يعتبر ديفيد هيوم[1] David Hume الفيلسوف الإسكتلندي، أن لا وجود لأي شيء خارج حدود الحواس والتجربة! لذا فهو يرى أننا لا نختبر ذاتنا، بل سلسلة متواترة من الخبرات! وهذا يوصلنا إلى إكتشاف أن الذات مجرد وهم! وأن الهوية الشخصية ليست سوى التتابع المتواتر للخبرات المدركة! “أنا أكون” إذن ليست سوى حزمة من المدركات!
يشدّد هيوم على التجربة، وكل ما لا يمكن إدراكه بالحواس و/أو تأكيده عبر التجربة فهو وهم، ومن هنا يمكن لنا أن نفهم نظرته إلى الهوية!
كل مدرك بالحواس يشكل وحدة خبرة، هذه الوحدة قد تكون فعّالة، فهي إنطباع حسي، وقد تكون هامشية، فهي فكرة!
إن الإنطباعات الحسية، يمكن لها أن تشكل نظرتنا الخاصة النسبية للعالم، كما لهويتنا، نحن عبر حزمة المدركات نعرف ذاتنا، وهذه الحزمة هي نتاج لإنطباعات حواسنا عن العالم المحيط بنا، كما لإنطباعاتنا عن خبرة ذواتنا ضمنه!
إن التجربة تظهر أن “النحن” هي ببساطة تسلسل مدركات: إنطباعات، أفكار، إنفعالات، ذكريات، وآمال. نحن لا ندرك سوى مدركات. لا يمكن أن نرى أنفسنا بدون مدرك ما، مدركات متتابعة وعابرة… فالأشخاص ليسوا سوى حزمة أو مجموعة من المدركات المختلفة! ليس هناك من جوهر في الذات ثابت ومتعاقب يمكن لنا ملاحظته. لنعزو الهوية إلى ما هو متغير دومًا أمر بلا أساس ومتناقض.
هيوم كتجريبي، قدّم لنا “طريحتـ”ـه، فهل عند العقلانيين “نقيضة” ما؟!
هذا حديث… مؤجّل!
[1] للإستزادة، أنظر:
Anthony C. Thiselton: A Concise Encyclopedia of the Philosophy of Religion. England, Oneworld Publications, 2002, p 283-284.
Philip Stokes: Philosophy: 100 Essential Thinkers. New York, Enchanted Lion Books, 2006, p 86.
جورج طرابيشي: معجم الفلاسفة. بيروت، دار الطليعة، ط 3، 2006، ص.ص 726-728.
ملاحظة: نشرتها مسبقًا على مدونتي..