أ.حكيـــمة بولعــشب
جامعة جيـــجل / الجزائر
الملخــص:
يقترن وجودنا التاريخي والجغرافي بالوجود الثقافي هذا الوجود الذي يحدد خصوصيتنا الثقافية ويشكل هويتنا وانتماءاتنا لكن هذا الوجود بات مهددا في الوقت الذي أصبحت المجتمعات الغربية تروج لثقافاتها وأنماطها السلوكية المتناقضة مع شخصيتنا العربية عبر وسائل إعلامية مختلفة والتي غدت العقول وأصبحت تشكل في هويتنا الثقافية أمام الآخر فقد كثر الحديث عن الهوية في الوقت الذي تلح فيه الضرورة على أجندة قضايا مجتمعاتنا العربية أسباب وسبل حضورنا على المعترك الحياتي وفي هذا المقال نحاول التطرق إلى أهم تحديات التي تواجه الهوية الثقافية العربية في ظل العولمة وأهم الاستراتيجيات للحفاظ على هذه الهوية والخصوصية الثقافية لبلداننا على المستوى المحلي والدولي.
تحديات الهوية الثقافية العربية في ظل العولمة
المدخــل:
إن هاجس الخصوصية الثقافية هو نفسه هاجس الأصالة والمعاصرة معا، ومحاولة تنميط سلوكيات البشر وثقافتهم في المجتمعات كافة وإخضاعها لقيم وأنماط سلوك سائدة في ثقافات معولمة، الأمر الذي يحمل إمكانية تفجير أزمة الهوية التي أصبحت من المسائل الرئيسية التي تواجه المجتمعات الإنسانية على المستوى العالمي، هذه الأزمة والتي من خلالها تنفي الرغبة لدى العصبيات والأقليات القبلية والطائفية والقومية في البحث عن الجذور وحماية الخصوصية المجتمعية.
إننا اليوم وفي القرن الواحد والعشرين، الوقت الذي تلح فيه الضرورة على أجندة قضايا مجتمعاتنا العربية أولوية الإصرار على تعزيز أسباب وسبل حضور مجتمعاتنا على المعترك الحياتي الذي يعيشه العالم، معترك الصراع الذي يتحول على المستوى العالمي باطراد إلى جبهة الصراع بين الثقافات، فوجودنا كمجتمعات عربية في التاريخ والجغرافيا مرهون بالمقام الأول بوجودنا الثقافي، في الوقت الذي أصبحت المجتمعات الغربية تروج لثقافاتها وقيمها وأنماطها السلوكية المتناقضة مع ثقافاتنا المحلية والتي باتت تهدد الخصوصيات الثقافية والحضارية لبلداننا وأوطاننا التي أصبحت تعيش حالة تبعية ثقافية من خلال ما أفرزته العولمة، والتكنولوجيا، فالعالم العربي واجه تحديات كبيرة تتطلب منه اتخاذ التدابير والإجراءات الصارمة والفعالة لمواجهة هذه الوضعية التي اخترقت المجال الثقافي لها والتي تهدد بتهديد خصوصيتها الثقافية وكسر انتماءاتها والتي أدت إلى مشكلة الوعي المستند إلى الهوية وكيف يمكن الحفاظ علميا وتأكيدها.
إن الحديث على وجودنا التاريخي والجغرافي وإقرانه بالوجود الثقافي إنما هو في الحقيقة الوجود الذي يحدد خصوصيتنا الثقافية ويشكل هويتنا وانتماءنا أمام الآخر في ظل ما يسمى بالثقافات المعمولة التي روجتها وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التكنولوجيا وغيرها التي غدت العقول خاصة هذا النشء الصاعد من الشباب ثروة مجتمعاتنا والذي أصبح يرى في ثقافة مجتمعة ثقافة مختلفة تمكنه عن إثبات نفسه أمام الأخر، وبما أن ثقافة الآخر ثقافة استهلاكية فإن شباب مجتمعاتنا أصبح يتلقاها ويعمل على تجسيد مقوماتها دون أن يكترث بحقيقة ما يجب أن يتحول وما يجب أن يبقى ثابت حتى يتمكن من تأكيد هويته إذن فهناك العديد من تحديات أمام الدول العربية للمحافظة على هويتنا الثقافية وأين يقف فيها الثابت عن المتحول.
ولاحتواء هذه الأفكار وضعنا محاور رئيسية نحاول من خلالها معرفة وضعية الهوية الثقافية وتحديات خصوصياتنا الثقافية في تأكيد المتحول من الثابت أمام الهيمنة الثقافية الغربية على مجتمعاتنا وكيفية تأكيد الهوية وإعطاء الصورة لثقافتنا وانتماءاتنا مع المتغيرات العالمية وذلك من خلال الإجابة على:
1-ما هي تحديات الهوية الثقافية للحفاظ على مقوماتها ؟
2- هل يستطيع الإنسان أن يعيش بهويات متعددة دون أن يفقد أصالته القومية ؟!
3- ما هي الإستراتيجية التي يتطلب وضعها للحفاظ على هويتنا الثقافية (بين الثابت والمتحول) ومسايرة ثقافة الآخر؟!
1- مفهوم الهوية:
إذا كانت المفاهيم التجريدية مثل الثقافة والشخصية موضوع خلاف بين الفلاسفة والعلماء المنظرين قديما وحديثا، فإن مفهوم الهوية يبدو مستعصيا باعتبارها مفهوم متحرك وفي حالة بناء دائم من خلال الوضعيات التي يكون فيها الأفراد والجماعات ونوعية العلاقات الموجودة بينها وفي كل تلك الوضعيات وما يحدث داخلها من علاقات، يقوم شعور الانتماء بوظيفة هامة في تأكيد الهوية ورسم حدودها.
إن الهوية جسر يعبر من خلاله الفرد إلى بيئته الاجتماعية والثقافية، فهي إحساس بالانتماء والتعلق بمجموعة، وعليه فالقدرة على إثبات الهوية مرتبطة بالوضعية التي تحتلها الجماعة في المنظومة الاجتماعية ونسق العلاقات فيها [محمد العربي ولد خليفة، 2003، ص92].
2- الهوية الثقافية:
إن الهوية الثقافية هي تعبير عن الحاجة إلى الاعتراف والقبول والتقدير للإنسان ففي الهوية الثقافية تشتغل جدلية الذات والآخر وتعيد كل جماعة بشرية تأويل ثقافتها من خلال اتصالاتها الثقافية الثقافية، وعلى كائن جماعي حي يتحول ويتغير من الداخل على ضوء تغير المصادر القيمية والسلوكيات، ومن الخارج بفعل أشكال التأثير الناتج عن علاقة الفرد بالمحيط كما أنها كيان يسير ويتطور وليس معطى جاهز ونهائي وهي تتطور إما في اتجاه الانكماش وإما في اتجاه الانتشار، وهي تغني بتجارب أهلها وانتصاراتهم وتطلعاتهم وأيضا باحتكاكها سلبا وإيجابا مع الهويات الثقافية الأخرى.
إن الهوية الثقافية والحضارية لأمة، هي القدر الثابت والجوهرية والمشترك السمات والقسمات التي تميز حضارة أمة عن غيرها من الحضارات والتي تجعل الشخصية الوطنية أو القومية طابعا تتميز به عن الشخصيات الوطنية القومية الأخرى [إبراهيم الحسين: الهوية الثقافية بالصحراء، ص02].
3- العولمة الثقافية:
إن العولمة تطلع وتوجه اقتصادي سياسي تكنولوجي حضاري ثقافي تربوي تذوب فيه الحدود بين الدول، وبين الشمال والجنوب والحضارات بعضها بعض فهي حركة معقدة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية وحضارية وثقافية وتكنولوجية أنتجها ظروف العالم المعاصر وتؤثر على حياة الأفراد والمجتمعات. [عدنان المجالي، قضايا معاصرة، ص216].
وعليه فالعولمة الثقافية تعني إشاعة ومبادئ ومعايير الثقافة الغربية وفي مقدمتها النموذج الأمريكي الغربي وجعله نموذجا كونيا يجب تبنيه وتقليده، فقد استفادت هذه الثقافات من التطور الهائل السريع الحاصل في وسائل وأجهزة الإعلام والتقنيات العلمية والمعرفية في نقل وتقديم هذا النموذج إلى المجتمعات والثقافات الأخرى.
4- وظائف الهوية:
تتمثل أهم الوظائف للهوية في المجتمعات فيما يلي:
1- ضمان الاستمرارية التاريخية للأمة إذ لا يمكن التشكيك في انتماءاتها.
2- تحقيق درجة عالية من التجانس والانسجام بين السكان في مختلف جهات الوطن الواحد.
3- تمثل الهوية الجنسية والشخصية الوطنية التي تحافظ على صورة الأمة أمام الأمم الأخرى، وذلك من خلال الحفاظ على الكيان المميز لتلك الأمة.
اختراق العولمة للثقافة العربية:
مرت الثقافة في الفترات القريبة بالعديد من المتغيرات المتسارعة التي تحمل في طياتها إيديولوجية التنميط والاختراق الثقافي، وهي تتجلى في صياغة ثقافية عالمية مندمجة لها قيم ومعايير وسلوك وعادات، وسيطرة غربية على سائر الثقافات بواسطة استثمار المكتسبات العلوم والتقدم التكنولوجي في مجال ثورة الاتصالات وثورة المعلومات والتتويج التاريخي لتجربة مديدة السيطرة بدأت منذ انطلاق عملية الغزو، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء قيم ليس لها مرجعية في الثقافة العربية مما أدى إلى حدوث تشويش للهوية الثقافية وفقدان التوازن، ونظرا لكون بعض النقابات مدعمة بوسائل وتكنولوجية يقابلها في الجهة الأخرى ثقافات مجردة من تلك الوسائل مما يؤدي باللاتكافؤ في عملية تبادل العناصر الثقافية ويبقى مجرد نقل ثقافي بين الشعوب والثقافات [جيهان سليمة، ص233].
إن الخصوصية الثقافية التي ترافق الشعوب والأمم والجماعات البشرية وما إذا كانت ستبقى هذه الخصوصية في عالم وزمن العولمة الزاحفة يجب أن تنشر إلى أن الخصوصية أفضل من الاستقلالية، فالاستقلال في الميدان الثقافي نسبي ومتغير تبعا لعوامل التفاعل الحضري وإذا كانت الاستقلالية نسبية ومتغيرة فكذلك نجد التبعية الثقافية والتي تعني في جوهرها استلاب الأمة أو الدولة من خصوصيتها الثقافية وهذا ما نراه من تأثيرات العولمة ومحاولة الغرب التأثير على ثقافات إلى الآخرين خاصة وهي أمام مجتمعات تستهلك في المجال الثقافي أكثر مما تنتج.
إن الاعتراف بتطور التكنولوجيا في العصر الحديث ووسائل الاتصال ضرورة ملحة ولا بد منها ولكن يجب أيضا أن لا نهمل الماضي فهو الدليل الذي يمكن من خلاله الاهتداء به لصياغة المستقبل والحاضر. [عدنان السيد حسن، ص299].
الهوية الثقافية والعولمة:
لعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن الهوية العربية هو الخصوصية الذاتية والتفرد بصفات وخصائص معينة تعكس هذه الخصوصية وتميز هذه المجتمعات عن بعضها ففي ظل التوجه إلى العالمية نجد أن هناك توجها جديدا نحو تحديد الهوية فعند تحول الفرد إلى العالمية يحاول أن يؤكد هويته وشخصيته المميزة فالهوية تظهر في كل مكان وتؤكد على محورها في كل المجتمعات التي أصبحت مقسمة إلى مجموعات متعددة وسط كل هذا فهناك دول تختفي في الوقت الذي نجد فيه دولا تؤكد على هويتها وتزدهر على المستوى العالمي.
إن التحول الذي أصاب المجتمعات العربية هو الانتقال من الوحدة التعدد الذي أصبح الهدف العالمي فقد أصبح الإختلاف المعترف به الوحدة التي يعترف بها من خلال النظر إلى الاختلافات ومن خلال وضع التميزيات في الاعتبار.
إن السبب الوحيد في هذا التحول هو ما خلقته الهوية من أهمية متنامية دائما على الساحة العالمية، فكل ما يسمى الأمة فهو يمس الهوية الثقافية وتجسيدها التاريخي [جيهان سليمة، ص236].
وباعتبار الهوية الثقافية القومية هي الهوية المشتركة لجميع أبناء الوطن العربي لا يعني هذا إلغاء وإقصاء الهويات الوطنية ولا يعني أيضا فرض نمط ثقافي معين من الأنماط الثقافية المتعددة الأخرى، فالوظيفة التاريخية لهذه الثقافة هي وظيفة التوحد المعنوي والروحي والعقلي والارتفاع بالوطن وإيجاد أسباب الانفتاح على الثقافة والهوية الخارجية فكل التحولات والتغيرات ترتكز في البنى الاجتماعية التي تعيش في أطر إقليمية محددة وبالتالي يكون التساؤل عن كيفية حدوث هذا التغير في الهوية والبنى الاجتماعية.
إن البلدان العربية في حاجة إلى آليات السيطرة الاجتماعية اللازمة لإدارة العلاقات الاجتماعية وإعادة إنتاجها بها وهذا يمكن أن يخرجها من مأزق اللاتاريخية التي لا زمتها في هذا العصر فالقول بوجود خصوصية في هوية مجتمع ما في مسار تطور هذا المجتمع لا بد أن تنطلق من معاينة وبرهان دقيقين.
وتتميز المجتمعات العربية بخصائص الحضارية طبعت ولا زالت موجودة في ظل التأثيرات الحادثة، وهذا لا ينطبق على المجتمعات الغربي التي يتم فيها الخلط بين العمليات التاريخية الموضوعية والسياسات الثقافية التي تنتج مجالات للاختيار والمفاضلة ومن هنا يجب إدراك عدم وجود التفاوتات بين الأقاليم المختلفة داخل البلد الواحد وجعل لكل منها هوية وخصوصية محددة، لأن المنتمين إلى هويات متماثلة يمثلون إلى العريش في منطقة واحدة، فالتنوع لا يبطل الوحدة العربية.
ولهذا فإن التمسك بالهوية القومية هو وصف المخزون النفسي المتراكم من الموروث وتفاعله مع الواقع [جيهان سليمة، ص237]. فانتقال المجتمع من مرحلة إلى أخرى لا يعني أنه أحدث قطيعة أو انفصال عن الماضي، بل يعني استمرار الحضارة، ولكن على أساس احتياجات هذا العصر وبالتالي فإن قضية الحفاظ على الهوية قضية كفيلة بإظهار وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي واكتشاف جذورنا والتمسك بهويتنا.
إذن فتبني العولمة يؤدي إلى تحطيم القيم والهويات التقليدية للثقافات الوطنية والترويج للقيم الاستهلاكية ويمكن تلخيص ما سبق من آثار الثقافة المعولمة على هويتنا الثقافية العربية فيما يلي:
1- التبادل اللامتكافئ بين العناصر الثقافية إذ يكون التبادل أحادي الاتجاه مما يخلق مشكل الخصوصية في ظل شمولية الاتصال.
2- الغزو الثقافي والذي يظهر استمرار آليات التي تحقق السيطرة وامتداد فعاليتها في شكل قوة تغلغل في مجتمعاتنا التي تقف موقف الجمود أمام التغيرات التي تحدث داخلها، الأمر الذي ينمي الإحساس بالتهميش والاستلاب من الثقافة الأصلية وتنامي الإحساس بفقدان هويتنا الوطنية القومية.
3- التبعية الثقافية من خلال اعتماد ثقافاتنا على ثقافات الأخرى في إنتاج وتطوير ثقافاتها وتتمثل هذه التبعية في عدة مظاهر منها إحلال قيم وعادات وأنماط سلوكية محل القيم السائدة في هذه المجتمعات حيث تظهر التبعية في المجتمع التابع كمجتمع مهشم ومتناقض يسوده التفكك وعدم الأصالة.
4- الإمبريالية الثقافية والتي تشير إلى الثقافة المسيطرة من خلال ما تمارسه الثقافة المتقدمة من هيمن على الثقافات المتخلفة والتابعة فتحتل هذه الهيمنة كانت إعلامية أم تكنولوجية مواقع أساسية في ثقافتنا من خلال فرض قيمها وأنماطها السلوكية.
5- التسمم الثقافي ويتم من خلال نفي الدور العربي ومحو الشخصية الثقافية للأمة العربية عن طريق التشكيك بقيمة الثقافة العربية وإبراز وجهها السلبي وإحياء الثقافات الغربية لكسر وجودنا الثقافي وإبراز أزمة الهوية الثقافية [نظام محمود بركات، ص124].
– من خلال لكل هذه الآثار التي تفرزها العولمة الثقافية على ثقافتنا وخصوصيتنا يتنامى الإحساس يوما بعد يوم بفقدان الهوية في مجتمعاتنا فالفرد المعاصر أصبح يخسر قنوات الاتصال بجذوره وعاداته وهويته في عالم أصبحت وسائل الإعلام إن لم نقل الهيمنة الإعلامية تنقل إلينا يوميا عادات دخيلة على مجتمعاتنا تهدد بتهميش ثقافاتنا المحلية ومحو وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي.
تحديات الهوية الثقافية العربية:
تتعرض ثقافتنا وخصوصيتنا إلى خطر كبير من جراء ظاهرة العولمة إذ تمثل العولمة الثقافية أخطر التحديات المعاصرة للهوية العربية وهذه الخطورة لا تأتي على الهيمنة الثقافية التي تنطوي عليها العولمة فحسب وإنما على الآليات والأدوات التي تستخدمها لفرضها وأهم التحديات نجد:
– الهيمنة الإعلامية، فقد أصبحت وسائل الإعلام وسيلة للسيطرة الثقافية الغربية كم تعد وسيلة للاحتراف الثقافي وتهديم الخصوصيات الثقافية، فالهيمنة الإعلامية اليوم ليست مشكلة إعلامية فحسب بل مشكلة ثقافية حضارية تؤدي إلى التشكيك في الثقافة العربية والهوية القومية.
– إثارة الشبهات حول الهوية العربية الإسلامية من خلال التشكيك في الثقافة العربية ومحاولة طمس حقيقة وهوية مجتمعاتنا من خلال جرد الموطن العربي بواقعه الثقافي.
– الترويج لقوى عولمة الثقافة والتركيز على نشر الثقافة الغربية وجعلها النمط الثقافي السائد بنشر مبادئه وقيمه من أجل النيل من خصوصية ثقافتنا العربية الإسلامية وتدمير هويتها.
– الترويج للقيم والثقافات والسلوكيات التي ذوبت خصوصيتنا الثقافية وهويتنا فكيف يمكن أن نصنع الجيل والنشء القادم وتأكيد هويته في عالم اليوم.
– تذويب الثقافة العربية الإسلامية من خلال نقل الثقافة الغربية وخاصة الأمريكية من خلال الصراع بين الاستيعاب والإذابة من جانب الثقافة العالمية والخصوصية والاستقلال من جانب الثقافة العربية.
– فرض التبعية على الثقافة العربية الإسلامية من خلال عملية التذويب الثقافي وفرض التبعية على الثقافات الأخرى في إطار المكون الثقافي المعولم المتمثل في الثقافة الغربية، وإزاء إشكالية العلاقة بين النموذج الثقافي المعولم والخصوصية الثقافية للأمة العربية الإسلامية نجد أن الغرب اتبع عدة أساليب لإلحاق ثقافة العربي إلى ثقافته التي لا تتلاءم والبيئة التي نشأتها، ونجد أن ماصبه الاستعمار من بطش وتنكيل وتدمير واحتلال كل هذا الأعمال لا تساوي أمام ما وضعيته في الأنظمة التربوية الحديثة الغربية محاولة منها أن تنشئ أجيالا تتنكر لشخصيها وهويتها العربية باعتبارها لا تجاري تطورات الحياة وهذا تذويب للهوية الثقافة العربية.
إستراتيجية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة:
في الحديث عن إستراتيجية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة يمكن أن نقول كيفية التعامل مع العولمة الثقافية وتنبع ضرورات التعامل والمواجهة العربية لظاهرة العولمة بالأساس من الحاجة إلى حماية الهوية العربية الإسلامية وصيانة خصوصيتها الذاتية ويتم ذلك من خلال التوجه إلى التطور الحضاري الإنساني ودعم التفاعل الحضاري الثقافي بين الأمم والشعوب ولا بد لهذه الاستراتيجيات أن تكون ممكنة يمكن تطبيقها في ضوء الفرص المتاحة وان تتسم بالنظرة الشاملة وذلك بتحليل مختلف المتغيرات ومدى تأثيرها بعضا ببعض ويتم الحفاظ على الهوية من خلال مستويين يتمثلان في:
على المستوى الدولي:
لعل أهم نقطة للبدء في المحافظة على الهوية الثقافية أمام الآخر يمكن إطار التعامل مع قوى العولمة الثقافية وبناء النموذج الثقافي الوطني في المجتمعات العربية من خلال إجراء حوار عام يسفر عن إجماع وطني حول المشروع الثقافي الوطني والدعوة إلى الاندماج في الهوية الوطنية العربية مع الحفاظ على خصوصياتها وهي النقط المحورية التي تسعى من خلالها إلى قوى العولمة إلى تحطيم وحدة البلدان العربية.
إلى جانب ذلك لا بد من إجراء حوار في إطار مفهوم “التقريب” في الوقت الذي يصعب الحديث عن تعامل فعال مع العولمة الثقافية لأنه لا زالت هناك الكثير من التضاربات الثقافية في الوطن العربي إضافة إلى هذا لا بد من التوصل إلى إستراتيجية ثقافية مشتركة بين البلدان العربية والغربية ويمكن ذلك من خلال حوار الحضارات العالمية، فالعوامة تدفع في اتجاه فرض القيم الغربية ومواجهة القيم غير الغربية.
على المستوى المحلي:
إذا تحدثنا عن الإستراتيجية على المستوى المحلي فتعتبر الإستراتيجية النواة لفرض وجودنا الثقافي في المتعترك الحياتي واثبات خصوصيتنا الثقافية والهوية الوطنية القومية داخل مجتمعاتنا ورفع هذه الهوية أمام الآخر وتكمن محاور ونقاط هذه الإستراتيجية في:
– محاولة المزاوجة بين المجتمع الحديث والحياة الشعبية التي خلفها الأجداد ويقصد هنا بالمزاوجة هو عدم الانفصام بين النواحي الحياتية والتجارب الموروثة التي لا بد أن تحضر وتحلل وتقدم في ثوب جديد مع الحفاظ على الإبداعية فلكل ثقافة محلية خصوصية، ولكن تجتمع كلها في صفات مشتركة تكون السمة الغالبة للهوية الثقافية.
– تحديث ثقافتنا وتطويرها من خلال تبيان وضعية المتحول من الثابت فيها وذلك بإثبات هويتنا في وجه تيارات العولمة الثقافية حتى نتمكن من المحافظة على قوميتنا العربية [عدنان المجالي، ص220].
– إيجاد رؤية تصور العالم على أنه مجموعة واحدة نتبادل المنافع دون إسقاط الخصوصية التي تميز كل جماعة في موروثها الثقافي.
– رفض العزلة والهيمنة في الوقت نفسه ومحاولة وضع وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي من خلال تطويع الثقافة الجديدة مع ثقافتنا حتى تصبح مزيجا من الأصالة والمعاصرة وهنا يمكن المحافظة على هويتنا ومواكبة الآخر. [جيهان سليمة، ص246].
خـــاتمة:
تعتبر العولمة الثقافية من التحديات الكبرى التي تهدد خصوصيتها الثقافية فالإحساس الذي لا زال متنامي لدى المجتمعات بالخطر على الوجود الذاتي لأفرادها بوصفهم ينتمون إلى الأمة كونية لحضارات متعددة هذا الوعي أخذ يولي مسألة الثقافة اهتماما يتعاظم تدريجيا فالثقافة تعتبر المكون الأساسي لوجدان أي مجتمع وتعبر عن العمق التاريخي والمتراكم في المجتمع فالثقافة تعبر عن الهوية والانتماء الوطني وبالتالي فالضرورة ملحة على التواصل الثقافي، والعولمة الثقافية تعتبر تهديدا للهوية القومية من خلال محاولة تحويل نمط الحياة إلى نمط حياة غربي.
ولأن وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي سيكون بمثابة الحصن الذي يحفظ خصوصيتنا، وهويتنا من خلال التفاعل مع المناخ الحضاري العالمي وإثبات الهوية الثقافية العربية أمام الآخر وتحويل ثقافتنا من ثقافة استهلاكية إلى ثقافة منتجة مثلها مثل مثيلتها من الثقافات الغربية.
إذن للقضاء على الهيمنة الثقافية وما أفرزته العولمة لابد من خلق أدوات لتحريكي وجودنا الثقافي والمحافظة على خصوصياتنا وهويتنا أمام الأخر وتحقيق وحدة الهوية الثقافية العربية من خلال بناء نموذج ثقافي وطني قومي من جهة والانفتاح على العالم الخارجي من جهة أخرى، فمواجهة العولمة تقضي التعامل معها وليس الذوبان فيها الأمر الذي يؤدي إلى إذابة خصوصياتنا وهويتنا.
المراجــع
1- إبراهيم الحسن: الهوية الثقافية الصحراوية، www.//Alarbio.com
2- جيهان سليم: “عولمة الثقافة واستراتجيات التعامل معها في ظل العولمة”. من كتاب الثقافة العربية، أسئلة التطور والمستقبل، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003.
3- رضوان السيد: “هل تمهد الهوية الثقافية الطريق إلى الوحدة السياسية العربية” مجلة العربي، الكويت، العدد 503، 2000.
4- سليمان العسكري: “زمن السير عكس السير” مجلة العربي، الكويت، العدد 503، 2000.
5-عدنان السيد حسين: “متطلبات الأمن الثقافي العربي: دراسة في الإستراتيجيات والسياسات”، من كتاب الثقافة العربية، أسئلة التطور والمستقبل، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003.
6- عدنان المجالي: قضايا معاصرة. دار وائل للنشر والتوزيع، ط1، 2005.
7- فريال حسن خليفة: “الإديولوجيا والهوية الثقافية-الحداثة وظهور العالم الثالث-” ترجمة لكتاب جورج لورين، مكتبة مبدولي القاهرة، ط1، 2002.
8- محمد العربي ولد خليفة: المسألة الثقافية وقضايا اللسان والهوية، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائرية، 2003.
9- نظام محمد بركات: “التبادل اللامتكافئ بين الثقافتين العربية والغربية”، من كتاب الثقافة العربية، أسئلة التطور والمستقبل، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003.