موقع أرنتروبوس

النقابات المستقلة في الجزائر كحركات اجتماعية

أ.زبيري حسين

جامعة الجلفة / الجزائر

تمهيــد

رأى الباحثون في العلوم الاجتماعية- و خاصة بعد انفجار الاحتجاجات التي عرفتها نهاية الستينات في فرنسا– أن الجماعات التي ظهرت في وقت حديث تختلف من وجوه متعددة عن الحركات الاجتماعية القديمة. و قد طرح في ذلك كل من أوف OFFEعام81-1985 ، و توران 1978-1984 و من طرف مؤرخ للفكر NEVEUعام 2002 ثلاث أبعاد في هذا التمايز:” أولا نجد في الحركات الاجتماعية الجديدة خصوصيات هيكلية: حيت تسلسل هرمي هش، غياب التباين بين الزعيم و باقي الأعضاء، و مطاطية في العمل ، و ذلك أن هذه الجماعات لا تعمل و فق نموذج اليموقراطية التمثيلة-الثقيل-، فهذه الحركات الجديدة, و كأمر ثاني تعتبر حاملة لمطالب مختلفة،و هي مطالب مرتبطة بالهوية من طرف فئات اجتماعية( المرأة، المهاجرون…)،و مطالب مرتبطة بنمط الحياة( anti-consumerism)،و الحركات الاجتماعية الجديدة تربط علاقات مع السلطة فهي لاتعارض السلطة و تريد مراقبتها، و هي تميل إلى بناء مساحات من الاستقلالية و الحرية”، و قد نجد  تتطابق هذه المواصفات كثيرا مع بعض الأشكال الاجتماعية ، و هي مختلفة اختلافا جذريا عن سابقتا من خلال مبدأ عملها أو طرق تنظيمها و محتوى نشاطاتها .

و يظهر قبل الغوص في الخطاب ، أنه من الضروري أن نقف وقفة قطيعة مع ما هو وارد في الحقل المعرفي عما جاء في مفهوم الحركات الاجتماعية و إن كان ما جاء في هذا الخطاب من امتدادات يمكننا من إيجاد بعض من مؤشرات للتدليل عليه على أساس أن الحركة الاجتماعية هي أساسا امتداد طبيعي للديناميكية الاجتماعية عبر فترات زمنية متعاقبة و متراكمة في المجتمع.

حول مفهوم الحركات الاجتماعية

عند تحديدنا للمفهوم تجنبنا سيطرة التصنيفات بناء على محددات للتعريف مستعارة من سياقات تختلف عن سياقات المجتمع الجزائري و المجتمعات العربية، حيث أن التماهي في التعاريف و استعمالات المفاهيم التي نشأت هي أصلا في بيئة مخالفة لبيئتنا بالنظر إلى الخصوصيات التطور الذي عرفته هذه الحركات ، من شأنه أن يشوه الواقع الذي نريد دراسته..  وعلى هذا فقد ركزت على بعض المعاني التي قد تشير أو تقترب إلى فهم معنى الحركات الاجتماعية من خلال عملية اسقاطية على الخصوصية المجتمعية للبلاد ، و لذلك تجدني أتبني ذلك التحفظ الذي تبناه مجموعة من الباحثين العرب حول مفهوم الحركات الاجتماعية ، في استخدام المصطلح إلى في حدود اعتبارات  أساسية نذكر منها انطلاقا مما هو قائم، في محاولة فهم القوى الداخلية والفاعليات في المجتمعات العربية التي تسعى إلى التأثير في الواقع أو تشكيل المستقبل، والتعرف على عملية التنظيم الذاتي لمختلف الجماعات الاجتماعية بصرف النظر عن شكل هذا التنظيم. وأيضا بلورة تصور شامل عن الجماعات ..،. أي إننا إزاء سعي لفهم تفاعلات اجتماعية ملموسة.

وبناء على ما يخدم هذا الهدف من المحددات المختلفة المستخدمة في تعريف الحركات الاجتماعية، فإنه يدخل في إطار الموضوع.

–   كل من الحركات الاجتماعية الجديدة التي يشار بها إلى الحركات ذات الأهداف النوعية أو الاجتماعية العامة العابرة لحدود التراتب الاجتماعي والبناء السياسي، وأيضا الحركات الاجتماعية القديمة وهي ما يشار بها إلى الحركات القائمة على الموقع والهوية الفئوية، والتي تعمل في علاقة مع البناء السياسي.

–   وفيما يتعلق بالأبعاد السياسية والاجتماعية للحركات الاجتماعية، فإننا نميز الحركة الاجتماعية (وهي التي يركز عليها بحثنا) عن الأحزاب السياسية. فإن كان بعض الحركات الاجتماعية  يسعى للتأثير في صنع القرار، أو يرفع مطالب لدى الدولة، إلا أنها لا تسعى إلى الاستحواذ على السلطة السياسية ولا مراكمتها ولا تعمل من خلال آليات العمل السياسي المباشر، كما هو شأن الأحزاب. وعوضا عن ذلك قد تسعى الحركات الاجتماعية إلى نوع مغاير من السلطة الاجتماعية. ويمكن أن نضيف إن مطالب الحركات الاجتماعية تتعلق في المقام الأول بقضايا اجتماعية، رغم ما قد يكون لها من انعكاسات سياسية غير مباشرة.

–   وبالنسبة لعلاقة الحركات الاجتماعية بمحيطها العام والخاص وما يترتب على ذلك من استراتيجية في التغيير، فإنه لا يشترط فيها تحديد برنامج عمل يعكس تصورا لسياسة منهجية للحكم  ورغم هذا ينبغي أن تتوفر على وعي بذاتها داخل محيطها وتحديد لهويتها. وهي تسعى إلى إنجاز تغيير في إطار هذا الوعي، كما أن لها نسقًا قيميًا مرجعيًا ورمزيًا وقواعد للمشروعية. كما أنها تسعى إلى الاستقلال والاستقراء بالذات. وفي الوقت ذاته تشارك الحركات الاجتماعية في تهيئة مناخ مختلف سياسيا واجتماعيا وثقافيا، كما أنها تثير الصراعات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية المتشابكة. و ما تثيره من قضايا قد ينغمس في الفضاءات العامة ويكون له تأثير سياسي واضح. و يمكن أن تقتصر على النطاق المحلي الذي وجدت فيه، وليس بالضرورة أن يكون لها بعد وطنى .و من هنا يمكننا معالجة الحركات الاجتماعية من هذه المنطلقات الاساسية، و لا بأس بالعودة إلى بعض المقاربات النظرية في هذا السياق ، حتى نتمكن من الاقتراب من موضوع المداخلة .

ألان توران و مفهوم الحركات الاجتماعية

لقد شغلت أفكار ألان توران لمدة طويلة مفهوم الحركات الاجتماعية كمحور أساسي لتفسير كل ما هو اجتماعي و كذا علاقة هذه الأخيرة بالحركات العمالية في إطار ما يسمى علم الاجتماع الحركات الاجتماعية.

يرى توران أن” لكل نمط للتنمية ما يقابله في الحركات الاجتماعية المر كزية التي تتكون من فاعلين بإمكانهم أن يعبروا و يحققوا التغير الاجتماعي( أو الصراع الطبق) و أن الحركات العمالية تمثل الحركة الاجتماعية التي تخص نمط المجتمع الصناعي”

يضع ألان توران مجموعة من المقاربات لفهم معنى الحركات الاجتماعية ، فيرى انه إذا تبنينا الوجهة “الوظيفية لتفسير المجتمع  أين الموضوع المركزي لهذه النظرة هو دراسة المؤسسات من جهة و الدوافع و الأشكال المختلفة التي ترتبط بها  من جهة أخرى، ففي مجتمع كمجتمعنا القانون و مجموعة الميكانيزمات القضائية هي التي تشكل النسق الفرعي لهذا المجتمع ، نطلق كلمة مجتمع ديمقراطي إذا ضبط هذا الأخير بوسائط قانونية، و نعني في هذه الحال الحركة الاجتماعية عبارة عن اضطراب ناتج عن عجز وظيفي للنظام القانوني للمجتمع”

إن دور النقابة اليوم يتعاظم كل مرة و في نفس الوقت تقد النقابية مع طبيعتها الاجتماعية كحركة اجتماعية، دورها لم ينته بعد إلاّ أنّ تاريخ الحركة العمالية لم يكتمل” بهذه العبارات يحاول توران رسم صورة مستقبلية للحركة النقابية و ذلك انطلاقا من تصور خاص، حيث عرفت النقابية تنزعا بارزاً في اهتماماتها ولم تكتفي بما هو عمالي فقط بل تعداه ليصل إلى كل ما هو سياسي ،كفاعل سياسي و إن كان يأخذ شكل غير مباشر كما هو الحال عند النقابات المستقلة في الجزائر فعندما يضير رئيس نقابة عصو في مجلس الأمة هي محاولى تسييس النقابة و لكن بطريق غير مباشر…،  فالنقابة في هذه الحال تسجل حضورها من مواقفها من عدّة قضايا سياسية لتفقد بهذا الدور خاصية الحركة الاجتماعية المتناقص.

بحسب ألان توران الحركة العمالية تتكون من فئتين مختلفتين من العمال: العامل الأكثر مهنية و الأكثر كفاءة و الأكثر فئويةcorporatiste،من جهة، و العامل الأكثر بروليتارية،و أكثر تخصص و الأكثر وعي بانتمائهم الطبقي و إنّ انصهارهم في حركة عمالية موّحدة صار أكثر صعوبة ، و كنتيجة لذلك فإنّ الحركة العمالية تميل نحو التفكك”

الأمر الذي قد يدفع بالنقابية الالتحاق بالسياسي، حيث تلجأ الحركة النقابية كتنظيم بالتقرب إلى مراكز السلطة السياسية من دون دعم قوي لحركة عمالية موحدة ،أين يظهر خطر الفئوين الجدد Néo-corporatiste  و هي طريقة تتبعها النقابية من خلال تحالفها مع الحركات الاجتماعية الجديدة( المرأة، دعاة السلام، البيئيين…)و هنّ ثمّ هناك خطر خسارة دعم القاعدة العمالية لها”.

هي تفقد النقابة بهذا الدور الشرعية المبنية على أساس الدفاع على حقوق العمال المهضومة لصالح التضامن مع السياسي لأغراض لا ينمكن أن تفهم في هذا السياق إلا بالمصلحة الفئوية لقادة النقابية.

هذا الأمر يتعلق بموقف النقابة من العمل السياسي، و إن كانت غير مطالبة و عير مجبرة على التخلي عنه ، فهي كذلك مطالبة على ان تنغمس فيه لأن التأثير اللاحق على وضعيتها و على مستقبلها و على مشروعيتها سيكون بأثر رجعي و وبال عليها كما كان الشأن بالنسبة للكثير منها

يضع ألان توران تبايناً واضحاً في العلاقة الموجودة بين الحركات العمالية و الحركات الاجتماعية إذا أخذنا بعين الاعتبار الفارق بين المجتمعات الصناعية و المجتمعات ما بعد الصناعة

ففي المجتمعات الصناعية ، أين التبادل الاقتصادي يشغل مكانة مهمة  تشكل الحركة العمالية الحركة الاجتماعية المركزية، فهي في صراع طبقي مع المالكين و وسائل الإنتاج لأجل مراقبة مسار التصنيع، أما في المجتمعات المبرمجة ، ما بعد صناعية ، فهناك حركات اجتماعية جديدة تركز على المعرفة ، الاتصال  و الثقافة ، حيث يزيد الاهتمام فيها بهذه العناصر  أكثر من اهتمامنا بالعمل و الاقتصاد…و سيتغير في ذلك المنافس الأول  على الدور المركزي لهذا النوع من المجتمعات، و هنا ستترك الطبقة العمالية أو الحركة العمالية مكانها لفاعلين جدد  كالنساء ، الطلبة، المدافعين عن المحيط و البيئة، الجماعات الإثنية المضطهدة، جماعات المستهلكين، و بالخصوص حركة المناهضين للأسلحة النووية ” و تمدنا الأخبار في كل مرة بالحركات المناهضة للحروب ، وهي في تزايد مضطرد و تكاد تميز هذه الحركات الحياة المعاصرة ، و لم نشهد إلا القليل من الحركات التي ترتبط بالعمال بالمقارنة مع باقي الحركات كالتي عرفتها فرنسا من طرف CGT أو الاحتجاجات التي عرفتها مصانع فولسفاكن بألمانيا لصناعة السيارات في سبتمبر 2008،إن نا يصنع المشهد الاجتماعي اليوم لم تعد فقط النقابات و نشاطاتها الاحتجاجية و  المسيرات العمالية الطويلة و الموصوفة بالعنيفة عند بعضهم و راديكالية عند الآخر بل إن المنافسة –إن صح التعبير –صارت مقرونة اليوم مع هذه الأشكال الجديدة للتعبير و هو ما اصطلح عليه عندنا بالمجتمع المدني،  لقد لمسنا نفورا من انخراط الأساتذة الجامعيين في إطار النقابة ،إلا أن الأمر لا يستوي عندما يكون متعلق بالانخراط في جمعيات ثقافية أو متعلقة بالبحث.

و في هذه الحال ستقتصر الحركة العمالية على ما هو سياسي لتتراجع عن دورها الاجتماعي كفاعل، حيث تحتل الحركة الاجتماعية المكانة المرموقة و يكون لها التأثير الأكبر و الاهتمام و التركز في الحياة الاجتماعية من الحركات العمالية في المجتمعات ما بعد الصناعية عن المجتمعات الصناعية، و ينتقل تدريجياً طبيعة الصراع  من بين الباترونا/العمال ،إلى منطق آخر أقل اقتصادي و سياسي     و أكثر منه ثقافي”.و لا يخفى علينا الآن تلك العلاقة التي يبنيها الأنساق في بينها من الحفاظ على سيرورتها و دوامها بحسب تلك المنطق الذي يتبناه كل نسق ،فالأحزاب السياسية و السلطة السياسية    و النقابات كأنساق فرعية من النسق الكلي تسعى من خلال دورة مصالح متشابكة بناء علاقة في ما بينها، و قد تختلف شكل هذه العلاقة بالنسبة للنقابات باختلاف الخصوصيات المرتبطة بايدولوجيا النقابية ، بالمكونات البشرية للنقابية في حد ذاتها و بالظروف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية،   و من هذا الأساس نكون أمام ثلاث أنماط من النقابية العمالية، حيث تتوزع و تنتقل النقابات العمالية من واحدة إلى أخرى بحسب ماافترضناه من العوامل السابقة.و الأنماط الثالث هي النقابية الثورية و قد ميزت و تميز عادة النقابات الحديثة الظهور حيث يلتزم أصحابها بالمواقف نوعا ما راديكالية في مواجهة رأسا لمال و أرباب العمل ، و ذات مرجعيات أساسية مناهضة للسلطة و لذلك أهم ما يميز نشاطاتها هو الاحتجاج و الإضرابات المتكررة و العنيفة نوعا ما..، و نقابية أعمال و التي هي بدورها لا تنكر الإضراب إلى أن الوصول إلى هذا الحل عادة ما يكون بعد استنفاد الحلول و لعل أهمها الحوار الجماعي…،و هناك الشكل الأخير و هو النقابية الواجهة و هي نقابات تدور في فلك السلطة و رأسالمال و لا تملك إيديولوجيا بارزة بل أكثر من ذلك فكل نشاطاتها من إملاء الرأسمال…

نقابية الواجهة نقابية الأعمال نقابية صراعية  أو ثورية
أولوية الرأسمالي على العمال مساواة بين الرأسمالي و العمال استغلال الرأسمالي للعمال الايدولوجيا
ضد نقابات الصراعية و نقابة الأعمال. ضد نقابة الواجهة   و النقابات الصراعية ضد نقابات الواجهة و نقابة الأعمال الأهداف
تعهدات مملية من طرف المسيرين معاهدة تتم بين المسير و العمال عن طريق الحوار تحت عنوان تقسيم الكعكة تقليص استغلال العمال عن طريق تعاهدات و مهاجمة لقةق التسيير للمسير
ضمان السلم الدائم داخل المؤسسة , تضم السام داخل المؤسسة من خلال الحوارات العلاقة بين السيد و العمال يتم في إطار حرب دائمة
دعم من طرف الأحزاب المناهضة للنقابية دعم الأحزاب التي هي في السلطة الصراع من أجل مساعدة العمال على تكوين وعي باستغلاله و وعي بضرورة وجود حزب عمالي
لا يوجد أي وسيلة ضغط ضد أرباب العمل القيام بإضراب في حالة الضرورة في فترات الحوار إضرابات شغل الطرق، أعمال تخريبية…في كل وقت على علاقات القوة, الوسائل
آليات احتجاج بحسب طلب أرباب العمل احتجاجات على الأجر و حول الفوائد, و ضمان الشغل استعمال آلية الاحتجاج و كل الوسائل الأخرى من أجل ضمان احترام كل نقاط التعهدات
لا وجود لتضامن بين الفرق العمالية تضامن في حالة كانت مرتبطة بالفيدرالية أو النقابة المعنية تضامن شامل ضد صاحب العمل
لا وجود لمعلومات يتم تداولها بين الأعضاء المعلومات المتداولة تأتي فقط من الهيئات العليا للنقابات المعلومات متحكم فيها على مستوى القاعد من خلال جريدة منشورة من طرف النقابات المحلية
لا وجود لأي تحقيق كان تحقيقات تتم من طرف و لصالح الإدارة العليا للنقابات تشاركيه تتم من طرف و لصالح القاعدة العمالية
لا وجود لأي تكوين للمنخرطين التكوين النقابي  تقني و لا يستفيد منه إلا البعض منهم تكوين نقابي و سياسي موجه لكل الأعضاء
متحكم فيها من طرف الدائمين متحكم فيها من طرف الدائمين أو من طرف الهيئة التنفيذية تحكم فيها من طرف القاعد ة و من خلال وساطة مجلس نقابي المهام فيها موزعة على أساس قاعدة مهمة لكل رجل التنظيم
لا وجود لمشاركة في الهيئات عليا .مشاركة ضعيفة للهيئات العليا و متحكم فيها من طرف الأعضاء الدائمين مشاركة نشطة في الهيئات العليا من أجل التحكم فيها

اللشكل الأول : الانماط الثلاث للنقابية العمالية

فالحركات النقابية الآن لم كتلك التي كانت في البداية أين يتم التركيز على مواضيع معينة و قائمة لوائح و مطالب ترتكز في أغلبها حول المطالب المادية و خاصة الأجر و لواحق الأجر، فقد بات من الأكيد أن مسائل الاستغلال لم تعد في الاجر و في مدة العمل و لكن الكثير من الجوانب التي كانت تغفلها النقابة و المتمثلة في المطالب النوعية و إن كان في مجملها يشهد النشاط النقابي تقهقرا جراء عدم مقدرة النقابية في حد ذاتها التماشي و التجدد مع يحدث في المحيط، غياب الرعيل من النقابيين المشبعين بالثقافة النقابية و بمعاني الوعي العمالي و التضامن العمالي، بل إن هناك منافسين على الساحة من شأنهم ان يفشلوا و ينهكوا كاهل النقابية عن التخلي عن مفاهيم كثيرة كتلك المتعلقة بالطبقة العمالية مثلا. .

إن كان هذا لا يعني من أنّ الطبقة العمالية تفقد كل أهميتها في إمكانية إحداث تغيير اجتماعي بجانب الحركات الاجتماعية الجديدة، إلاّ أنّها لم يعد لها ذلك الثقل حتى ولو لم تتمكن أي حركة اجتماعية أخرى من خلافتها”

إن الحركات الاجتماعية الجديدة ومن خلال طبيعة نشاطها تقوّي و تمكن النقابات  و الأحزاب السياسية من دور سياسي أكثر أهمية و أكثر قوّة إلاّ أنها و في نفس الوقت تقوم بإضعاف الوعي لدى الطبقة العاملة و لحركة العمالية نفسها، وإن كان هذا لا يعني بالضرورة إضعاف الصراع النقابي، ولكن أكثر من ذلك جاء ليزيد من الدور السياسي للنقابة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن دورها  الاجتماعي آيل إلى التناقص.

لقد شهدت الجزائر منذ بداية الستينيات، ظهور الكثير من الحركات الاحتجاجية داخل عالم الشغل، أخذت شكل الإضرابات العمالية وحتى بعض الأشكال الأخرى الأقل جماعية التي تعكس بدقة موازين القوى بين الحركة العمالية  الجنينة  والقوى الاجتماعية الحاكمة الجديدة التي لازالت في حالة صعود .كما لم يكن غريبا أن تكون أغلبية هذه الحركات المطلبية حتى نهاية النصف الثاني من السبعينيات  متمركزة في القطاع الخاص الوطني والأجنبي الذي كان يكتنـز تجربة نقابية وعمالية طويلة تستمد جذورها من فترة ما قبل الاستقلال  .

وتحولت هذه الحركات إلى فاعل مركزي في جزائر النصف الثاني من الثمانينيات، وحازت على تأييد كثير من الأوساط الاجتماعية الشعبية، وخاصة بين الشباب. تمركزت هذه الحركات حول القضايا الحياتية مثل السكن والتعليم وأشكال التهميش المختلفة التي تـم التعبير عنها بمفهوم “الحقرة” (hogra   مفهوم شعبي رفعته الكثير من الحركات الاجتماعية في الجزائر، وأصبح مستعملا بالعربية والفرنسية دون حاجة إلى ترجمة).

النقابة بين الدور الاجتماعي و الدور السياسي:

في حقيقة الأمر إن النقابة من خلال مسؤوليها داخل المؤسسات كانت تقوم بنشاطات أساسية و ذلك منذ مدة طويلة  انطلاقا من أمداد المنخرطين بمساعدات فردية ضد فصل من أماكن العمل، أو من الأزعاجات التي قد يتلقاها العمال الجدد من العمال القدامى، و كذلك من الحوادث اليومية في العمل: آلات خطرة،ظروف عمل غير لائقة، ساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر،عطل مرفوضة.

إن هذه الوظيفة أي الدفاع و الطعن –الدفاع عن العمال و الطعن في قرارات رب العمل- “تعمل أساسا على حلّ المشاكل الفردية في إطار تعاون صراعي مع السلسلة الهرمية، و إن كان يتم في إطار قانوني إلا أنه أوجد نوع من التقاليد المتعارف عليها و التي تحكم الحياة اليومية في العمل، و هي تنزع كذلك نحو الحوار الجماعي و ترسيم العلاقات الاجتماعية في إطارها المؤسساتي”.

إن لوجود النقابة داخل المؤسسة أدوار جد مهمة متعلقة بضمان العمل في حدّ ذات  الذي يتعلق بدرجة كبيرة بوجود النقابة،” ففي بداية 1990 لوحظ الارتباط المباشر بين وجود فرع نقابي في مؤسسة و قلّة عدد حالات الفصل ضد الأجراء ”

بل أكثر من ذلك فإن لتواجد النقابة داخل المؤسسة و في الوسط العمالي قد ساهم في صناعة هوّيات ذات قيمة للأجراء المنفذين، الذين كانوا في وضعية إجتماعياً مهيمن عليهم، و على هذا “و منذ قرن فقد تشكل هؤلاء الأجراء في هيئة هويات جماعية على محيط المهنة بطريقة جد منظمة و ذلك بضل النشاط النفابي: كعمال المناجم، عمال التعدين، عمال الكيمياء، سعاة البريد، عمال سكك الحديد، المعلمين..”

في حقيقة الأمر فإن النقابة تقوم بوظائف أخرى معترف بها داخل المؤسسات، فالنقابة تسيّر الخدمات الاجتماعية من خلال لجان المؤسسة،مطاعم المؤسسات، المكتبات و النشاطات الثقافية الأخرى و الرياضة ، مراكز العطل و المساعدات الاجتماعية.

” تؤدي النقابات، بعيداً عن المؤسسات، كذلك أدوارا لا تخلوا من الأهمية –زيادة على الحوار- فكما هو الشأن بالنسبة لتنظيمات التابعة لأرباب العمل ، فإن النقابة تسيّر هي كذلك تنظيمات اجتماعية من كل الأشكال، و بالخصوص صناديق ضمان الأمراض و المنح العائلية، صناديق التقاعد ، ضمان البطالة…و أخيرا فهي تشير على الإدارة في المسائل المتعلقة بالاقتصاد و المشاكل الاجتماعية و لذلك نجدهم ممثلين في المجالس الاقتصادية و طنيا و جهويا”

فالنقابية اليوم أو في أصلها موجودة للدفاع و الكفاح” من اجل أجر أحسن ، وهذا هو سبب وجودها إلى يومنا هذا، كما أنها تساهم في قضايا أخرى كالتوظيف مثلا و كل ما له علاقة بظروف الأجراء”

فالأجراء و بالخصوص العمال ، نادرا ما يتحصلون على مطالبهم إذا ما تم مناقشة أجرهم بشكل فردي، إلاّ في فترات الانفجار الاقتصادي حيث يكون هناك نقص في اليد العاملة ،” و من ثم تحالف العمال فيما بينهم من أجل خلق نوع من التوازن مع أصحاب العمل إن لم يكونوا في وضعية مفضلة، و لهذا السبب فالكثير من أصحاب العمل  يسعون إلى عدم وجود تنظيمات نقابية داخل مؤسساتهم”

إن غلق الحوار مع العمال  يدفع إلى نوع من التضامن في بينهم و اللجوء في نهاية الأمر إلى الإضراب للتعبير عن مطالبهم كسلاح لثني أرباب العمل و محاولة جبرهم على الاعتراف بالنقابة و المطالب التي ترفعها و من ثم الحوار معها كممثل شرعي للعمال، و هذا هو السبب نفسه الذي دفع بالنقابة إلى النشاط السياسي ، أي من أجل الحصول على مطالبهم عن طريق فرض قوانين و الضغط على الدولة من داخلها ما لم تستطع الحصول عليه بالطريقة المباشرة.

كثرت في فرنسا النقابات الحرفية و هذا النوع جاء كرد فعل ضد تسييس النقابية ، وفي هذ السياق يجري الحديث عن النقاش حول التعارض بين الحركة العمالية و الحركة النقابية، فأصحاب الحركات العمالية “يرون أن الأحزاب العمالية و النقابات يتبعون نفس أهداف للطبقة العمالية من خلال وسائل تكميلية، المسيّرون فيها عادة لا يتعارضون مع التنظيمات الصناعية و لها علاقة وطيدة بين الأحزاب و النقابات”، و هذا ما قد نلمسه من خلال تطور النقابية في الجزائر و تنوع النقابات القائمة على الحرفية و تبتعد نوعا ما عن النقابات الكبيرة التي انساقت في نظرهم و راء السياسية متجاهلين واقع العمال اليوم في قطاع نشاطهم.

و هناك آخرون من يرون و يؤكدون على استقلالية النقابة بالمقارنة مع الاحزاب السياسية التي تنظر إليها بحذر” فقبل 1809 كان هذا التيار يسيطر على CGT و منه تم استلهام ميثاق “آميان و في النصف القرن الأخير ضعف التأشير الفكري و هنا هناك من النقابات من استمرت في هذا النهج و تبنت الحياد السياسي لنشاطهم النقابي و فظلوا في ذلك الحوار و مجالس  و اللجان المتساوية الأعضاء في إطار القانون”

إلاّ أنّ التاريخ فصل بين الاتجاهين لصالح الاتجاه الأول ، فالتغيرات الاجتماعية للقرن xx بما في ذلك انشاء الضمان الاجتماعي فإن السلطة السياسية هي التي قامت بها عن طريق القانون”

إذا فإن هناك علاقات و أبعاد سياسية مباشرة و غير مباشرة لنشاطات النقابية ، و إن كانت تأخد طابع الأداتي اكثر محاولة في ذلك النقابية استخدام هذا البعد ” السياسي” لأجل تحقيق طموحاتها و مطالبها العمالية و هي في ذلك لا تسبعد تكوين علاقات مع أحزاب سياسية ، أو أنها هي في ذاتها تشكل امتداد لهذه الأخيرة أو العكس ، و هذا ما تعرفه عادة الأحزاب العمالية  حيث ” أن الأحزاب العمالية تلقى التمويل و الإشراف من قبل النقابات التي تزيد ضغطها السياسي و أسلوبها النقابي بضغط من نمط التحرك الاجتماعي في المجال السياسي، و ينتج عن هذا الوضع عادة تزايد دور الايديولوجيا، و نوع من التدخل الحكومي، و قد تتحقق النتائج نفسها بقرارات حكومية و إدارية، أكثر مما هو بضغط عمالي مباشر….و لا بد أن يمر كل تقد عبر النظام السياسي”

هذه التجارب التي رأيناه و بخاصة التجربة الفرنسية من شأنها أن تؤثر و لو بشكل غير مباشر على اتجاهات النقابية في الجزائر خاصة وفق الخصوصية  التي نعيشها في الجزائر، مما قد قد نجد الكثير من الامتدادات بين السياسي كنشاط و بين الاجتماعي كمبدأ، و لذلك فليس من الغريب أن تطلعنا الأخبار عن نقابيين منخرطين في أحزاب سياسية أو موالين للسلطة السياسية و قد نجد أكثر من ذلك كالدفاع المستميت عن القناعات السياسية من خلال النشاط النقابي من الجهتين.هذا الأمر يذكرنا بالعديد من النقابات التي قامت أساسا لا على الدفاع عن العامل البسيط و المهضوم حقه و لكن قامت على أساس مناوئ لاتجاهات نقابية أخرى محسوبة هي الأخرى على اتجاه سياسي، الشيء الذي رهن مصائر العمال و حقوقهم بيد التوجهات السياسية و صراع هذا التوجهات فيما بينها

الإضراب كمؤشر لقياس طبيعة نشاط النقابية كحركة اجتماعية و علاقته مع تغيرات المحيط

عندما يكون الحديث عن الحركية النقابية و عن نشاطها يدفعنا هذا الأمر إلى الحديث عن أهم ما يميز هذه النشاطات العمالية و المتمثلة في الإضراب كأحد عناصر النشاط النقابي الذي تلجأ إليه النقابات مضطرة لتحقيق أهدافها المتمثلة في الأصل في الدفاع عن العمال و عن مصالحهم المختلفة، و في حقيقة الأمر فلقد عرفت النقابية الجزائرية على العموم منذ أن عرفت لها في الكون وجود سلسلة من الإضرابات و الاحتجاجات ففي “سنة 1919 عرفت الجزائر 121 اضراب و 65 إضراب آخر عام 1920” أين كانت المدن الكبرى مسرح أغلب هذه النشاطات كالجزائر و وهران و قسنطينة.

لم تكن هذه النشاطات النقابية و العمالية تعبير على السخط داخل الوسط العمالي و دفاعا على حقوق العامل في مواجهة رأسالمال دوما ، فقد كان هناك تناغم كبير بين هذه النشاطات مع ما يجري في المحيط الخارجي عن المصنع، و هذا كان بارزا بدرجة كبيرة إبان الاستعمار الفرنسي حيث شهدت حركات عمالية  مناهضة للاستعمار الفرنسي كما رأينا في تاريخ النفابة في الجزائر

أما عن الجزائر بعد الاستعمار فقد شهدت حركات عمالية نوعا ما نشطة و تختلف باختلاف قطاعات النشاط  و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية للجزائر و من ثم تختلف درجة و كثافة هذه النشاطات –أي الإضرابات و الاحتجاجات.

إذا تمكنا من الحديث عن النقابات كموضع للسوسيولوجيا ، فإن سوسيولوجيا النقابات تدفعنا إلى الحديث عن موضوع أساسي في سوسيولوجيا النقابية و هو الإضراب أو بالأحرى سوسيولوجيا الإضراب ، حيث يعبر هذا الموضوع عن تفاصيل جد مهمة لفهم الخطاب الذي تتبناه الحركة الاجتماعية متمثلة في النقابية، حجم الإضراب و توقيت الإضراب ، القطاعات التي ظهرت فيها الإضرابات و بقوة ،لماذا هذا الاختلاف، هي مجموعة من الاستفاهامات يمكن أن نقف عندها علنا نفهم أكثر خصوصية النقابات كحركة اجتماعية

الشكل2: اختلاف عدد الإضرابات باختلاف سنة الإضراب

نلاحظ من خلال هذا الشكل أن النشاط النقابي للنقابات كان يتأثر و بدرجة كبيرة بالمحيط الخارجي حوله، حيث نلاحظ ان في فترات معينة زادت عدد الإضرابات بدرجة كبيرة و خاصة في 1989 و هي سنة عرفت فيها الجزائر تقلبات جوهرية في المفاهيم و الايدولوجيا و في طريقة العمل ،حيث و بعد فترة طويلة من الأحادية في التسيير السياسي و من خلال تكريس هذه الأحادية في شكل ممثل وحيد و يتيم للعمال،نحو تعددية النقابية و تعددية في الاختيار.

و على العموم فإن النشاط النقابي كان يتعامل مع محيطه و يتأثر به بدرجة كبيرة، ففي فترات التعددية و الانفتاح الاقتصادي شهد القطاع العمومي عددا من الإضرابات و في كل قطاعات النشاط،

و في الرسم البياني التالي يمكن أن نتتبع تطور هذه الإضرابات  على الحقبتين الأساسيتين حقبة ما بعد الاستقلال و حقبة ما بعد الأحادية

و من هنا ينمكن أن نرسم صورة عن اختلاف شكل مطالب النقابية العمالية في الجزائر و انتقالها من المطلبية الجذرية و المبني على الإضرابات و الاحتجاجات العنيفة و الراديكالية و هذه الصفات تتطابق مع الشكل الأول من أشكال النقابية و هو النقابية الثورية أين يتم التركيز فيها على المطالبة و المجابهة كما عرفته نقابة الكناس مثلا في عهد شربال أين كانت الإضرابات تتجاوز الأشهر، و بين الشكل الثاني و هو نقابية الأعمال و التي تتبنى منطق الحوار الجماعي و استنفاذ كل الحلول من خلال اللقاءات الثنائية مع الشركاء و الوصايا و من ثم العودة إلى إضرابات و احتجاجات نوعا ما تهديدية و تمهيدية في حال فشل الحوار ، كما أن هناك نقابية واجهة لا يظهر تأثيرها من خلال الرسم البياني

و ان كان على العموم فإن الكثير من النقابات صارت تتخلى عن العقيدة المطلبية الراديكالية   و لعل ذلك راجع أسباب كثيرة منها ، غياب الرعيل الأول من النقابيين الذي تأثروا بالمذاهب اليسارية المتشددة نوعا ما ، أيضا انضمام جيل من الشباب برؤية مختلفة للنقابية مبنية رؤيته على البراغماتية  و بعيدا عن التمذهب العقدي، أين تحقيق المصلحة للمناضلين يتم في رأيه بطرق مختلفة عن المواجهة،

و من ثم فإن النقابات الجزائرية كشكل من أشكال الحركات الاجتماعية هي في صراع دائم،  و هو صراع وجود حيث تثبت كل القراءات النظرية من أن النقابات تتغذى في وجودها من خلال نشاطاتها و أهم تلك النشاطات هو الإضراب و الاحتجاج، بل أكثر من ذلك فإذا كان مصدر وجودها  و مشروعيتها هو الدفاع عن أجر أحسن للأجير و العامل ، فإن الاتجاه الاقتصادي الذي تتبناه الجزائر لا يسمح للنقابة إلا بهامش ضعيف في التدخل لتحديد هذا الأجر حيث أن كبرى المؤسسات الوطنية و خاصة الأجنبية تترك للإطارات مثلا مناقشة أجرها بشكل منفرد، كما ان مفهوم المرونة في العمل يصع النقابة في حرج أكبر…..فهل هذا يدفعنا للتساؤل حول مستقبل النقابات؟

الهوامش

Mona-Josee GaGNON ; syndicalisme et classe ouvriere, hstoire et evolution d’un malentendu ; in »lien social et politique » -RIAC, 49, des societés sans classes ? Printemps 2003, P.18.

عزة عبد المحسن خليل، الحركات الاجتماعية في العالم العربي

Mona-Josee GaGNON, ibid.P.18.

François Chazel ; action collective et mouvements sociaux ; P.U.F ; 1993.P.18.

Alain Touraine, M.wieviorka, F.Dubet, le mouvement ouvrier ; paris, fayard, 1984, P.19

Jean-Guy Vaillancourt ; mouvement ouvrier et nouveaux mouvement sociaux ; l’approche d’Alain Touraine : note critique, in « cahiers de recherche scientifique », n°17,1991, canada, p.215

Ibid. P.217.

Ibid. P.215.

Jean-Guy Vaillancourt, ibid., P.219.

Op.cit.P.220.

Dominique Andolffatto, Sociologie des syndicats…………………2008;.P.11.

Ibid.P.11

Dominque Andolfatto, OP.Cit, P.12.

ibid, P.13.

ibid.P.05

Ibid.p.06.

P14

نفس الرجع السابق 41

نفس الرجع السابق،ص14

جورج فريدمان،ص 241.

BENALLEGUE-CHAOUIA.N, Algerie mouvement ouvrier et question nationale 1919-1954, OPU ; Benaknoun, 2004, P.83.

المرجع: عبد الناصر جابي، الجزائر تتحرك، دراسة سوسيولوجيا للاصرابات العمالية في الجزائر،دار الحكمة، الجزائر 1994.ص.169.

Exit mobile version