موقع أرنتروبوس

الدّين والأسطورة كنظامَين مُستقلّين وَمتقاطعَين ـــ فراس السوّاح

فراس السوّاح

فراس السواح
فراس السواح

هناك حقيقة على غاية من البساطة والوضوح يتوصل إليها كل من يتأمل مسار الحياة الفكرية والروحية للبشر منذ حلول عصر الإنسان العاقل قبل مائة ألف سنة مما نعد الآن1، وهي أن تاريخ الإنسان الفكري والروحي هو في المحصلة الأخيرة تاريخ دياناته وأساطيره وسجل إبداعاته الأسطورية والدينية.‏

لقد تلقت الأسطورة أولى ضربات الفلسفة الإغريقية الفتية منذ القرن السادس قبل الميلاد، وخلال قرنين أو ثلاثة تلت، قالت الفلسفة معظم ما أرادت قوله، ولكنها ما لبثت أن تراجعت مندحرة أمام الأسطورة والدين، وغاب الفكر الفلسفي قروناً طويلة قبل أن يبعث مجدداً في أواخر القرن السادس عشر على يد فرانسيس بيكون في بريطانيا ورينيه ديكارت في فرنسا.‏

أما الفكر العلمي، فرغم الأرضية الصلبة التي فرشتها له الفلسفة مع بداياتها وفترة نضجها الأولى، بقي أسير التصورات الدينية والأسطورية إلى أن أينعت ثمار عصر النهضة الأوروبية، وجاء كوبرنيكوس بنظريته الجديدة عن النظام الشمسي التي كانت فاتحة لتحرير العقل الإنساني من شروطه القديمة.‏

ولعل ما قلناه عن الحضارة الإغريقية، ينطبق في خطوطه العامة على حضارتنا الشرقية.‏

فالفلسفة الإسلامية قد عاشت طيلة عمرها القصير على هامش الفكر الديني والفكر الصوفي، وعاشت العلوم على هامش الفلسفة، ومن غير أن تدخل بشكل عضوي فعال في بنية الثقافة العربية الإسلامية، بل لعلها أدت أكبر الخدمات إلى الثقافة الغربية اللاحقة، التي جاءت نهضتها العلمية بمثابة امتداد للعلوم العربية2.‏

وفي الواقع، فإن النصر الذي حققته الفلسفة ومعها الفكر التجريبي خلال الحقبة الأخيرة من تاريخ الإنسان العاقل، قد أنسانا دوماً حقيقة أساسية تتلخص في أن الفلسفة والفكر العلمي التجريبي، قد ولدا من رحم الأسطورة وعاشا في حضنها ردحاً طويلاً قبل أن يشبا على الطوق، وأن الأشكال الثقافية المتنوعة في الحياة البشرية قد انبثقت من عمومية الوعي الميثولوجي والديني. إن إدراك هذه الحقيقة من شأنه أن يخرجنا من دائرة الشوفينية التي أصيب بها الفكر الحديث، فتاه إعجاباً بنفسه أنساه أصله وأجحده ماضيه، ويزودنا بمنظور جديد نرى من خلاله إلى الفكر الإنساني كوحدة متكاملة، لا يمكن فهمها في مرحلتها الأخيرة إلا بإلقاء الضوء الكاشف على مراحلها المتقدمة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ منها.‏

وبعبارة أخرى، فإن أي تاريخ لفكرنا الحديث يجب أن يبدأ بتاريخ الدين والأسطورة لأنه لن يتسنى لنا أبداً فهم الحاضر الفكري الغني للإنسان إذا نحن أبقينا على هذا المصدر البدئي في دائرة الظل، أو تابعنا النظر إليه كلغز أو كفوضى لا تخوم لها مرتبطة بطفولة الجنس البشري قبل بلوغه أشده ورشده، بدل أن ننظر إليه كتاريخ حقيقي مؤسس لكل ما يجري في حاضرنا. من هنا جاء الاهتمام الجدي والمتأخر الذي أولته الثقافة الغربية لديانات القدماء وأساطيرهم، ومن هنا أيضاً هذا الاهتمام الناشئ الذي نراه في ثقافتنا الحديثة.‏

وبما أن الأمر يعرف بخلافه، فإن جهد الباحثين قد انصب بالدرجة الأولى على تلمس تخوم الفكر الديني والأسطوري بمعارضته بالفكر المنطقي الفلسفي وبالفكر العلمي التجريبي وهذه عملية تنسجم مع أطر فكرنا التحليلي النقدي الحديث.‏

غير أن ما لم يلق حظه الكامل من البحث حتى الآن، هو التمحيص في ذلك المصدر البدئي نفسه، والتمييز بين عنصريه المكونين وأعني بهما الدين من جهة والأسطورة من جهة أخرى.‏

لقد نظر الباحثون إلى الميراث الثقافي الإنساني لمرحلة ما قبل الفلسفة والعلم باعتباره وحده تجمع الدين والأسطورة في كل غير متمايز، فأرجعوا الدين إلى الأسطورة وهذه إلى ذاك، وكان الاثنين ينتميان إلى نظام واحد ومجال واحد من مجالات الحياة الفكرية والروحية للإنسان. وتبع ذلك، كما يمكن أن نتوقع، نوع من المزج بين المفهومين في أدبياتنا الحديثة سواء في الثقافة الغربية أم العربية الحديثة، حيث تتم الإشارة إلى الدين والأسطورة كمفهومين صادرين عن مرجعية واحدة، أو يعرَّف أحدهما بالآخر وكأنهما من ذات الهوية. ولكننا نرى أن الخطوة الأولى في سبيل توضيح تخوم الفكر السابق للفلسفة والعلم، يجب أن تتجه أولاً نحو إظهار التمايز بين مكونيه الرئيسين وتوضيح كل منهما في مقابل الآخر، لأننا نجد فيهما نظامين مستقلين تمام الاستقلال، ولكنهما متقاطعان في الوقت نفسه ومعتمدان على بعضهما بعضاً. ولعل هذا التقاطع والاعتماد هو الذي أوحى بالتطابق ووحدة الهوية بين الدين والأسطورة في ذهن البحاثة أو عموم الناس على حد سواء.‏

ستكون نقطة بدايتنا في تبيان وترسيخ الفروق بين الدين والأسطورة، وقفة قصيرة أمام كل مفهوم من هذين المفهومين، في محاولة لرسم حدود مرنة للمعنى والتعريف لا تدعي العصمة والإطلاق، بل تبقى منفتحة على الإضافة والتعديل وإعادة النظر، ذلك أن “المفاهيم” بعكس “المسميات” تستعصي دوماً على التعريف الجامع المانع، رغم انتمائهما معاً إلى زمرة “الكلمات”. فنحن عندما نقول شجرة أو صخرة أو نهراً مثلاً، نكون أمام “مسميات” يمكن إدراك معناها ووضع تعريف لها متفق عليه. أما عندما نقول الخير أو الحق أو الدين، فنكون أمام “مفاهيم” لا يمكن التعامل معها بالسهولة نفسها. يضاف إلى ذلك أننا عندما نقف أمام عالم الأسطورة اليوم، في محاولة لفهم أو تحليل، تكون كمنقب الآثار الذي يحفر في المكان لتخطي الزمان الحاضر، نكوصاً نحو الوراء من أجل معرفة ما جرى في ماضيات القرون، اعتماداً على شظيات من الفخار أو كسر من الأحجار. ذلك أن عالم الأسطورة قد مضى إلى غير رجعة، وجل ما نستطيعه هو صياغة تكهنات ونظريات تلتزم مناهج صارمة في البحث والتقصي. ولعل الشيء نفسه ينطبق على دراستنا للدين، فرغم أن الدين أكثر حضوراً في حياتنا الآن من الأسطورة، إلا أن دراسته لا تطرح مشكلات أقل تعقيداً من مشكلات الأسطورة، وذلك بسبب الميل المتأصل في الفكر الإنساني للنظر إلى القديم بمعيار القائم، وفهم الغائب انطلاقاً من المشهود.‏

من هنا، فإن القاعدة الأهم في منهج مؤرخ الديانات هي النظر إلى الديانات القديمة بمعزل عن الديانات الحاضرة، ومحاولة فهمها من خلال شروطها الخاصة بعيداً عن اسقاطات الخبرة الدينية الفردية للباحث، أو الخبرة الدينية الجمعية للثقافة التي ينتمي إليها.‏

1-الدين كاستجابة انفعالية:‏

في مجال الدراسات الدينية، هناك تشوش خطير ناجم عن استخدام كلمة واحدة للدلالة على ثلاثة مفاهيم يتولد واحدها من الآخر دون أن يتطابق معه وهي:‏

1-الدين.‏

2-التدين.‏

3-المؤسسة الدينية.‏

فالتدين هو المستوى الأول للخبرة الدينية عند الإنسان، وهو حالة غريزية، أو أشبه بها، متمكنة في السيكولوجية البشرية، تنتج عن تجربة داخلية يعانيها الفرد في أعماق نفسه، قوامها مواجهة فريدة مع قوة عليا منبثة في هذا العالم ولا تنتمي إليه في آن معاً، وهذه التجربة ذات طابع انفعالي غير عقلي، ولا يمكن التعبير عنها بلغة الحياة العادية والتجارب الدنيوية الأخرى. إنها شعور بالروع أمام سر آسر، وحضور كلي للقدسي المختلف جذرياً والمتصل بنا كل الاتصال3. ولا بد لنقل هذا الشعور، باللغة التي نعرفها، من استخدام المجاز والتعابير الاصطلاحية التي تتوسل بلغة الرمز من أجل التعبير عما لا يمكن التعبير عنه بصورة بسيطة مباشرة. فالتدين والحالة هذه، هو خبرة فردية بحتة لا تأخذ شكلها الجمعي إلا من خلال الدين الذي يقدم الإطار المجتمعي الذي تلتقي ضمنه الخبرات الدينية الفردية.‏

ويبدأ الدين بالظهور كنظام روحي للجماعة عندما يأخذ الأفراد بنقل خبراتهم المنعزلة إلى بعضهم بعضاً في محاولة لتحقيق المشاركة والتعبير عن التجارب الخاصة من خلال تجربة عامة، وذلك باستعمال مجازات من واقع اللغة المشتركة، وخلق رموز تستقطب الانفعالات المتفرقة في حالة انفعالية مشتركة. هنا تتوضح صور الآلهة وترسم لها أشكالها وتحدد وظائفها وسلطاتها، كما يظهر الطقس، وهو أول وأقوى تعبير جمعي عن الخبرة الدينية التي انتقلت إلى مستواها المشترك. فمن خلال القرابين الطقسية والرقص والحركات الدرامية وما إليها، يحاول الفرد دمج استجاباته الانفعالية الخاصة في استجابة ذات طابع عام، تعطي للجماعة موقفها الخاص والمتميز من القدسي الذي تستشعر حضوره الكلي في النفس والطبيعة، ومع الطقس تأتي الأسطورة كأبلغ مجاز من مجازات التعبير عن الخبرة الدينية الجمعية، ويرتبط نضج الأسطورة وتطورها، بدرجة نضج وتطور اللغة ضمن ثقافة ما. فمن خلال الأسطورة، تقوم الجماعة بصياغة مشتركة لتصوراتها الدينية على الصعيد المعتقدي. إلا أن هذه التصورات المعبر عنها في صيغة حكايات مقدسة، لا تعيش حياتها الخاصة في عالم ذهني مجرد، بل تبقى لصيقة بالطقس الذي يبث فيها روحاً متقدة، ويجعلها على الدوام حاضراً دائماً في حياة الجماعة. عند هذا المستوى الثاني للحياة الدينية، يعيش الإنسان خبرته الروحية مع الجماعة دون مؤسسة رسمية تشرف وتوجه وتجعل من نفسها سلطة مرجعية. وهنا قد يقوم أفراد متميزون بقيادة الطقوس الدينية والتوسط بين العالم الدنيوي والعوالم القدسية، مما هو مألوف حتى اليوم لدى الجماعات الشامانية، ولكن هؤلاء لا يتخذون صفة الكهان المرسومين الذين يتمتعون بسلطات واسعة ومطلقة على الحياة الدينية للجماعة. وهنا قد نجد أيضاً أماكن مقدسة بعينها كغابة ما أو بحيرة، أو أشياء مقدسة كشجرة ما أو صخرة ولكن دور العبادة المكرسة لم توجد بعد ولم تأخذ طابعها الذي نعرفه في المراحل اللاحقة. وتؤكد نتائج التنقيب الأثري في مواقع العصر الحجري الحديث (النيوليتي) ما أشرنا إليه في هذا المجال، ففي هذه المواقع التي شهدت الحركات الأولى للاستقرار في الأرض، والتجمع في وحدات قروية صغيرة تعتمد على الزراعة وإنتاج الغذاء، لم يفلح المنقبون في العثور على بنى معمارية خاصة استخدمها إنسان ذلك العصر لأغراض العبادة، رغم عثورهم على الكثير من اللقى الأثرية ذات العلاقة بالمعتقد الديني، كالدمى العشتارية التي تمثل الأم الكبرى ورؤوس الثيران المقدسة وما إلى ذلك، وعثورهم على آثار طقوس مرتبطة بالمعتقدات الدينية كعظام حيوانات الأضاحي، وعظام بشرية مدفونة بطريقة ذات دلالات طقسية معينة وما إلى ذلك. كما أن الدراسة المدققة لعادات الدفن والأشياء المدفونة مع الميت، كالسلاح والأدوات الشخصية وأدوات الزينة لم تثبت وجود شخصيات ذات طابع اجتماعي متميز كالملوك والقادة ورجال الدين.‏

تبدأ المؤسسة الدينية بالظهور تدريجياً في المرحلة الانتقالية بين المجتمعات القروية والمجتمعات المدينية الأولى، وتظهر التنقيبات الأثرية في مواقع نهايات العصر الحجري الحديث هذا التوجه الواضح. ففي القرى الزراعية النيوليتية التي تحولت إلى أشباه مدن، مثل شتال حيوك في جنوب الأناضول، نلاحظ البدايات الأولى لظهور المعابد التي ابتدأت على هيئة مقامات صغيرة اعتبرت بيوتاً للأم الكبرى وابنها الثور الإلهي. وفي جنوب بلاد الرافدين خلال عصر العبيد، الذي شهد النقلة الحاسمة نحو حضارة المدينة، نلاحظ كيف تطور بيت العبادة من مقام متواضع للإله، لا يكاد يتميز عن بيوت الناس العاديين، إلى معبد مركزي كبير يرتفع سامقاً قرب القصر الملكي. وفي ذلك المقام المتواضع المبني بالطين والمسقوف بعيدان القصب، كان يوضع تمثال صغير للإله أو شارة مقدسة ترمز إليه كجذع شجرة أو حزمة من أعواد القصب، وإليه تلجأ الجماعة لاستطلاع مشيئة الإله والتماس عونه. ولكن مع بداية تشكل المدن، تحول المقام الصغير إلى معبد كبير فيه قدس الأقداس، ويحيط به عدد من الأبنية الواسعة الملحقة، فيها حجرات للكهان وحجرات للدرس ومكاتب إدارية ومطابخ ومشاغل وما إليها. وامتلأ هذا المعبد برجال الدين المتفرغين لخدمة الآلهة وإدارة الشؤون الدينية للشعب. ويكفي أن نعرف أن عدد الكهنة العاملين في أحد المعابد السورية حوالي عام (2600) ق. م بمدينة لجش قد بلغ 736 كاهناً4، لندرك مدى سلطة المؤسسة الدينية وسطوتها. أما في مدينة بابل وحدها زمن الملك نبوخذ نصر، فقد بلغ عدد المعابد ما يقارب الثمانية والخمسين معبداً، ولنا أن نتصور هنا الآلاف المؤلفة من رجال الدين القائمين على خدمة هذه المعابد.‏

كان الطقس والأسطورة في بؤرة اهتمام المؤسسة الدينية التي عملت على تنظيمها والخروج بهما من الوضعية العفوية التلقائية إلى مرحلة الضبط والتقنين. وقد ساعدها على ذلك تطور اللغة وظهور الكتابة، فأعيدت صياغة الأساطير الشفوية المتناقلة عبر الأجيال بأسلوب أدبي راق، ووضعت الطقوس في صيغ ثابتة لا يطالها تحريف. وقد أعطتنا التنقيبات الأثرية في مواقع الشرق الأدنى القديم نماذج من الرقم الفخارية التي نقش عليها الكهنة التفاصيل الدقيقة لكيفية إتيان كل طقس من الطقوس، كما توفر لدينا العديد من النصوص الدرامية الطقسية التي تم تثبيتها كتابة منذ الفترات المبكرة لنشوء حضارة المدينة. وكانت هذه النصوص تتلى وتمثل في المناسبات الدينية. وقد لقيت الأساطير عناية خاصة من المؤسسة الدينية تجلت في ثبات شكلها ومضمونها عبر القرون المديدة. وذلك بفضل التقاليد الراسخة في نسخ النصوص والحفاظ عليها من جيل إلى آخر.‏

2-الأسطورة كموقف كلي من العالم:‏

ليست “الأسطورة” من الكلمات الجديدة أو الطارئة على اللغة العربية. ولعل المضامين الجديدة التي استوعبتها هذه الكلمة في ثقافتنا الحديثة لا تبتعد كثيراً عن مضامينها القديمة.‏

وأول ذكر للأسطورة في اللغة العربية نصادفه في الآية الخامسة من سورة الفرقان في المصحف الشريف حيث نقرأ: “وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً”. وكلمة أساطير هنا جاءت من السطر، وهو الخط أو الكتابة، وجمعه أسطار كما هو الحال في سبب وأسباب، وجمع الجمع أساطير. وفي هذه الآية إشارة إلى اتهامات المشركين للنبي باستلهامه قصص الأولين المكتوبة.‏

وهذا الاشتقاق لكلمة أسطورة في لغتنا لا يبتعد كثيراً عن اشتقاقها في اللغات الأوروبية.‏

فكلمة (Myth) الإنكليزية، ومثيلاتها في اللغات اللاتينية، مشتقة من الأصل اليوناني (Muthos) وتعني قصة أو حكاية. وكان الفيلسوف أفلاطون أول من استعمل تعبير (Muthologia)، وعنى به فن رواية القصص، وبشكل خاص تلك القصص التي ندعوها اليوم بالأساطير. ومنه جاء تعبير (Mythology) وتنويعاته في اللغات الأوروبية الحديثة. أما في لغات الشرق القديم، فلا نعثر على مصطلح خاص ميز به أهل تلك الحضارات الحكايات الأسطورية عن غيرها. وتظهر فهارس النقوش الكتابية التي تعوَّد الكتبة السومريون وضعها لتصنيف محتويات مكتباتهم (وقد عثر حتى الآن على اثنين من هذه الفهارس) أن الأرشيف السومري لم يميز النصوص الأسطورية عن غيرها، ولم يدرجها في تسلسل خاص، بل تركها موزعة بين النصوص الأخرى التي تدور حول موضوعات شتى، مثل الحكمة والأمثال والأدعية والوصايا وما إلى ذلك.‏

من هنا يمكن القول إن القدماء لم يضعوا لأنفسهم تمييزاً لغوياً دقيقاً لتلك المجموعة من الأعمال الأدبية التي نصنفها نحن الآن تحت عنوان الميثولوجيا، ولاهم عنوا بتفريقها عن بقية الأجناس الأدبية، رغم إدراكهم تماماً لاختلافها وخصوصيتها. فكيف نستطيع اليوم أن نميز بين النص الأسطوري والنص العادي من أجل وضع الإطار العام لموضوع باحث الميثولوجيا، وما هي المعايير التي يمكن وضعها لإجراء هذا التمييز؟ في الحقيقة ليس هذا التساؤل بجديد في حقل علم الأسطورة، بل لعله الأساس الذي تميز به المناهج المختلفة نفسها، وتشير إلى طريقها الخاص. ولسوف نأخذ هنا، كنقطة انطلاق عدداً من المعايير، التي تحصلت لدينا عبر سنوات طويلة من التفرغ لدراسة الأسطورة، مع ضرورة التنبيه إلى أن صدورها عن موقف موضوعي ودراسة علمية، لا يلغي طابعها الشخصي ولا يجعل منها معايير مطلقة لا تقبل الزيادة أو النقصان أو التعديل.‏

ما هي الأسطورة:‏

1-من حيث الشكل، الأسطورة هي قصة تحكمها مبادئ السرد القصصي، من حبكة وشخصيات وعقدة ورسالة يراد إيصالها، وهي تتمتع ببناء أدبي وصياغة رفيعة المستوى، وغالباً ما تثبت في قالب شعري يساعد على ترتيلها وتداولها، ويزودها بسلطان على القلوب يعمل في استقلال عن سلطان مضمونها ويتعاون معه.‏

2-وهي قصة تقليدية، بمعنى أنها تحافظ على ثبات نسبي، وتتناقلها الأجيال بنصها عبر فترة طويلة من الزمن، طالما حافظت على قوتها الإيحائية بالنسبة للجماعة. فأسطورة هبوط إنانا إلى العالم الأسفل، وهي أسطورة سومرية من الألف الثالث قبل الميلاد، قد استمرت في صورتها الأكادية حتى منتصف الألف الأول قبل الميلاد. وأسطورة هبوط أنكيدو إلى العالم الأسفل، وهي أسطورة سومرية مغرقة في القدم، نجدها بنصها الحرفي وقد أدمجت في ملحمة جلجامش البابلية وشكلت اللوح الثاني عشر من ألواحها، كما نستدل على ذلك من نسخة نينوى التي عثر عليها في مكتبة آشور بنيبال.‏

3-ليس للأسطورة زمن، فهي ذات طابع تكراري أو حضور دائم، وزمانها ماثل أبداً ومتداخل في الزمن الجاري. فالإله تموز الذي قتل في الأزمنة البدئية ثم بعث إلى الحياة، إنما يفعل ذلك في كل عام إذ يقتل في الصيف ثم يبعث في الربيع. والإله مردوخ الذي خلق الكون ونظمه في الأزمنة المقدسة الأولى، إنما يقوم في كل عام ومع بداية السنة الجديدة بإعادة خلق الكون وتحديده، وقيام الإله بعل بقتل الحية لوتان ذات الرؤوس السبعة، هو صراع دائم بين قوى الخير وقوى الشر. وعندما لا يكون للأسطورة طابع تكراري واضح فإنها تقوم للتعبير عن حقيقة أزلية لا يطالها تغيير، فأسطورة خلق الإنسان من تربة الأرض ممزوجة بدم إله قتيل، هي تأسيس لفكرة الطبيعة المزدوجة للإنسان، وتكوينه من عنصر مادي وآخر روحاني. وحتى عندما يكون للأسطورة زمن معين وتاريخ محدد واضح، فإن مراميها البعيدة تكمن خارج الزمن وتتخذ صفة الحضور الدائم، فأسطورة الطوفان السومرية والبابلية، رغم وقوع أحداثها في زمن محدد معروف، بل رغم أنها اتخذت نقطة ثابتة في التاريخ الذي انقسم إلى ما قبل وما بعد الطوفان، فإن رسالتها ليست زمنية على الإطلاق فالطوفان الذي دمر الأرض مرة هو نذير دائم بسطوة القدر، وتذكير حاضر أبداً بعدم الاطمئنان إلى استمرارية وثبات الشرط الإنساني والطبيعي وتحذير من الغضب الإلهي البعيد عن فهم البشر.‏

إن ما يميز الحدث الأسطوري عن الحدث العادي هو ذلك الحضور الدائم للحدث الأسطوري أو لمراميه الحقيقية، وتعبيره عن استمرارية قائمة لا تنقطع.‏

4-يذهب الآلهة وأنصاف الآلهة الأدوار الرئيسة في الأسطورة، فإذا ظهر الإنسان على مسرح الأحداث كان دوره مكملاً لا رئيساً. وفي بعض الأساطير التي لا نعثر فيها للآلهة على دور رئيس، فإن الحضور الإلهي يتمثل في قوة قاهرة تتحكم في حياة البشر، مثل قوة القدر.‏

ففي أسطورة أوديب اليونانية، لا نكاد نتلمس للآلهة دوراً مباشراً في مسار الأحداث، ولكن القدرة الإلهية حاضرة بقوة في هذه الأسطورة من خلال القدر الذي يرسم مسار حياة أشخاصها.‏

وهنا يجب ألا ننسى، إذا أردنا الاستفادة من دروس الميثولوجيا السومرية والبابلية، إن ألواح الأقدار يحملها كبير الآلهة. وإنها التي تعطيه مركزه المتميز وسلطانه المطلق، فإذا انتقلت من يده فقد قدرته على تسيير نظام الكون. ففي أسطورة طائر الزو الرافدية، يختل نظام المجمع الإلهي ويوشك العالم أن يعود إلى الفوضى البدئية عندما قام الطائر العملاق زو بسرقة ألواح الأقدار من إنليل.‏

5-تتميز موضوعات الأسطورة بالجدية والشمولية، وصلتها المباشرة بوجود الفرد والجماعة والعالم بأجزائه وكليته. فهي تدور حول مسائل خطيرة وأساسية مثل خلق الكون واستمراريته، خلق الإنسان ومصيره، أصول الظواهر الطبيعية وكيفية عملها، أصول النواميس الحضارية، الموت والعالم الآخر، أصل الملكية والسلطة، أصول الجماعة البشرية وتحدرها.. الخ.‏

6-لا يعرف للأسطورة مؤلف معين، وليست نتاج خيال فردي ما أو حكمة شخص بعينه، بل هي ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى، تعبر عن مجمل تأملات الجماعة وحكمتها وتوجهاتها العامة، وذلك رغم ما يلعبه الأفراد من دور مهم في إعادة صياغة الحكايات الأسطورية وفق صنعة أدبية تتماشى وروح عصرهم.‏

7-تتمتع الأسطورة بسلطة هائلة على عقول الأفراد ونفوسهم، ومؤيدات هذه السلطة تنبع من داخل الأسطورة لا من خارجها. وهي عندما تتصدى لمسألة من المسائل الشمولية، فإنها لا تطرح موضوعها على بساط البحث والتحليل، وإنما تتقدم بحقائق لا تقبل الجدال.‏

إن السطوة التي تمتعت بها الأسطورة في الماضي، لا يدانيها سوى سلطة العلم في الزمن الحديث.‏

لقد رأى قلة منا عالم الجراثيم تحت المجهر، ولكننا جميعاً (نؤمن) بوجودها وقدرتها على إحداث الأمراض، لأن العلماء قد قالوا لنا ذلك.‏

كما أننا نؤمن بالطريقة نفسها بوجود الثقوب السوداء في الفضاء الكوني، وبالأشعة الكونية، وبطبقة الأوزون. وفي العالم القديم، لم ير الآلهة سوى قلة من الكهنة في أحلامهم، ولم يسمع كلماتهم سوى بعض المتنبئين في نوبات الوجد التي تعتري هذه الفئة من الوسطاء بين العالمين، ومع ذلك فقد آمن الإنسان القديم بوجود الآلهة، وآمن بالحقائق التي تقدمها الأساطير، وكان الكفر برسالة الأسطورة فقداناً لكل القيم التي تشد الفرد إلى جماعته، وفقداناً للتوجه السليم في الحياة.‏

8-تتمتع الأسطورة بقدسية خاصة لدى الفرد والجماعة. ولا نعني بالقدسية هنا تلك الصفة التي يتم إسباغها على كائنات وموضوعات دينية فقط، بل ذلك الإجلال والتعظيم الذي تستشيره الأسطورة بسبب وضعها المتميز بحق.‏

انطلاقاً من معايير التمييز التي أوردناها أعلاه، يمكننا التوصل إلى ما يشبه التعريف فنقول بأن الأسطورة هي “حكاية مقدسة مؤيدة بسلطان ذاتي”. ورغم أن شبه التعريف هذا لا يتضمن صراحة كل معاييرنا المعتمدة، إلا أنها ممثلة فيه بطريقة مباشرة أو ضمنية. ونحن نميل إلى القول بأن أي نص لا يقع في إطار هذا التعريف لا يدخل في زمرة الأساطير.‏

قد يصعب على إنسان العصر الحديث الذي يعيش في عالم فكري منظم تحكمه مناهج البحث النظري والعملي، ويجابه طبيعة نزعت عنها قدسيتها وأسرارها وتحولت إلى حقل للاختبار والتجريب، أن يتصور موقف الإنسان القديم في المراحل الأولى لمجابهته مع الطبيعة مجرداً من كل الأدوات المتاحة بين أيدينا اليوم.‏

كان عليه أن يستجيب بشكل ما لعالم موضوعي يطرح نفسه عليه ككل موحد متكامل، أن يتأمله ويفسره دون مقدرة على تحليله وإعادة تركيبه من جديد، فجاءت استجابته من خلال موقف كلي شمولي مقابل.‏

لم يكن يستطيع التمييز بين القوانين الحاكمة لحركة الريح والقوانين الحاكمة لحركة الأجرام السماوية، بين خصوبة الأرض وخصوبة الكائنات الحية، بين الظاهرة البيولوجية والظاهرة الفيزيائية. ومع ذلك كان عليه أن يجمع ذلك كله في كلٍّ مفهوم ويعبر عن ذلك الكل ويفسر موقفه منه ودوره فيه، فكانت تلك الحكايا المقدسة عن الآلهة وفعالياتها وعلاقاتها بمثابة “المنهج الفكري الأول”.‏

لم تكن الأسطورة علماً وفلسفة بالمعنى الذي نفهمه اليوم. ولكنها تنطلق بالتأكيد من الموقف نفسه والبواعث نفسها، وتهدف إلى النتيجة نفسها. ومضمون الأسطورة رغم بعده عن عالم الواقع التجريبي ومبادئ البرهان المنطقي الفلسفي، ورغم وقوفه عند حدود التمثيلات والصور، إلا أنه يبقى مضموناً مادياً بالدرجة الأولى يقصد إلى المعرفة، وذلك من خلال فعالية فكرية وفلسفية وروحية شاملة.‏

فكما يسعى العلم إلى خلق نظام من المبادئ والقوانين التي يعتمد بعضها على بعض، كذلك تسعى الأسطورة من خلال تمثيلاتها وصورها الحركية إلى صياغة صورة موحدة للعالم، وخلق نظام من الآلهة والقوى التي يعتمد بعضها على بعض في هرمية منسقة للأسباب والنتائج.‏

ولكن، بينما يسعى الفكر التجريبي إلى إيجاد علاقة محددة وصارمة بين أسباب معينة ونتائج معينة، فإن الفكر الأسطوري يجد نفسه حراً في اختيار سبب معين من بين مجموعة أسباب متاحة، ذلك أن علاقة السببية هنا لا تنتمي إلى منظور شامل وشبكة من الشروط العامة الكونية بل هي نتاج لإرادة حرة ما. فالأسطورة تعمل على أنسنة الكون الموضوعي حين تبث فيه عنصر الإرادات الفعالة والعواطف المختلفة، فكل ظاهرة موضوعية، هي حصيلة إرادة ما أو عاطفة ما، وحركة الكون ليست ميكانيكية قائمة على مبادئ مادية تسري في جميع مكوناته، بل جملة احتمالية قائمة على إرادات وعواطف تتبدى في شكل حركي هي إرادات وعواطف القوى الإلهية أو الشيطانية.‏

إلى جانب هذا الموقف الكلي من العالم، والذي ندعوه اليوم بمسائل الطبيعة، وما بعد الطبيعة، تلعب الأسطورة دوراً هاماً على المستوى الاجتماعي. فهي نظراً لقدسيتها ومؤيداتها الذاتية، كانت مركبة للتواصل بين الجماعة ذاتها وبين الأجيال المتعاقبة، خصوصاً قبل شيوع الكتابة والاعتماد عليها في الاتصال. فكان نقل الأسطورة من الكبار إلى الصغار ومن جيل إلى جيل، هو الوسيلة الفعالة لحفظ الثقافة واستمرارها. كما كانت الوسيلة الأجدى لترسيخ القيم الاجتماعية والأخلاقية، وذاكرة تحفظ بشكل ما ودون نظام جوانب مهمة من تاريخ الجماعة. وفوق ذلك كله، فقد قدمت الأسطورة للدين جانبه الاعتقادي النظري الذي يدعم ويبرر جانبه الانفعالي الأصلي. وهنا ترتبط الأسطورة الدينية بالطقس ارتباطاً لا فكاك منه، وتدخل في صلب العبادات التي تمارسها الجماعة. فالتدين الذي وجد تعبيره الانفعالي الجمعي من خلال الطقوس المشتركة التي تلتقي عندها الانفعالات الفردية في مظهر موحد، يجد الآن سنده الموضوعي في الأسطورة.‏

من هنا، يمكن القول بوجود أسطورة دينية وأخرى لا دينية. وكلا الزمرتين يتمتع بالقداسة نفسها، وتبوئه الجماعة مركزاً عالياً لا يقل عن الآخر إجلالاً وتعظيماً. فالديني وغير الديني في تقسيمنا هنا، لا يتطابق مع التقسيم إلى ديني ودنيوي، لأن المسائل الدنيوية إنما يتم التعامل معها من خلال أدبيات أخرى لا علاقة لها بالأسطورة.‏

ولمزيد من الإيضاح نقول، بأن الأسطورة الدينية هي الأسطورة التي ترتبط بنظام ديني ما وتدخل في صلب الطقوس والعبادات الخاصة بهذا الدين أو ذاك، أما الأسطورة غير الدينية فتعمل خارج النظام الديني، وتظهر كنتاج لموقف استقلالي إنساني، وفكر يعمل في معزل عن الحالة الانفعالية الدينية، رغم حضور الآلهة في نسيجها وقيامهم بدور المحرك الرئيس للحدث الميثولوجي. هذا الفارق الدقيق بين الزمرتين قد قاد كثيراً من دارسي الميثولوجيا إلى المزج بينهما، بل إلى إرجاع الأسطورة برمتها إلى الدين. ونجد مثل هذا الموقف في أكثر المراجع الحديثة رصانة، كما هو الحال في موسوعة كامبردج للتاريخ القديم، حيث أظهر محرر فصل ديانة وأساطير الإغريق، في المجلد الثاني من الموسوعة، رأيه الواضح في هذه المسألة، من خلال معالجته للميثولوجية الإغريقية كوجه من أوجه الديانة الإغريقية5. وفي الحقيقة، فإن أمثال هؤلاء الباحثين المحدثين إنما ينسجون على منوال تقاليد قديمة أرسيت أسسها منذ نهايات القرن التاسع عشر في أوروبا، على يد بعض رواد الدراسات الميثولوجية من أمثال جيمس فريزر الذي كرس في كتابه الشهير “الغصن الذهبي” نظرية تبعية الأسطورة للطقس ونشوئها عنه، وتبعته في ذلك جين هاريسون في كتابها المعروف عن ديانة الإغريق وكتابها الآخر ثيمس6.‏

ولكي لا يبقى تحليلنا هذا في حيز التشريع النظري، لا بد لنا من تدعيمه بأمثلة عملية توضح ما ذهبنا إليه، وتبين كيفية تباعد وتقاطع النظام الديني والنظام الميثولوجي في الحياة الفكرية والروحية للإنسان.‏

3-الأسطورة والأسطورة الدينية:‏

عرض وتحليل:‏

أسطورة آدابا:‏

أسطورة آدابا: هي أسطورة سومرية مغرقة في القدم، وربما تعود في أصولها إلى مرحلة ما قبل الكتابة، رغم أن نصها المكتوب قد جاءنا من العصر البابلي. تجري أحداث الأسطورة في مدينة إريدو التي كانت أهم مركز من مراكز الحضارة العبيدية السابقة على الحضارة السومرية، ومقر عبادة الإله أنكي إله الماء والحكمة، والمعبود الأول لتلك الحضارة الرائدة في جنوب وادي الرافدين، ففي الأزمان الأولى، قام الإله أيا (أنكي) بخلق الإنسان الأول آدابا، وجعله قيماً على هيكله في المدينة ليحفظ شعائره ويخبز الخبز ويصطاد السمك من أجل القربان المقدس لإلهه. ولقد وهبه الحكمة والفطنة.‏

ولكنه لم يمنحه نعمة الحياة الأبدية. وذات يوم، وبينما هو يصطاد السمك في عرض الخليج هبت ريح الجنوب وقلبت مركبته، فلعنها في ثورة غضبه ودعا أن تكسر منها الجناح. وما أن نطق آدابا بلعنته، حتى كسر جناح الريح وجثمت عاجزة عن الحركة. وبعد سبعة أيام لاحظ آنو إله السماء غياب ريح الجنوب، ولما سأل عن السبب قيل له أن آدابا ابن إيا قد كسر جناح الريح وأقعدها عن الحركة، فأمر آنو بأن يمثل آدابا بين يديه. وهنا علم إيا بالأمر قبل وصول تعليمات آنو، وهو المطلع على خبايا صدور الآلهة، فاستدعى آدابا وشرح له أسرار السماء ومعارجها، ثم زوده بتعليمات مفصلة عن كيفية سلوكه هناك، فكان عليه أن يطلق شعره ويضع عليه عباءة المأتم، فإذا وصل بوابة سماء آنو السابعة سيسأله حارساها تموز وننجيزيدا عن سبب ظهوره في هذه الهيئة، فيجيبهما وكأنه لا يعرفهما بأنه حزين على الإلهين تموز وننجيزيدا اللذين غابا عن الأرض، وبذلك يستميلهما إلى جانبه. كما حذره إيا ألا يقرب ما يقدم إليه من طعام وشراب في حضرة آنو، لأن ما سيقدم إليه هو طعام الموت وشراب الموت. ولقد سار كل شيء على ما يرام في معراج آدابا، فبعد استجواب قصير سانده فيه كل من تموز وننجيزيدا اللذين سرا من إجابته عند البوابة، قرر الإله آنو أن يعف

Exit mobile version