د.هيثم الحلي الحسيني*
الخصوصية المنهجية للبحث في التراث العلمي
ينصرف البحث في التراث العلمي, الى دراسة الموروث الحضاري والثقافي, العلمي والأدبي, ويشتمل ذلك أولاً على التراث النقلي, المكتوب بشكل مخطوطات مختلفة, سواء الورقية منها أو الجلدية, أو النصوص المنقوشة على المواد المختلفة, إضافة الى البحث والتمحيص والمعاينة في الوثائق, التي يتضمنها الموروث الحضاري المتشكل للتراث العلمي, وكذا الموروث المادي فيه, من المنشآت والأبنية القائمة, وآثار الإنشاءات المتبقية, من أبنية وأماكن العبادة والسلطة والجيش والإسكان, والأنشطة الاقتصادية المختلفة, فضلاً عن العدد والآلات والمقتنيات المختلفة, وكذا المجتمعات البشرية الوريثة لها ولثقافتها, وهي البيئة والأداة المنتجة للتراث العلمي موضوع الدراسة والبحث.
يجري الإخراج الحرفي التخصصي للمخطوطات, من خلال جهود التحقيق في التراث العلمي, الذي يهدف الى إحياء تلك المخطوطات, وإخراجها للحياة على صورتها الأولى, دون تصحيف أو تحريف أو اشتباه, من خلال مقاربة ومقارنة ومقابلة ما يتيسر من نسخ مختلفة لنفس المخطوطة, على اختلاف مواقع حفظها وتواجدها, بشرط عدم إخلال المحقق بأصل النص ومتن المخطوطة, وعدم مداخلته عادة في جهد المؤلف, في البحث والتحليل والنقد للأفكار المتضمنة في النص, فذلك يكون على الأغلب في مهمة بحثية لاحقة, إن تيسرت الفرصة العلمية, بما ينصرف إليه علم دراسة نصوص المخطوطات “الفيلولوجيا”.
فضلاً عن الحاجة لدراسة المخطوطة لذاتها, بصفتها مادة موروثة, من حيث تكوينها وحالتها وبنيتها الفنية والإنتاجية, وأسلوب خزنها, والمكان والطريقة التي حفظت فيها, وكيفية الوصول إليها, وهو ما يهتم به علم “الكوديكالوجيا”, وذلك سيجري مناقشته في الحلقة الدراسية ذات الصلة[1].
إن المداخلة البحثية التي يمارسها المحقق والباحث في مخطوطات ونتاج التراث العلمي, تهدف الى إلقاء الضوء على المادة الواردة فيه, وإعادتها الى مصادرها وتوثيقها, دون أن يتداخل المحقق في الفكر الوارد فيها, أو ينصرف الى تقييمه وتقويمه أو نقده, فهي خارج مهمته في التحقيق.
إن هذه المقاربة البحثية للنص المخطوط, تنتهج ملامسة المنهج النقلي, الذي يتبعه البحث التاريخي, إضافة الى دراسة كل ما تتعلق بموضوعه, من مصادر ومراجع مكتوبة ومطبوعة, أو محملة إلكترونياً في الأقراص المجمعة, أو منشورة في المكتبات الإلكترونية, أو الشبكة الدولية, مكتملاً بعناصره التي تفترض تحديداً للمقدمات, التي يعرضها النص المنقول, ثم النتائج التي تخلص عنها, وفق المنهج التحليلي أو المنطقي.
إن الدراسة المعمقة للموروث التراثي العلمي, تنصرف أيضاً الى الدراسة البحثية التاريخية ضمن المنهج التأريخي, الذي يشتمل في جانب منه, على المنهجين النقلي والتحليلي المنطقي, وفي جانب مكمّل له على المنهج التجريبي الإستقرائي والإمبريقي “الاختباري”.
أدوات البحث المعمّق في التراث العلمي
عليه فإن البحث المعمق في التراث العلمي, لكي يستكمل عناصره البحثية, يتطلب الى جانب التوسع البحثي الأفقي, عمقاً عمودياً في مقاربة النص المنقول, وسبر مكنوناته في الوصول الى فكره الظاهر, الى جانب الفكر المسكوت عنه في النص, وذلك لإحياء الفكرة التي جاشت في عقل المؤلف, والتي قد يكون قد سكت عنها في ظاهر النص, لكن الباحث في التراث العلمي, يمكنه بمهمته البحثية, أن يتحصل عليها في باطن النص, وليس الاكتفاء باخراجه الى الحياة على صورته الأولى.
والى ذلك ستنصرف الحلقة الدراسية القادمة, في إلقاء الضوء على عناصر ومؤشرات المنهج البحثي, الذي يضطلع بهذا الشكل من مقاربة النص, والقراءة الفكرية المعمقة له, في الغور في عمقه العمودي وطبقاته المغمورة, والذي يطلق عليه المنهج الأركيولوجي الحفري.
إن العنصر الآخر في المنهج التاريخي في البحث, وهو المنهج التجريبي الاستقرائي والإميريقي, والذي يفترض دراسة الواقع المنتج للموروث العلمي, المتمثل بالإنسان والمجتمع المؤتلف به, من جهة, ومن جهة أخرى, دراسة الموروث المادي في البيئة المنتجة للموروث الثقافي موضوع الدراسة, التي لا يستغنى عن فهمها, لاستيعاب المناخ الحضاري وما يرافقه من عوامل, تشكل الصورة الحقيقية للحياة العامة, في الطور و الحقبة الزمنية التي انتجت ذلك التراث العلمي موضوع الدراسة والتوثيق, في البعدين التاريخي والجغرافي, وما يتشكل معها من معطيات سياسية وثقافية وأدبية, فضلا عن الواقع العلمي والابداعي.
ان الدراسة التي تنصرف الى مكنونات هذا المنهج العلمي التجريبي الأمبريقي الإستقرائي في البحث, تفرض على هذه الحلقة الدراسية, أن تلامس وتقارب الجهود العلمية البحثية, المتعلقة بعلم الإنسان “الأنثروبولوجية” بفروعها المختلفة, فضلا عن القاء الضوء على عناصر واتجاهات الدراسة في علم الآثار “الأركيولوجية”, بما يلبي الحاجة المباشرة للباحث في التراث العلمي, ليستكمل منهجه التاريخي في البحث, وليفتح الآفاق أمامه, في حالة الحاجة الى مستوى أكثر عمقاً فيها, وفق تقديراته البحثية العلمية, في عملية الانتاج المعرفي.
مدخل للتعريف في علم الانسان “الأنثروبولوجيا”
“الأنثروبولوجيا” هو علم الإنسان, أو علم دراسة الإنسان وأعماله, أو علم ثقافة المجتمع, أو علم ثقافة الشعوب، في كل مكان وعلى طول الوقت, و”الأنثروبولوجيا” مصطلح مركب لغوي من المفردة اليونانية “آنثروبوس” [2]anthropos بمعنى إنسان, و”لوجيا” logia[3], التي تعني في اليونانية القديمة, كلام أو نطق أو كلمات، وفي التداول المعرفي الأكاديمي المعاصر, مرادفة لمعنى “العلم”, وبذا يكون المعنى الحرفي العام “علم الإنسان”, أو “دراسة البشر”.
كثيرة هي العلوم التي تدرس الإنسان, ويكون هو أو تجمعاته أو نشاطه, محور اهتمامها, مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأخلاق, وكذا علوم أخرى مثل السياسة والاقتصاد والتاريخ، ولكن كلاً من هذه العلوم, يدرس الإنسان من ناحية معينة, مثل علم النفس الذي يدرس الإنسان من حيث السلوك، وعلم الاجتماع الذي يدرس الإنسان من حيث كونه عضواً في المجتمع, أما علم الإنسان فيدرس الإنسان من كل هذه الزوايا, وفي كل زمان ومكان.
إن علم الإنسان “الأنثروبولوجيا”, له جذوره الفكرية في كل من العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية, وتتعلق موضوعاته بما يميز الإنسان, من خلال دراسة أسلافه, التي تنعكس على صفاته الجسدية وسلوكه, وتنظيماته الاجتماعية والثقافية, وبالتالي دراسة الخلافات والتباينات بين المجموعات الإنسانية.
ويدرس هذا العلم الإنسان عن طريق منهج المعايشة الميدانية, وإن الباحث فيه, يدرس مجتمعاً محدوداً، فيعايشه ويندمج معه, ليعرف قيمه وعاداته وتقاليده ورموزه وثقافته وملامح أفراده، ثم يدرس تاريخه وآثاره وموروثه الحضاري والثقافي, ومسار توطينه وتنقلاته, وديموغرافيته “السكانية”, بحيث تنصرف الدراسة الى سائر الفروع التي يهتم بها هذا الحقل العلمي, المتعلقة بالألسنية والطبيعية والثقافية والآثارية, حتى تكون فكرته عن هذا المجتمع متكاملة وشاملة.
الاتجاهات العامة في الدراسات الأنثروبولوجية
بدأت الأنثروبولوجيا كونها علم الأعراق البشرية, أو الأجناس وطبيعتها, الذي يبحث في أصول الشعوب المختلفة وخصائصها وتوزّعها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويدرس ثقافاتها دراسةً تحليلية مقارنة, حيث يتم توليف البيانات الخاصة بهم والأفكار المنتجة, التي تشكل إطار وتقدم الجنس البشري طبيعياً, وذلك كان بداية التحرر من الفهم القديم التقليدي للأنثروبولوجيا, الذي استخدم في الفلسفة اليونانية, بما يتماهى وعلم النفس[4].
وقد كان العالم الآثاري “الأركيولوجي” “راوخ Rauch”, أول من استخدم مصطلح “أنثروبولوجيا”, بمدلول مختلف عن معناه القديم المستخدم في علم النفس “السيكلوجي” سابقاً، وذلك في عام 1841, وقد حدده على أنه موضوع لدراسة المؤثرات الخارجية التي يخضع لها العقل، والتغييرات التي تتم فيه بمقتضاها.
غير أن الاتجاه العام للدراسة الأنثروبولوجية, كما يتفق عليها مؤسسوها, من طبقة العالمين الآثاريين “بواس Boas, وكروبر Kroeber”, هو أنها تدرس الإنسان ككائن اجتماعي, كونها تهتم بدراسة جماعات الناس وسلوكهم وإنتاجهم, ودراسة التاريخ الطبيعي لمجموع أوجه النشاط البشري, التي أصبحت منجزاتها الإبداعية في المجتمعات المتمدنة، ميداناً للعلوم الإنسانية, مع أن الهدف والمنهج الأنثروبولوجي فيها هو طبيعي naturalistic, وعليه يشمل موضوع هذه الدراسات جميع ظواهر الحياة الاجتماعية الإنسانية، دون تحديد زماني أو مكاني, فهي بذلك دراسة الإنسان وأعماله, كما يعرفها العالمان الآثاريان “لينتون Linton وهيرسكوفيتس Herskovits”.
معالم و تفرعات الدراسات الأنثروبولوجية
إن هذه الاتجاهات المختلفة في الدراسة للإنسان, والتي تتمدد على مختلف العلوم والمعارف, سواء الطبيعية منها أو الإنسانية, أظهرت الحاجة لأن تتفرع هذه الدراسات الى فروع متنوعة, تكمل أحدها الأخرى, لتستكمل الصورة النهائية للإنسان ومجتمعه موضوع الدراسة, والتي ستوظف في نطاق الدراسة والبحث والتحقيق في التراث العلمي, بمختلف حقوله المعرفية الموروثة[5].
وبرغم أن مصطلح “الأنثروبولوجيا” في أسلوب التعبير العام وفي معظم الأحيان, يشير إلى الأنثروبولوجيا الثقافية، وهي دراسة الثقافات والمعتقدات والممارسات البشرية, لكنه في واقع الحال, يتضمن أربعة حقول فرعية، بضمنها هذا الفرع الثقافي لعلم الانسان أو “الأنثروبولوجيا الثقافية”, وهي علم الآثار “الأركيولوجية”، الذي يعرف ببوابة علم الانسان, وثم فرع علوم الحياة أو الطبيعة في علم الانسان, وهي “الأنثروبولوجية البيولوجية”, والقسم اللغوي أو الألسن في علم الانسان, وهي “الأنثروبولوجيا اللغوية”.
إن فرع اللسانيات من علم الإنسان, أو “اللسانيات الأنثروبولوجية”, هي دراسة اللغة, التي تسعى إلى فهم عمليات الاتصالات البشرية، اللفظية وغير اللفظية، والتنوع في اللغة عبر الزمان والمكان، والاستخدام الاجتماعي للّغة، والعلاقة بين اللغة والثقافة, فهو فرع من فروع علم الإنسان, يجمع بين الأساليب اللغوية مع المشاكل الأنثروبولوجية، ويربط تحليل الأشكال اللغوية والعمليات الأنثروبولوجية, بتفسير العمليات الاجتماعية والثقافية.
الفرع الطبيعي من علم الإنسان, أو “الأنثروبولوجيا البيولوجية”, وهي تهتم بالدراسة في مجالات أخرى, لإلقاء الضوء على كيفية وصول لشعب معين إلى ما هو عليه الآن، والتلاقح الطبيعي البيني بين الشعوب ونتاجاتها الحضارية، وفهم العمليات الدماغية, التي تشارك في إنتاج اللغة, إضافة الى الميادين الفرعية الأخرى ذات الصلة, مثل علم المتحجرات البشرية، وعلم قياسات الجسم البشري، والأنثروبولوجيا التغذوية، وأنثروبولوجيا الطب الشرعي.
الدراسات “الأنثروبولوجية” وأثارها البحثية في التراث العلمي
إن الجسم الرئيس في الحقل العلمي الأنثروبولوجي, هو الفرع الثقافي من علم الإنسان, وهو “الأنثروبولوجيا الثقافية”، التي تنصرف الى دراسة الثقافات والمعتقدات والممارسات الابداعية البشرية, ونتاجها الحضاري والفكري, العلمي والثقافي والأدبي, وعليه فإن هذا الفرع من الأنثروبولوجيا, يلامس بشكل قريب, للجهد البحثي في التراث العلمي, ويعد أداة من أدواته الدراسية, ومنهجاً بحثياً معمّقاً فيها, سواء لدراسة الموروث الفكري أو المادي.
وغالباً ما تعتمد الأنثروبولوجيا الثقافية على “الاثنوغرافيا”، أو المرتسم العرقي, وهو نوع من الخطوط والكتابة, المستخدمة في الأنثروبولوجيا لعرض بيانات عن شعب معين أو مجموعة بشرية، وغالباً ما يستند فيها إلى أبحاث الملاحظة المشاركة باتباع المنهج التجريبي, وتعتمد “الأثنولوجيا” أو علم الأعراق, وأحياناً علم ثقافات الأعراق, على مقارنة منهجية لمختلف الثقافات, باتباع المنهج التأريخي, وتسمى الأنثروبولوجيا الثقافية أيضاً, بالانثروبولوجيا الإجتماعية أو الاجتماعية الثقافية, كون الثقافة نتاج المجتمع, ومحور مخرجاته.
وتنصرف الدراسة أيضاً في هذا المنهج البحثي, الى تحليل اللقى الأثرية, “الأركيولوجية” التي تعد البوابة الى الأنثروبولوجيا, والى دراسة وتوثيق الخرائط القديمة, من خلال دراسة استخدام الأرض والمتبقيات المادية, الموجودة في المنطقة المحددة للدراسة, وتحديد نطاق الحقبة الزمنية للدراسة, عن طريق تحليل الأدوات المستخدمة فيها, وبالتالي فهي تمثل عنصراً بحثياً وأداة دراسية منتجة في الكشف عن التراث العلمي.
ومن الممكن أن تركز هذه الدراسات أيضاً على أدوات الحضارة المختلفة, في دراسة الأرض والتحليلات السكانية “الديموغرافية” المختلفة, ومن ذلك أيضاً دراسة الحالة الصحية وتحولاتها, حيث يشكل مسار المرض, دالّة الى إتجاه الإسكان والإستيطان, وكذلك دراسة النقوش الفنية الأثرية, في أماكن العبادة ومنشآت الدولة وعلى المباني القديمة, التي تكون دالّة الى المستوى الثقافي الحضاري لمجتمع البحث, في حين تشكل دراسة المقابر والكشف عنها, وعن الصخور المثبتة عليها, مصادر معلوماتية موثقة, فضلاً عن أن دراسة المسكوكات ومقتنيات الدول المختلفة, تؤشر الحالة الاقتصادية ومستوى المعيشة والتنمية في المجتمع, وعليه فإن دراسة الإنسان أنثروبولوجيا, ينظر إليه تحديداً من حيث علاقته بمنجزاته.
الدراسة الأنثروبولوجية في التراث العربي الإسلامي
تذهب أدبيات التراث العربي الإسلامي, الى أن الأنثروبولوجيا, علم عربي إسلامي أصيل، ومرد ذلك أن الرواد من العلماء المسلمين الرحالة, الذين جابوا الأقطار المختلفة في مشرق العالم ومغربه, كانوا “أنثروبولوجيين” بمعنى الكلمة, قبل أن يظهر هذا المصطلح في أوروبا.
وترى هذه الأدبيات أن هؤلاء العلماء الرحالة, قد قاموا برحلاتهم اهتداء بقول الله تعالى: “أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف بدأ الخلق”. وقوله تعالى: “ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة”. فهؤلاء العلماء طافوا العالم ودرسوه جيداً, وسجّلوا كل شيء شاهدوه عن شعوبه المختلفة, وعن المجتمعات التي خضعوها للبحث العلمي, حسب مفردات منهج الأنثروبولوجيا الحديث.
وعلم الإنسان الذي يقوم على مقارنة الشعوب والمجتمعات بعضها ببعض، يهدف إلى الوصول إلى أن الجنس البشري واحد, وأنه مؤتلف لا مختلف، وأنه يجب أن يتواصل لا أن يتباعد.
وعن علاقة “الأنثروبولوجيا” أو علم الإنسان بالنص القرآني, يرى المفكرون الإسلاميون, إنها علاقة وثيقة, لأن القرآن الكريم قد أنزله الله لهداية البشر جميعاً, وان محوره هو الإنسان، وفي الجانب الآخر, فإن علم الإنسان علم وضعي, وضعه الإنسان لدراسة الإنسان, ليصل إلى نفس الهدف وهو فهم الإنسان, ومن خلال هذا الفهم يمكن أن يحدث التقارب لا التباعد, والوئام لا الخصام, وبسبب الصراعات التي تحدث بين الشعوب, يحصل أن الإنسان لا يفهم الإنسان, وحتى ضمن البلد الواحد[6].
ويرى المفكرون الاسلاميون, انّ علم الإنسان الذي يهدف الوصول إلى وحدة الجنس البشري, وفهم الإنسان للإنسان بلا فوارق, واثبات ذلك بحثياً وعلمياً, وبالتالي فهو يلتقي مع موروث الإسلام في النص “كلكم لآدم وآدم من تراب”. وفي الحديث النبوي “لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى”. فإن المفاضلة في الإسلام بين إنسان وإنسان, تختلف تماماً عنها في البراجماتية[7] الرأسمالية الغربية أو في المادية الشيوعية.
ومع أن علم الإنسان, يدرس الإنسان من حيث جسمه وطبيعته البيولوجية، ومن خلال هذه الدراسة وصل هذا العلم إلى نتائج هامة، لكن النص القرآني قد سبق هذا العلم, فذكر هذ المعنى في قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم ورزقناهم من الطيبات وحملناهم في البر والحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً”.
وعن هذا التفضيل للإنسان, قال المفسرون التقليديون, أنه يعيش منتصباً على رجليه ويأكل بيديه وينظر للأمام، ولكن دراسات الفرع الطبيعي في علم الإنسان أو “الأنثروبولوجيا الفيزيقية” تجاوزت هذا التفسير, وقالت إن الإنسان لم يكرم بالعقل والفكر وإبداع الثقافة فقط, وإنما بتكوين جسمي عضوي فريد, يتجلى في التركيب المخي المتميز بتعقيد معين, لا يوجد في غيره من المخلوقات, كما يتميز بالتركيب الخاص للقدم والحوض والسيقان والسلسلة الفقرية واليدين والإبصار[8].
مدخل الى علم الآثار والدراسات الآثارية “الأركيولوجيا”
علم الآثار أو علم العاديّات أو “الأركَيُولُوجِيا”, ARCHEOLOGY, في المفردة الحرفية لها عن اليونانية القديمة[9], المتشكلة من الكلمة Arkeo التي تعني الأثر أو الشاخص القديم, و Logia, التي تعني الكلمات أو انطق والمنطق وفي صياغة العلمية المعاصرة بمعنى “العلم”, التي تعني الذي يعبر عنه “بوابة علم الإنسان”, وهو الدراسة العلمية لمخلّفات الحضارة الإنسانية الماضية, التي توثّق وترصد فيها حياة الشعوب القديمة، وذلك بدراسة مخلفاتها, التي تشمل المباني والعمائر، والقطع الفنية، والأدوات والفخار والعظام, وبعض الاكتشافات المثيرة، مثل القبور التي تتوفر على حُلي ذهبية، أو بقايا المعابد الفخمة ودور العبادة.
إن اكتشاف القليل من الأدوات الحجرية, أو بعض البذور من الحبوب المتفحمة، ربما يكشف بشكل أفضل عن جوانب كثيرة من حياة الشعوب التي تركتها, وإن توثيق أنواع الأكل المستخدمة قديماً، كثيراً ما يكشف أوجه الشبه, بين حياة أولئك القوم والحياة المعاصرة.
إن ما تكتشفه الدراسات الآثارية، بدءاً من الصروح الكبيرة وانتهاء بالحبوب، يسهم في رسم صورة متكاملة و”بانورامية”, عن معالم الحياة في المجتمعات القديمة, وعليه فإن البحث الآثاري هو السبيل الوحيد لكشف حياة المجتمعات, التي وُجدت قبل اختراع الكتابة في العراق القديم, بلاد ما بين البهرين, منذ خمسة آلاف عام تقريباً, كما أن البحث الآثاري نفسه, يشكِّل رافداً مهماً في إغناء المعلومات المتيسرة, عن المجتمعات القديمة التي تركت سجلات مكتوبة.
و”الأركيولوجيا” أيضاً, هو العلم المختص بدراسة آثار المجتمعات, التي انقرضت قبل العصور التاريخية, أي قبل البدء بعصر الكتابة, لرسم صورة كاملة عن حياة وحضارة تلك المجتمعات, واستعمال الأساليب العلمية لتقرير وتحديد علاقة الأدوات الحضارية, المكتشفة بالحضارات القديمة المنقرضة.
وبرغم أن الاهتمام بجمع الآثار وحفظها قديم, يعود إلى زمن حضارة بين النهرين “الميسوبوتاميا”[10] في العراق القديم, وبالذات في عهد العاهل الآشوري “آشور بانيبال”, الذي ترك مكتبة عامرة, في نينوى شمال العراق, فإن الدراسات الحديثة في علم الآثار “الاركيولوجيا”, لم تبدأ إلا في عهد النهضة في أوروبا, ثم نمت واتسعت في القرن التاسع عشر, بحسب الرواية الغربية الأوربية, غير أن للتراث العربي الإسلامي, رأي آخر في بدايات هذا العلم وتطبيقاتها, وفقاً للموروث الثقافي والحضاري فيه, ويترجم العرب هذه المفردة بالحفريات أو الأثريات.
معالم الدراسات الآثارية ونطاقها
يستطيع علم الآثار المعاصر, بما توصل إليه من أساليب علمية وفنية, وباستعماله الأساليب المقارنة في دراسة حضارات الشعوب البدائية المعاصرة, أن يرسم صوراً دقيقة للحضارات المنقرضة, من دراسة الأدوات والمقتنيات والآلات والأسلحة, والأشياء المادية الأخرى, التي تركها الإنسان, وأن يقرر كيف كان ذلك الإنسان يعيش, وماذا كان يعبد, وكيف كان يبني بيوته ومعابده وقبوره, وبذلك يقدم علم الآثار “الأركيولوجيا”, مادة علمية عن عصور ما قبل التأريخ, قبل بدء الكتابة, التي تعد بداية فجر التاريخ, تلك العصور التي لم تعرف أسلوباً لتسجيل معالم حضاراتها.
والأركيولوجيا أو “علم الآثار”, فرع أساس أيضاً من علم الانسان “الأنثروبولوجي”, ويعد البوابة له, ضمن الدراسات القائمة على المجتمعات والثقافات البشرية الماضية وليس الحاضرة, وتدرس تحديداً الأبنية والإنشاءات, والمنشآت الخدمية والمدنية والدفاعية, وكافة اشكال التعمير, والمصنوعات الحرفية كـالأدوات والأوعية أو ما بقي منها، والتي استمرت بالتواجد للوقت الحاضر, والشواهد المتبقية على القبور وأماكن العبادة.
ويدرس هذا الحقل العلمي أيضاً الأحافير الإنسانية والإحيائية الأخرى, فضلاً عن دراسة السلالات والأعراق المتبقية من تلك المجتمعات موضوع البحث والاهتمام, أو التي تمثل امتداداً بشرياً لها, وتنظر أيضاً إلى البيئات الماضية، لكي يُفهَم مدى تأثير القوى الطبيعية كـالمناخ والغذاء المتواجد, على تشكيل الثقافة الإنسانية .
إن بعض الفروع من “الأركيولوجيا”, التي تدرس الثقافات الإنسانية التي تواجدت قبل تطور الكتابة، أي في فترة ما قبل التاريخ، تنصرف الى الدراسة الآثارية “الأركيولوجية” لحقبات تطور البشرية منذ تواجد الإنسان على الأرض, وحتى فترة تصل إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد, أي حتى بدء الثورة الزراعية, حيث تدعى تلك الفروع بعلم الإنسان القديم أو “الباليو أنثروبولوجي”Paleoanthropology , أما الدراسات المستهدفة لحقبات زمنية أحدث من ذلك, من خلال البقايا المادية والوثائق المكتوبة، أي التي تدرس الإنسان بعد فجر التاريخ عند ظهور الكتابة, فتدعى الأركيولوجيا التاريخية[11] Historical archaeology, ويعبر عنها بانها “الطريقة الأكثر كلفة في الكون, لدراسة وتعلّم شيء ما, نحن نعلمه مسبقاً”[12].
الدراسات الأركيولوجية في التراث العلمي
تقدم الدراسات في علم الآثار “الأركيولوجيا”, مادة بحثية أصيلة للدراسات التاريخية ضمن المنهج التجريبي, في الأحوال التي لم تفي فيها, البيانات المجمَعة من المصادر المكتوبة, وفق المنهج النقلي, أو المنهج المنطقي التحليلي, الذي يعتمد على المصادر المكتوبة, وكذا في الدراسة التاريخية, وفق المنهجين المنطقي التحليلي والتجريبي, ليكمل أحدهما الآخر.
وكذلك في دراسة المواقع التي لم ترد عنها نصوص منقولة, وإن كانت من عصور متأخرة, من قبيل الدراسات الأركيولوجية, التي تجري لبعض مناطق الخليج العربي ومدنها وتجمعاتها السكانية, التي لم يؤرخ عنها بنصوص منقولة.
عليه فإن هذه الدراسات الآثارية “الأركيولوجية”, في اعتماد المصادر المادية, تعد دخلية ومنهجية, في الدراسات والبحوث التي تنصرف لكشف وتحقيق التراث العلمي, وخاصة في البحث التاريخي, الذي يتبع المنهج التجريبي الاستقرائي, في المجالات التي لا تستوفى بها الدراسة في المصادر المنقولة, وضمن المنهح المنطقي الاستنباطي, وهي بذلك تعد العنصر العلمي التجريبي, في الدراسات والعلوم التاريخية, بما يضفي عليها رصانة وثقة علمية رفيعة.
المقارنة المنهجية بين القوانين الطبيعية والتاريخية
إذا كانت القوانين في العلوم الطبيعية قائمة لكنها تكتشف يوماً بعد يوم, فإن ذلك ما يحدث في العلوم الاجتماعية والإنسانية ولكن بطريقة أبطأ بكثير. وفي رأي محمد كامل حسين أن من أهم الفروق بين القوانين التاريخية والطبيعية.
ومن ناحية عامل الزمن, فان الزمن مهم في الدراسة التاريخية وغير مهم في الدراسة الطبيعية, أما من ناحية النتائج البحثية, فإن العوامل المتشابهة في العلوم الطبيعية, تؤدي إلى نتائج متشابهة مهما اختلف الزمان والمكان، لكنها غير ذلك في البحوث التاريخية.
ومن ناحية القوانين, فإن القوانين في العلوم الإنسانية ومن بينها الدراسات التاريخية, ليست لها صفة الأبدية, وإن تغيرها أسرع من نظيرتها في العلوم الطبيعية, ففي العلوم الإنسانية لا يعني القانون نتيجة محددة دائماً, وإنما يعني نتيجة تقديرية أو قاعدة عامة.
والى ذلك يشير ابن خلدون في “الدولة والحضارة”, معتبراً الدول كالبشر تولد، تنمو، تكبر ثم تضمحل وتموت، وإن الحضارة تتعاقب عليها ثلاثة أطوار, وهي البداوة، والحضارة، ثم ثم طور الانحلال.
وإن هذا الرأي المبكّر, يتماهى والقانون المعاصر التقاني, الذي يصف أطوار العمل والأداء التقني, للآلة أو لأي مركب تقني, بأنه يخضع في سلوكه العمري, أو ما يطلق عليه بالعمر الافتراضي, الى المنحنى نصف الجيبي ذي القمة الممتدة طولاً, والتي يرمز لها “لامدا”, وهو حرف اللام الإغريقية, حيث تبدأ الآلة أو الجهاز أو المعدة, حياتها تحت الفحص, واهنة غير مستقرة, وهي في هذه المرحلة تقبع في أسفل عمق المنحنى, ثم في المرحلة اللاحقة, وهي الأكثر ديمومة, تكون مستقرة الآداء, ومحصنة أزاء الأعطال والاخفاق في الأداء, وفي هذه المرحلة تستقر في أعلى المنحنى طويلاً.
ثم المرحلة الثالثة, التي يبدأ المنحنى فيها بالهبوط باتجاه الأسفل, حيث تعود المعدّة واهنة تجاه الأعطال, وذات أداء غير مستقر, حتى نهاية عمرها الافتراضي, وهذا السلوك مشابه تماماً لمراحل الحياة للإنسان, الذي يولد ضعيفاً واهناً, حتى يكبر ويقوى عوده, فيكون لفترة استقرار ممتدة في حياته, ذا مناعة عن الأمراض في فترات الشباب والحيوية, حتى إذا انتهت هذه المرحلة الوسطى فيدخل مرحلة الشيخوخة, ليعود واهناً تجاه متغيرات الحياة, وهو يتماهى أيضاً مع المسار التاريخي للدول والحضارات, وفيه يقول الشاعر العربي: إذا تم شيئ بدا نقصه ترقب زوالاً اذا قيل تم.
فلسفة التاريخ والبحث في التراث العلمي
تبنى الحضارة عند المؤرخ الفيلسوف الفرنسي “أرنولد توينبي”, على قانون “التحدي والاستجابة”, الذي يؤسس على أن الظروف القاسية وغير التقليدية, هي التي تحفز الإنسان على العمل والإبداع، وهي التي تنتج فيها الأمم والشعوب, إنجازاتها الحضارية على طريق محطاتها في التطور والابداع, وكلما ازداد التحدي تصاعدت قوة الاستجابة[13].
ورغم أن هذه الفلسفة, قد تنطبق على شعوب معينة ومراحل محددة, إلا أنها تعتبر خطوة على الطريق نحو القوانين الدائمة التي يتوقع التوصل إليها مستقبلاً، والتي تشكل المادة الأساس في فلسفة التاريخ, التي تنظر الى الوقائع التاريخية, بأنها تنتج وتتبع في حوادثها ومقدماتها ونتائجها, لقوانين محددة, رغم اختلاف الواقع التاريخي والجغرافي, في عاملي الزمان والمكان, عند توافر سائر العوامل والعناصر المؤثرة, البشرية منها والمادية, وإن ذلك من موجبات الدراسة الملحة والبحث في التراث العلمي.
*د.هيثم الحلي الحسيني. أستاذ باحث في الدراسات الإستراتيجية ومتخصص في التراث العلمي alhuseini2005@yahoo.com
المصدر:
www.alshirazi.com
14/شعبان المعظم/1432
________________________________________
[1] الحلقة الدراسية الموسومة “مناهج البحث التاريخي ودراسة المخطوطات”, تنشر لاحقا.
[2] في الأبجدية اليونانية, تكتب ἄνθρωπος ولا زالت متداولة لغة بهذا المعنى. عن, جيورجي بامبينيوتي, “بروفيسور علوم اللغات”, معجم اللغة اليونانية المعاصرة, وبحث في المفردات اللغوية, جامعة أثينا, 2008.
[3] في الأبجدية اليونانية, تكتب λογία, وفي اللغة المعاصرة, متداولة بمعنى كلمات, صيغة الجمع لمفردة “كلمة”, وهي لنفس الجذر اللغوي لمفردة “لوجيكي” λογίkn , بالجيم المصرية, والتي انتقلت الى اللاتينية واللغات الأوربية, ومنها الإنجليزية,logic, بمعنى”المنطق”, في العربية, التي كدأبها منتجة لمفرداتها اللغوية.
[4] جورج ساتورن, تاريخ العلم، ج2, دار المعارف، القاهرة، 1978.
[5] أرنست كاسيرو, دراسات في المعرفة التاريخية، تر. أحمد حمدي محمود، دار النهضة العربية، القاهرة.
[6] ريتشارد تابر, “الأنثروبولوجيا الإسلامية” و”علم الإنسان في الإسلام”, قراءة في النصوص الاسلامية.
[7] مفردة يونانية تعني الواقعي والحقيقي, وفق معجم جامعة أثينا, وفي التداول السياسي والفكري المعاصر, تعني التكيف مع الظروف والواقع والمستجدات القائمة.
[8] زكي محمد إسماعيل, “الأستاذ الدكتور”, “الأنثروبولوجيا في القرآن الكريم”, دراسة علمية, جامعة الإسكندرية.
[9] في الابجدية اليونانية , تكتب αρχαιολογια.
[10] من التسميات التاريخية التي أطلقت على العراق القديم, وهي مشتقة من اللغة اليونانية “الإغريقية أو الهيلينية القديمة”, وتتالف من مفردتيmeso ميسو, وتعني وسط أو ما يتوسط أو ما بين, ومفردة بوتاميا وهي صيغة الجمع لكلمة بوتاميو putamio والتي تعني النهر, ويقصد بها نهري دجلة والفرات, وبذا يكون المعنى هو البلاد ما بين دجلة والفرات, أو “بين النهرين”, وهي من التسميات القديمة التي أطلقت على العراق, كما اطلق عليه أيضاً بلاد بابل أو “البابيلونيا”, وقد كادت تسمية “الميسوبوتاميا” أن تطلق في الصيغة الإنكليزية لدولة “العراق” الحديثة, حيث استخدمها البريطانيون في وثائقهم وأدبياتهم الرسمية خلال حقبة الاحتلال بعد معارك المقاومة, أو ما أطلق عليه بحرب العراق بين عامي 1914 و 1917, كما هي الحال الآن بالنسبة لتسمية مصر Egypt في التداول غير العربي, غير أن التسمية “العراق” قد ثبتت عليه في اللغات كافة بشكل رسمي, فور بداية الحكم الملكي, الذي يطلق عليه بالعهد الوطني, عند تشكيل الحكومة الأولى في العام 1920, التي تولت مبايعة فيصل الأول شعبياً ملكاً على العراق.
[11] هو الحقل من الدراسات الاثارية “الأركيولوجية”, المتعلقة بالتعامل مع المواد المكتوبة أو المسجّلة, المكتشفة في المواقع الأثرية, مثل اللقى والرقع والنصوص الجلدية والصخور وألواح البردي, وهي يمكن أن تكمّل وتؤكد, أو تتقاطع مع الأدلّة الآثارية المثبتة في مواقع أثرية معينة. إن هذه الدراسات تميل الى الاهتمام بالمجتمعات المتعلّمة والمتحضرة, حيث يتخلف عنها تلك الموروثات المكتوبة والمسجّلة, ومن ثم مقارنتها بالمجتمعات البدائية وغير المتحضرة, التي لا ينتج عنها مثل تلك التسجيلات, كما يمكن لها الاهتمام بدراسة الشرائح غير المتعلمة في المجتمع أو الأطفال, ممن لن يتركوا تلك الآثار المكتوبة بشكل شخصي, ويستثنى منها الدراسات في المواقع المنتجة أو الصناعية في عصر ما قبل التأريخ.
[12] Deetz James “1930-2000″, أستاذ كرسي الأنثروبولوجيا في جامعة فيرجينيا, الحاصل على درجاته العلمية من جامعة هارفرد, معروف بأنه الأب لعلم الآثار التاريخي, عن بحث في الموسوعة الحرة, والمجلة العلمية للأركيولوجيا التاريخية, المناهج والنتائج, ك2, 1988.
[13] أرنولد توينبي, المؤرخ والفيلسوف الفرنسي, كتاب ” فلسفة التاريخ”, وأد. فوزي رشيد, محاضرات فلسفة التاريخ, معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا, مرحلة الدكتوراه, بغداد, 1996.