية ، وتقدم القلية فى اكياس للمعازيم فى ليلة الحنة وليلة الزفاف ويوم الصباحية
ثانيا- الواحات البحرية
وفى الواحات البحرية تكون عزومة الفرح على مدى يومين متتاليين فى الغداء والعشاء حتى يمكن استيعاب كل اهالى الواحة ، ويقدم الطعام على طبلية تسمى الواحدة منها حلقة يجلس اليها ثمانية معازيم ويوضع علي طبقها الرئيسى اثنين ونصف كيلو من اللحم يقوم اكبرهم سنا بتقطيع اللحم الى قطع متساوية وفى هذه الاثناء يتوقف الجميع عن الاكل الى ان ينتهى من عملية التقطيع
ايضا تتميز الواحات البحرية فى احتفالية ( الفاتحة ) وهو الاتفاق المبدئى على الخطوط العريضة للزواج وفيه تقوم اسرة العروسةباستضافة اهل العريس على وليمة عشاءتحتوى على كافة انواع المطهيات والمشويات والمحاشى واهم ما تحتوى عليه الديوك الرومى هذا فى ليلة الفاتحة التى يحظر على العريس حضورها ، حيث تخصص الليلة التالية لعزومة العريس ومجموعة من اصدقاءه وتكون الوليمة اعلى تكلفة من سابقتها والاغرب والاحدث فى العادات المرتبطة بوليمة العريس ان العروسة تقوم بوضع جهاز تليفون محمول من الموديلات الحديثة فى كيس بلاستيك يوضع داخل الديك الرومى الذى يقدم للعريس ،، والاغرب من ذلك ان اصدقاء العريس ممن يحضرون هذه الوليمة يدفعون ( النقوط ) للعريس وليس للعروسة التى تتحمل كافة تكاليف الوليمتين ، وجهاز المحمول
ثالثا – واحة سيوة
وتنفرد واحة سيوة بمجموعة من العادات المتميزة فى احتفالية الزواج نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
تقوم العروسة باعداد 45 ثوبا مشغولة ومطرزة بالحرير يدويا ويشتمل طاقم الثوب على آشراح وقميص وسروال وتستخدم هذه الاطقم فى ثلاث مناسبات متتالية الاولى ليلة الزفاف والثانية يوم الصباحية والثالثة يوم ( شماتة ) بمعنى ليلة السبوع (بواقع 15 لكل مناسبة )
تنفرد واحة سيوة عن باقى المجتمعات المصرية بطبخ جلد الذبيحة مع الكبد والطحال فى وليمة الفرح فى وجبة تسمى ( طقاقيش ) كما تنفرد ايضا بان الوليمة تقام فى ساحة مفتوحة وليس فى اماكن مغلقة
ايضا هناك احتفالية تسمى تكسير الحطب فى اليوم السابق للوليمة وهو حطب الوقود الذى يستخدم فى طهى طعام الوليمة ويشارك فى هذه العملية كل شباب القرية للمجاملة وتتم امام بيت العريس
وفى يوم ( شماتة )تتم اغرب العادات فى الزواج السيوى وهو ان يهدى العريس لحماته كمية من جمار النخيل الذى يقوم اصدقاءه باهداءه اليه , ولمن لايعرف الجمار ، هو مالم تحصل عليه الا بعد قتل النخلة تماما فهو عبارة عن (قلب) النخلة ومما يذكر ان عدد النخل الذى يتم قتله مع كل زيجة يفوق العشرين !!
وجدير بالذكر ان سيوة تنفرد باحتفالية للعريس فى الصباحية يحضرها كل اصدقاءه فى ساحة او احدى حدائق النخيل والزيتون تقام خلالها المسبقات للكبار والاطفال وتقدم جوائز للفائزين .
رابعا – بدو منطقة مطروح
والمتميز من عادات الزواج عند بدو مطروح ( وهم جميعا ينتمون الى قبائل اولاد على ) ان الاحتفالية تبدأ بما يسمى ( السياج ) وهو ان يأخذ اهل العريس للعروسة مستلزمات السياج وهى عبارة عن عدد من الخراف والخضراوات والفواكه والشاى والسكر وكافة لوازم العزومة حتى سوائل تنظيف الاطباق حيث تقام وليمة لاهل العريس يحضرها كل اقارب العروسة ، لذلك يعد السياج بمثابة الاشهار لحالة الزواج ، وبمثابة ما يطلق عليه ( الشبكة )
ومن عادات ( الصباحية ) ان العروسة التى تكون من قبيلة اخرى لايزورها اهلها فى الصباحية ، والعكس حينما تكون العروسة من اقارب العريس وهنا يقوم اهل العريس بعمل وليمة
ومن العادات ايضا ان والد العروسة يعطى لأبنته ذبيحة تأخذها الى بيت الزوجية ليلة الزفاف
( الزورة ) هى احتفالية سبوع الزواج عند البدو وفيها تقوم العروسة وبعض السيدات من اقارب العريس بزيارة اهلها للمرة الاولى حيث تأخذ معها ذبائح وبعض مواد الاطعمة ، وفى المقابل يقوم والد العروسة بعمل عشاء لضيوفه او يقوم بارسال ذبيحة مع ابنته بعد تمام زيارتها
( طلقة عجال ) وهى الزيارة التى تقوم بها العروسة مع زوجها الى اكبر اعمامها او جدها وتأخذ معها ذبيحة ، وتحصل من مضيفها على ذبيحة ايضا
ومن العادات البدوية ان ام العروسة لاتصحب ابنتها ليلة زفافها ، وايضا تأخذ العروسة بعض الهدايا للسيدات والبنات ممن يقيمون مع العريس فى المنزل الذى يضم الاب الكبير وابناءه المتزوجين وهو مايطلق عليه ( بيت جملة ) وتكون الهدايا عبارة عن ملابس ومشغولات ذهبية
المصدر: دراسة ميدانية