الفلاح السعودي
تحولات منظومة القيم بين عصرين
عبدالرحمن بن عبدالله الشقير*
يرى الفلاسفة من دراساتهم للتاريخ الاجتماعي للشعوب أن القيم هي بمثابة قيم أفراد لا قيم أشياء، لأن الإنسان هو الذي يضفي على سلوكه معناه. وتعد الأخلاق والقيم من أهم قضايا فلاسفة القرن العشرين والواحد وعشرين، ومن أبرز فلاسفة الأخلاق الفيلسوف الألماني هانز يوناس (توفي عام 1993م)، وترتكز فلسفته على ضرورة التدخل للحد من تسلط الإنسان على البيئة.
الفلاح في علم الاجتماع
اهتم علم الاجتماع والأنثربولوجيا بظاهرة المجتمع الفلاح peasant cociety وذلك لأنه يمثل السمة البارزة التي تفصل بين زمن المجتمع التقليدي وزمن المجتمع الحديث، ولكل زمن منهما منظومته القيمية التي تميزه. ومن أشهر الدراسات: دراسة روبرت فيلد عن المتحدات الفلاحية والمدينية في المكسيك وغواتيمالا، وتوصل إلى خصائص تميز المجتمع الفلاحي، مثل: أنه مجتمع يسعى للاستقلالية النسبية، والابتعاد عن المجتمعات الشاملة (المدن الكبرى) التي تحاول ابتلاعها ومحو خصوصيتها. واهتمامه بالإنتاج المنزلي، والعمل المشترك بين أفراد الأسرة، وعدم رغبته في التخصص لأي فرد. والانغلاق النسبي، ومحدودية العلاقات الاجتماعية في إطار ضيق، وعدم الانفتاح على المدن الكبرى، مكتفين بجهود وجهاء المجتمع الفلاحي في سد احتياجاتهم من الاتصال والتواصل المدن الكبرى([1]). ويبدو من هذه الخصائص أنها انتشارية غالباً، إذ لوحظ تكرار رصدها في كثير من المجتمعات الفلاحية.
ومن الكتب المهمة في هذا المجال، كتاب “الفلاح المغربي المدافع عن العرش” (2011) لريمي لوفو، ونبه فيه إلى السياسات المغربية في دعم النخب القروية لإحداث توازن مع النخب الليبرالية في المدينة. وكتاب “الفلاحون” (1938) للباحث المصري هنري حبيب عيروط، وأصله أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع بعنوان “أخلاق الفلاح وعاداته”.
الفلاح السعودي
تشبه هجرة الفلاح السعودي ظاهرة الفلاح البولندي التي درسها فلوريان زنانيكي، عالم اجتماع أمريكي من أصل بولندي، وشاركه في الدراسة وليام إيزاك توماس، واشتهرت دراسته في علم الاجتماع من خلال كتابه “الفلاح البولندي” (1914)، إذ حلل فيه مذكرات ورسائل البولنديين المهاجرين إلى أمريكا إلى ذويهم التي يصفون فيها الحياة الجديدة في أمريكا مقارنة بالحياة التقليدية في بولندا، وهي مقارنة بين المدينة والريف، أو المجتمع التقليدي مع المجتمع الحديث، من حيث اختلاف العلاقات بين الغرباء والمهن.
يرمز الفلاح السعودي في هذه المقالة إلى بقية المهن الأساسية التي كان يمتهنها الإنسان السعودي قبل عصر النفط، لأن الزراعة هي المهنة الأساسية لأبناء البلدان والأرياف، وهي السمة البارزة للمجتمع السعودي في جميع مناطقه، كما تمثل النخلة أيقونة الزراعة، ولذلك كانت جزءا رئيسا من شعار المملكة.
الغواص الخليجي
يمثل الغوص من أجل صيد الأسماك أو استخراج اللؤلؤ (الطواشة) الرمز الاجتماعي في دول الخليج العربي وبلدان المملكة المطلة على الخليج، إذ ينطوي تحت رمزيته منظومة من قيم الإنجاز والعمل الجاد وبناء المجتمع المتجانس والمتعاون. وتكمن رمزية الفلاحة والطواشة في ترسخهما في ذاكرة المجتمع الخليجي منذ آلاف السنين، وتعرضا للاندثار بعد عصر النفط.
وقد انهارت كثير من المهن التقليدية، ومن أهمها الزراعة والغوص، في عصرين متقاربين، الأولى عصر النفط، المتمثل في شركة أرامكو، والثانية عصر الوظائف الحكومية. وبسببها حدث تحولات كبرى في مصفوفة القيم، وسبب اقتصار التحولات القيمية على هذين العصرين، لأنهما أهم معمل للوظائف التي قضت على الإنسان التقليدي، وأنتجت الإنسان العامل بالراتب، ثم الموظف البرجوازي. وهذا ما تناقشه المقالة.
عصر التحولات الأول: أرامكو
كانت الحياة الاقتصادية والاجتماعية في القرى والبلدان السعودية تتركز في العمل في الفلاحة والتجارة وخدمات النقل والمهن البسيطة، وهي نمط الحياة الاجتماعية والشعبية السائد، وهي تمثل الطبقة الوسطى في المجتمع على الرغم من قساوتها، ثم تعرضت مهنة الفلاحة في غالبية مدن المملكة للانهيار بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية 1957، وإعلان شركة الزيت العربية (أرامكو) عن آلاف الوظائف، مما شجع آلاف من شباب القرى من جميع أنحاء المملكة لهجر قراهم والانتقال إلى شركة أرامكو في المنطقة الشرقية لتحسين أوضاعهم المادية، وتشير بعض المراجع عن دور أرامكو في المنطقة عن توظيف عشرات الآلاف من الشباب السعودي، وعن إدخال قيم جديدة في الثقافة والغذاء وصناعة طبقة العمال. وقد سألت عددا من كبار السن الذين عملوا في أرامكو في الخمسينيات والستينيات الميلادية عن التغير الاجتماعي المصاحب لهم لعملهم في شركة أرامكو، وتبين من مجموع إجاباتهم أنهم تعلموا هناك قواعد السلوك وآدابها الجديدة والعصرية مثل: لبس البدلة والأكل على الطاولة واستخدام الملعقة والشوكة، ونظافة المكان الذي يقيمون فيه، وتعرفوا على ثقافة البث التلفزيوني، وعلى عشرات الأنواع من الأطعمة والمشروبات المستوردة، كما تعرف شباب القرى على بعضهم البعض وعلى شباب من مناطق مختلفة من المملكة، فقدمت أرامكو فكرة دمج ثقافات المملكة الفرعية، بعد عصور من الانغلاق في قراهم وبلدانهم، وهي تشبه نظرية جبرت هوفستد في تأثير ثقافة المجتمع على قيم أفراده، والتي قاس فيها أبعاد الثقافات الوطنية على المستوى الفردي والمؤسسي والمهني.
تعلم كثير من الشباب السعودي في أرامكو نوعين من قيم الانضباطية، الأول قيم كانت موجودة في المجتمع وأكدت عليها بيئة أرامكو، مثل: احترام الوقت، والعمل الجاد. والثاني قيم جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل: العلاقات المنظمة بين الرؤساء والمرؤسين والزملاء في مجال العمل، وتقبل الآخر، والتسامح، كما اكتسبوا مهارات جديدة مثل: تعلم اللغة الإنجليزية واستخدام التقنية الحديثة.
عصر التحولات الثاني: دولة الموظفين
مرت المملكة بتحولات ثقافية مهدت الطريق لظهور “دولة الموظفين”، إذ افتتحت الدولة “دار التوحيد” في الطائف، فأخذت الشباب السعودي من بلدانهم بالقوة لتعليمهم في المدارس النظامية بالطائف، وكان هذا أول تغيير في منظومة القيم، رسمي ومخطط له، إذ عمل أكثر الخريجين في مهن حكومية عليا، كالقضاء والتعليم والعمل الإداري، وكانوا يمثلون طليعة النهضة من المواطنين الذين اثروا المجتمع بإنتاجهم العلمي والأدبي.
ثم تعرض المجتمع لموجة هجرات جماعية ضخمة لمدينة الرياض، بعد استقرار الحكومة فيها، واتخاذ الملك عبدالعزيز قصوراً ملكية، وهدم السور القديم، فكانت هذه الهجرات من جميع بلدان نجد، ولم يندمجوا فيها بسرعة، وإنما اتخذت كل جماعة حياً يتجاورون فيه. وعمل كثير من الشباب الجدد القادمين للمدينة في محلات تجارة التجزئة، فاشتهرت الأسواق المتخصصة، مثل: سوق الزل، وسوق الهدم (أي الهدوم وهي الملابس)، وسوق الجفرة للمداينات، وسوق أشيقر، نسبة لمدينة أشيقر، وسوق الذهب، إضافة إلى أسواق النقليات ومواد البناء.
وجاءت الخطط التنمويةـ الخمسية، وقضت على من تبقى في القرى من خلال تشجيع الهجرة من الأرياف إلى المدن الكبرى، وذلك بعدم افتتاح جامعات وفروع جامعات وتقليص الوظائف الحكومية بعدم افتتاح فروع لجميع الوزارات والهيئات، وتخفيض الخدمات الطبية، ومن ثم زادت الهجرات الداخلية من القرى والبلدان إلى المدن الكبرى، واستوعبتهم الدولة بمختلف أعمارهم وشهاداتهم الدراسية، حتى يمكن تسمية هذه المرحلة بدولة الموظفين، بحسب اللقب الذي أطلقه أستاذ العمارة المصري جمال حمدان عن مدينة القاهرة، (وهو القرار الذي ثبت فيما بعد عدم دقته، حيث عادت خطط التنمية للاهتمام بالبلدان والقرى، وحصل هجرات عكسية وعودة للجذور، هرباً من صخب المدينة وغلاء الأسعار في مجتمع استهلاكي، وحنيناً للذكريات في البلدان والأرياف).
كما صار “صندوق التنمية العقارية” (تأسس عام 1394هـ)، هو محرك النمو العمراني والسكاني الأول في جميع أنحاء المملكة وفي مقدمتها الرياض، وأدت القروض الميسرة التي قدمها الصندوق للمواطنين دورا كبيرا في رفع معدلات الإعمار في الرياض إلى أرقام قياسية، فتحولت الرياض إلى واحدة من أكبر المواقع الإنشائية في العالم، بحسب كتاب “الرياض في خمسين عاماً: 1374- 1424هـ”.
تمثل مرحلة “دولة الموظفين” أهم تحول في غياب كثير من القيم الصلبة والمتجذرة في المجتمع، وإحلال محلها قيم الفردانية والأنانية والكسل اعتماداً على الأمان الوظيفي، وعدم احترام الخبرات التي يمتلكها الإنسان، أمام قوة وهم المنصب والشهادة. وشكلت مع دعم الإسكان في نشوء ثقافات فرعية جديدة فرضتها الحياة العصرية الجديدة، ومن ثم ظهر معها جماعات الانحراف. ويبدو أن من أسباب هذه الظاهرة الجديدة هو طبيعة المدينة المعقدة، واستقلال كثير من الأفراد مالياً، مما أضعف دور الضبط الاجتماعي للأسرة.
تحولات المنظومة القيمية
كان السائد لدى الإنسان السعودي في مرحلة ما قبل النفط، مصفوفة قيمية تمثل في مجموعها هويته الثقافية، مثل: قيم احترام الوقت المتمثل في ضبط الأوقات وبدء اليوم منذ ساعاته الأولى، وتغليب أوقات الإنتاج على أوقات الفراغ، وقيم العمل الشاق في الزراعة أو البيع والشراء أو المهن الخدمية والصناعية الصغيرة، وقيم احترام المرأة المتمثل في انخراطها في العمل التشاركي مع الرجل لتلبية متطلبات الأسرة، وقيم العلاقات التعاقدية المبنية على التسامح والتعاون والتغاضي عن بعض الحقوق، وقيم الصدق في التعامل، وقيم التعفف عن حقوق الآخرين. هذه هي القيم السائدة، ولعل أهم قيمة يحملها المجتمع واستطاع بها أن يحمي هويته، هي احتقار من يخترق قيم المجتمع، فالإنسان يحيا ويموت بسمعته، وهي القيمة التي يمتلكها المجتمع، وثمنها هو الالتزام بالقيم العامة. لذلك كان المجتمع يسير تعاقدياً وفق أخلاقيات.
تزييف الوعي القيمي
درس الفيلسوف الهولندي برنارد ماندفيل (توفي عام 1733م) الأخلاق، وأضفى إليها معاني قيمية مخادعة، وجعل من القيم السلبية سببا لنتائج إيجابية، مثل: أن الأنانية والاعتداء على حقوق الآخرين تؤدي إلى الازدهار الاقتصادي، وأن القيم الفاضلة تعيق النمو الاقتصادي. وقد سببت نظريته في الأخلاق ضجة اجتماعية، ولكن فكرته ما تزال يعاد إنتاجها.
يلحظ من المقارنة بين تحولات القيم في عصرين متقاربين وفي مجتمع واحد، أن الإنسان السعودي مستعد لأي تحولات قيمية، إذ أن التحاقه بالعمل في أرامكو كان اختباراً صلباً في قدرة الفلاح المهاجر أن يستوعب أعلى درجات قيم الانضباط في شركة أمريكية، في حين أنه استوعب أيضاً قيم التكاسل والاتكالية التي منحتها له الوظيفة الحكومية. ومن ثم يتضح أن المجتمع تعرض لحملة تزييف وعي تصنف الإنسان السعودي بأنه غير محب للعمل غير منجز، فتسرب هذا الوعي الزائف إلى المؤسسات الحكومية.
ومن واقع خبرتي البسيطة، فإني أضع بعض اللوم على بعض المديرين والموظفين المتنفذين من الجنسيات العربية التي تهيمن على مؤسسات وشركات سعودية بإدارة هذا الوعي الزائف بأسلوب معقد جعل الكل يتصرف معه بوصفه حقيقة، في حين جعلوا من أنفسهم في منأى عن القضية برمتها، وذلك من خلال الضغط النفسي والتهميش الإداري للموظف حديث الخبرة أو الاستفادة من الثغرات النظامية وضعف الرقابة.
أربعة مقترحات لبناء منظومة قيمية سليمة
تتلخص المقترحات الأربعة في محاولة فهم الاختلالات بين الواقع كما هو وبين ما يراد له أن يكون، ثم تفكيك الواقع، وإعادة البناء على أرضية صلبة معروفة مسبقاً.
الأول: التعرف على الهوة الثقافية بين الاستراتيجيات وتنفيذها
من يطلع على مجموعة الخطط التنموية الخمسية، والعشرات من بناء الاستراتيجيات في كل المجالات التنموية والاجتماعية سوف يلحظ بسهولة وجود هوية ثقافية وفارق كبير بين استراتيجيات وخطط محكمة تهدف إلى بناء مجتمع قوي، ولكن الواقع يؤكد عكس ذلك، أو أن الخطط والاستراتيجيات كانت حالمة ورومنسية وغير واقعية.
يوجد أسباب كثيرة في وجود هذه الهوة الثقافية، ولعل من أهمها في رأيي هو أن الفرق التي تضع الخطط وتبني الاستراتيجيات تكون متخصصة في مجال الاستراتيجيات، وهو تخصص كبير ومحترم ومهم، ولكنها لا تستعين بأصحاب القضايا والموضوعات المراد تطويرها أو تغييرها. فاستراتيجيات الصحة والقيم والرياضة والاقتصاد مثلاً، ينبغي أن يبنيها الاستراتيجي شكلياً ومنهجياً، ثم يبني مضمونها وجوهرها المتخصصون في الصحة والقيم والرياضة والاقتصاد، كلٍ بحسب تخصصه. وذلك لأنه مهما بلغ الاستراتيجي من الوصول إلى أكبر كم من المصادر والمقابلات مع أصحاب التخصص، فلن يستوعب آلاف التفاصيل التي تكمن في الواقع المتغير بسرعة، ولن يتوصل إلى روح العلم من المتخصص فيه. وبالمقابل فإن المتخصص سوف يقع في الأخطاء ذاتها إذا تولى بناء الاستراتيجيات دون الرجوع للمتخصصين فيها.
الثاني: دعوة لتفكيك القيم
تعد الدراسات المنشور عن القيم من أكثر المواضيع اهتماماً، ولكن كثير منها يصب في اتجاه واحد داعم، أو دراسات تقيس القيم في المجتمع، كما أن الأكاديمي لا يستعان به في صناعة التحولات القيمية، ويكتفى بإسنادها إلى خبراء في بناء الاستراتيجيات أو خبراء في المنظمات الدولية، في حين أن القيم علم مستقل له أدبيات ومناهج وتراث فكري وفلسفي ضخم، مثل: فلسفة القيم، وعلم اجتماع القيم وعلم نفس القيم.
لذلك؛ ينبغي أن يعاد تفكيك القيم وتحولاتها عبر التاريخ العربي والمحلي، واستلهام القيم الحديثة منها، فهي الضامن لبث الروح المعنوية في المجتمع، وليس تلقينه كما الحاصل في كثير من المؤسسات التعليمية والدينية.
ولعل السؤال الملح هو: لماذا تغيرت قيم كثير من الناس، وصارت تغلب عليهم الأنانية وبث الكراهية والتهرب من المسؤولية الاجتماعية وفقدان كثير من قواعد السلوك وآدابه، فضلاً عن انتشار الانحراف والعنصرية والعصبية؟ وهي قيم سلبية، ولكنها خطيرة مهما كانت نسبتها ضئيلة.
الثالث: العودة إلى قيم الآباء
تكمن جماليات القيم في استلهامها من قيم البيئة التي يراد تغييرات على بعض قيمها، وتحتفظ الذاكرة الشعبية والتاريخ المحلي بقصص وأحداث ورموز بداخلها منجم من القيم العصرية التي تضمن تحقيق النمو التنموي والتضامن الاجتماعي، وذلك لأن المجتمع في مرحلته التقليدية البسيطة كان عقلانياً، ويراعي المصالح العليا للمجتمع، لذا فسدت كثير من القيم بسبب التحضر الجائر الذي نشا بسببه قيم منبوذة أخلاقياً مثل الأنانية وعدم احترام الآخر، والاستهلاك العالي، وعدم تقدير الوقت.
وتبين أن الشباب السعودي مستعد لاستيعاب قيم العمل العصرية بأعلى المعايير، كما هو الحال في تجربتهم مع أرامكو، كما أنهم مستعدون لإعادة إنتاج قيم الآباء المستلهمة من تاريخنا المحلي أو تاريخنا الإسلامي، وكلاهما من نتاج بيئة جزيرة العرب.
الرابع: مستقبل القيم
إن العولمة والتطور التقني سببا ضغطاً على مفاهيم القيم، وشعرت المنظمات العالمية بوجود أزمة قيم، فعقدت اليونسكو ندوة “مداولات القرن الحادي والعشرين”، وصدرت في كتاب بعنوان “القيم إلى أين؟” (2004). ويوجد “مشروع مسح القيم العالمي”، ومقره السويد، وهو مشروع ضخم يقوم عليه علماء الاجتماع من أوروبا، يرصد فيه تغير القيم بين شعوب العالم كل خمس سنوات، ولم تدخل المملكة في هذا المشروع بصفة رسمية حتى الآن، لذلك يكتفي أصحاب المشروع بتوزيع استبانتهم الإلكترونية على 3000 سعودي.
ويتجه العالم الآن للبحث في مستقبل القيم، كما يبحث في مستقبل المهن والوظائف. ويحفل مجتمعنا بهويته الإسلامية والعربية بمخزون ضخم من القيم والأخلاق التي تمنح الدافعية للإنجاز وسلامة كرامة الآخرين وحفظ حقوقهم.
[1] فردريك معتوق، معجم العلوم الاجتماعية، مرجع سابق، 255
*أكاديمي سعودي، دكتوراه في علم اجتماع المعرفة ومؤرخ